ليس ميدان اختصاصك أورد الأستاذ فرانك سنبيرغ في كتابه «الإدارة بضمير» مقالة تحدثت عن نجاحات إحدى الشركات. يقول الكاتب: «إن غالبية الابتكارات الناجحة التي قدمتها الشركة جاءت من أناس يعملون في أقسام أخرى غير المختبرات العلمية، مثل المبيعات والتسويق». إن مراعاة التخصص لا شك أنها شيء مهم جدًا في الوقت الحاضر، خاصة في التخصصات العلمية. أما في العلوم الإنسانية، فكثير منها مثل علم الإدارة وعلم النفس وعلم الاجتماع والفلسفة... قد تجد كثيرًا من غير أهلها يبدعون فيها أكثر من أهلها. فمثلًا يقول بعض علماء الإدارة إن 50% من علم الإدارة يمثل جانبًا فنيًا، أي يعتمد على خب رة وذكاء وموهبة وقوة شخصية الفرد. ولا يبقى للجانب العلمي أو الدراسي إلا 50%، والذي هو عبارة عن مجموعة من القوانين والنظريات والمبادئ التي يجب على المدير أن يستوعبها سلفًا. ولهذا قد تجد شخصًا ناجحًا في إدارته ولم يتخصص في الإدارة، بل لم يقرأ شيئًا عن الإدارة، والعكس بالعكس. والجانب الفني مطلوب في جميع التخصصات والمجالات، وليس خاصًا بالإدارة فقط. والقول في بيئة الأعمال بأن هذا ليس من تخصصي أو ليس من تخصصك أو أن هذا من تخصص الفلان أو من تخصص الجهة الفلانية قد يكون حاجزًا بين الفرد وبين المعرفة أو بينه وبين الإبداع حتى في تخصصه. ويجعله يعيش داخل إطار ضيق من الثقافة والعلم. ومسألة التخصص ثقافة حديثة لم تكن معروفة في العصور الماضية. فقد كان الرجل الواحد عالمًا في أكثر من مجال. فابن هيثم مثلًا كان موسوعة في الفلك والهندسة والرياضيات وعلم البصريات والفلسفة وغير ذلك من العلوم. وغيره، أي ابن هيثم، من علماء الموسوعيين المعروفين من المسلمين وغير المسلمين كثيرون جدًا. الكلام الشفهي عند التقديم كثير من المدراء يقدمون ما تم تطبيقه خلال دورة حياة المؤسسة، سواء كانت تقارير ختامية أو عرضًا للزائرين لبعض الأفكار التي طبقت، أو إعطاء صورة عامة للمستفيدين عن سير عمل المؤسسة. تجدهم يقدمون كل إنجازاتهم هذه وما يطمحون إليه عن طريق كلام إنشائي شفهي طويل قد يأخذ وقتًا زائدًا عن المقرر. إن الكلام الشفهي أمام الحاضرين عن ما تم تطبيقه أو ما نتطلع إلى تحقيقه ليس من الإدارة الحديثة ولا يغني شيئًا في عالم اليوم. وكثيرًا ما تجد أو تقرأ من عيون السامعين التضاؤل وعدم الرضا عن الكلام الزائد عن المطلوب. فلا بد إذًا عند تقديم أي شيء لأي جهة كانت من التوثيق بالصوت والصورة والكلمات القصيرة المعبرة والمقتطفات الجميلة من الحفلات السابقة، والتي تعبر في الغالب عن رؤية ورسالة المؤسسة. كل هذا من خلال عرض مرئي واضح، فهذا أنسب للوقت المخصص وأريح للسامعين وأسهل للفهم. وليعلم الجميع أن العمل تحت إدارة صاحية ناجحة، وأن جهود العاملين لم تضع، بل هي محفوظة وموثقة عند الإدارة. وحتى يكون عرضك موثقًا بكل ما يفيد، فلا بد أن يسبق لك توثيق كل ما تقوم به المؤسسة من أنشطة مختلفة في حينها خلال السنة، وخاصة تلك التي نعتبرها إنجازًا أو تميزًا عن المنافسين. مع التركيز عند التوثيق على الالتزام بالمعايير الأخلاقية، وأولها الصدق وقول الحقيقة وتجنب التضليل، فالكذب حبله قصير كما يقولون. بقلم د. عثمان فريد، أستاذ الإدارة بالجامعة.