لقد بذلت وزارة التربية منذ سنوات عدة جهوداً كبيرة لإعادة صياغة منظومة التعليم في جيبوتي وتحسين مستواه ، وتحقيق الإكتفاء الذاتي في وضع المقررات الدراسية بمعايير عالمية .
ولمعرفة المزيد عما قامت به الوزارة من جهود في هذا المجال وحول نتائج الإمتحانات المختلفة إلتقت القرن بمدير عام التربية السيد/ سعيد نوح وأجرت معه هذا الحوار : -
القرن/ للتو انتهت الامتحانات فما هي انطباعاتكم؟
سعيد نوح/ في نهاية العام الدراسي تم تنظيم 14 امتحانا في أكثر من 100 مركز وشمل الأمر اعداداً كبيرة من المترشحين والأرقام تتزايد بشكل كبير في كل عام وتمت كافة الإجراءات والترتيبات بشكل طبيعي، وأغتنم هذه الفرصة لأهنئ جميع موظفي الوزارة على حسن تنظيم كافة الامتحانات بدون أن أنسى أن أوجه الشكر للشرطة الوطنية التي كانت فعالة في ضمان الأمن في مراكز الامتحانات.
القرن/ هل نتائج الامتحانات المختلفة مرضية في رأيكم؟ وما هي الدروس التي تستخلصون منها ؟
سعيد نوح/ بشكل عام فإن النتائج في تحسن مستمر وهناك اختلاف بين امتحان وآخر وهذا يستدعي التفكير في الأمر، إذ أن الامتحانات علاوة على وظيفتها المتعلقة بمنح شهادات للناجحين فإنها تقدم معطيات مهمة لتوجيه النظام التعليمي التربوي، ومنذ لحظة إعلان النتائج فإن النتائج تخضع للتحليل والدراسة لمساعدة المؤسسات التعليمية لتحسين نتائجها وتدارك فلتاتها في العام التالي.
القرن/ ما هي الإجراءات التي تريدون اتخاذها لتحسين جودة النظام التعليمي من العام الدراسي المقبل؟
سعيد نوح/ دعني أؤكد لك ابتداء أن الأولوية موجهة للتعليم الابتدائي والأمر يبدأ من تحسين نظام التوقيت المدرسي وفي هذا الصدد أطلقت الوزارة عملية توسعة كبيرة لرفع القدرة الاستيعابية للفصول من اجل ترك العمل على نظام الفوجين ( بحيث تستخدم المدرسة على أنها مدرستين ) والذي استمر طويلا وهذه العملية التي تم انجازها كانت قد تمت على نفقة الحكومة بشكل كامل وهي ستتيح مع بداية العام الدراسي المقبل بشكل ملحوظ تخفيض عدد الفصول التي ستدرس حسب نظام الفوجين حيث إن 75 % من الفصول في المدارس في جيبوتي العاصمة ستعمل على نظام فوج واحد بمعنى أن الطلاب سيدامون فقط في الصباح ولن يتغير توقيتهم إلى المساء حينا وإلى الصباح حينا آخر كما كان في العهد السابق وهذا سيتم فور انتهاء أعمال البناء الجارية، وهذا النظام الجديد الذي هو التحول إلى الفوج الواحد سيتيح تنظيم دروس دعم للأطفال الذين يواجهون صعوبة في تعلمهم إضافة إلى كونه أنسب للأطفال، وعملية البناء هذه، غير المسبوقة تشمل بناء خمس مدارس جديدة وتوسعة خمس مدارس أخرى وأغلبها تتواجد في منطقة بلبلا، ولابد من الإشارة أيضا إلى أن كافة المدارس في جيبوتي سيتم ترميم فصولها الدراسية. والنقطة الثانية تتعلق بتوفير الكتب الدراسية فالحكومة قررت تحسين توفير الكتب المدرسية وتم الاستثمار في هذا المجال بشكل غير مسبوق حتى يكون لكل طالب في التعليم الأساسي ابتدائية كانت أو إعدادية من العام الدراسي المقبل كتابه الخاص الذي يحتاج إليه لمتابعة درسه في كل مادة من المواد المقررة. ومع الإعارة التقليدية فإن العمر الافتراضي للكتاب كان محدودا بسبب التدهور السريع إضافة إلى أن الطالب كان لا يمكنه أن يذهب بالكتاب إلى البيت في المرحلة الابتدائية في السابق، الأمر الذي جعلنا نختار استراتيجية بيع الكتاب بسعر مدعوم قدره 300 فرنك جيبوتي في المرحلة الابتدائية وب450 فرنك جيبوتي في المرحلة الإعدادية وبعد شرائه سيكون الكتاب ملكا خاصا للطالب. والنقطة الثالثة تتعلق بالعملية التربوية التي ستتمحور حول ضرورة اكتساب كل التلاميذ في المرحلتين الابتدائية والإعدادية جذعا مشتركا من المعارف. وأخيرا التأطير التربوي المحلي للمؤسسات إذ أنه سيتم تعزيز هذا الأمر كما سيتم تشجيع مشاريع المؤسسات المتمحورة على تحسين النتائج التعليمية للطلاب كما سيتم تحفيز ومكافأة المتميزين منهم.
القرن/ إضافة إلى ما تم قوله فإنكم في صدد إصلاح التعليم الثانوي العام، فما هي التغييرات الرئيسة المتوقعة في هذا المجال؟
سعيد نوح/ عندما انعقد الحوار الوطني حول التربية في ديسمبر عام 1999 تم إقرار إعادة بناء النظام التعليمي في جيبوتي من قبل كافة الشرائح الوطنية وعليه تم إصلاح وتجديد التعليم الابتدائي والإعدادي لينشأ التعليم الأساسي من تسع سنوات على أنقاض النظام السابق، وفيما يتعلق بالتعليم العالي تم إنشاء جامعة جيبوتي، ولم يبق من اكتمال إصلاح المنظومة التربوية الجيبوتية عدا المرحلة الثانوية التي لم يمسها الإصلاح وظلت مرتبطة بالنظام الفرنسي وهي مرحلة تمنح الشهادة الثانوية العامة للطالب الذي يجتاز امتحاناتها النهائية وتلك التي ننظمها مع دعم من أكاديمية بوردو الفرنسية، ومنذ وقت ليس ببعيد تم تغيير المنهج في فرنسا في إطار إصلاح المرحلة الثانوية لديهم وتحديدا تم تغيير منهج مستوى أولى ثانوي في فرنسا عام 2010 وعلى ضوء ذلك تقرر لدينا أن نقول أن دور إصلاح المرحلة الثانوية قد جاء وقررنا الشروع في أن نضع للثانوية مناهج جيبوتية خاصة كما هو الحال في كافة المستويات الأخرى. وهذا التغيير يهدف إلى الوصول بنظامنا التربوي إلى الاستقلالية والفوائد الناجمة من ذلك متعددة ولاسيما فيما يتعلق ببناء مناهج انطلاقا من هوية واحتياجات البلد وتحمل كافة المسؤوليات في تنظيم الشهادة الثانوية كما أنه ستكون فائدة كبيرة فيما يتعلق بما ستلحظه العوائل من رخص كتب المرحلة الثانوية في مرحلة ما بعد الإصلاح مقارنة بالكتب التي كانت تشترى من فرنسا وتعد باهظة التكاليف ونادرة وشحيحة في معظم الأحيان، والأمر الأخير الذي ينبغي أن ندركه هو أن إصلاح المناهج لا يعني أبدا الحط من جودة التعليم بل على العكس من ذلك الأمر يرتبط بإدراج واقعنا الثقافي والاقتصادي والاجتماعي في مناهجنا من خلال عدد من المواد التي تدرس في الثانوية ولأجل هذا نثير ونتحدث عن مصطلح (تسييق أو توطين).
في مجال كتابة وصياغة المنهج الجديد فإن فريقنا يتكون من مفتشين وموجهين تربويين ومعلمين وبتنسيق مركز البحوث والإعلام والإنتاج التربوي كما يحظى بمتابعة مفتشين ذوي مستويات عالية من المفتشية الفرنسية العامة والذين تم انتدابهم إلينا من قبل جهاز التعاون الفرنسي، والمنهج الجديد سيكون مجهزا لمستوي أولى ثانوي وثاني ثانوي مع بداية العام الدراسي 2013 ولمستوى ثالث ثانوي مع بداية العام الدراسي 2014 ، وجودة هذه المناهج وجديتها ونجاعتها في تنظيم امتحانات شهادة المرحلة الثانوية التي نبرهن عليها كل عام والتي هي أكبر ضمان لتستمر شهادتنا الثانوية محافظة على اعترافها باعتبارها شهادة ثانوية ذات جودة معترف بها من قبل كافة الجامعات الفرنكوفونية وغير الفرنكوفونية في العالم. ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أنه قد تم إنشاء إدارة جديدة تحت مسمى إدارة الامتحانات والمنافسات والتي ستواصل بشكل مستمر التعاون مع أكاديمية بوردو في المقام الأول ومع المؤسسات الأخرى المماثلة لها في البلدان الأخرى لتعزيز قدراتها في التنظيم الفعال للامتحانات.
القرن/ ولكي نختم سعادة المدير فإن التعليم الفني والمهني أصبحا من اختصاصات وزارة التربية الوطنية ... فما هي بشكل مقتضب الخطوات التي تودون القيام بها لمواءمة النظام التعليمي الفني والمهني مع احتياجات سوق العمل؟
سعيد نوح/ الأمر بالمقام الأول يتعلق بتطوير جودة النظام التعليمي القائم في مجال التعليم الفني والمهني كما هو جار في المؤسسات وفي مراكز التدريب التابعة لوزارة التربية الوطنية. الهدف هو الإتاحة لكافة طلاب هذه المؤسسات اكتساب تدريب نوعي من شأنه أن يساعدهم على الاندماج في عالم العمل وأيضا فإن الأمر يتعلق بضرورة تطابق نظام التعليم الفني والمهني مع واقع سوق العمل واحتياجات الشركات القائمة.
وإن لقاءات ومحادثات التشاور مع الشركات في المجالات ذات الأولوية كالبنايات والمواصلات والفندقة والمطاعم والسياحة لا تزال جارية وستتواصل إلى نهاية العام ليتم بشكل واضح الاتفاق على المهن التي ينبغي أن نعد وندرب لها شبابنا الذين قرروا الدراسة في مجال التعليم الفني والمهني كما أن فحوى التدريب وكيفية إدارة المؤسسات وطرق تمويل التعليم الفني والمهني أيضا تشكل مواضيع لا تزال الوزارة عاكفة عليها بالتعاون والتنسيق مع الوزارات الأخرى ذات العلاقة والقطاعات الخاصة والتي يجب أن تتنافس على الهيكل الجديد للتعليم الفني والمهني وتهتم به.