على هامش الحفل المكرس لوضع الحجر الأساس لميناء تجورة الذي حضره إلى جانب رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيليه رئيس الوزراء الإثيوبي السيد/ هيلي مريام ديسالين والذي يمثل أحد دعائم تعزيز الشراكة الاقتصادية القائمة بين بلادنا وإثيوبيا وللوقوف على الآفاق المستقبلية لهذا المشروع وما تشهده علاقات البلدين من تطور مستمر ودور إثيوبيا في الصومال والسودان ومشروع النهضة وتداعياته وأخيراً الأزمة الإثيوبية الإرترية وسقنا كل هذه الأسئلة والتساؤلات إلى سفير الجمهورية الديمقراطية الفدرالية الإثيوبية السيد/ سليمان ديديفو وأجرينا مع سعادته هذا الحوار:-
القرن/ مالدور الذي يمكن أن يلعبه ميناء تجورة الذي تم وضع حجره الأساس مؤخراً في تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين؟
السفير/ إنشاء هذا الميناء يمثل تجسيداً لسياسة التكامل الاقتصادي التي تنتهجها القيادة في البلدين الجارين، كما يمثل استثماراً حقيقياً لمواردنا في النهوض بحياة شعوبنا والارتقاء بمستوى معيشتهم وتعميقاً لأواصر الأخوة المتميزة التي تربط بين بلدينا وشعبينا.
إن هذا المشروع وما يرتبط به من مشاريع تنموية أخرى تتمثل في كل من خط السكة الحديدية الذي يربط بين إقليم تاجورة في جيبوتي وإقليم تيجراي في إثيوبيا، إلى جانب طريق بري كل هذه المشاريع ومشاريع أخرى ستتلاحق بشكل متواصل تعد كلها استجابة لمتطلبات ترجمة الخطط التنموية والنهضوية المشتركة وأحب هنا أن أضيف بأن عجلة التنمية والنهوض التي تجري في البلدين وبوتيرة متسارعة ستحتاج إلى المزيد من المشاريع التنموية المشتركة بحجم هذا الميناء قادرة على استيعاب حركة النهوض وتوفير الخدمات الأفضل لهذه الشراكة الاقتصادية المؤمنة لتحقيق التنمية الاجتماعية التي تلامس تطلعات شعوبنا في النمو والرخاء والازدهار.
القرن/ ماهي أولويات سعادتكم بــ النهوض أكثر بعلاقات التعاون والتكامل القائمة بين البلدين؟
السفير/ أولاً إنني سعيد جاً بما تحقق من تطور وتقدم كبيرين في علاقات البلدين، ومن حسن الطالع أن يتزامن تنفيذ عدد من المشاريع التنموية المشتركة مع تعييني كسفير مفوض فوق العادة لبلادي لدى جمهورية جيبوتي الشقيقة، وإنني معني في المقام الأول بالنهوض أكثر بهذه العلاقات التاريخية المتميزة، بحيث تصبح مثالاً لعلاقات تعاون وتكامل بلا حدود بين بلدين يربط بينهما تاريخ مشترك ومصير واحد وشراكة استراتيجية وتصميم على النهوض والتقدم والارتقاء معاً.
ومن الأوليات التي أسعى بشكل عملي إلى تحقيقها هو تمكين الشعبين من تبادل المنافع والمصالح والاستفادة القصوى من حركة النمو التي يشهدها البلدين والشراكة القائمة بينهما بكل السبل وعلى كافة المستويات وفي مختلف المجالات.
وإن كنا قد حققنا معاً الكثير من المنجزات وبذلنا جهوداً كبيرة في تحقيق التعاون المتميز وبناء أرضية صلبة لشراكة حقيقية .. إلا أننا بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود لجعل هذه العلاقات القوية والمتينة فعلاً قادرة على ملامسة تطلعات شعبينا في التغلب على التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الانتصار في معركة التنمية ومكافحة الفقر واستشراف آفاق مستقبل يجب أن نعمل دون كلل أو ملل من أجل أن يكون مشرقاً.
وبتعبير آخر فإنه ينبغي أن نعمل بكل ما أوتينا من قوة من أجل رؤية الانعكاسات الإيجابية لهذه العلاقات المتينة بين البلدين وآثارها الواضحة على حياة مواطني البلدين. ونتطلع إلى رؤية الجيبوتيين وهم يستفيدون من كل الفرص المتاحة في إثيوبيا، ونفس الشيء بالنسبة للإثيوبيين في جيبوتي، أي الاستفادة من فرص التعليم والاستثمار والتجارة والعمل وغير ذلك من المجالات التي ينبغي أن نعمل على تحقيق شروطها وتوفير بيئة ملائمة لها والتحفيز عليها ودعمها وحمايتها.
ومن الأولويات التي ينبغي أن نركز عليها أنا وزميلي سفير جيبوتي في إثيوبيا بذل المزيد لترجمة العديد من الاتفاقيات الموقعة بين بلدينا عملياً على أرض الواقع.
القرن/ في نفس سياق المشاريع المشتركة سعادة السفير، شهد العام الماضي تدشيناً لمشروع الربط الكهربائي بين البلدين وهنالك المرحلة الثانية من المشروع إلى جانب تفاهمات لمد جيبوتي بالمياه العذبة من نهر شينيلي الإثيوبية فماذا بخصوص جديد هذه المشاريع وأخرى إن وجدت؟
السفير/ لدى إثيوبيا إمكانات طاقة كهربائية كبيرة وبموازاة هذه الطاقة يوجد لدى بلادي توجه سياسي لجعل المنطقة كلها تستفيد من هذه الطاقة وإن جيبوتي تحظى بأولوية الحصول على هذه الطاقة الكهربائية.
وفي هذا الإطار جاء مشروع الربط الكهربائي بين جيبوتي وإثيوبيا الذي دشنت مرحلته الأولى منذ عام واحد، وهنالك المرحلة الثانية أو الدفعة الثانية لهذا الربط الكهربائي الذي ينطلق من منطقة ديشي أوتو في إثيوبيا وقد أبرمت الاتفاقية بين البلدين بشأنه ومن المقرر أن يتم الشروع في إنجازه قريباً. ونتطلع من خلاله إلي تحرر إخواننا في جيبوتي من الاعتماد على الوقود في إنتاج الطاقة الكهربائية التي تثقل كاهلهم بأعبائها المادية والإسهام في توفير الطاقة الكافية بأسعار منخفضة تتلائم مع قدرات محدوي الدخل. وسيسهم إنجاز مشروع سد النهضة الإستراتيجي بشكل فاعل في تحقيق هذه الغاية. ويمكننا أن نتخيل مستقبلاً نقل هذه المولدات الكهربائية التي تضج بها جيبوتي إلى متحف قومي بعد الاستعاضة عنها بطاقة نظيفة صديقة للبيئة وأقل تكلفة مادياً وبموازاة هذا الجهد في مجال الطاقة الكهربائية .. فهناك عمل وجهود تجري على قدم وساق من أجل مد جيبوتي بمياه عذبة من شينيلي الإثيوبية وقد تم مؤخراً إبرام اتفاقية بهذا الخصوص وسيتم الشروع قريباً في تنفيذ هذا الاتفاق ونتوقع أن تكون هذه المياه في متناول يد الإخوة الجيبوتيين بعد أربع أو خمس سنوات من الآن.
ولتعزيز التواصل والترابط بين البلدين والشعبين هناك عمل لسفلتة الطريق البري الرابط بين جيبوتي وديردوا من الجانب الإثيوبي ليضاف إلى إنجازات ومشاريع أخرى في ذات الاتجاه كخط السكة الحديدية الرابط بين جيبوتي ومدينة دريدوا، وطريق جالافي البري وطريق تاجورة بلحو قيد التنفيذ، فضلاً عن سكة الحديد التي ستربط بين تاجورة ومدينة مقلي الإثيوبية.
القرن/ وماذا عن سد النهضة والمراحل التي يمر بها وما يتردد حول انعكاساته السلبية علي كل من السودان ومصر وعلاقة المشروع بإسرائيل ؟
السفير / إن مشروع سد النهضة الذي نؤمن بالدور المحوري الذي يلعبه في تنفيذ وإنجاز وإنجاح الخطة الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنوات الخمس القادمة قد انطلق بالفعل دون الحاجة إلى أي دعم أو قرض من الخارج ليمثل شاهداُ حيا على قدرتنا في المنطقة على صنع المستحيل لو توفرت لدينا قيادة لديها العزم وتحمل مشروعا وتمتلك رؤية تنموية، فعلى الرغم من ضخامة كلفة هذا المشروع والذي يفوق إمكانات وقدرات بلد فقير كإثيوبيا فإننا ماضون في تنفيذه وواثقون من قدرتنا على إنجازه حيث تبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع خمسة مليار دولار والعمل فيه يجري على قدم وساق.
ومن المقرر أن يتم تدشينه ويكون جاهزاً لتقديم خدماته بعد ثلاثة أعوام من الآن، مشروع سد النهضة يتم العمل على إنجازه من دون أي مساعدات أو قروض خارجية وبالاعتماد بشكل كلي على إمكانيات إثيوبية وبعض المساهمات من عدد من دول الجوار على المستوى الحكومي والمستوى الشعبي من شخصيات ومؤسسات ، فهناك مساهمة جيبوتية حكومية في هذا المشروع بمليون دولار وهناك مساهمات أخرى من جيبوتي على مستوى شركات وشخصيات وانتهز هذه السانحة لأدعو الاخوة الجيبوتيين إلى مزيد من المساهمات في إنجاز هذا المشروع، وفيما يتعلق بالانعكاسات السلبية للمشروع على كل من السودان ومصر كل ما يثار بشأنها غير صحيح فلا وجود لأي أضرار مترتبة على المشروع تلحق أذى بالسودان أو مصر، لأن مياه النهر التي تصب في هذا السد بعد خلقها للطاقة فإنها تعود إلى مسارها الطبيعي دون أن ينقص منها لتر واحد فإنتاج الطاقة الكهربائية هنا لا يستهلك المياه، كما هو حال الطاقة مع الوقود (الديزل)
ثانيا : نحن لا نستطيع أن نوقف المياه عن مصر والسودان إيقاف النهر عملياً مستحيل وحتى لو كان ممكناً فعل ذلك فنحن لا يمكن أن نفعل لأنه علينا واجباً ومسئولية أخلاقية تجاه الشعب السوداني والشعب المصري.
فنحن شعوب وجدت علي هذه الأرض لتعيش مع بعضها ويتحمل بعضها مسئولية أخلاقية تجاه بعضها وأما بخصوص إسرائيل فإنني أنفي نفياً قاطعاً بأن يكون لإسرائيل أي علاقة تذكر بمشروع (سد النهضة) لإسرائيل دولتها وسياستها وأجندتها وليس لها دخل ببلادنا ولا سياستنا ولا مشاريعنا هي لا يحق لها ونحن لا نقبل ولا يربطنا بإسرائيل غير علاقات دبلوماسية طبيعية، ولم تقدم لهذا المشروع لا دعماً مادياً ولا تكنولوجيا ولا موارد بشرية ونحن لا نحتاج وقد أصبح هذا الأمر واضحاً بالنسبة للإخوة في السودان ومصر وقد تأكدوا بما لا يدع مجالاً للشك بأن لا ضرر يلحقهم جراء هذا المشروع.
ولم نعد نسمع أو نجد منهم اعتراضا أو احتجاجاً بل على العكس من ذلك فإننا بدأنا نعمل معاً
القرن / كيف تقيمون الدور الذي تلعبه إثيوبيا إقليميا من أجل إحلال السلام والاستقرار في المنطقة ؟
السفير / إن الموجه الرئيسي للسياسية الإثيوبية في هذا الإقليم يمكن تلخيصه أو اختزاله في عبارة كان يرددها قائد إثيوبيا التاريخي رئيس الوزراء الراحل السيد / ملس زيناوي : إن شعوب المنطقة على مركب واحد فإما أن نعبر سويا أو نغرق معا، فقدرنا في المنطقة هو أن نتعاون ونتكامل فمصيرنا واحد ولذلك لم يكن من المقبول أن نترك إخواننا في الصومال الذين اكتوو بنار الحروب الأهلية والصراعات والدمار الهائل لعقدين من الزمان لمصيرهم المأساوى يتعرضون لمزيد من الدمار والضياع والانهيار والذي انعكست آثاره على كل بلدان الإقليم وإن كانت بنسبة أقل فلم نقبل نحن في إثيوبيا ولا الإخوة في جيبوتي الذين بادروا منذ وقت مبكر لمساعدة الصوماليين وواصلوا الجهد من أجل حل القضية الصومالية، نعم لم نقبل أن نبقى متفرجين وقد تحملت إثيوبيا مسؤوليتها الأخلاقية تجاه المساهمة في جهود إحلال السلام والاستقرار في المنطقة فقد دفعت أرواح أبنائها ثمناً لتحرير الصومال من العناصر الإرهابية المتطرفة التي تتخذ العنف والقتل هدفا مقدسا وستواصل القيام بدورها إلى جانب الصوماليين وقوات البلدان الإفريقية الأخرى حتى يكتمل السلام والاستقرار الذي يشهده الصومال لأول مرة منذ عشرين عام ولن ندخر جهداُ في دعم الدولة الصومالية والوقوف بجانبها بكل ما نملك ونستطيع. وفي ذات السباق تتابع بلادي جهودها للإسهام في حلحلة الخلافات الحاصلة بين السودان وجنوب السودان والمرتبطة بالقضايا العالقة حتى إرسال قواتها لتفصل بين الجانبين وتحافظ على السلام فموضوع السلام والاستقرار في المنطقة يعد أمرا محوريا يحتل رأس قائمة أولوياتنا الذي لا يمكن أن نتطلع لأي نهوض أو تقدم بدونه .
القرن / ما مدى صحة ما تتناوله بعض المواقع الصحفية حول مبادرات ووساطات لحل الأزمة الإثيوبية الإرترية ؟
السفير / ليس لدى أي شيء رسمي بهذا الخصوص ولكنه ربما يكون هناك شيء من هذا القبيل حسب تقديرى فالإعلام في مثل هذه الحالات ربما يضخم ولكن لا أعتقد أنه يتكلم من فراغ، لكن الشيء الذي أنا متأكد منه أن النظام القائم في ارتريا لا يشجع أي وسيط على المضى قدماً في مبادرته بسبب تعنته وسلبيته في التعاطي مع الوساطات والمبادرات لحل الأزمة سلميا بين البلدين والتي كانت سببا في فشل مساعى الحل أكثر من مرة والأمر المؤكد عندي أيضا هو ما لدى بلادي من استعداد تام لحل المشكلة مع ارتريا بشكل سلمى وعبر المفاوضات في أي مكان وعلى أي مستوى وعبر أي وسيط وحتى من غير وسيط .
أعود وأؤكد من جديد أنه ليست لدي أية معطيات بهذا الخصوص
أجري الحوار /
جمال أحمد ديني