الوسائل المرئية إن أكثر وسيلة شيوعًا في مجال الدورات والعمل في العصر الحديث هي ما يسمى بالوسيلة المرئية المعدّة مسبقًا عن طريق الكمبيوتر (الشرائح المنزلقة والشفافيات والعروض...).

 في الأيام الأولى لظهور هذه الوسائل، كانت معظم المحاضرات الملقاة للحاضرين غير مجدية وقد فقدت فاعليتها؛ لذلك قرر أصحاب الشركات الكبيرة ورجال الأعمال استعمال هذه الوسائل لإيصال الفهم ولتوضيح المقصود للمستمع.

 ولكن ما لا نعرفه هو أنهم استخدموا هذه الوسائل في بدايتها لاستعمال الصور والرسومات البيانية فقط، وليس النصوص المكتوبة كما هو منتشر في عصرنا هذا، إلى درجة أن وصل المحاضر يعتقد أن محاضرته لا تغطي الدور المطلوب إلا إذا استخدم وسيلة تعكس أو تغطي على الحائط. ليس المطلوب أن يزداد دور الوسيلة المستخدمة، وإنما المطلوب هو أن يزداد دور المحاضر نفسه.

ما الفائدة من المحاضر إذا كان بإمكانه أن يرسل أي شخص ينوب عنه في المحاضرة ويقرأ على الحاضرين نيابة عنه المعلومات المعدّة مسبقًا كما هي على الشرائح، أو يبعث المحاضرة إلى المعنيين عبر صفحته على الفيس بوك أو في البريد ويرتاح في بيته أو يستفيد من وقته هذا بأمور أخرى قد تهمه أكثر.

نحن نعلم أن حاسة البصر أقوى من حاسة السمع من حيث الإدراك، والمدرب أو المحاضر عندما يلقي محاضرته عبر هذه الوسائل المرئية التي تغطي على الجدران، فإن كل الحاضرين يركزون على ما هو مكتوب أمامهم على الحائط، وليس على ما يقوله هو من معلومات إضافية، فدور المحاضر هنا في الحقيقة شبه غائب ومعدوم.

إن الوسائل المرئية قد تفقد المحاضر مواهبه الخطابية والمعلوماتية لأنه يعتمد على الوسيلة بدلاً من أن يعتمد على ذاته وعلى مواهبه.

 بالله عليكم، ما ذا يفيد المدرب الذي يأتي بمحاضرة جاهزة من الإنترنت أو يأخذها من زميل له ثم يلقيها أمام الحاضرين، وقد يكون هو نفسه أول مرة يقرأها هي هذه المرة؟ هناك فرق كبير بين أن تقوم أنت بنفسك بإعداد المحاضرة أو الدورة من مراجعها المختلفة وتعطي إعدادها وقتًا كافيًا حتى ولو لم تسمح لك الظروف باستخدام هذه الوسائل، وبين المحاضرة الجاهزة في الفلاش والتي قد لا تتطلب منك إلا البحث عن جهاز العرض (بروجكتر).

اعلم أن أي إنسان يستطيع أن يلقي محاضرة باستخدام الوسائل المرئية ما دام الأمر لا يتطلب سوى النظر إلى الحائط لقراءة ما هو مكتوب، علمًا أن الحاضرين أناس مثقفون ومتعلمون.» التقيد بقاعدة الأقدمية التقيد بقاعدة الأقدمية كمعيار عند ترشيح الأفراد الذين يتولون المناصب القيادية ليس من الإدارة، ولا تدخل في الصفات المطلوبة التي وضعت للترقية أو للترشح في علم الإدارة.

 إن من الصفات التي يفضل أن تؤخذ بعين الاعتبار عند الترشيح، والتي تناولها بعض كتاب الإدارة، منها: الكفاءة في العمل والقدرة على الإنتاج والنجاح، وأن تكون التقارير التي كتبت عن المرشح سليمة من الأخطاء أو هي الأقل مقارنة بأخطاء الآخرين، لأن كل بني آدم خطاء.

ومنها أيضًا أن لا يكون المرشح صاحب ثوبين، وقد سبق لنا موضوع «العيش بين ثوبين» في مقال سابق. ونعني بهذه الخصلة أن يكون سلوكه خارج مجتمع الوظيفة سليمًا كما هو داخل الوظيفة. الصفات المفضلة، سواء كانت عامة أو خاصة، كثيرة، وهي تختلف حسب الوظيفة المرشح لها، والمهم هنا هو توفرها في الفرد تحت الترشيح.

مر بنا في مقال سابق باسم «التجسس على العاملين» بأن معايير التقييم والترشيح، اختصارًا، تكون ثلاثة معايير فقط: معايير موضوعية، معايير سلوكية، معايير الصفات الشخصية، وقد أعطينا أمثلة لذلك في نفس المقال.

السؤال هنا: أين تدخل قاعدة التقيد بالأقدمية من تلك المعايير؟ والتي مع الأسف، حتى القاعدة «الموظفون في المؤسسة أو المنتمون للفكرة» في المؤسسات وفي الجماعات والأحزاب ينطلقون منها كمعيار عند اختيار قادتهم أو مسؤوليهم.

 قد يقول قائل إن قاعدة الأقدمية قد تستخرج لنا أو توصلنا إلى أصحاب الخبرة في المجال نفسه.

 نعم، قد يكون هذا الكلام صحيحًا نوعًا ما، لكن علينا أن نقرأ الفوارق الدقيقة بين القيادة والإدارة أو بين القائد والمدير، ونحن نقصد في هذا المقال تولي المناصب القيادية.

إن القيادة نفسها، والتي قد تأخذنا إلى الخبرة، ليست فنًا يمكن اكتسابها بالتعليم أو بالممارسة أو بالأقدمية، حسب رأي الكثير من علماء وكتاب الإدارة، بل هي في أغلبها موهبة فطرية تتواجد عند بعض الأفراد، وهي في الغالب لا تظهر إلا بعد اختبارها.

نعم، هناك من يرى، حسب ما أورده الدكتور ياسر عربيات وغيره في كتابه «المفاهيم الإدارية الحديثة»، من كلام بعض الكتاب أمثال الكاتب الاقتصادي الأمريكي بيتر دراكر وغيره من الباحثين، أن القيادة ليست مبرمجة في الجينات الوراثية، ولا يوجد إنسان مركب داخليًا كقائد، وباستطاعتك أن تتعلمها - أي القيادة - لكننا نرى أن الرأي الأول أقرب للحقيقة. فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأحد الصحابة: «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة» وهي من الصفات الفطرية التي تؤهل الإنسان للقيادة.

ولهذا، فإن القائد الذي نبحث عنه لتولي المناصب القيادية لا يحتاج إلى الأقدمية في العمل ليكتسب الخبرة.

ما أكثر المعايير التي نفرضها على أنفسنا عند الاختيار، سواء في القيادة أو في القاعدة، المعايير التي جعلت في المناصب القيادية في كل المجالات كبار السن تحت ذريعة الأقدمية، وهي معايير أغلبها ما أنزل الله لها من سلطان.

 

بقلم د . عثمان فريد ، أستاذ جامعي في الإدارة