لا شك أن القرآن الكريم هو دستور حياة .. وملبى لكل متطلبات تربية الإنسان المسلم في كل مناحيها ومساراتها ومآلاتها بإعتباره حائط الصد الحضاري لشخصية المسلم من الذوبان في بحر العولمة. ولأهمية مدرسي القرآن الكريم ودورهم المتميز في تنشئة البراعم تنشئة إسلامية ، وبناء مجتمع واع، وقادر على المحافظة إرثه الحضاري، وخصوصياته الثقافية وهويته إهتم مجلس الإسلامي الأعلى التابع لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بالقرآن ومدرسيه ووضعهم في قمة أولوياته مما دفعه الى الاستعانة بالهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم _المعروفة بخدماتها الجليلة لأهل القرآن _ لعقد دورة تأهيلية للناشطين في هذا المجال ، وقد نشط الدورة مدير البحوث والبرامج بالهيئة الدكتور / أنس أحمد كرزون على مدار يومين والذى وزع خلالها كتباً علي المشاركين في الدورة لتكون لهم سنداً في مجال عملهم ، وعلى هامش الدورة إلقت القرن بالدكتور / كرزون وأجرت معه هذا الحوار :
القرن/ بعد الجولة التفقدية التي قمتم بها كيف تقيمون أداء مراكز تحفيظ القرآن ومسار العمل في هذا المجال في جيبوتي؟

مدير الهيئة/ أكرمني الله عز وجل بأن أكون ممثلاً للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم التابعة لرابطة العالم الإسلامي في الزيارة الأولى لمندوب الهيئة إلى جمهورية جيبوتي العربية الشقيقة قد سُعدت بزيارتها وبلقائي بمسئولي وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف وكذلك المجلس الإسلامي الأعلى، كما قمت بزيارة عدد من المراكز القرآنية التي تعني بتربية الفئات الناشئة من أبناء المسلمين وتنشئتهم في رحاب القرآن الكريم ولمست جهوداً مباركة مشكورة، وآمل من المولى عز وجل أن يوفقنا جميعاً بما فيه خدمة كتابه.

القرن/ هل من مشاريع ستنفذها الهيئة في جيبوتي؟

مدير الهيئة/ بلا شك، والهيئة تسعد بالتواصل مع جميع القائمين على هذه المراكز القرآنية وتوجيههم، وترقية مستوى المعلمين فيها ، وقد أقمنا خلال هذه الزيارة دورة تأهيلية لمدة يومين لمعلمي ومدراء المراكز القرآنية شملت عدة محاضرات وموضوعات ، من بينها موضوع يتعلق بالهمة العالية في حياة معلم القرآن الكريم وكذلك أقيمت ورشة عمل حول معوقات العمل القرآني وسبل تطويرها وكذلك أقيمت محاضرة حول القرآن الكريم العناية به وتعليمه وتأهيل المدرسين، وتسعى الهيئة إلى رعاية هؤلاء الحفاظ الذين يتخرجون من هؤلاء المراكز والمدارس القرآنية وتقيم لهم معهداً عالياً يتأهلون فيه لإتقان التلاوة ومعرفة أصول التدريس في الحلقات والمعاهد القرآنية وتزويدهم بأبرز الموضوعات والعلوم الشرعية المفيدة لهم في تعليمهم لكتاب الله عز وجل ، كما تسعى الهيئة لإقامة مسابقة تكون جزءً من المسابقة القارية التي ستقام برعاية سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد في المملكة العربية السعودية.

القرن/ كيف يمكن الاستفادة من التكنولوجيا العصرية في تحفيظ القرآن الكريم؟

مدير الهيئة/ الاستفادة من التكنولوجيا في القرآن الكريم وخاصة الانترنت تسعى الهيئة إليه وقد أقامت مقرئة إلكترونية تعلّم القرآن الكريم عبر شبكة الانترنت إلى كثير من دول العالم كما أن هناك أجهزة حديثة متطورة في الكمبيوتر والبرامج التلفزيونية تسعى الهيئة لتأمينها للمراكز وتدريبهم عليها لتكون هناك تقوية في أسلوب تعلّم القرآن الكريم وإتقان تجويده وحفظه، ولذلك حرصت الهيئة على أن تكون هناك برامج تلفزيونية لتعليم القرآن وتجويده في كثير من القنوات الفضائية.

القرن/ ما هي الانطباعات التي تكوّنت لديكم عن جيبوتي؟

مدير الهيئة/ هذه الزيارة وإن كانت قصيرة في أيامها إلا أنها كانت مباركة في برنامجها حيث أعد مسئولو المجلس برنامجاً حافلاً للزيارة سررت به كثيراً وسُعدت بلقاء وزير الشئون الإسلامية والأوقاف الدكتور/ حامد عبده سلطان، والذي كان لقاءً حافلاً نوقشت فيه مختلف أوجه التعاون بين الوزارة والهيئة العالمية وسبل تعزيزها كما سُررت بزيارة سفير خادم الحرمين الشريفين السيد/ إبراهيم بن عبد العزيز النوفل ، وسعادة مدير الملحق الديني السيد/ هادي الحكمي، وعدد من المراكز والمعاهد القرآنية ورأيت جهوداً مباركة تبشر بالخير وأن أهل القرآن يخطون خطوات تتسم بالوسطية والاعتدال والبعد عن الغلو في الدين، وأن هذه هي السماحة التي يطلبها منا ديننا الحنيف وهذا يجعلنا نسير دائماً على خطواتها المباركة.

القرن/ لو تحدثنا عن أهمية تربية الأطفال والإهتمام بهم فما الذي يمكن أن نقوله ؟

الأبناء أمانة غالية

مدير الهيئة/ لاشك أن رعاية الأبناء والاهتمام بهم أمر ضروري مهم في مسيرة التعليم في كل بلدان العالم الإسلامي ولذلك أوصى ليكون هناك اهتمام خاص برعاية النشئ في هذا البلد المبارك منذ نعومة أظفارهم فهؤلاء الأبناء وديعة نفيسة ينبغي الحرص عليها.
لو أن عزيزاً أودع لديك وديعة نفيسة واستأمنك عليها فماذا تصنع؟ هل تتركها في قارعة الطريق أم تحفظها وتحرص عليها؟
أجل إن الأبناء وديعة غالية بين أيدينا والمال والأهل إلا ودائع ولابد يوماً أن ترد الودائع جاءتنا هذه الوديعة بأبهى صورها صفحة بيضاء نقية لا تعرف الآثام والانحراف (فطرة الله التي فطر الناس عليها) ولكن بعض الآباء يشوّهون هذه الفطرة ويطمسون معالمها ويكدرون صفاءها.. قال ابن القيم "وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه، وأعانه على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء".
"الزوج ربّان السفينة، والزوجة عون له على مهمته، وعين له على رعيته، والأبناء سواءاً كانوا صغاراً أو كباراً هم الركاب، ولكل موقعه).
وهل يمكن لقائد السفينة أن يتعمد إغراقها ليهلك ومن فيها؟
قال الإمام الغزالي رحمه الله:
(أعلم أن الصبي أمانه عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نُقش... فإن عُوّد الخير نشأ عليه، وسُعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبوه وكل معلم له ومؤدب، وإن عُوّج الشّر وأُهمل البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له، وقد قال الله عز وجل: (يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً) ومهما كان الأب يصونه عن نار الدنيا فبأن يصونه عن نار الآخرة أولى).
قال الإمام بن القيم رحمه الله:
(من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سُدى فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل ترك الآباء لهم وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسُننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً، كما عاتب بعضهم ولده على العقوق، فقال: يا أبت! إنك عققتني صغيراً، فعققتك كبيراً، وأضعتني وليداً، فأضعتك شيخاً).

القرن/ كلمة تود قولها عبر هذا اللقاء.

مدير الهيئة/ أتوجه بالشكر الجزيل إلى وزارة الشؤون الإسلامية و الأوقاف ،والمجلس الإسلامية الأعلي ، ووزارة الإعلام ،وجريدة القرن ،وكل المراكز التي قمت بزيارتها.


الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم
التابعة لرابطة العالم الإسلامي
هدف الهيئة
تحفيظ القرآن الكريم والعناية بعلومه وتفهيمه وتطوير وسائل تعليمه للمسلمين في العالم .

رؤية الهيئة
أن تصبح المرجع لمؤسسات تعليم القرآن الكريم في العالم .

رسالة الهيئة
الإسهام في خدمة وتنمية المجتمع الإنساني من خلال العناية بتعليم القرآن الكريم حفظاً وفهماً وتطبيقاً بعمل مؤسسي متميز .

لمحة موجزة عن الهيئة العالمية
الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم هيئة عالمية خيرية ذات شخصية اعتبارية منبثقة من رابطة العالم الإسلامي وتعمل لخدمة كتاب الله تعالى والعلوم المتصلة به ، وهي الأولى من نوعها على مستوى العالم المتخصصة في تعليم القرآن والعناية بحفظته ، وقد أنشئت بقرار من المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بتاريخ 4 شعبان 1421هـ ومقرها الرئيسي مدينة جدة .
، و توسعت أنشطة الهيئة وأعمالهم فشملت أكثر من 65 دولة في آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية واستراليا.

نبيهة عبدو فارح