في ظل ما تشهده الساحة المصرية من أحداث وتطورات وما تواجهه مصر من تحديات وفي سياق التفاعل مع أحداث هذا البلد العربي الكبير ومتابعة الأوضاع التي يمر بها ولفهم حقيقة وطبيعة وأبعاد ما يجري وأسبابه ومسبباته وتداعياته والمواقف المتباينة حوله علي الصعيد الاقليمي والدولي وأفاق الحل لهذه الأوضاع التقينا سعادة القائم بأعمال السفارة المصرية السيد/ محمد الغزاوي وأجرينا معه هذا الحوار:ـ
القرن/ ما الذي يحدث في مصر الآن وما أسبابه وتداعياته وانعكاساته ؟
القائم بالأعمال / في البداية وقبل الإجابة على سؤالك أحب أن أشير إلى أنني قمت اليوم بتسليم رسالة من السيد / نبيل فهمي وزير الخارجية المصري إلى نظيره الجيبوتي السيد / محمود علي يوسف مضمونها الإعراب عن الشكر والامتنان لدعم ومساندة جيبوتي في ظل هذه التحديات التي تواجهها جمهورية مصر العربية كما تضمنت الرسالة استعراض الأحداث المؤسفة التي تتعرض لها البلاد منذ ليلة الجمعة الماضية وما عكسته من نوايا الجماعات الإرهابية وإصرارها على اختطاف مصر وترويع مواطنيها الأمر الذي لا يتفق مع أية معايير أخلاقية أو سياسية وهو ما سوف تتصدى له الحكومة المصرية بكل قوة وحزم في إطار احترام القانون وحقوق الإنسان أما فيما يتعلق بسؤالك عما يحدث في مصر الآن فإنه معروف لدى الجميع في الداخل والخارج أن أسباب ما يحدث الآن في مصر والمتسبب فيه هو سوء إدارة النظام السابق والرئيس السابق د/ محمد مرسي وفشله في إدارة البلاد بشكل يرضي جميع المصريين بكافة طوائفهم وقواهم السياسية من أحزاب وتيارات مختلفة بل وقيامه بالاستئثار بالسلطة وتطويعها لخدمة جماعته التنظيم الإخواني في الداخل والخارج وبالرغم من التنبيهات والتحذيرات التي وجهت له من الداخل والأشقاء في الخارج على خطورة ما يتبعه وينتهجه من سياسات على الأمن القومي لمصر بل والأمن القومي لدول المنطقة ولكنه ضرب عرض الحائط بكل هذه النصائح والتحذيرات ورفضه لكل الفرص والأيدي الممتدة له لكي يخرج سالما آمنا من هذه الأزمة . وبسبب تعنته ورفضه لكل الحلول التي قدمت إليه للخروج من هذه الأزمة ومن بينها الدعوة لانتخابات مبكرة أو الاستفتاء على إمكانية بقائه في السلطة من عدمه ورفضه لكل هذه الحلول الهادفة لإخراج البلاد من فتيل الأزمة قاد البلاد إلى هذه النتيجة وخروج ملايين المصريين حيث خرج ما يزيد على 22 مليون مواطن مصري للتعبير عن غضبهم على حكم الرئيس السابق محمد مرسي ونظامه وتقديمهم الدعوات والمطالبات للقوات المسلحة المصرية لإنقاذ البلاد مما هي ذاهبة إليه من مخاطر جسام على الأمن القومي المصري وكنا سندخل في نفق مظلم لولا تدخل القوات المسلحة في الوقت المناسب وبناء على رغبة وإرادة الشعب المصري وليس بمبادرة منها ولتجنب وصف ما تم بأنه انقلاب عسكري تم تقديم أكثر من تحذير للدكتور / مرسي ولا يوجد انقلاب في العالم يتم الإعلان عنه مسبقا فالعالم شهد أن هناك فترة مهلة ومحاولة ثم أخرى للرئيس السابق محمد مرسي لتجنب تدخل القوات المسلحة في العملية السياسية في البلاد ولكن لم كن لدينا سوى خيار واحد هو حتمية تدخل الجيش لإنقاذ البلد والمواطنين وهو ما يتم بالفعل ، ورداً على ما يقال من جانب بعض الدول الغربية على أن ما تم هو الانقلاب العسكري فنقول أنه لا يوجد إنقلاب يقوم به قائد عسكري تم يسلم السلطة لحاكم مدني ولو بشكل مؤقت وهو الرئيس المدني المؤقت رئيس المحكمة الدستورية العليا الرئيس عدلي منصور ، أتسال إذا كان هذا الانقلاب فلماذا تم تسلم السلطة لحاكم مدني ؟ هذا واحد ، ثم تم الإعلان عن خارطة الطريق ذات ملامح واضحة لجدول زمني محدد لإتمام عملية التحول الديمقراطي في مصر وإرساء نظام ديمقراطي حقيقي ثابت وواضح للجميع ، هذا هو الهدف الذي يسعى إليه جميع المصريين بكافة تياراتهم وأحزابهم السياسية لمساعدة القوات المسلحة وعناصر الشرطة وجميع مؤسسات الدولة المصرية .
القرن/ هذه كانت البداية فماذا عن أحداث وتفاعلات هذه البداية وما تعيشه مصر في اللحظة الراهنة؟
القائم بالأعمال /هكذا بدأ الأمر أما الذي يحدث الآن في مصر ليس خلافا سياسيا في بداية الأمر بدأ خلافا سياسيا ولكن بعد ما شهدناه من أعمال العنف واستخدام الأسلحة النارية تحول الأمر من مجرد خلاف سياسي تيار وآخر أو حزب وآخر وما إلى ذلك نحن الآن في مصر نشهد مواجهة ضد الإرهاب هناك جماعات إرهابية يتم التصدي لها بكل قوة في جميع أنحاء البلاد على مستوى المحافظات المصرية أو في ميادين القاهرة والجيزة ، في البداية قمنا بدعوة جميع التيارات والأحزاب السياسية لإجراء حوار ومصالحة وطنية وهذا هو ما تضمنته خريطة الطريق التي تم الإعلان عنها ولكن رفضت التيارات الإسلامية الاستجابة لهذه الدعوة واستمروا في إعتصاماتهم التي تبدو ظاهريا سلمية ولكنها تضج بالأسلحة والمفرقعات والمتفجرات وزجاجات الملوتوف وما شابه ذلك كما رأينا على شاشات التلفزيون خلال الأيام القليلة الماضية ,ونحن عانينا كثيرا من الأزمات الاقتصادية وأزمة سولار وبنزين وكهرباء وما شابه ذلك وبالتالي نحتاج الآن المضي قدما نحو تحقيق تنمية اقتصادية وبالتالي كان لابد من فض الاعتصامات التي تشل حركة البلاد وتعوق المواطنين من عملهم وتم إطلاق أكثر من تحذير لذا كان هناك توقعات لفض الاعتصام قبل وبعد العيد وتم إعطائهم مهلة بل وتم إعطاء فرصة لبعض الوفود للتدخل رغم أن هذا شأن مصري ولكن من باب سد الأبواب الأخرى التي قد تستغل لتصف ما يحدث بأنه انقلاب عسكري فتم منح كل الفرص رغم الانتقادات التي وجهت للحكومة المصرية في هذا الشأن لاستقبالها الوفود وإتاحتها فرصة لمقابلة أعضاء قيادة الإخوان المسلمين حتى بما في ذلك في المعتقلات السياسية ولكن كل الحلول السياسية تم رفضها من جانب الإخوان وصمموا على ذلك الاعتصام في ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة والنتيجة تم إصدار قرار من النيابة قامت بتنفيذ القرار قوات الأمن والجيش بفض هذا الاعتصام فضا سلميا وتم التصدي بالعنف لمحاولات فض الاعتصام السلمي لماذا تم التصدي بالعنف لمحاولات فض الاعتصام السلمي ؟ ومن ثم تم فض الاعتصام بأقل خسائر ممكنة وبحرفية ومهنية عالية من قبل قوات الشرطة وبعض القوات المحدودة من الجيش فقط لتأمين المعتصمين السلميين المغلوبين على أمرهم والمفروض عليهم البقاء في الاعتصام رغما عن إرادتهم .ثم تطور الأمر نتيجة الاعتراض على فض هذا الاعتصام لإشعال حرائق في إنحاء البلاد من مستشفيات وكنائس ومساجد ومباني حكومية كنوع من الرغبة في الانتقام نتيجة عدم تمكنهم من الحكم وتطويعه لخدمة أهدافهم .
القرن / هناك استمرار للمظاهرات وما يعقبها من مواجهات تخلف ضحايا فما الحل ؟
ليس لدى الحكومة المصرية ما يمنع من التظاهر السلمي فهو حق مشروع لكل مواطن ولا يمكن لأحد ولا يحق لأحد أن يمنع التظاهر السلمي ، وشهدنا كما حدث في خروج المصريين لتأييد الحكومة الحالية لوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي بتصديه للإرهاب ، لهم ما شاءوا أن يخرجوا طالما أنها مظاهرات سلمية . لكن من يستخدم السلاح ويدعي أنه سلمي هذا ما نرفضه وسنتعامل معه بكل قوة وحسم .
القرن / كنا نتحدث عن الشق الأمني وماذا عن الشق السياسي ؟
القائم / نحن حريصون على المضي قدما فيما يتعلق بتنفيذ خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها، ولكن مما لا شك فيه أن هذا الأمر إذا استمر سيعمل على تأخير وتعطيل وعرقلة جهود الحكومة في تنفيذ ما تضمنته خارطة الطريق في الجدول الزمني المحدد وهذا ما نسعى إلى تجنبه جميعا .
القرن/ كيف تابعتم المواقف الاقليمية والدولية عما يحدث في مصر ؟
القائم / فيما يتعلق بالمواقف الدولية تجاه الأحداث في مصر هناك تفهم لمتابعة المجتمع الدولي لما يحدث في الساحة المصرية نظرا لما تحتله مصر من مكانة اقليمية ودولية ومن ثم شيء طبيعي أن يهتم العالم بما يحدث في مصر وهو ما رضينا به واستقبلنا وفود دولية كثيرة وقمنا بعرض حقائق ما يحدث وخلفيات حقائق الأمور بما في ذلك وفد الاتحاد الافريقي رغم ما قام به من تسرع في تعليق عضوية مصر بضغط من دول غربية وافريقية والتسرع في اتخاذه قرار التعليق كان اكبر دليل على عدم صوابية هذا القرار .إلا هناك نتائج إيجابية يجري عرضها على مفوضية الاتحاد الإفريقي تمهيدا لعرض الأمر على مجلس السلم الإفريقي لاتخاذ قرار بشأنه وهو ما نأمل أن تساعدنا فيه الدول الإفريقية لعودة مصر لمكانها ومكانتها الطبيعية .
وبصرف النظر عن هذا القرار فلمصر دور هام ومحور في القارة الإفريقية لن نتخلى أو نتنازل عنه . ولن أنسى في هذا السياق أن أتقدم بالشكر والامتنان للقيادة الجيبوتية لدعمها الموقف المصري في المحافل الدولية والإقليمية وعلى رأسها الاتحاد الإفريقي فقد كان الموقف الجيبوتي واضحا منذ البداية في دعمه لمصر ووقوفها بجانب إرادة وتطلعات الشعب المصري المشروعة ،وفيما يتعلق بموقف مجلس الأمن الذي عقد جلسته بدعوة من فرنسا وتركيا فإنها لم تكن سوى جلسة إجرائية لمناقشة الشأن المصري، في محاولة من بعد الدول لتدويل القضية المصرية ولم يخرج من هذه الجلسة قرارات أو بيانات كما كان ينتظر وتم الاكتفاء بإصدار بعض الملاحظات من رئيسة المجلس الحالي .وأحب التأكيد على أن محاولات البعض لتدويل القضية المصرية كما أنها لم تسفر فلن تسفر عن شيء في المستقبل إلا أنها تكشف عن الوجه الحقيقي لأصحاب هذه المحاولات ، ومصر تتصدى بكل حزم لما تتخذه هذه الدول من مواقف تجاه الشأن المصري فقد تم سحب السفير المصري في تركيا ، كما تم إلغاء مناورات بحرية كان يفترض أن تتم بين الجانب المصري والتركي في القاهرة وهناك الاستعداد لاتخاذ المزيد من القرارات ما لم تتوقف تركيا من هذا المسلك والمنهج ، وفيما يتعلق بقطر فإن الكلمة التي ألقاها العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين والتي عبر فيها عن دعم السعودية الكامل لمصر هي رسالة هامة لا يجب أن تمر بشكل عابر لأنها تأتي من زعيم عربي ذو ثقل دولي واقليمي ونظرنا إليها بأنها رسالة للعديد من الدول بما فيها الدول الخليجية التي تعمل على التغريد خارج السرب أو قوى غربية أخرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية في تلميحه وإشارته ‘لي المصالح المشتركة السعودية والأمريكية ومدى تأثرها إذا اتخذت أمريكا مواقف معادية لمصر .
القرن / وماذا بالتحديد عن الموقف الأمريكي وما يشوبه من تباين بين الإدارة والكونجرس ؟
القائم بالأعمال / هناك نوع من التردد والتذبذب في الموقف الأمريكي فيما يتعلق بالشأن المصري ومن واقع خبرتي وعملي السابق في سفارتنا في واشنطن وتعاملنا مع الإدارة الأمريكية وأعضاء الكونجرس نعلم أن هناك عدة اعتبارات للسياسة الخارجية الأمريكية وتوجهاتها تحديداً في منطقة الشرق الأوسط ومن هذه الاعتبارات وجود صراع أو تنافس بين الجمهوريين والديمقراطيين وهذا امر داخلي قد ينعكس على توجهات السياسة الخارجية وهناك اعتبارات أخرى خاصة بدول كثيرة في منطقة الشرق الأوسط ولكن مصر بوزنها الإقليمي تفرض نفسها وقرارها المصري الأصيل واستقلاليته .
القرن / ونحن نصل معكم إلى مرافي ختام هذا الحوار ما لذي تودون قوله ؟
القائم بالأعمال / أود أن أوجه رسالة من خلال جريدة القرن التي أعتز بها وبقرائها الكرام الذين أود أن أن أطمئنهم على مصر وعلى الشعب المصري نحن لسنا قلقين على أنفسنا وندعو الآخرين للاطمئنان تماما أننا ماضون قدما في تحقيق ما نصبو ونتطلع إليه وهو إرساء نظام ديمقراطي حقيقي في البلاد ولدينا القدرة والوسائل الكاملة لتحقيق ذلك مصر مرت بالعديد من الأزمات أشد وأصعب بكثير مما نحن فيه الآن وخرجنا منها أكثر قوة وصلابة هذا ما نعدهم به وسوف يرونه بأعينهم خلال الفترة القريبة .
اجرى الحوار / جمال أحمد ديني