في أول لقاء لصحيفة القرن مع سعادة سفير جمهورية مصر العربية خالد أحمد طه، والذي جاء تعيينه ترجمة لرغبة البلدين في تفعيل أكثر للعلاقات الضاربة جذورها في أعماق التاريخ والذي يشكل كل واحد منهما العمق الاستراتيجي للآخر وتجسيداً للشراكة العقيقية الملامس لتطلعات الشعبين الشقيقين وفي سياق التحرك الفاعل والجهود في سبيل الارتقاء بهذه العلاقات لتسفر عن مزيد من التعاون يصوغ مفردات التكامل في مختلف المجالات التي يبقي ما تحقق فيها شاهدا على الروابط ومتانة العلاقات ونسلط من خلاله الضوء على الروابط والقواسم المشتركة بين البلدين وما حققته مسيرة التعاون من إنجازات والرؤية الإستراتيجية لاستثمار هذه القواسم في تحقيق التقدم والازدهار الذي يصبو إليه البلدين والعودة المصرية القوية إلي إفريقيا واستشراف آفاق التحول التاريخي الذي صنعته ثورة 25 يناير وفيما يلي نص الحوار: -
القرن/ العلاقات الجيبوتية المصرية علاقات قديمة تستند على التاريخ والجغرافيا والثقافة والدين والهوية القومية فكيف ترجمت الدبلوماسية في البلدين الشقيقين هذه العلاقات في إطار التعاون الثنائي وتحقيق الشراكة؟
السفير/ بالفعل فإن العلاقات المصرية الجيبوتية علاقات قديمة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ فمنذ عهد الفراعنة كان لمصر تواصل مع هذه المنطقة وعلاقات تجارية، كما أن مصر كانت أول دولة عربية وثالث دولة في العالم تعترف بجيبوتي وأول دولة عربية تفتتح سفارة لها في هذا البلد الشقيق انطلاقاً مما توليه بلادي للعلاقة بجمهورية جيبوتي من أهمية كبيرة وتقديراً من مصر لدور جيبوتي في هذه المنطقة ولموقعها الجو استراتيجي ومنذ ذلك التاريخ فإن علاقات البلدين مستمرة في التطور والارتقاء نحو الأفضل في جميع المجالات وكافة الأصعدة فعلى المستوى السياسي هناك تنسيق دائم للمواقف حول كافة القضايا الإقليمية والدولية وعلى الصعيدين العربي والإفريقي على وجه الخصوص وهنالك علاقات وتعاون متميز على المستوى الثقافي يترجمه الإسهام الأزهري القديم والمستمر في التعليم العربي بجيبوتي عبر المدرسين الذين ينتدبهم واستقبال جامعة الأزهر وجامعات مصرية أخرى الطالب الجيبوتيين.في مختلف التخصصات التي تلبي رغبتهم وحاجة بلادهم
فالعلاقة في هذا الجانب ذات تميز واضح يلمسه الجميع ولقد لمستها بنفسي وسعدت بها أيما سعادة وهذه الروابط المتينة القوية بين البلدين أوجدت لمنسوبي البعثة في كلا البلدين الإحساس بأنه يعمل في بلده وبين أهله.
القرن/ ما هي أولوياتكم سعادة السفير في سبيل تطوير أكبر لعلاقات البلدين بحيث تلامس تطلعات الشعبين الشقيقين؟
السفير إن هذه العلاقات التاريخية المتميزة التي تربط بين بلدينا تضع على عواتقنا مسئولية رعايتها والاعتناء بها وتنميتها وكل الرؤى التي نحملها لتعزيز وتطوير أكبر للعلاقات يمثل الأولوية بالنسبة لنا وقد قمت بنقل تلك الرؤية عند تشرفي بمقابلة فخامة الرئيس السيد/ إسماعيل عمر جيله أثناء تقديم أوراق اعتمادي سفيراً فوق العادة ومفوضاً لحكومة بلادي لدى جمهورية جيبوتي الشقيقة حيث أشرت إلى إنني معني بتطوير العلاقات والدفع بها إلى التقدم لما يخدم مصلحة بلدينا وشعبينا ومن أهم الأوليات في هذا السبيل هو التركيز والاهتمام بالتعاون الفني والتقني ولقد عبرت لفخامة الرئيس لدى تسليم أوراق اعتمادي عن استعداد بلادي التام لمد جيبوتي بما تحتاجه من الخبراء في مختلف المجالات، وهنالك مشروع كبير ورائد في المنطقة يهتم به معالي وزير الخارجية يتمثل في المعهد الدبلوماسي الجيبوتي ونحن سنعمل جاهدين على تزويد هذا المعهد بكل الإمكانيات البشرية والفنية المتاحة لمصر في هذا المجال، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في مجال الزراعة ووضع الخبرات المصرية في هذا المجال في خدمة جيبوتي وكذلك المساهمة في الجهود التي تبذلها جيبوتي للتغلب على مشكلة شح المياه.
القرن/ كيف يمكن أن نقيم الجهود المبذولة للارتقاء أكثر بعلاقات البلدين؟
السفير/ لدى البلدين رغبة كبيرة في تطوير العلاقات وتعزيز التعاون وبذلت من أجل تحقيق ذلك جهود ممتازة أثمرت ما تشهده العلاقات من التطور والارتقاء وليس ذلك وليد الأمس القريب فمنذ عقود والتعاون قائم على قدم وساق وما تم إنجازه يبعث على الارتياح ونطمع بالمزيد ونسعى إلى تحقيق أفضل المستويات التي تلبي طموحات وتطلعات البلدين والشعبين الشقيقين.
القرن/في ظل ما تشهده الساحة المصرية من سيولة في الأحداث كيف تنظرون إلي مستقبل التغيير الذي قامت به ثورة 25 يناير؟
السفير/ لاشك أن ثورة 25 يناير تمتلك تأييداً شعبياً كبيراً، والشعب المصري كافة يريد التغيير، ذلك التغيير الذي تم بطريقة سلمية إلى أقصى حد، وكما قال الشاعر أبو القاسم الشابي:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
والشعب المصري أراد أن يعيش بحرية وكرامة وبعدالة اجتماعية ونحن الآن في مرحلة جديدة وأمام الاستحقاق الإنتخابي وتواجهنا مشاكل كثيرة، كما تواجه أي بلد يشهد مثل هذه الأحداث، ويعيش في مثل هذه المرحلة الانتقالية لكننا سنتخطى كل ذلك إنشاء الله وستجري الانتخابات التشريعية في نهاية هذا الشهر على أفضل ما يكون، ونحن نتمنى من إخواننا الجيبوتيين ومن كافة الأشقاء أن يقدموا لنا الدعم في هذه المرحلة وقد ثمن السيد/ رئيس الجمهورية سلمية ثورة 25 يناير وأوصى الشعب المصري بالتسامح وبالعمل على الخروج بالبلاد من هذه المرحلة الانتقالية بسلام، ونحن على أبواب الانتخابات التشريعية التي سيختار فيها الشعب المصري ممثليه الذين سيقومون بتحقيق طموحاته وتطلعاته.
القرن/هنالك حركة تدافع اجتماعي وحراك سياسي نشط هل له أن يبدد المخاوف التي تنتاب البعد حول التغيير؟
السفير/ طبعاً فإن كل هذا التدافع والتفاعل بين القوى السياسية والأحزاب في الساحة السياسية المصرية وهذا التدافع الاجتماعي يبشر بالخير والتفاؤل ويبدد أي مخاوف فلو نظرنا إلى الوراء قليلاً ونظرنا إلى ما حصل في دول شرق أوروبا وما حصل في أمريكا الجنوبية بعدما شهدته من ثورات لوجدنا ذلك متوقعاً ولرأينا أوجه الشبه في التدافع السياسي والاجتماعي في تلك الدول وما يحصل عندنا في مصر تماماً، لكن انظر إلى ما كانت وصلت إليه البرازيل والأرجنتين من أوضاع اقتصادية واجتماعية غاية في التدهور وقد أعلنت البرازيل إفلاسها وعدم قدرتها على سداد ديونها والأرجنتين كانت كذلك على وشك الإفلاس حتى حصلت الثورات، والآن البرازيل في طليعة الدول الاقتصادية في العالم.
القرن/ماذا عن جديد مصر الجديدة بخصوص العودة القوية إلي إفريقيا بعد غياب طويل ؟
السفير/ مصر الآن تعود بعد ثورة 25 يناير إلى أفريقيا الأم والمحيط الطبيعي لها، والدائرة الإفريقية مهمة الآن بالنسبة لنا بعد غياب طويل عنها، وسياستنا الخارجية في هذه المرحلة تهتم جداً بالعودة بقوة إلى إفريقيا، والسفراء الذين تم تعيينهم مؤخراً في الدول الإفريقية وخصوصاً دول حوض النيل هم سفراء متميزون ومشهود لهم بالكفاءة في هذا المجال.
القرن/ كلمة تودون قولها في ختام هذا اللقاء؟
السفير/ أولاً أتمنى لجيبوتي شعباً وحكومة كل الرخاء والتنمية والازدهار، كما أشيد بالاستقبال الذي لقيته في جيبوتي وخصوصاً من معالي وزير الخارجية السيد/ محمود علي يوسف والذي كان سفيراً لجيبوتي في القاهرة بصراحة أشعرني هذا الترحيب الذي حظيت به بأنني حقاً في بلدي، وسنعمل إن شاء الله على تحقيق مزيد من التقدم والازدهار في العلاقة بين بلدينا الشقيقين.
السفير / خالد أحمد طه في سطور

ـ الاسم : خالد أحمد طه
تاريخ الميلاد : 1963/11/1
مكان الميلاد : الجيزة
الحالة الاجتماعية : متزوج ولديه ولد وبنت
2ــ المؤهلات الدراسية :
بكالوريوس تجارة ـ جامعة القاهرة ــ 1984
ليسانس الحقوق ـ جامعة القاهرة ــ 1995
دبلوم في الدراسات الدبلوماسية ــ المعهد الدبلوماسي ــ وزارة الخارجية ــ القاهرة ــ مصر ــ 1990
اللغات : عربي ــ انجليزية ــ فرنسي
3 ـ التاريخ المهني :
البعثات السابقة التي عمل بها : دبلن ــ القنصلية المصرية في هيوستن ( الولايات المتحدة الأمريكية ) .آخر وظيفة عمل بها : نائب مدير إدارة السلك الدبلوماسي والقنصلي والتفتيش بوزارة الخارجية المصرية .

أجري الحوار/
جمال أحمد ديني