إذا أردنا إنقاذ أطفالنا من براثن سوء التغذية علينا توفير الأمن الغذائي وإنشاء لجنة مكونة من كل الوزارات تعمل في هذا المجال ،و اليد الواحدة لا تصفق
بدأ قسم الأطفال في مستشفى بلتييه يوم الاثنين الماضي جولة ستشمل جميع المدارس الابتدائية في ربوع الوطن بقيادة رئيس القسم المسئول عن البرنامج الوطني لمكافحة سوء التغذية الدكتور/ أحمد روبله عبد الله ومساعديه، للكشف على صحة الطلبة ،ولمعرفة المزيد عن الموضوع زارت القرن الدكتور في مكتبه وأجرت معه هذا الحوار الذي يحمل رسالة تهدف إلى خدمة مجتمعنا وضرورة اتخاذ خطوة جادة يشارك فيها الجميع لتأمين مستقبل أطفالنا صحياً :-
القرن/ حدثنا عن الجولة الصحية التي بدأها قسم الأطفال؟
الدكتور/ لقد بدأنا يوم الاثنين الماضي جولة طبية نزور خلالها المدارس الابتدائية بالعاصمة والمحافظات الداخلية للكشف على صحة الطلبة ،وسنزور كل المدارس الابتدائية في ربوع الوطن، وعادة في كل سنة كان يقوم طبيب عام من جميع المستشفيات والمستوصفات بالكشف على طلبة المدارس القريبة من المستشفى الذي يعمل فيه وينقل إلى قسم الأطفال الطلبة الذين يعانون من التدهور في صحتهم، ومنذ العام الماضي بدأنا برنامج صحة أطفال المدارس بشكل مختلف حيث أنني شخصياً كرئيس قسم الأطفال ومساعدي نقوم بهذا الكشف لننقل الحالات الخطيرة منها إلى قسم الأطفال لمتابعة حالاتهم وتقديم العلاج اللازم لهم ، ويكون علي رأس الوصفات اللازمة لهم البسكويت المخصص لسوء التغذية إذا كانت حالتهم متوسطة أو خفيفة، ويتضمن الكشف أيضا فحص حالة النظر ، وضعف المخ ، وبدأنا بالكشف على 58 من الطلبة واكتشفنا أن أغلبهم يعانون من سوء التغذية وفقر الدم و،مكروبات المعدة وآلامها، ونقلنا أربعة منهم إلى المستشفى ووصفت لهم العلاج وسأتابع صحتهم، وعشرات من هؤلاء الطلبة يعانون من سوء التغذية من الدرجة الثانية ،وسيزورون المستشفى كل يوم الاثنين لتتابع حالاتهم أخصائية التغذية، ووزعنا عليهم البسكويت الخاص للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية،وسنستمر في توزيعه كما وجدنا خلال الكشف أطفالاً يعانون من ضعف السمع، و ،وحقيقة إن مجتمعنا يرزح تحت خطر سوء التغذية بشكل عام ولا أحد يدري، لا المسئولون ولا العامة.
القرن / ماذا كانت نتيجة الدراسات التي أجريت في هذا المجال؟
الدكتور/ إن الدراسة التي أجريناها في عام 2006 أثبتت أن 6ر20% من الأطفال الذين تقل أعمارهم من 5 سنوات في العاصمة يعانون من سوء التغذية من الدرجة الثانية وبمقياس منظمة الصحة العالمية أن نسبة سوء التغذية المنتشرة بين الأطفال في بلد من البلدان يجب ألا تتجاوز نسبتها 5% وإذا وصلت النسبة 6% هذا يعني أن هذا البلد بحاجة ضرورية للإغاثة وفي محافظاتنا وصلت النسبة إلى 8ر30% أما بالنسبة لسوء التغذية من الدرجة الأولى أي المزمنة كانت نسبتها 40% ودخلت الحكومة معركة شرسة ضد هذا المرض من خلال وزارة الصحة وفي العام الماضي أجرينا دراسة أخرى لتقييم ما أنجزناه وكانت النتيجة أن نسبة سوء التغذية المتوسطة أو من الدرجة الثانية التي كانت 6ر20% تراجعت لتصل نسبتها إلى 5ر10% ولكن المصيبة أن نسبة سوء التغذية المزمنة ظلت ثابتة ولم نحقق فيها أي تقدم.
والأكثر سوءً هو أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية من الدرجة الثانية إذا لم تتم معالجتهم خلال ستة أشهر معرضون للموت أما المصابون بالمزمن منه فلا أمل في شفائهم، ولا مستقبل لهم لأنه ليس بإمكانهم فهم الدروس لضعف قدرة عقلهم، فإن عاشوا فهذا بقدرة الله فهم يعتبرون عالة على الأسرة وعلى المجتمع ومهما حاول معهم الأطباء لن نحقق ما نصبوا إليه.
القرن/ كم هو عدد هؤلاء الأطفال المصابين؟
الدكتور/ وصل عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن (5) سنوات والمصابون بسوء التغذية 000ر26 طفل، و70% من الأطفال الجيبوتيين مصابون بفقر الدم و60% من أمهاتهم مصابات أيضاً بفقر الدم.
القرن/ ما هي الأسباب؟
الدكتور/ إن أهم ما يؤدي إلى انتشار سوء التغذية وفقر الدم ومكروبات المعدة والضعف العام وصغر وزن الطفل عند الولادة هي أن الأم نفسها مصابة بسوء التغذية وفقر الدم، لدينا أطفال ولدوا ووزنهم كيلو غرام واحد، وهناك من يولد وهو محتاج إلى نقل الدم.
والسبب الثاني أنهم يرضعون المولود رضاعة صناعية وليست طبيعية ولضيق ذات اليد يرضعونه حليباً لا تتوفر فيه أي قيمة غذائية يحمل اسم الحليب فقط ،وبعد يومين يُصاب المولود بالإسهال ثم فقر الدم يليه سوء التغذية مباشرة، ولذلك نستطيع القول أن أسباب انتشار سوء التغذية هو الفقر بالدرجة الأولى ،ثانية عدم تغذية الطفل بالرضاعة الطبيعية ،ثالثاً الجهل بالثقافة الغذائية وعدم توفر العناصر الضرورية لنمو الطفل وصحته، رابعاً غلاء المعيشة حيث وصل ربع كيلو من اللحم 500 فرنك وليس أمام ربة البيت كما هو منتشر إلا أن تضع أجود ما تطبخه أمام رب البيت وتبقى الأم والأطفال بلا شيء وحتى إذا تم التوزيع على الأطفال فلن يكفيهم، نحن نعاني من عدم توفر الأمن الغذائي وانتشار مكروبات المعدة سببها الرئيسي عدم النظافة وهذا الموضوع لا يحتاج إلى شرح فالواقع يتحدث عن نفسه، لا أحد يهتم بالنظافة، المهاجرون منتشرون في كل الأحياء ويقضون حاجاتهم على الطرقات والشوارع العامة والنتيجة انتشار الأمراض ولم يكن في جيبوتي مرض (تيفود) في السابق والآن هو موجود ولدينا حالات مصابة بذلك وأصبحت الحصبة منتشرة جداً في الآونة الأخيرة وسابقاً لا يحتجز الأطفال في المستشفى بسبب الحصبة لأن قوة بنية الطفل تجعل جسمه يقاوم المرض أما الآن فلا، وبالإضافة أن إصابة الطفل بالأمراض بشكل متتالي لا يعطي لجسم الطفل فرصة للنمو لأنه في حالة دفاع مستمرة.
القرن/ ما هو الحل؟
الدكتور/ الجهود الفردية ونداء شخص واحد وجهة واحدة لا تكفي ولن تأتي بنتيجة، إن البرنامج الوطني لمكافحة سوء التغذية وجهود وزارة الصحة لن تحقق النتيجة المرجوة، إذا أردنا انقاذ أطفالنا وشبابنا يجب أن تتكاتف الجهود وأن تجتمع جميع الوزارات ثانياً توعية المجتمع وإيجاد أفكار توفر الغذاء الضروري لأطفالنا، مراقبة جودة المواد الغذائية التي يستوردها التجار، والأهم إضافة العناصر الغذائية الضرورية للجسم في صناعة المواد الغذائية، وبالتالي عند شراء هذه المواد من المحلات واستخدامها في الوجبات الأساسية من خلاله يحصل الفرد على العناصر الضرورية والأساسية للجسم فلن يصاب بسوء التغذية ،وهذا هو البرنامج الذي نسعى إلى تحقيقه، وعلى سبيل المثال بدل ما يشتري للطفل فيتامينات من الصيدلية نضيفه في الدقيق الذي يصنع منه الخبز وبالتالي يستفيد من عناصره الطفل والمجتمع بأكمله، ومهم جداً تحقيق الأمن الغذائي ومراقبة جودة المواد الغذائية ولذلك أنادي بإنشاء لجنة مكونة من جميع الوزارات لتتابع ما يدخل البلد ومعايير جودته ومتابعته من كل الجوانب، ومثل هذه اللجان المهتمة بصحة المجتمع متوفرة في كل البلدان القريبة منا والبعيدة، وأنا كطبيب للأطفال أرى أنه من الضروري جداً إنشاء هذه اللجنة وتباشر عملها تحت رعاية رئيس الوزراء، وهذا لمصلحة مجتمعنا ومستقبل أطفالنا.

اجرت الحوار /
نبيهة عبدو فارح