كان العمل الصحافي عملاً نبيلاً، تحول هذه الأيام إلى رحلة مضنية وراء السبق الصحفي، وتعرضت الصحف الورقية في عالم اليوم –في معظمها– لمعاناة الاستمرارية على قيد البقاء. تعلمنا في الماضي أن الخبر هو «عندما يعض كلب رجلاً»، ثم تحول السبق إلى «عندما يعض رجل كلباً»، وها نحن اليوم وقد صار الخبر «عندما ينزل الرجل والكلب عُضَى في بعضهما»، يُنقل بماشرة على «تيك توك»! تحولت المهنة من نقل الخبر... إلى افتعاله. تلاشت أخلاق المهنة.
كانت هناك ثوابت يلتزم بها الصحفيون، و»حواجز أمان» أخلاقية تعلمناها منذ الصغر في كل شيء وكل مجال. اختفت تدريجياً، وتلاشت عبر الزمن، فأصبحنا فجأة في عالم يعج بالضجيج دون رادع.
وتحولت السياسة من فن «الحصول على الممكن» إلى الحصول عليه بأية وسيلة. أصبحت «الغنيمة» هي الهدف الوحيد. كنا في الشرق نتناقل مثل «اللي اختشوا ماتوا» عن تلك النسوة اللواتي مِتْنَ في حريق بحمام تركي بعدما اندلعت النيران فيه، ولم تنجُ سوى اللواتي خرجن عاريات.
تحول العُرْي والانحطاط إلى أمر طبيعي نراه في كل مكان: في الشارع والعمل، ولم يعد شيء يخلو منه، حتى لو أردت الترويج لبيع حفنة من النقانق! باختصار، كنا في عالم يردد عن المعايير والسلوك كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي: «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت... فإنْ هَمْ ذَهَبَتْ أخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا».
وأصبحنا في عالم اختلط فيه «الحَابْلُ والنَّابْلُ» –عالم الفِهْلوَة– وذهبت القيم.. وأصبح الكل حاملاً هاتفاً يدوياً يعبث به ليل نهار، لا يدري إلى أين يلهث.
نجيب علي طاهر