تقديراً للجهود التي بذلها سعادة السفير السوداني الدكتور حسن عيسى الطالب للارتقاء بعلاقات البلدين والدفع بها قدماً نحو آفاق أرحب تتجسد فيه تطلعات البلدين والشعبين الشقيقين في النهوض والتكامل وما حفلت به فترة تمثيله من نجاحات وبرامج ومشاريع تعاونية تلاحقت بوتيرة متسارعة مترجمة إرادة القيادتين ممثلة في فخامة الرئيس إسماعيل عمر جيله وأخيه فخامة الرئيس عمر حسن البشير وبمناسبة توديع سعادته لجيبوتي التقينا السفير وسجلنا معه هذا الحوار:-
القرن/ بعد ثلاثة أعوام من الجهود المتواصلة للارتقاء بعلاقات البلدين الشقيقين جيبوتي والسوان وماحفلت به مسيرة تمثيلكم الدبلوماسي من نجاحات كيف تصفون لنا انطباعاتكم وأنتم تودعون جيبوتي

السفير/ أولاً: أنتهز هذه السانحة لأشكر صحيفتكم الغراء صحيفة القرن لإتاحتها هذه الفرصة، كما أريد أن أشيد بالمستوى الذي وصلت إليه القرن اليوم حيث أصبحت الصحيفة العربية الرائدة في القرن الإفريقي، كما أنها أصبحت بحق همزة الوصل بين جمهورية جيبوتي ومحيطها العربي، وأسهمت بدورها في الارتقاء بالتمثيل الدبلوماسي العربي في جيبوتي عبر تعبيرها عن سياسة الانفتاح على العالم العربي بشكل خاص انطلاقاً من الدبلوماسية النشطة والفعالة التي صاغ مفرداتها السيد/ رئيس الجمهورية إسماعيل عمر جيله فيما يتعلق بالارتقاء بالعلاقات الجيبوتية مع أشقائها من الدول العربية.
ثانياً: أريد أن أشير إلى أنني خلال تمثيلي لجمهورية السودان هنا في جيبوتي طيلة ثلاثة أعوام لم أشعر قط بالغربة بل على العكس فقد كنت أشعر بأنني في بلدي الثاني طيلة هذه السنوات الثلاث التي قضيتها هنا في جيبوتي، كما أني أعتبر نفسي من أبناء هذه المنطقة، وأنت تعلم أن جيبوتي هي المقر الدائم للإيجاد وهي تلعب دوراً محورياً في التكامل بين دول الإقليم ونحن شهدنا بكل تقدير وإعجاب ما حققته جمهورية جيبوتي خلال تواجدنا هنا من نقلات نوعية طالت شتى المناحي والمجالات التنموية في قطاع التوظيف ومكافحة البطالة، وفي المجال الاقتصادي وجلب الاستثمارات الخارجية، وفي مجال التعليم وخاصة في القسم العربي منه، حيث أصبحت اللغة العربية مادة رئيسية في التعليم الأساسي الرسمي، كما رأينا كيف لعبت جيبوتي أدواراً محورية إيجابية لتحقيق المصالحة في الصومال. ونحن نعتقد أن جيبوتي الآن وهي تحتفل بمرور 35 عاماً على استقلالها أنها مقبلة على تحقيق مزيد من التقدم والنمو والازدهار بفضل سياساتها الحكيمة التي تقف ورائها قيادة ورؤية رشيدة.
القرن/كيف تقيمون ما تم تحقيقه وما هي الأولويات التي ترون أن ينطلق منها من يخلفكم في تمثيل جمهرية السودان لدي جيبوتي ؟
السفير/ فيما يخص العلاقات بن البلدين الشقيقين جيبوتي والسودان وما تحقق في سنوات عملنا هنا فإننا بدأنا في هذا الصدد من خلال الاجتماع الدوري الثالث للجنة المشتركة والذي انعقد هنا في جيبوتي في يناير من عام 2010 وقد اتفقنا على أن تعقد هذه الاجتماعات الدورية في شهر يناير كل ثلاثة أعوام .. وهذا ما رسم لنا خارطة الطريق في المضي قدماً بعلاقات التعاون والشراكة بين بلدينا وترتيب الأوليات في مجالات التعاون بيننا .. ومن أهم البنود التي بدأنا الشروع فيها بخطى حثيثة وثابتة بعد التوافق عليها هو مجال الأمن الصحي والذي ابتدأناه بمشروع كبير يشار إليه بالبنان والمتمثل في المستشفى السوداني والذي انتهى العمل فيه من حيث المباني والمرافق والخدمات من كهرباء وماء والآن هناك وقد من الخبراء الفنيين سيأتي من السودان لاستكمال باقي التجهيزات الفنية والطبية للمستشفى وسينتهي العمل في المشروع بشكل نهائي في القريب العاجل إن شاء الله تعالى.
أما فيما يخص بنود التعاون الأخرى .. فهناك تعاون قائم بين جهازي الشرطة في البلدين في مجالات عدة كالتدريب المشترك بينهما وفي مجالات أخرى كالمعامل الجنائية والإشارات المرورية.كما أن هناك اتفاقية تعاون بين البلدين في مجال التربية والتعليم، وقد أعطتنا الحكومة الجيبوتية مشكورة قطعة أرض لبناء مدرسة تشمل المرحلة الأساسية والثانوي سيتم التعليم فيها باللغة العربية وستكون هناك مادتين للفرنسية والإنجليزية .. وبالإضافة إلى باقي العلوم التطبيقية سيتم تدريس التاريخ والجغرافية الجيبوتية وستكون الشهادة التي ستمنحها هذه المدرسة شهادة معترف بها في كافة الدول العربية الأخرى.
وهذه القاعدة الصلبة من العلاقات بين البلدين تؤسس لانطلاقة كبيرة نحو مستقبل يلامس تطلعات الشعبين الشقيقين في خلق واقع للتكامل من أجل التقدم والازدهار بناءاً على هذه الإرادة السياسية المشتركة .
القرن/تتزامن عودتكم إلي أرض الوطن مع ما يوجهه السودان من تحديات خارجية و حراك داخلي كيف ترون التغلب علي هذه التحديات؟
السفير/ أعتقد أن السودان ولد من رحم المعاناة، فنحن عندما نلنا استقلالنا عام 1956 كنا نعاني أيضاً حينها من ربق الاستعمار الذي جثم على صدر السودانيين أكثر من 58 عاماً، وكان ذلك الاستعمار نتيجة غزو أجنبي وبعد أن انتزع السودان استقلاله من المستعمر أدخل مباشرة في حرب مع الجنوب فرضت عليه واستمرت تلك الحرب منذ عام 1955 توقفت لفترة من العام 1972 حتى استأنفت في 1983 حتى توقيع اتفاقية السلام في 2005 والذي كانت نتيجة قناعة لدينا بأن نضع حداً ونهاية كتلك الحرب المستدامة حقناً للدماء والأرواح، كما أننا آمنا بضرورة إعطاء الجنوبيين فرصة ليقرروا مصيرهم، وقد كنا واضحين في توجهنا ذلك والتزمنا بالفعل بعملية السلام، وقمنا بإجراء الاستفتاء حسب ما نصت عليه اتفاقية السلام وكان ذلك على أمل أن يعم السلام بين السودان شماله وجنوبه مهما كانت نتيجة ذلك الاستفتاء.. لكن ما حصل بعد ذلك هو أن المسئولين في الجنوب سمحوا للتدخلات الأجنبية بالتأثير عليهم بعدما نالوا استقلالهم من البلد الأم ولم يتحقق للأسف حلم السلام بسبب سماح المسئولين في دولة جنوب السودان للتدخلات الخارجية بالتأثير عليهم، لكننا الآن وبعد المحادثات الأخيرة بيننا في أديس أبابا لمسنا منهم العودة إلى الرشد وتغليب صوت العقل.
أما السودان فهو ملتزم بشكل تام ودون رجعة باتفاقية السلام مع الجنوب، ونريد أن يعلم الجميع أن الجنوب انفصل حسب القوانين السودانية وليس بغزو أجنبي، كما أن الجنوب لم يستقل من استعمار دولة مستعمرة فهو انفصل أو نال استقلاله من البلد الأم له، وعليه أن لا ينسى تلك الحقائق وأن لا يسئ إلى البلد الأم الذي ولد من رحمه والذي أعطاه حق تقرير المصير إيماناً منه بأن ذلك حق أصيل لكل الشعوب تكفله الشرائع السماوية والقوانين الدولية، أما فيما يتعلق ببعض الأحداث الجارية في السودان والتي تقف وراءها المعارضة .. ونحن نعتقد بأن من حقهم أن يتظاهروا وأن يعبروا عن مواقفهم وعن آرائهم بالطرق المشروعة.
لكن ما يحصل من تحركات ومظاهرات للمعارضة لا يعدو كونه احتجاج على رفع الدعم الحكومي عن الوقود، والذي قرره برلمان منتخب لدواعي اقتصادية وتنموية، وأن الشعب السوداني لديه الفهم والإدراك لدقة المرحلة كما أن الحكومة لم ولن تدخل في صدام مع شعبها ولن تطلق الرصاص عليهم وكما نعلم جميعاً فإن الرئيس السوداني الفريق عمر حسن البشير رئيس شرعي تم انتخابه من قبل شعبه بشكل ديمقراطي ويمثل إرادة الشعب السوداني الذي اختاره في انتخابات حرة ونزيهة .

اجرى الحوار /
جمال أحمد ديني