السيد/ رفقي عبد القادر با مخرمة السياسي المخضرم والفنان التشكيلي الأول في جيبوتي... يعرض أعماله الفنية ولوحاته الشاهدة على ابداعاته وتجلياته وتأملاته التي تخطف الناظر لتتجول به في أعماق العوالم المتعددة الألوان والأبعاد.. يعرض معرضه الثاني في فندق كمبنسكي بعد معرضه الأول في الشارقة، جمعت لوحاته الحياة بتناقضاتها بأحلامها وآمالها وآلامها وطموحاتها وتحدياتها وصمودها... هو عالم بلا حدود. ولمعرفة المزيد عن الجانب الفني من السيد/ رفقي عبد القادر با مخرمة التقت القرن بمعاليه وأجرت معه هذا الحوار:-
القرن / بداية نود أن نعرف ماذا يعني لك الفن ؟
السيد: رفقي / إذا تحدثت عن الوقت الحاضر ، الفن يعني لي مهنة وذلك بعد خروجي من المجال السياسي ، والفن بشكل عام طريقة حياة، عمل ،والتعامل مع الناس ، والفن يعنى الارتقاء بالسمات والمبادئ والقيم ...لأن الفن لا يعترف بالعمر... هو رسالة إنسانية تشمل الجميع دون تفرقة بين ألوانهم وأجناسهم ، الفن يحمل رسالة فيها حب ،السلام ،المودة والتواصل ودعم الآخر...
الفن وحي للجمال وطريق سهل للوصول إلي قلوب الناس .
القرن/ كيف تقارن بين حياة الفن والسياسة ؟
السيد رفقي / في نظري السياسة فن التحضير ، الاستباق ، التهيئة و مسابقة الأحداث والإجابة علي الإحياجات ومتطلبات المجتمع ،بالإضافة إلى ذلك هي معالجة الأمور بحنكة ، وسخاء لمصلحة المجتمع ... السياسة مسؤولية ولابد من ووجود كماليات الفن في السياسي .
القرن / أيكما بحث عن الآخر، الفن أم السيد / رفقي ؟
السيد : رفقي / أنا ولدت في أسرة فنية ، والدتي كانت فنانة في تطوير الأقمشة ، وكانت تعلم البنات فنون الحرف اليدوية ، ووالدي رحمه الله كان فنانا موسيقيا ، ومؤلفا وملحنا ، فولدت في هذا الجو الفني .
القرن / هل نستطيع القول أنك ولدت مسكوناً بالفن ؟
نعم ، ولدت مع الفن ، وبدأت حياتي الفنية من الابتدائية ، الرسم كان بنسبة لي هواية أحببتها و نميتها في نفس ، ولم أدخل معاهد لأدرس الفن التشكيلي وإنما اجتهدت لأكتسب المعلومات والخبرة التي أملكها الآن.
القرن / هل تعتقد أن السياسة خطفتك من الفن؟
السيد : رفقي / في الحقيقة لا أعرف أي منا خطف الآخر ، ولكن شاء القدر أن أكون في موقع من المواقع الذي كثيراً ما كان يرتاده السياسيون وهو مسرح السالين ، ومن هناك أحتكيت بالسياسيين الذين احتضنوني وعلموني فن السياسة وماهيتها ، فـأحببت التفاعل مع المناسبات السياسية وتنظيم فعالياتها ، ثم دخلت السياسة من باب تحرير جريدة الحزب ، حيث كنت عضواً في الحزب الحاكم ولازلت ، وأستطيع القول أن السياسة جاءت إليّ فعشقتها .
القرن/ ماهى الرسائل التي تحملها لوحاتك ؟
السيد : رفقي / كرسام للفنون التشكيلية لا أستطيع أن أحدد رسالة معينة للوحة ، لأن الفن التجريدي الذي أعمل عليه لا يسمح للإنسان أن يرى شيئا معينا معروفاً محددا من البداية ، بل تدفعه كل لوحة بأن يغوص في بحر الألوان والتشكيل ليكتشف بنفسه ما تحمله ، واستنتاجاته مرتبطة بنفسية الناظر والمتأمل للوحة ،والظروف التي يعيشها، ومزاجه وهذا هو الفن التجريدي، حيث يمكن أن يوحي للمشاهد معاني مختلفة ، وهذا النوع من الفن فيه شئ من التصوف والحلم ولذلك كل شخص يستنتج الرسالة حسب ثقافته وحالاته النفسية.
القرن/ هل الفن هواية ، وراثة ، أم خبرة يكتسبها الإنسان ؟
السيد : رفقي / هو يعتبر جميع ذلك، ويمكن اكتسابه بالتعليم ،ولكن لابد من وجود الهواية أو الوراثة ليكون بين الشخص والفن تجاذب وتناغم ولغة مشتركة ، ويمكن أن يتحول الفن إلي مهنة إذا طوره الشخص وتوفرت له البيئة والجو المناسب لفنه ، وهذه النقطة مهمة جداً ليبدع الفنان ويطور فنه وينشره ، وأن يتوفر له مناخ يتفاعل معه سواء كان مناخ فني اجتماعي وأحداث،وجمهور ، والفن اجتهاد ، وفي الحقيقة اجتهدت لأنمي في بعض أبناء مجتمعي إمكانية نقل الرسائل عبر الفن بصورة أكثر جمالاً ، ولذلك أنا عملت في مجال الموسيقي والمسرح والفنون الجميلة ، وكل مجال من مجالات الفن يعطيك مساحة تنقل خلالها رسالة.
القرن / في أي فن من الفنون تجد فيه متعتك؟
السيد: رفقي / وجدت المتعة في جميع مجلات الفن، وميلي للعمل في مجال الفنون التشكيلية هو لتميزه بالاستقلالية ، أستطيع إنجاز عملي الفني بمفردي، بينما في الفنون الأخرى العمل يكون جماعياً بالإضافة ، إلي ذلك أن الفن التشكيلي ينسيك الهموم ويجعلك تحلق عبر اللوحة لتغوص في العالم الذي تريد معالجته على اللوحة .
القرن / ماهو وقتك المفضل للرسم ؟
السيد : رفقي / بعد أزمة ، لأن الأزمات تولد الابتكار والابتداع ، وأفضل لوحاتي هي التي رسمتها عند شعوري بالضيق ، حيث أحمل الريشة وأتنفس على اللوحة ، وهذا ليس له وقتا معينا قد أرسم في الصبح أو الليل أو في إي وقت من الأوقات ، وحاليا أرسم في الصباح حتى العاشرة تقريبا ً والمساء أبدأ من السادسة حتى الثانية عشره تقريبا.
القرن / حدثنا عن المعرض الأول في الشارقة والانطباعات التي خلفها ؟
السيد : رفقي / المعرض الذي أقمته في الشارقة بمثابة فترة في حياتي لها أهمية كبيرة ، وهناك قابلت أفرادا تميزوا بالإجتهاد وعشقهم للفن ، ولا شك أن عشاق الفن في جيبوتي هم الذين شجعوني على تنظيم المعارض والاستمرار في عملى الفني ، واختياري للشارقة جاء على خلفية أنها بلد الفن ، وكانت العاصمة الثقافية العربية ،وبعد سنتين أوثلاث ستكون العاصمة الثقافية الإسلامية ، الشيخ القاسم نمى فيها الفن بشكل كبير ،و انتماءه القومي حفزه على جعل الشارقة وجهة ثقافية فنية أدبية ، وهناك التقيت بصحفيين متخصصين في مجال الفن التشكيلي، ونقاد الأدب والشعر ، وإلتقيت بالأستاذ عمر عبد العزيز الذي ولد في مقديشو وتربى في عدن ويعمل في الإمارات وهو من ضمن الفنانين الكبار في مجال الفن التشكيلي ومن رجال الأفذاذ في النقد السياسي والأدبي والفني ، هو حامل الدكتوراه في الفلسفة وفي الرياضيات بمعنى جمع بين مضادات، وقد قرأ لوحاتي واندهش مما قدمته، وهو من عمل على دعم معرضي في النادي الثقافي العربي ونظم لي لقاءا ببعض الفنانين العرب هناك .
القرن / وماذا عن الفن في جيبوتي ؟
السيد رفقي / الفن في جيبوتي مترد وعشوائي وأنا أكرر هذا الكلام منذ خمسة عشرة سنة ، في مجال الفن لسنا غير مهنيين ونرضى بالقليل ، ولسوء الحظ أن الجمهور يقبل بارتجالية الفن ، أما الفنان فهو يفتقد للإمكانيات ، وبالتالي الفن بحاجة إلي عشاق وداعمين له ، والتطوير الفن في جيبوتي يحتاج إلي إعادة هيكلة معهد الفنون الجميلة في جيبوتي الذي تم إنشاءه عام 2007 م .
القرن / هناك كتاب أصدرته قريباً هل لك أن تسلط الضوء عليه ؟
السيد : رفقي / الكتاب هو ألبوم للوحات التي رسمتها خلال عشرين سنه الأخيرة ، ليعرف المشاهد اللوحات وملامحها، وبالإضافة هو بمثابة هدية تعريفية لفنان من الفنانين جيبوتيين ، بالإضافة يحتوى على الرسائل المموسة المعبر للوحات ، وسيحتل مكانة في المكتبات الإقليمية.
القرن / أهم محطات رفقي في مسيرته السياسية الفنية الثقافية والفكرية ؟
السيد : رفقي / إذا بدأت بالمجال الثقافي والفني كنت عضوا في لجان تشكيل المهرجانات ،المحطة الثانية كانت إنشاء جمعيات ثقافية ، وتنظيم دورات تدريبية في مجال المسرح حيث عملت حوالي عشرة مسرحيات موجودة حالياً في المكاتب الإفريقية لكتاب ومسرحين أفارقة ، وأيضا إنشاء المركز الفني الثقافي في قصر الشعب ، وكذلك معهد الفنون الجميلة في 2007 ثم الخروج من الحياة السياسية والتفرغ للعمل في مجال الفنون الجميلة .
أما المحطات السياسية بدايتي كانت في الاجتماعات القوية والصريحة لحزب (الحاكم) ثم تحريري لجريدته في بداية التسعينيات،بعدها القيام بعمل تطوير حركة شباب الحزب ، تلبيها تقليد مناصب مختلفة وزارية خلال ستة عشرة سنة، والمحطة الأخيرة هي خروج من مجال العمل السياسي دون أي ندم.
القرن / ما هي اهتماماتكم إلي جانب الفن ؟
السيد: رفقي/ اهتماماتي إلي جانب الفن هي أسرتي وأولادي وأهلي الذين التفوا حولي ،و بما أن العلم هو الفيصل في هذه الحياة أريد أعمل جاهداً لمساعدتهم لتحقيق والوصول إلي أعلى مرتبة من العلم.
أجرت الحوار/ نبيهة عبدو فارح