توجه عبد الرشيد الريفي إلي جنوب الصومال بحثا عن أخيه المفقود الذي انقطع خبره منذ شهور عدة والذي أفادت آخر الأخبار المتضاربة حوله بأنه متواجد في أحد معسكرات التدريب التابعة للحركات الدينية المعارضة الصومالية وبعد أن وصل إلي هناك تأكد أن هناك فعلا عملية تجنيد واسعة النطاق وتدريب عناصر جهادية ضد الحكومة الصومالية المؤقتة العميلة علي حد وصفهم واتضح أن أخوه عبدو قد انضم إلي هذه القوات كما هو الحال مع شباب صوماليين آخرين وقد علم عبد الرشيد الريفي أن هناك خطة مدروسة لتجنيد كثير من الشباب الصومالي لأغراض غامضة وأهداف ضبابية من خلال تقديم بعض الأموال إليهم استغلالا لحاجتهم الماسة للمال.ونتيجة للفقر الذي يهددهم يتوجه هؤلاء الشباب اليافعون إلي ساحة القتال بعد تلقيهم تدريبا سريعا في استخدام السلاح وخضوعهم لعملية غسيل للمخ ولا تزيد أعمار غالبية المنخرطين في هذا القتال القذر عن العشرينات. وفي هذه الأثناء خطرت لعبد الرشيد فكرة تتمثل في أن يكون أحد المتطوعين للجهاد المزعوم حتى يحصل علي الأموال التي تقدم للجهاديين،وبما أن عبد الرشيد رجل ريفي نقي السريرة بعيد عن التأثيرات المذهبية والسياسية فإنه درس الموقف واتضح له أن هدف التجنيد والتدريب ما هو إلا إذكاء نار الفتنة ودفع الصوماليين نحو الاقتتال ليس إلا،وبالتالي تراجع عن موقفه وتنازل عن طلبه للمال، ويعتبر هذا موقفا شريفا ونبيلا لأنه يسهم في حقن دماء الصوماليين الأبرياء كما يعد عزوفا عن المال مع الحاجة إليه.
وأخيرا علم عبد الرشيد أن أخاه عبدو مات برصاصة في أحد المعارك المشبوهة التي دارت رحاها في ضواحي العاصمة الصومالية مقديشو وقد ترك هذا الخبر أثرا سيئا في نفس عبد الرشيد الريفي وازدادت كراهيته لهذه الفئات المعارضة وهذا القتال الجاري بين الصوماليين الذي لا يعرفه أحد الهدف من ورائه والذي لم يكن فيه حتى الآن طرف غالب وآخر مغلوب فرجع عبد الرشيد إلي بلدته الريفية بعد تكبده عناء سفر طويل والسير علي الأقدام والحزن الشديد على وفاة أخيه.

عبد الرحمن حسين
كاتب صومالي