يذهب الرئيس الفلسطيني السيد / محمود عباس للأمم المتحدة في وقت لاحق من اليوم الخميس متسلحا بالتفاف الشعب الفلسطيني حوله بكافة شرائحه وقطاعاته وفصائله وأحزابه وبكافة مؤسساته وقواعده الشعبية ومتسلحا بقوة هذا الشعب الموحد خلفه وبقوة المقاومة الفلسطينية بكافة إشكالها وبصمود وصلابة وإرادة شعبه وتصميمه على نيل حقوقه الوطنية محاطا بالدعم العربي والاسلامي الشعبي والرسمي ودعم كل الشعوب الحرة المحبة للسلام والمؤمنة بعدالة هذه القضية التي تعتبر أعدل قضية علي وجه الاطلاق ومضي السيد / أبو مازن بخطي واثقة إلي أهم محطات تقرير مصير الشعب الفلسطيني دون أن يلتفت للمطالبات الملحة وغير المبررة بتأجيل التوجه إلى الامم المتحدة ولم تثنه الضغوطات ولا التهديدات عن هذا القرار الوطني التاريخي الذي سيكون له ما بعده وبهذه المناسبة التاريخية التي تمثل المرحلة الفاصلة في تاريخ القضية الفلسطينية القضية المركزية للعرب والمسلمين وشرفاء وأحرار العالم وللوقوف علي التوقعات والنتائج المرتقبة من الجمعية العمومية وما يكتسيه التصويت لفلسطين كعضو غير كامل العضوية في سياق الصراع مع الاحتلال وسبل مواجهة التحديات وكيفة التعاطي مع الاستحقاقات والمكاسب التي يوفرها هذا الاعتراف وأولويات المرحلة التقينا بعميد السلك الدبلوماسي والسفير الفلسطيني الاستاذ/ كامل قزاز وأجرينا مع سعادته هذا الحوار:-
القرن/ رغم كل الضغوطات والتهديدات قرر الرئيس الفلسطيني السيد / محمود عباس التوجه إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة متجاهلا كل الدعوات والمطالبات بالتأجيل فكيف تنظرون إلي هذه الخطوة وما هي توقعاتكم حيال النتائج المرتقبة منها ؟
السفير / بعد أخذ ورد، وعراقيل ومعوّقات ونقاشات طويلة ومريرة، كان القرار قرار الشعب الفلسطيني بأن يتوجه فخامة الرئيس محمود عباس وباجماع وطني، إلى الأمم المتحدة لرفع مكانة فلسطين، ونيل عضوية دولة مراقب وصولاً لتحقيق حلم الشعب الفلسطيني منذ عقود "دولة مستقلة ذات سيادة كاملة" فقد تقدمت القيادة الفلسطينية رسمياً. إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بنص مشروع القرار للمطالبة برفع مكانة فلسطين إلى دولة غير كاملة العضوية "دولة مراقب". وسيكون التصويت على ها القرار يوم 29 تشرين الثاني 2012 يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، متزامناً مع ألقاء فخامة الرئيس خطابه بالجمعية العامة.كما أكد فخامته علي أنه لا تراجع عن التوجه الي الأمم المتحدة قائلا ، أننا ذاهبون بخطي واثقة ، حيث يدعمنا كل محبي السلام وكل الدول التي تتعاطف مع الشرعية الدولية والتي تؤمن بتقرير المصير لشعبنا وهي كبيرة . ادعوا لنا أن يوفقنا الله، وادعوا للآخرين أن يهديهم الله ليصوتوا لنا، وادعوا لمن يُعادونا بأن يقفوا معنا، ويصوتوا للحق، حتى يصل هذا الشعب بعد طول انتظار إلى حقه في تقرير المصير. وكان هذا دعاء الرئيس محمود عباس في كلمته أمام الجماهير الفلسطينية قبل مغادرته إلى الأمم المتحدة ومن المتوقع أن تحصل فلسطين على أغلبية 150 من اصل 193 دولة في الامم المتحدة
القرن / ما الأهمية التي تكتسيها نيل فلسطين عضوية دولة مراقب والدور الذي يمكن أن تلعبه في سياق الصراع المرير مع الاحتلال ؟
السفير / إن التوجه إلى (( الامم المتحدة )) هو مصلحة فلسطينية وطنية ولن ينتظر الآخرين بأن يمنوا عليه الاعتراف بالدولة ، فقد طالت الوعود والمماطلات سنوات طويلة ، دون تحقيق ذلك ، والغالبية تضغط على الجانب الفلسطيني سياسياً وتفرض حصاراً مالياً فيما الاحتلال الإسرائيل يمعن بتوسيع المستوطنات وبناء الجديد منها ، وتهويد القدس واعتقال الفلسطينيين ، والتضييق على الأهالي لوقف دفع المستحقات الفلسطينية التي يجبيها من الضرائب لصالح السلطة الوطنية الفلسطينية ، هذا فضلاً عن العدوان الإسرائيل عل غزة الذي له جملة من الأهداف في جانب منها الحؤول دون التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة .
وأن الفوائد ستكون أكثر من الخسائر بعد التصويت في (( الأمم المتحدة لأن أي قرار سيتخذ بالاعتراف بفلسطين كعضو مراقب ، سيكون واقعها في اليوم التالي مغاير لما قبل التصويت ــ أي أنه سيتم التعاطي مع الأراضي الفلسطينية بأنها أراضي محتلة من قبل إسرائيل وليست أراض متنازع عليها . إن هذه الدولة لن يتوقف دورها على دولة غير عضو في الأمم المتحدة وسيتعدى ذلك حتى تصبح دولة كامل العضوية في ظل هذا الزخم العالمي والدعم الدولي لفلسطين لقد كانت دول العالم وإسرائيل تتعامل مع فلسطين كأراضي متنازع علهيا ، أما الآن وبعد حصول فلسطين على دولة عضو مراقب فسيتم التعامل معها كدولة تحت الاحتلال بمعنى أن المركز القانوني سيتغير وهذا إول إنجازو ستصبح فلسطين دولة لها لحق بأن تكون طرف في المعاهدات الجماعية ، ومن حقها أن تكون عضو في ميثاق روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية ، وكذلك الحق في رفع دعاوي ضد دولة الاحتلال وجرائم الحرب التي ترتكبها.
القرن / ماذا عن الموقف الأمريكي وما تلوح به من تهديدات وعقوبات ؟
السفير /الموقف الأمريكي ليس له أي مبرر ولا مسوغ سياسي أو قانوني أو أخلاقي ولا يمكن فهمه إلا في سياق انحيازها الكامل لصالح اسرائيل ، وخاصة في عدوانها الأخير على غزة لا يمكن المراهنة علي أمريكا ولا تستبعد القيادة الفلسطينية أن تتصاعد وتيرة التهديد الأميركي إلي مستوى إقفال مكتب ممثليه منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية ، هذا فضلاً عن الضغوطات ووقف الدعم المالي ، والطلب من الدول التي تدور في فلكها من وقف مساعداتها للسلطة الوطنية الفلسطينية . لكن الإيمان بالله وبالشعب أقوى ، ولا يخشى إي إنسان من الذهاب لحماية حقوق شعبه .
القرن / بالتزامن مع القرار الفلسطيني بالتوجه إلي الامم المتحدة تطلق اسرائيل تهديداتها كيف يمكن التعامل مع هذا الوضع؟
السفير/الشعب الفلسطيني بمختلف فئاته يريد أن يتحرر من الاحتلال ، أما إسرائيل فإنها تهاجم من تقول أنه يطلق الصواريخ ، وتهاجم كذلك من يقول أنه ذاهب للأمم المتحدة ، فهي ترفض بسياستها عمليا حل الدولتين ، وهذا وضع يعني ديمومة الصراع وربما انتقاله إلى أبعاد اخطر ، وعليه فإن المطلوب ممن يريدون حقا الوصول إلى تهدنة شاملة ، ونهاية لهذا الصراع الدامي ، أن يفرضوا على إسرائيل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ، وأن قضيتنا الوطنية معروفة للجميع ومصداقية ما نطرحه محل احترام وتقدير وهي تنسجم وتتوافق مع الشرعية الدولية ، وقد أثبتنا في الماضي تمسكنا بهذه الثوابت وسنستمر على هذا النهج ولا تراجع عنه إن الحكومة الإسرائيلية تشن على الشعب الفلسطيني حربا بوسائل مختلفة ، وفي مواقع مختلفة ، فهناك الحصار والاستيطان وتهويد القدس ن والاعتقالات ، والسيطرة على الموارد الطبيعية ، واعتبار اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين دولة مراقبة غير عضو ، بأنه إرهاب دبلوماسي ضد إسرائيل ، وهي تعمل بكافة الوسائل على منعة ، وتهدد مسبقا بإجراءات عقابية ضد السلطة الوطنية وكل ذلك يشكل تحديا سافراً للشرعية الدولية ولمرجعيات علمية السلام واستباقا لما يجري في المفاوضات .
القرن/ كيف يمكن استثمار حصول فلسطين علي عضو مراقب في محاسبة إسرائيل علي جرائمها؟
السفير/ هذا الجانب في المسألة هو ما يخيف إسرائيل بالتحديد فإمكانية توجهنا إلى محكمة الجنايات الدولية في حال نجحنا في الدخول إلى الأمم المتحدة كدولة غير عضو أو كعضو مراقب أو بأي مسمى آخر، وهناك أسئلة كثيرة تطرح علينا من أطراف كثيرة والبعض يريد منا أن لا نلجأ إلى محكمة الجنايات الدولية إذا حصلنا على الاعتراف، لأن جرائم إسرائيل كثيرة وكبيرة فهناك ممارسات كثيرة قامت بها إسرائيل تعتبر في القوانين الدولية جرائم حرب. وإسرائيل منذ العام 48 ارتكبت جرائم كبيرة وهناك قرى فلسطينية كاملة دمرت وشعب هجر بأكمله وهناك قصف على المدنيين الفلسطينيين بأسلحة محظورة دولياً كالنابالم والقنابل العنقودية والفوسفور الأبيض وكل هذه جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في حق الفلسطينيين منذ أن احتلت أرضهم في العام 1948 وحتى الآن .
وإسرائيل تعرف وتدرك جيداً أنه وفي حال توجهنا نحن الفلسطينيون إلى المحكمة الدولية فإننا سنريح في أي قضية قد نرفعها ضدهم، كما أنه لا أحد من الشعب الفلسطيني يمكنه أن يمنع فلسطينياً واحداً قتل ابنه أو امرأة قتلت زوجها أو أي فلسطيني هدم منزله أو دمرت مزرعته من التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية ليرفع قضية على المحتل الذي ارتكب هذه الجرائم بحقه.
وبالفعل هناك امكانية حقيقة لرفع مثل هذه القضايا ضد دولة الاحتلال الصهيوني من قبل الأفراد وهناك تجارب مثل هذه في لبنان من قبل مواطنين لبنانيين تضرروا من الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.
القرن / بموازاة التوجه إلي الامم المتحدة ما هي الاولويات الوطنية الفلسطينية في هذه المرحلة؟
السفير / إن التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية ، وإنهاء الانقسام والوحدة الداخلية هي الأساس في التحرك الفلسطيني في هذه المرحلة الصعبة ، وهذا يدعم توجهنا إلى الأمم المتحدة للحصول على الاعتراف الدولي وفي هذا السياق لقد أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد/ خالد مشعل في اتصال له مع الأخ أبو مازن على تأييدهم للتوجه الذي ستقوم به السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، كما أكدت جميع الحركات والفصائل الفلسطينية على تأييدهم لهذه الخطوة المهمة انطلاقاً من المصلحة الوطنية وتأكيداً على الثوابت الوطنية الفلسطينية ولقد أوجد هذا التوافق والإجماع والتوحد أرضية ملائمة لانطلاق المصالحة الوطنية وانهاء الانقسام.
القرن / كيف تقيمون موقف جيبوتي وجهودها لدعم القرار الفلسطيني ؟
السفير / لابد من التأكيد على الموقف الثابت لجمهورية جيبوتي الشقيقة ، وفي هذا الصدد لابد من الإشارة إلى ما ورو في كلمة فخامة الرئيس اسماعيل عمر جيله ، في الدور التاسعة والثلاثين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاسلامي ، التي انعقدت في الفترة من 15 ـ17 نوفمبر 2012
النص :
إن القضية الفلسطينية العادلة ستبقى قضية كل مسلم أينما وجد في هذا العالم ، وفي هذا السياق فإن جمهورية جيبوتي كما كان موقفها دائماً ستظل إلى جانب الحق الفلسطيني وستصوت يوم 29 نوفمبر لصالح طلب فلسطين الشقيقة لتصبح دولة عضو في منظمة الأمم المتحدة وأنا واثق من أن الدول الحاضرة هنا ستحذو حذو جيبوتي " .
كذلك كان لإعلان جيبوتي في ختام اعمال المؤتمر ، موقفاً واضحاً حول القضية الفلسطينية .
" نجدد دعمنا الكامل لقضية فلسطين العادلة ولحقوق أبناء شعبنا الفلسطيني في حشد الدعم الدولي لحقوقهم المشروعة غير القابلة للتصرف بما فيها حق تقرير المصير والعودة ، ونؤكد دعمنا الكامل للتوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة للحصول على عضوية دولة فلسطين المراقبة ، و ندعو الدول الشقيقة والصديقة لمساندة هذا التوجه " فشكراً لجمهورية جيبوتي الشقيقة رئيساً وحكومة وشعباً على هذه المواقف الشجاعة.
شكراً لوسائل الإعلام الجيبوتية المسموعة والمرئية والمكتوبة.

أجري الحوار /
جمال أحمد ديني