يأتي التصحر في صدارة المخاطر البيئية التي تعاني منها بلادنا بشكل أو بآخر ويعد ضمن التحديات البيئية التي تجابه المنطقة جراء التغيرات المناخية من قبيل انتشار الجفاف وتآكل التربة وتقلص الموارد المائية والتصحر والتي تسهم في تفاقم المشاكل والأزمات التي تعاني منها القارة الإفريقية بسبب الكوارث الطبيعية والمجاعة وانعدام الأمن الغذائي والفقر وقد تشكلت في جمهورية جيبوتي منذ عام1986م الهيئة الحكومية للتنمية " إيجاد " من أجل تعزيز التعاون والتنسيق بين كافة الدول التي تضمها المنظمة لمواجهة هذا التحدي الذي يتمثل في انعدام الأمن الغذائي في المنطقة التي تغطيها منظمة الإيجاد الناتج عن نقص الغذاء والفقر وتكرار موجات التصحر والمجاعة وتقدر منظمات الأمم المتحدة عدد الناس المحتاجين إلى مساعدات غذائية عاجلة بنحو 13 مليون شخص يواجهون المجاعة بسبب الجفاف الطويل وتحذر منظمة الأغذية والزراعة من حين إلى آخر من تداعيات هذا الجفاف في بعض دول القرن الإفريقي ، الذي يؤدي إلى نقص المياه وتدمير المحاصيل الزراعية والمراعي والثروة الحيوانية وتدهور الوضع الغذائي للبدو الرحل ، ويتضرر كثيراً بعض الأهالي في المناطق الرعوية والريفية من بلادنا نتيجة لموجة الجفاف الحادة والمزمنة التي تضرب تلك المناطق . ولكي يظل الأمن الغذائي فيها مستقراً تقوم الحكومة بتوزيع المساعدات الغذائية في جميع أنحاء المناطق الريفية من البلاد التي يتوقف تحسن ظروف معيشة السكان فيها على مدى تحسن معدلات الأمطار . ومن أجل المحافظة على البيئة ومواجهة ظاهرة التصحر التي تهدد خمس المساحة الزراعية على الكرة الأرضية تطلق جمهورية جيبوتي وبمناسبة اليوم العالمي للتشجير والبيئة حملة تشجير واسعة النطاق لغرس أكثر من 100.000 شجرة مختلفة الفصائل في جميع أنحاء البلاد وقد بدأت المرحلة الأولي من عملية الغرس منتصف شهر مارس الجاري بغرس 50.000 شجرة في العاصمة وضواحيها ، وتشارك فيها جهات مختلفة كوزارة التربية والتعليم وقوات الجيش والشرطة والمجتمع المدني وتهدف الحملة إلى مكافحة التصحر والمساهمة بشكل فعال في التخفيف من تأثير العوامل المناخية كالجفاف وارتفاع درجة الحرارة وإيجاد بيئة ملائمة من خلال الحفاظ على رطوبة التربة والحد من العواصف الرملية التي بدأت تتصاعد وتيرتها لأن نقص كميات الأمطار يؤدي إلى تدمير الغطاء النباتي وعدم تماسك التربة فتتصاعد الرمال مع هبوب الرياح وينجم عن ذلك مشاكل صحية وبيئية ، ولذلك فإن حماية الغطاء النباتي هو الحل الوحيد لمواجهة التصحر ، وضمن هذا الإطار تأتي حملة التشجير لتحسين الغطاء النباتي والحفاظ على البيئة ما من شأنه أن يسهم في تحسين معيشة السكان في المناطق الريفية والحضرية لما تحتوي عليه هذه الأشجار من فوائد غذائية جمة لمن يدرك أهميتها ويحرص على الإستفادة منها لتكون وسيلة من وسائل محاربة الفقر وسوء التغذية ومن المعلوم في الوقت الحاضر أن العالم يتجه نحو الاستفادة من المصادر الطبيعية . ومن جهتها اتجهت الحكومة الجيبوتية إلى تطوير قطاع الزراعة الذي يساهم في تطوير البحث عن الأمن الغذائي وتقليص الاعتماد على الإستيراد في هذا المجال وتولي الحكومة هذا القطاع أولوية خاصة في إستراتيجيتها لمحاربة الفقر لدى سكان الريف وضبط النزوح الجماعي نحو المدن المكتظة أصلاً ـ بالإضافة إلى تحسين الأمن الغذائي من خلال تنويع وزيادة الإنتاج الزراعي وتعميم زراعة النخيل وإنشاء بعض المساحات الزراعية الرعوية حول نقاط الماء في المحافظات وتنمية الزراعة التي تتم داخل البيوت المغطاة ووضع أسس شراكة مع مستثمرين أجانب ومحليين لتطوير الزراعة .إذا كان الجفاف عامل أساسي من عوامل التصحر فإن الإنسان يتحمل مسؤولية كبيرة في اتساع رقعة الصحراء في كثير من المناطق من خلال الاعتداء على أراضي الغابات بقطع الأشجار لبناء المساكن واتخاذها كمصدر للوقود والتدفئة ، وقد بدأت تتسع دائرة هذه الأعمال المدمرة للبيئة لتشمل دولاً لم تكن تعاني من أخطارها كجيبوتي التي كانت بمنأى عنها ولا تعتمد بشكل مباشر على الفحم كمصدر للوقود ، و الذي كان يتم إستيراده من دول الجوار ، وبسبب توقف هذا الفحم المستورد ونزوح مهاجرين كثيرين إلى جيبوتي يمتهنون حرفة قطع الأشجار انخرط سكان الريف في بعض محافظات البلاد في عمليات قطع وحرق الأشجار لتساهم زيادة مبيعات الفحم في توفير الدخل اللازم لشراء الضروريات الأساسية لدى هؤلاء السكان ، وفي بعض بلدان المنطقة تعتبر صناعة الفحم واحدة من الأنشطة الاقتصادية القليلة المتاحة في المنطقة ، وتشير دراسات لمنظمات غير حكومية في كينيا أن أكثر من 70% من الأسر الكينية في القرى الريفية و الأحياء الفقيرة في المدن تستخدم الفحم كوقود محلية ابتدائية ، وبدون شك فإن عمليات إزالة الغابات لصناعة الفحم تتزايد في الصومال لاستمرار دوامة العنف وغياب الشرعية وصعوبة الظروف المعيشية لدى المواطنين وأصبح الصومال مصدراً رئيسياً للفحم إلى دول الجوار والمنطقة عن طريق البر والبحر ونسمع من وسائل الإعلام الصومالية احتراق سفن في بعض مواني الصومالية وهي محملة بالفحم ومتوجهة إلى الخارج لتصديره وبطبيعة الحال فإن اعتماد الداخل على الفحم كمصدر رئيسي للبناء والوقود والتدفئة يفوق كل المعدلات ، ويرتبط دائماً السلام البيئي بعملية السلام وبإعادة الأعمار في الصومال ، فمن غير الممكن اتخاذ استراتيجيات لصنع السلام البيئي الإقليمي دون توفر الأمن والاستقرار ويندرج الصومال ضمن الدول التي أثرت الصراعات والحروب على البيئة بشكل كبير .
وإن الحفاظ على الموارد الطبيعية كالغابات والأشجار لا يتحقق بسن القوانين الرادعة لتحد من تصرفات الإنسان السيئة مع موارد الطبيعة فقط ولكن يجب الشروع في برنامج للحفاظ على البيئة عن طريق خلق فرص اقتصادية جديدة للناس الذين يتخذون مورداً لتخريب هذه الموارد الطبيعية لكي لا تتعارض مصالحهم الذاتية مع السياسة البيئية ، وضرورة إيجاد بدائل عن الفحم وهناك مختبر تابع لمعهد ماساتشوستس للتكنلوجيا يبحث في إيجاد بدائل لجمع الحطب للعالم النامي وإنتاج قوالب الفحم من النفايات الزراعية مثل سيقان القمح والأرز وأوراق الموز وبتكاليف منخفضة لتحل محل الفحم كوقود ابتدائي ووقف استخدام الغابات كمنتجات وقود محلية رخيصة .وسيكون لحملة التشجير التي أطلقت جيبوتي أثره الواضح في مقاومة التصحر .

عبد السلام علي آدم