على هامش الحفل المكرس لإحياء الذكري الثانية والعشرين لانتصار الجبهة الثورية الديمقراطية لشعوب الإثيوبية علي نظام الدرق البائد في الثامن والعشرين من شهر مايو عام 1991والذي أحيته السفارة الإثيوبية يم أمس الأول الثلاثاء في فتدق كمبسكي وللوقوف على ما تمثله هذه المناسبة للشعب الإثيوبي والتحولات حققتها الثورة الإثيوبية وأولوياتها وما تشهده علاقات البلدين من تطور مستمر ودور إثيوبيا الإقليمي ومشروع سد النهضة وتطوراته وسقنا هذه الأسئلة والتساؤلات إلى سفير الجمهورية الديمقراطية الفدرالية الإثيوبية السيد/ سليمان ديديفو وأجرينا مع سعادته هذا الحوار:-

القرن /ما الذي يمثله ال28 من شهر مايو للشعب الإثيوبي ؟

السفير / يمثل الــ (20 من شهر جيمبوت بالتاريخ الإثيوبي) الموافق الــ 28 من شهر مايو يوم النصر الكبير بالنسبة للشعوب الإثيوبية التي دفعت أثماناً باهظة من أجل تحقيقه وقد قدمت التضحيات الجسام وآلاف الشهداء من أجل التخلص من نظام الدرق الديكتاتوري المستبد وخاض نضالاً قاسياً ومريراً فقد فيه الشعب الإثيوبي جيلاً كاملاً بسبب الحرب الجنوبية التي كان يخوضها ذلك النظام المستبد الظالم ضد أبناء الشعب من أجل البقاء والاستمرار على السلطة ذلك النظام الذي وصلت بشاعته إلى درجة غير مسبوقة في التاريخ، حيث وصل به الطغيان إلى درجة مطالبة الأسر التي يقتل أبناؤها ظلماً وعدواناً على يد النظام الظالم لكي يتمكنوا من دفن أبنائهم.
نعم إن المناسبة التي نحتفل اليوم بذكراها الثانية والعشرين كانت ثمرة نضالات كافة أبناء الشعب الإثيوبي من أجل نيل الحقوق والعدالة والمساواة والحرية والديمقراطية وصيانة الوحدة الوطنية والعيش بسلام مع الجيران وشكل من أجلها 17 جبهة وتنظيماً يمثل كافة أطياف مكونات الشعب الإثيوبي لإحداث هذا التغيير المنشود وتحرير الشعب الإثيوبي، ولقد كان للجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية (الفضل الكبير والدور المحوري في تجميع وتوحيد نضال الشعب الإثيوبي على طريق تحقيق هذا الانتصار وبناء إثيوبيا الديمقراطية الناهضة والآن وبعد 22 عاماً على هذا التاريخ فها هي إثيوبيا وقد نجحت في صنع تحولات كبيرة في مختلف المناحي السياسية كبلد ديمقراطي يقوم على الحرية والعدالة والمساواة وتأمينه حقوق القوميات والاقتصادية التي حققت فيه أرقاماً قياسية في النمو ترجمته بانجاز العديد من المشاريع التنموية الإستراتيجية ولا زالت تتابع بلادي جهودها الحثيثة وإنجازاتها من أجل تحقيق المزيد من التقدم والازدهار وصناعة إثيوبيا التي يحلم بها كل إثيوبي ولم تنحصر جهود بلادي خلال هذه السنوات في تحقيق نهضتها فحسب وإنما كان لها الدور البارز في استقرار هذا الإقليم وبناء الشراكة والتكامل الإقليمي في منطقة القرن الإفريقي.

القرن / والآن وبعد مرور عقدين ما هي أهم الأوليات وأبرز التحديات بالنسبة لإثيوبيا ؟

السفير /على رأس الأولويات التي وضعناها من أجل النهوض بهذا البلد خلال العقدين الماضيين مكافحة الفقر الذي يعتبر التغلب عليه من أهم التحديات التي تواجهها إثيوبيا ولقد بذلت جهود جبارة وتحققت الكثير من الإنجازات في هذا الاتجاه ومع ذلك يبقى من أهم الأولويات وأوجب الواجبات علينا تحرير شعبنا من ريق الفقر.
وهذه المناسبة تذكرنا ما كانت عليه بلادنا من رخاء واستقرار وازدهار قبل وصول نظام الدرق للسلطة والذي حولها إلى بلد يتعرض شعبها للمجاعات ويثقل الفقر كاهله ولكننا بإيماننا بأن الفقر ليس قدرا ناضلنا بكل ما أوتينا من قوة أجل انتشال أبناء شعبنا من ذلك الواقع المزري الذي صنعه النظام البائد وأحدث ذلك النضال تغييراً كبيراً ولازلنا تواصل النضال بل ونبني أسساً للتكامل الإقليمي والشراكة الفعلية وهيئنا الظروف المواتية من أجل تضافر جهود إقليمية للنهوض معاً نحن وشركائنا الإقليميين وينعم هذا الإقليم بالأمن والاستقرار والرخاء ومن حقه أن يحصل على ذلك ومن واجبنا العمل لذلك، وكان من ثمار كل الجهود التي بذلناها في العشر سنوات الأخيرة حققت بلادي نسبة نمو اقتصادي بلغ 2%، وبنفس الحماس والإرادة والجهود نواصل المسيرة من أجل تحقيق نمو سريع ومتواصل ومراكمة النجاحات التي حققناها والتي تأكد بتضمن قائمة العشر بلدان الأسرع نمواً في العالم اسم إثيوبيا والتي ترجمت عمليا في جميع ميادين التنمية ممثلة بآلاف الكيلو مترات من الطرق المعبدة التي تربط جميع ربوع بلادنا ببعضها وتربطها بجميع دول الإقليم.
وعشرات المصانع الحديثة للسكر والجلود والشوالات والذي سيسمح لإثيوبيا أن تصبح البلد الثاني المنتج للسكر بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال خمس سنوات القادمة ونسعى بشكل حثيث إلى أن تكون بلادنا في قائمة البلدان المنتجة والمصدرة والمنافسة في الأسواق العالمية ولقد كان إيماننا وإدراكنا بأنه لا يمكن التطلع لتحقيق النهضة التي نصبو إليها دون توفر الطاقة الكافية وغير المكلفة هو الدافع والمحفظ على عدد من مشاريع الطاقة التي أنجزناها مستفيدن من مواردنا الطبيعية الغنية في إثيوبيا التي تزخر بإمكانات هائلة لتوليد الطاقة من المياه والرياح والشمس والذي يمكنها من إنتاج مليون ميجاوات من الطاقة الكهربائية وهذا ولقد عملنا ولازلنا نعمل على تحويل هذه الإمكانات إلى طاقة فعلية إذ أنجزت عدد من السدود والبعض قيد التنفيد وعلى رأسها مشروع سد النهضة العملاق والذي سينتج 6000 ميجاوات.

القرن/ وماذا عن سد النهضة والتطور الذي يشهده ؟

السفير / إن مشروع سد النهضة الذي نؤمن بالدور المحوري الذي يلعبه في تنفيذ وإنجاز وإنجاح الخطة الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنوات الخمس القادمة قد انطلق بالفعل دون الحاجة إلى أي دعم أو قرض من الخارج ليمثل شاهداُ حيا على قدرتنا في المنطقة على صنع المستحيل لو توفرت لدينا قيادة لديها العزم وتحمل مشروعا وتمتلك رؤية تنموية، فعلى الرغم من ضخامة كلفة هذا المشروع والذي يفوق إمكانات وقدرات بلد فقير كإثيوبيا فإننا ماضون في تنفيذه وواثقون من قدرتنا على إنجازه حيث تبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع خمسة مليار دولار والعمل فيه يجري على قدم وساق.
ومن المقرر أن يتم تدشينه ويكون جاهزاً لتقديم خدماته بعد ثلاثة أعوام من الآن، مشروع سد النهضة يتم العمل على إنجازه من دون أي مساعدات أو قروض خارجية وبالاعتماد بشكل كلي على إمكانيات إثيوبية وبعض المساهمات من عدد من دول الجوار على المستوى الحكومي والمستوى الشعبي من شخصيات ومؤسسات ، فهناك مساهمة جيبوتية حكومية في هذا المشروع بمليون دولار وهناك مساهمات أخرى من جيبوتي على مستوى شركات وشخصيات وانتهز هذه السانحة لأدعو الإخوة الجيبوتيين إلى مزيد من المساهمات في إنجاز هذا المشروع،

القرن/ كيف تقيمون علاقات التعاون والشراكة القائمة بين البلدين؟
السفير/ أولاً إنني سعيد جدا بما تحقق من تطور وتقدم كبيرين في علاقات البلدين، وإنني معني في المقام الأول بالنهوض أكثر بهذه العلاقات التاريخية المتميزة، التي تعد مثالاً لعلاقات تعاون وتكامل بلا حدود بين بلدين يربط بينهما تاريخ مشترك ومصير واحد وشراكة إستراتيجية وتصميم على النهوض والتقدم والارتقاء معاً.
ومن الأوليات التي أسعى بشكل عملي إلى تحقيقها هو تمكين الشعبين من تبادل المنافع والمصالح والاستفادة القصوى من حركة النمو التي يشهدها البلدين والشراكة القائمة بينهما بكل السبل وعلى كافة المستويات وفي مختلف المجالات.وإن كنا قد حققنا معاً الكثير من المنجزات وبذلنا جهوداً كبيرة في تحقيق التعاون المتميز وبناء أرضية صلبة لشراكة حقيقية .. إلا أننا بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود لجعل هذه العلاقات القوية والمتينة فعلاً قادرة على ملامسة تطلعات شعبينا في التغلب على التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الانتصار في معركة التنمية ومكافحة الفقر واستشراف آفاق مستقبل يجب أن نعمل دون كلل أو ملل من أجل أن يكون مشرقاً.

أجري الحوار /
جمال أحمد ديني.