على هامش اختتام ورشة العمل التوعوية التي نظمتها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف حول حقوق المرأة والطفل ومكافحة ختان الإناث، أجرت جريدة القرن حوارا مع رئيس قسم التخطيط والتدريب في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف السيد / عثمان حسين حمد أحد منشطي الورشة وطرحت عليه تساؤلات عدة أجاب عليها كالتالي:
القرن /إذا قارنا حقوق المرأة في الإسلام بالواقع كيف هو الوضع؟
بداية أحب أن أشير إلى أنه عندما ننظر إلى الأوضاع التي كانت تعيش فيه الأنثى قبل الإسلام نجد أنها لا ترقى إلى مستوى الكرامة التي أقر بها الإسلام للإنسان سواء كان ذكرا أو أنثى؛ حيث كانت الأنثى غير مرحب بها عند ما تولد، كما يقصّ علينا ذلك القرآن الكريم؛ فإذا بُشر أحدهم بقدوم أنثى في بيته ظل وجهه مسودا من شدة الخيبة والإحباط، ويتوارى عن الناس من سوء ما بُشر به ، ويبدأ في التفكير فيما إذا كان الأنسب أن يتركها في بيته مع اعتبارها عارا وتعيش على هون، أم يتخلص منها ويدسها في التراب وهي حية، وهذا جزء بسيط من قصة حال الأنثى قبل الإسلام وإلا فالقصة طويلة ومحزنة.
وعندما نلاحظ الحقوق التي أقرّ بها الإسلام للمرأة نجد أنها تنقسم إلى ستة أنواع كما ذكر ذلك بعض العلماء، وهي: (الحقوق الدينية - الحقوق الاجتماعية - الحقوق الاقتصادية - الحقوق التربوية والتعليمية - الحقوق القانونية - الحقوق السياسية )، وعندما نقارن هذه الحقوق بما هو عليه الوضع في الواقع الحالي، نجد أن هناك تفاوتا؛ فمثلا يلاحظ ازدواجية لدى كثير من العائلات في تعليم الإناث أمور دينهن ثم متابعتهن وتشجيعهن على أداء الواجبات الدينية؛ حيث يتم التركيز والاهتمام بالذكور بشكل أكثر وكذلك الحال فيما يتعلق بالحقوق الاجتماعية والتربوية والاقتصادية، وفي المقابل يلاحظ أن المرأة تـُمنح حقها إلى حد ما فيما يتعلق بالحقوق السياسية والقانونية .
القرن/ إذا أعطى الإسلام للمرأة حقوقها كاملة، ما الداعي للنقاش؟
كثير من الأمور والقضايا التي تناقش هنا وهناك هي أمور وقضايا قد قدم لها الإسلام حلولا جذرية وعادلة، ولكن النقاش يجري حول ما إذا كانت تطبق تلك الحلول على أرض الواقع، ومثل ذلك فيما يتعلق بحقوق المرأة، والذي يدعو للنقاش هو أن المرأة تشكل نصف المجتمع إن لم تكن أكثر، وأي تخلف أو ضعف في المرأة هو ضعف وتخلف في المجتمع؛ والمرأة هي الأم والزوجة والبنت والأخت. والأمر الآخر هو المسؤولية أمام الله؛ حيث أوجب الإسلام الاهتمام برعاية البنت، واعتبر الإحسان للمرأة مسؤولية أخلاقية ؛ فخير الناس أحسنهم أخلاقا وخيرهم خيرهم لنسائه، وأمرنا الإسلام بأن يوصي بعضنا بعضا بالاهتمام بشؤون الإناث.
القرن كيف تقيمون تجاوب المشاركين مع المواضيع التي أثيرت؟، وما هي مجريات الورشة؟
المشاركون في الورشة هم دعاة يقومون بتوعية المجتمع؛ ولم يكن الهدف من الورشة إكسابهم قناعات جديدة، وإنما تعزيز مهاراتهم في التواصل مع المجتمع وزيادة المعلومات لديهم، وكان عددهم 33 داعية، وقد وجدنا هؤلاء الدعاة يتمتعون بمعرفة جيدة بالواقع، خاصة وأنهم قدموا من كافة مناطق الجمهورية. وكانت الورشة تتناول ثلاثة محاور: (حقوق المرأة - حقوق الطفل - ختان الإناث)، وقد استمرت لمدة خمسة أيام؛ واستخدمت فيها اللغات الوطنية، وعندما قارنا موضوعات الدورة بالواقع المعاش كان تفاعل المشاركين متميزا؛ حيث تم تقسيمهم إلى مجموعات وكُلفت كل مجموعة بمناقشة أحد محاور الورشة مقارنة بالواقع، ثم أتيحت لكل مجموعة فرصةٌ لعرض نتائج المناقشة أمام الجميع، وهذا سهل لنا تسجيل نتائج الورشة وتوصياتها.
القرن / ختان الإناث يعتبر من أكثر المسائل المثيرة للجدل فما ذا تحقق حتى الآن؟
نظرا لوجوده منذ مئات السنين فإن الناس يتجرؤون على الحديث عن منعه إلا نادرا، ولكن بعد تعاون وانخراط مختلف الجهات والمؤسسات في التوعية ومناقشة النصوص والأدلة الشرعية في ضوء الأضرار التي يسببها اختلف الوضع بشكل كبير؛ فالأسر التي اقتنعت بعدم ختان بناتها تتزايد، والدعاة والعلماء الذين يغيرون رأيهم في ازدياد؛ حتى أصبحت الدعوة إلى ترك ختان البنات تتجه نحو الإجماع والدعوات بعدم الترك تتقلص باستمرار؛ خاصة بعد ما علم الناس أن أكثر من 95% من المسلمين في العالم لا يقومون بختان البنات ولا يعرفونه، ففي مكة والمدينة والخليج العربي والشام والمغرب العربي وآسيا لا يتم ختان الإناث، والمنطقة التي يمارس فيها ختان الإناث هي عبارة عن بلدان القرن الأفريقي وبعض الدول الأفريقية؛ فليس من الصحيح القول بأن المسلمين في هذه المنطقة أكثر علما وأكثر تدينا من باقي المسلمين في العالم، وليس صحيحا القول بأن هؤلاء على صواب وباقي المسلمين على خطأ، فالحقيقة هي العكس، ولذا فختان الإناث أقرب إلى كونه عادة من كونه سنة، خاصة مع وجود من يمارسها من غير المسلمين، فلو كانت سنة لما قام بها الوثنيون والمسيحيون، وقد ذُكر بأن إحدى الدراسات بينت أن نسبة ممارسة هذه العادة عند غير المسلمين أكبر في بعض المناطق في إريتريا وجنوب السودان.
القرن /ما هي نتائج الورشة؟
من نتائج الورشة التي تم تسجيلها بعد مناقشة المحاور التي طرحت مع المشاركين، أن هناك بعض المشاكل التي تعاني منها المرأة مثل عدم إعطائها حقها في الإرث خاصة في بعض القرى، والعنف من قبل بعض الأزواج والإخوة الذكور تجاه الزوجات والأخوات، وأن حجم الأمية في المحافظات والقرى أكبر لدى الإناث، كما أن هناك عدم تعاون مع المرأة في خدمة العائلة خاصة في الأرياف، ولذلك اقترح المشاركون استمرار التوعية بحقوق المرأة بالتعاون مع كافة الجهات المعنية. وفيما يتعلق بحقوق الطفل ذكر المشاركون أنه يوجد هناك تقصير في تربية الكثير من الأطفال؛ كما تمت الإشارة إلى حالات أطفال الشوارع، وقد أشار المشاركون إلى ضرورة الاهتمام بتربية الأطفال من الصغر، وكذلك رعايتهم، علما بأن رعاية الطفل تبدأ من حسن اختيار الزوجة الصالحة لتكون أما صالحة وكذلك اختيار الزوج الصالح ليكون أبا صالحا، ثم تتم رعاية الطفل برعاية المرأة الحامل، وهكذا تستمر عملية الرعاية؛ فإذا بلغ سبع سنين تبدأ تربيته على الآداب والمبادئ الحسنة. وفيما يتعلق بختان الإناث اتفق المشاركون على أن هناك تقدما ملحوظا في اقتناع الأسر بتركه، ولكن الأمر مازال يحتاج إلى بذل جهود في التوعية تشترك فيها مختلف الأطراف، خاصة في الأقاليم والأرياف، وأشاروا إلى أن أحد الأسباب التي تجعل بعض الفقهاء يتمسكون بما يسمى بالختان السني للأنثى هو عدم تصور المسألة من جميع جوانبها؛ فهم لم يتصوروا بشكل جيد الأضرار الصحية ولم ينتبهوا إلى عدم ختان المسلمين لبناتهم في بقية مناطق العالم، وأن هذه عادة تنحصر في مناطق جغرافية متجاورة يمارسها المسلمون وغير المسلمين، وقد لاحظنا في الفترة السابقة أن كثيرا من الدعاة والفقهاء اقتنعوا بضرورة المنع بعدما درسوا المسألة من خلال الدورات والمنتديات، ولذلك اقترح المشاركون أن يقوم الفقهاء المتمسكون بممارسة ختان الإناث بدراسة المسألة مع الأطباء وأهل الخبرة من النساء.
أجرت الحوار / نبيهة عبدو فارح