أصعب لحظات العمر هي تلك التي يواجه فيها الإنسان الموت وجهاً لوجه ، وفي هذه اللحظات لا يكون في باله سوى المصير الذي ينتظره و يمر شريط أيامه الفانية أما عينية كفيلم سينمائي يكون هو فيه الممثل والمخرج والمنتج ، فإما أن يفوز بالجنات النعيم وإما أن يخسر ويكون مصيره الجحيم - والعياذ بالله- لكن لكل قاعدة استثناء ،هده المرأة دات السبعين ربيعاً والتي عاشت مع الموت على مدى أربعة عشر يوماً تحت أنقاض مقر عملها في العاصمة الهايتية بورت اندبرانس - لم تفارق صورة رفيق دربها ذهنها ولم يخطر على بالها سوى أجمل سنوات عمرها التي عاشتها معه

فكانت ذكريات الأمس الجميلة أنيسا لها في ذلك المكان المظلم الموحش وحين سمعت صوت أحب إنسان إلى قلبها يناديها لم تصدق هل هذا حقيقي أم أن أحلام اليقظة تسيطر عليها ؟وعندما سمعته ثانياً وثالثاً أيقنت أن القدرقد منَِِِ عليها بحياة أخرى تعيشها معه ، ودبت الحياة في جسدها الهامد وتسارعت نبضات قلبها ، لتعزف أجمل سيمفونيات الحب الصادق ، ونطق لسانها أعذب كلمات الحب والحنين . قائلة " أنت أول وآخر حب في حياتي ، أنت الأمل الذي أعيش به ، لم يفارقني وجهك الباسم و صوتك الأخاذ لحظة واحدة ، ومن هنا وأنا أواجه الموت المحقق أعلن أني أحبك أكثر من أي وقت مضي " واختلطت دموع الفرح بدموع الحزن عند زوجها ليقول :" كنت أشعر بك لم أييأس من البحث عنك كنت أعلم أنك لن تتركيني وحيداً ، كنت انتظرك طوال تلك المدة ، واشكر هذه الأقدار التي أعادتك إلى ثانية. ونجت هذه المرأة العجوز من الموت لأن الحب قاد زوجها ليبحث عنها تحت الأنقاض دون أي كلل أو ملل فكانت قصة حبهما حديث الملايين حول العالم الذين تابعوا ذلك الحدث المؤثر دونت قصتها في الأذهان وسيتوارثها حكايتهما الأجيال ..

واليوم الملايين يحتفلون بعيد الحب حول العالم لنتساءل أين نحن من مثل هذا الحب النبيل ، هذا الحب الذي جمع بين قيس وليلي وعنترة وعبلة وعلمي وهدن ، وفي هذا الزمن الذي نعيشه فقد الحب

كثيراً من معانيه السامية كالصدق والإخلاص والوفاء والتضحية وأصبح ينتحر مئات المرات على أفواه المخادعين الذين يضحكون بكلامهم المعسول على بنات حواء ، وفي أزقة الأحياء المظلمة ، وفي الملاهي الليلية وعلى أبواب المحاكم الشرعية .

ليس الحب أن نلبس خواتما براقة أو قمصانا حمراء أو أن نستمع إلى أغاني رومانسية أو أن نحتفل مرة في كل عام ونتبادل التهاني فيه ، لكنه ذاك الإحساس الراقي الذي يزيدنا قوة وإجلالا ونبلاً وسمواً والذي يجعلنا نذوب خجلاً ورقة ونتلهف لملاقات المحبوب هو ان نموت من اجل أن يعيش الحب نبيلاً وفي هذا الصدد يقول شاعر الرومانسية .



الحب ليس رواية شرقية

بختامها يتزوج الأبطال ..

إنه الإبحار دون سفينة

وشعورنا أن الوصول محال ..



صفية عبد الله احمد