بمناسبة الذكرى الـ 60 لثورة 23 يوليو التي غيرت وجه مصر والمنطقة وحررت الإرادة الوطنية والتي تأتي هذا العام ومصر على أعتاب الجمهورية الثانية بعد ثورة 25 من يناير التقينا سعادة سفير جمهورية مصر العربية الأستاذ / خالد طه وأجرينا هذا الحوار : -
القرن / في هذه الأيام يحتفل المصريون في الداخل وفي شتى بقاع الأرض بالذكرى الــ60 لثورة 23 يوليو فما أهم ما يميز هذه الذكرى عن سابقاتها؟
السفير/ تحتفل مصر هذه الأيام بذكرى مرور ستين عاماً على ثورة 23 يوليو ، ولا شك في أن المناسبة في هذا العام تختلف عن سابقتها ، لأنها تأتي وتتواكب مع ثورة جديدة قام بها الشعب المصري في الخامس والعشرين من يناير من العام الماضي .. ومن المؤكد أن ثورة الثالث والعشرين من يوليو هي بمثابة الثورة الأم لثورة الخامس والعشرين من يناير التي قام بها الشعب المصري العظيم بعد ستين عاماَ من ثورته الأولى والتي كانت بمثابة ثورة تصحيحية لثورة يوليو التي قامت على ست مبادئ تمثلت بالأساس في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية ..والتي هي ذات المبادئ التي رددها الشعب المصري في الخامس والعشرين من يناير والتي إستطاع الأب الروحي لها الزعيم جمال عبد الناصر تحقيق بعض أهدافها بينما أخفق في تحقيق بعض الأهداف الأخرى نتيجة لبعض العقبات والصعوبات التي واجهته وواجهت خلفه السادات وكما يقال " فليس كل ما يتمني المرء يدركه " فمبادئ الثورتين هي ذاتها عيش حرية كرامة عدالة اجتماعية والشعارات كذلك ذاتها " إرفع راسك فوق أنت مصري"
كما لا ننسى أن هذه الذكرى تأتي كذلك في ظل إختيار الشعب المصري لأول رئيس مدنى منتخب.
القرن : كان من أهم أولويات هذه الثورة تحرير الإرادة الوطنية وما موقع هذه القضية من قائمة أولويات ثورة الــ25 من يناير؟
السفير /على الرغم من أن ثورة الخامس والعشرين من يناير نادت بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، إلا أن استقلالية القرار المصري وتحرير الإرادة الوطنية المصرية كانت في صلب الأولويات والمبادئ سواء لثورة الخامس والعشرين من يناير أو حتى الثورة 23 يوليو ، فلا حرية ولا كرامة ولا عدالة اجتماعية داخل الأوطان دون تحرير تلك الإرادة ، ونحن كي نصبح في موقع السيادة الكاملة التي يحترمها الجميع وكي يعود لمصر دورها الرائد يتوجب علينا تحرير تلك الإرادة الوطنية المستقلة ، وهذا الهدف الأساسي الذي ركز عليه قادة ثورة 23 يوليو، وكلنا يذكر ما قام به جمال عبد الناصر في هذه الصدد وتأسيسه إلى جانب لال نهرو, وتيتو منظمة دول عدم الانحياز إلى غير ذلك من الأمور التي قام بها عبد الناصر في سبيل تحرير الإرادة الوطنية واستقلالية القرار المصري .. وهذا هو من المؤكد ما ستركز عليه ثورة الخامس والعشرين من يناير التي لفتت أنظار العالم واهتمامه طيلة الفترة الماضية .
القرن :كيف تابعتم مشاركة الرئيس المصري في القمة الإفريقية الأخيرة بعد غياب طويل؟
السفير / من المؤكد أن المشاركة المصرية في القمة الإفريقية الأخيرة كانت أمراً مفرحاً وإيجابياً للغاية ، وكما يعلم الجميع فإن ثورة 23 يوليو لم تقم ولم تهدف فقط لتحرير مصر والنهوض بها ، بل هي ركزت كذلك ووضعت نصب أعينها النهوض بالدول الأفريقية إلى جانب العالم العربي ودعم الحركات التحررية فيها ، وكلنا يذكر كيف كان الأثر لزيارات عند الناصر للدول الأفريقية ..وخاصة منها تلك الدول والشعوب التي كانت لا تزال تشق الطريق نحو التحرر من ربق الاستعمار .
ومن هنا ومن هذا المنطلق فإن زيارة الرئيس مرسي إلى إثيوبيا للمشاركة في القمة الإفريقية هي البداية لعودة مصر إلى محيطها الإفريقي الذي سيكون من أولويات السياسية الخارجية المصرية في المرحلة المقبلة بعد غياب دام لأكثر من ثلاثين عاماً .
القرن : بعد ثورة 23 يوليو كانت مصر صاحبة الريادة في إفريقيا والعالم العربي وفي دول عدم الانحياز فهل تعتقدون أن بمقدور ثورة الــ25 التي أبهرت العالم أن تعيد الريادة لمصر؟
السفير / عودة مصر إلى مكانتها وإلى دورها العربي والإفريقي والإسلامي أمر حتمي لا بد منه ، فمصر لا يمكن لها إلا أن تكون حاضرة ، لكن ذلك منوط بتحرير الإرادة الوطنية ، كما أنه مسؤولية حكام مصر في المرحلة المقبلة .. لكن ذلك أيضاً يتطلب بعضاً من الوقت والجهد بعد أن يضع حكام مصر حاليا ومستقبلا ذلك في جدول أهدافهم وعودة مصر إلى أدوارها هو ما تضمنه أول خطاب للرئيس المصري الدكتور/محمد مرسي ، وكما ذكرت في سؤالك فإن الجميع ينتظر من مصر هذه العودة ، وكما حدث أن عادت مصر رائدة في إقليمها أيام محمد علي باشا في فترة وجيزة بعد أن تحررت من الاستعمار الفرنسي.
كما حدث ذلك في عهد عبد الناصر سيحدث ذلك قريباً إنشاء الله شريطة أن تتوفر تلك الإرادة السياسية لدى من سيحكمون مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة .
القرن / نجحت مصر في الانتصار لإرادة الشعب والديمقراطية ورغم الصعوبات والتجاذبات. تجاوزت المرحلة الانتقالية فما هي أهم التحديات وما يقابلها من التطلعات؟
السفير/ الحقيقة أن الصعوبات والتحديات التي تواجه مصر الآن ربما تكمن بالأساس في التحديات الاقتصادية ، فهناك عجز في الميزان التجاري من جهة وعجز أخر في الموازنة العامة للدولة نظراً لما شهدته المرحلة الانتقالية في مصر طيلة عام ونصف من تجاذبات وصراعات سياسية وعدم استقرار ومطالب واحتجاجات فئوية .فالوضع الاقتصادي السيئ في مصر حالياً يتطلب من الجميع الاصطفاف وراء الرئيس المنتخب حتى يسود الاستقرار الذي من شأنه دفع عجلة الاقتصاد والإنتاج إلى الأمام ما لم يحدث ذلك فلن تتمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه المواطنين ، لذا يجب أن يسود الاستقرار السياسي في مصر ، وأن ينتظر أصحاب المطالب الفئوية لفترة خاصة إن الرئيس مرسي وعد في خطته للمئة يوم والذي ستعود فيه عجلة الإنتاج والاقتصاد بشكل عام إلى الدوران من جديد هذا عن الجانب الاقتصادي من التحديات التي تواجهنا في مصر ما بعد الثورة، أما عن الصعوبات والتحديات السياسية.. فنستطيع القول أنه هناك الكثير من التحديات التي نتمنى على الرئيس المنتخب مرسي وإدارته تجاوزها حتى نعبر بمصر إلى بر الأمان من قبيل تجاوز الاشكاليات المتعلقة بالبرلمان المنحل، واللجنة التأسيسية لصياغة الدستور إضافة إلى تشكيل الحكومة الجديدة.
القرن/ آخر كلمة تودون قولها عبر هذا اللقاء؟
السفير/ أنتهز هذه السانحة للتأكيد علي أن العلاقة بين مصر وجيبوتي البلدين العربيين المسلمين الشقيقين كانت دائماً طيبة ومتميزة وستظل كذلك، وسنسعى من أجل أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة كبيرة في العلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات وخاصة مع توافر الإرادة السياسية الملخصة لدى الطرفين في هذا الاتجاه والتي تجلت بوضوح خلال اللقاء الذي جمع بين رئيسي البلدين السيد/ إسماعيل عمر جيله وأخيه الرئيس/ محمد مرسي على هامش القمة الإفريقية التاسعة عشر في العاصمة الإثيوبية آديس أبابا.

اجرى الحوار /
جمال أحمد ديني