القرن/ ما لذي يمثله إحياء ذكري النكبة ورسالة الشعب الفلسطيني للعالم بعد مرور 65 عاما علي هذه الجريمة التاريخية ؟

السفير / إن إحياء ذكري النكبة في المقام الأول هو أعادة وتجديد التأكيد علي تصميم الشعب الفلسطيني على «مواصلة نضاله من أجل الاستقلال والعودة رغم التضحيات البطولية الطويلة التي قدمها على مدار 65 عاما مضت وإن إحياء الذكري الخامسة والستين للنكبة المستمرة 65 عاما تذكرنا بالكثير من المآسي التي تعرض لها شعبنا من مجزرة قرية «دير ياسين» على أيدي الاحتلال في 9/4/1948 و بأكثر من 34 مجزرة موثقة ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق الفلسطينيين ، كما تدفعنا لتجديد المطالبة بمعاقبة كل من شارك في هذه الجريمة بحق أبناء شعبنا، وتذكرنا كذلك بقضية سبعة ملايين لاجئ فلسطيني لهم حق العودة إلى بيوتهم التي طردوا منها عام 1948 عام النكبة. ونستذكر ما جرى في أعقاب النكبة عام 1948، فقد خُيل لقادة إسرائيل أنهم حققوا مقولتهم ‹شعب بلا أرض لأرض بلا شعب›، وغدا الفلسطينيون في نظر العالم مجرد لاجئين بحاجة إلى المساعدة والإحسان.

في تلك السنوات الصعبة التي أعقبت النكبة تعرض شعبنا إلى كل أشكال المعاناة، سواء من بقي في وطنه أم من اضطر إلى اللجوء، فلا قيادة ولا مرجعية، وتذكرنا بشعب مصر على الحفاظ على كرامته وجيلاً ينتفض من تحت ركام النكبة والهزيمة ويحمل السلاح، معلناً البداية لمرحلة جديدة في تاريخ الشعب الفلسطيني.

فتحت راية منظمة التحرير الفلسطينية توحد شعبنا في أماكن تواجده كافة، وحظيت قضية فلسطين بالاعتراف تلو الاعتراف كقضيةِ تحرر وطني لشعب له الحق في تقرير مصيره، فاحتلت فلسطين مقعدها في جامعة الدول العربية، ونالت العضوية في منظمة التعاون الإسلامي، والعضوية في حركة عدم الانحياز، وأصبحت منظمة التحرير عضواً مراقباً دائماً في الأمم المتحدة، وصولاً إلى اعتراف الأغلبية الساحقة من دول العالم بفلسطين كدولة عضو مراقب في المنظمة الدولية، وعضواً كامل العضوية في منظمة اليونسكو.لقد انتصرنا على من أرادوا طمس هويتنا وأنكروا حقوقنا وحاولوا نزع الشرعية عنا، قدمنا عبر مسيرتنا النضالية، وقدمت أمتنا العربية أيضاً، تضحيات غالية، فآلاف الشهداء البررة سقطوا، وعشرات آلاف الجرحى، ومثلهم من قضوا زهرة شبابهم في سجون الاحتلال، إنهم جميعاً أصحاب الفضل فيما وصلنا إليه من دعم دولي لحقوقنا، ومن تفهم لمواقفنا، إذ لا توجد اليوم دولة في هذا العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية تنكر حقنا المشروع في إقامة دولتنا المستقلة على أراضينا التي احتلت عام 1967.

في ذكرى النكبة نستحضر مرارة الماضي ومعاناته، لنستفيد من التجربة، فلا نسمح بتكرارها أبداً .. أبداً، ولن نراوح ما بين اليأس والأمل، فاليأس ذاهب إلى غير رجعة، والأمل كبير بهذا الشعب الذي أثبت تمسكه بوطنه، فلا فلسطين إلا فلسطين .

القرن / ما هي الأولويات الفلسطينية علي طريق تحقيق هذا الحلم الذي بذلت في سبيله هذه التضحيات الجسام؟

السفير / إن أولوياتنا على المستوى الفلسطيني تتلخص في إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة بين شطري الوطن، عبر التنفيذ الأمين لما اتفق عليه في الدوحة والقاهرة، أي تشكيل حكومة انتقالية من شخصيات مستقلة لمدة أقصاها ثلاثة أشهر تجري خلالها الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، حتى يختار الشعب الفلسطيني من يقوده للمرحلة القادمة.

والأولوية الثانية، هي توفير متطلبات الصمود والبقاء على الأرض بإنهاء الحصار الظالم لقطاع غزة، وبالحفاظ على أمن المواطن ودعم وتشجيع الاستثمار وحركة البناء والعمران لكي نفشل مخططات التهجير، ونحن على أرضنا باقون.

أما الأولوية الثالثة، فهي رعاية ومساعدة أبناء شعبنا في دول اللجوء والشتات، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، فوجودنا في هذه الدول التي استضافتنا مشكورة وجود مؤقت لحين العودة، ولن نسمح بزج أبناء شعبنا في أية صراعات داخلية، فهذه سياستنا تجاه الوضع في سوريا اليوم، وهي كذلك في بقية الدول، عربية كانت أم غير عربية.

القرن / وماذا عن الموقف العربي واستحقاقات القضية الفلسطينية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها ؟

السفير / نحن جزء من أمتنا العربية العظيمة، نقدر التزامها وتضحيات أبنائها من أجل قضيتنا، ونحرص على تنسيق مواقفنا مع الدول الشقيقة دون استثناء، العربية والإسلامية، ملتزمين بعدم التدخل في شؤونها الداخلية، آملين عدم تدخلها في شؤوننا الداخلية إلا بما يخدم تحقيق وحدتنا على أساس القرارات والالتزامات الفلسطينية والعربية.

إن ثقتنا كبيرة بأشقائنا، فهم لن يقدموا على ما يضعف وحدانية التمثيل الفلسطيني، وكذلك فإننا نتطلع إلى وفاء أشقائنا بالتزاماتهم المالية في دعم صمود شعبنا، وبخاصة دعم صمود أبناء القدس التي تتعرض لأعنى عملية استيطان لتغيير معالمها، والاعتداء على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، فالمسجد الأقصى المبارك في خطر، والصمود البطولي لأهل القدس ينتظر تنفيذ ما أقرته القمم العربية من دعم يشمل القرار الخاص بشأن شبكة الأمان المالي.

القرن / ماذا عن عملية السلام والموقف الفلسطيني الراهن عن المفاوضات مع إسرائيل ؟

السفير / لقد أعلنا موقفنا بكل وضوح بأن الاستيطان نقيض للسلام، وبأن المفاوضات يجب أن تستند على حدود عام 1967، وأكدنا على أن صدق نوايا الحكومة الإسرائيلية، يتطلب إطلاق سراح أسرانا، وخاصة من اعتقل منهم قبل عام 1993، وكذلك المرضى والنساء والأطفال، والأخوة القادة وأعضاء المجلس التشريعي. فالمفاوضات يجب أن تستند إلى المرجعيات والقرارات الدولية والاتفاقيات الموقعة والتفاهمات السابقة مع الحكومات الإسرائيلية، وتجميد الاستيطان هو التزام وليس شرطاً مسبقاً، فالاستيطان غير شرعي وغير قانوني. إننا نريد سلاماً عادلاً يضمن الأمن للجميع.



أجري الحوار /

جمال أحمد ديني