تربط  جيبوتي  والمغرب علاقات متميزة، على أكثر من صعيد، ترتكز على التضامن الفاعل والتعاون البناء، وسط مساع متزايدة من طرف البلدين لترسيخ التعاون الثنائي بما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين.و تجمعهما آفاق رحبة للتعاون في مجالات الطاقات المتجددة والكهرباء والجيولوجيا والمعادن، الي جانب الموانئ وكذا للتعاون التقني وتكوين الموارد البشرية، والمستندة  علي الروابط  التاريخية المتينة بين البلدين على المستويات  السياسية والاقتصادية والثقافية ولمواكبة هذا الزخم المتنامي فيما يتصل بتعزيز علاقاتهما المتينة، وتطلع البلدان إلى توطيد التعاون الثنائي والإسهام الفعال في تعزيز الاندماج الإقليمي للقارة الإفريقية من أجل النهوض بالتنمية المتضامنة في هذه الربوع من العالم واستشراف افافها المستقبلية التقت القرن بسعادة القائم بأعمال السفارة المغربية الاستاذ مبارك الحداوي واجرت مع سعادته هذا  الحوار :-

 كيف تقيمون مستوى العلاقات الثنائية  بين المغرب و جيبوتي و ماهي آفاق التعاون المستقبلي بين البلدين؟

العلاقات بين المغرب و جمهورية جيبوتي الشقيقة علاقات جيدة و متميزة. و تشمل العديد من الميادين و القطاعات. يمكن ان نذكر منها، على  سبيل المثال لا الحصر، التربية و التعليم و الصحة و التعاون العسكري. فالمغرب راكم تجربة مهمة و خبرة لا يستهان بها في هذه المجالات و يعمل على تقاسمها و تشاركها مع السلطات الجيبوتية الشقيقة حتى تستفيد منها، و ذلك بتكوين و تدريب و صقل مهارات الأطر الجيبوتية التي ستتحمل مستقبلا مسؤولية تدبير و تسيير و إدارة  الشأن العام و القطاع الخاص بالبلاد.

أما بالنسبة لآفاق التعاون المستقبلي بين البلدين فهي بلا شك آفاق واعدة و كبيرة و رحبة جدا، نظرا أولا لوجود إرادة قوية و راسخة لدى الجانبين، و الدليل على وجود هذه الإرادة هو إقدام الطرفين على فتح سفارتيهما بعاصمتي البلدين في السنوات الأخيرة. و كذا نظرا للفرص المتاحة بكلا البلدين و اللذان ينهجان سياسة منفتحة على الأخر تشجع الإستثمار و المبادرة الحرة و اقتصاد السوق و المبادلات التجارية الحرة و تخفيض القيود الجمركية و غير الجمركية على الواردات. فالسلطات العليا بجمهورية جيبوتي الشقيقة فتحت وتفتح يوميا أوراش و مشاريع ضخمة بالبلاد، لدرجة يمكن القول أن البلد كله أصبح ورشا كبيرا و منفتحا. و المغرب، نظرا لكونه مر بنفس المرحلة، مستعد لمواكبة الأشقاء الجيبوتيين في مسيرة التنمية هاته التي تعرفها البلاد، بل و يعمل من أجل ذلك. لهذا، نجد شركات مغربية في القطاع البنكي و المرفئي و السكن الاجتماعي. كما أننا نجد متعاونين و خبراء عسكريين مغاربة بالمدرسة العسكرية بمدينة عرتا، التي تم تأسيسها كنسخة لنموذج المدرسة العسكرية المغربية.كما أن العديد من الأطباء الجيبوتيين يتلقون سنويا تدريبهم و تكوينهم بالمغرب. و قد أشرفت شخصيا مؤخرا على إرسال عشرة أطر من القطاع الصحي بجمهورية جيبوتي إلى المغرب، من أجل متابعة دراساتهم العليا بجامعة محمد السادس لعلوم الصحة بالدار البيضاء بمعية الكاتب العام لوزارة الصحة. فخلاصة القول أن آفاق التعاون بين البلدين واعدة و رحبة و السفارة تعمل جاهدة من أجل توسيع هذه الآفاق و تعميقها و تنويعها، حتى تشمل كل المجالات و القطاعات التي تكتسي أهمية خاصة بالنسبة للجانبين.      

 

تستند العلاقات المغربية-الجيبوتية على روابط ثقافية  ودينية  و وحدة المصير، فكيف ترجمت الديبلوماسية بين البلدين الشقيقين هذه العلاقة في إطار تعاون ثنائي وشراكة حقيقية؟

فعلا. فكلا البلدين ينتمان ثقافيا للحضارة العربية التي لعبت دورا محوريا في التطور الذي عرفته الإنسانية. كما أن البلدين ينتميان كذلك للحضارة و الثقافة الإفريقية المعروفة بتنوع روافدها. إضافة إلى  أن البلدين ينتميان دينيا للعالم الإسلامي و ساكنة البلدين تؤمن بالإسلام، دين التسامح و دين العلم. هذا الدين الذي كرم العقل و حارب الخرافة و الأساطير و حث على العمل و الجد و الكد.

 أما بالنسبة لوحدة المصير، فلا أحد يشك في أن مصيرنا واحد و مشترك، نظرا للعوامل التي ذكرناها من قبل. و الدليل هو أن تداعيات الأزمات التي عرفتها و تعرفها بعض الدول العربية و الإفريقية ما فتئت تنعكس يوميا تداعياتها على باقي الدول.

أما بالنسبة للدور الذي لعبته الديبلوماسية في بلورة هذه العوامل و ترجمتها إلى علاقات تعاون ثنائي، فتجدر الإشارة إلى أن العلاقات الديبلوماسية بين البلدين بدأت مباشرة بعد استقلال جمهورية جيبوتي الشقيقة، بل إن المغرب ساند الشعب الجيبوتي الشقيق في مسيرته النضالية من أجل نيل سيادته و استقلاله، تماما كما ساند باقي الحركات التحررية الإفريقية الأخرى. و هنا يجب التذكير بالتصريح التاريخي للملك الراحل محمد الخامس، طيب الله ثراه، و الذي قال فيه أن استقلال المغرب لن يكون كاملا حتى تنال كل الشعوب الإفريقية حريتها و كرامتها.

فمسيرة التعاون بين البلدين ابتدأت مباشرة بعد استقلال جيبوتي بإرسال أساتذة و معلمين مغاربة لتعليم و تكوين الأطر الجيبوتية. فالعديد من المسؤولين الجيبوتيين الحاليين تلقوا تعليمهم في السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي على يد أساتذة و معلمين و مؤطرين مغاربة. و مع بداية التسعينات أصبح المغرب يستقبل الطلبة الجيبوتيين في الجامعات و المعاهد المغربية. كما أن العديد من هؤلاء الطلبة يتوفرون على نفس المنح التي يستفيد منها الطلبة المغاربة أنفسهم، أي أن المغرب وضع أبناء جمهورية جيبوتي في نفس موضع و مكانة أبناءه. و مع مرور الوقت تطورت هذه العلاقات و أصبحت تتسع لتشمل عدة قطاعات. فبالإضافة لمجال التربية و التعليم، أصبح هناك تعاون وثيق بين البلدين في مجال الصحة و التعاون العسكري مثلا، حيث أن العديد من الأطباء الجيبوتيين يتلقون تعليمهم و تكوينه بالمغرب. كما أن المدرسة العسكرية الجيبوتية المتواجدة بمدينة عرتا  تم تأسيسها على شاكلة المدرسة العسكرية المغربية بمدينة مكناس. و يشارك ضباط مغاربة سامون في تسييرها كما يشرفون على تكوين أطرها العسكرية.

أما على المستوى السياسي، فهذه العلاقات اتسمت منذ الوهلة الأولى بتطابق وجهات النظر حول العديد من القضايا الوطنية و الإقليمية و الدولية. بل إن الطرفين ينسقان و يتعاونان داخل المحافل و المنظمات الدولية. فلا ننسى أن جمهورية جيبوتي تساند المغرب بشكل لا مشروط في وحدته الترابية. كما أن المغرب دعم جمهورية جيبوتي الشقيقة في الماضي من أجل نيل استقلالها و يساندها في الوقت الحاضر من أجل تطورها و تنميتها. كما أنه يساندها في سيادتها الوطنية و سلامة أراضيها.

 

ما هي أولويات سعادتكم في سبيل تطوير أكبر لعلاقات البلدين بحيث تلامس تطلعات الشعبين الشقيقين؟

لا أخفي عليكم أني أتيت إلى جمهورية جيبوتي الشقيقة و في جعبتي العديد من المشاريع التي أتمنى صادقا تحقيقها خلال مهمتي. و سأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

الرفع من عدد و حجم الشركات و الإستثمارات المغربية بجيبوتي،العمل على فتح خط بحري و خط جوي بين البلدين،التوصل إلى شراكة مثمرة بين شركتي البلدين للإتصالات (DjiboutiTélécom et Maroc Télécom)،توسيع التعاون العسكري بين البلدين، ليشمل، إضافة إلى القوات البرية و الجوية، عناصر خفر السواحل و القوات البحرية، بناء مركز ثقافي مغربي بالعاصمة الجيبوتية، يكون معلمة معمارية مغربية،  يتوفر على قاعة للسينما و قاعة للمسرح و مكتبة، إضافة إلى مرافق ثقافية و ترفيهية أخرى،تحقيق شراكة و توأمة في مجال كرة القدم بين فرق مغربية و أخرى جيبوتية،خلق جمعية للطلبة الجيبوتيين الحاصلين على شواهد مغربية،العمل على إيصال الصادرات الفلاحية المغربية إلى الأسواق الجيبوتية، خاصة الخضر و الفواكه،بناء مقر للسفارة و الإقامة المغربية بجيبوتي، وفقا للفن المعماري المغربي،الرفع من عدد المنح المخصصة للطلبة الجيبوتيين، و تخصيص جزء منها للشواهد العليا (Master et Doctorat).هذه بعض الأهداف التي أتمنى صادقا تحقيق جزء كبير منها خلال مقامي بين ظهرانيكم هنا في الديار الجيبوتية الشقيقة.

 

تتميز علاقات البلدين بمتانتها و بتطابق وجهات النظر لدى القيادتين حول مختلف القضايا العربية و الإسلامية و الإقليمية. فكيف يمكن استثمار هذه العوامل في خدمة التنمية و الاستقرار في المنطقة  و الإرتقاء بالتعاون  إلى مستوى  الشراكة الإستراتيجية الشاملة؟

فعلا هناك تطابق في وجهات نظر البلدين في العديد من القضايا المحلية و الإقليمية و الجهوية و الدولية. كما أن هناك تنسيق بين البلدين في المحافل الدولية في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. كما أن هناك العديد من القواسم المشتركة التي يتمز بها البلدان. علاوة على تبادل الخبرات الذي يتم بين البلدين في العديد من المجالات منها مثلا قطاع الصحة و و التربية و التعليم و التعاون العسكري. هذا إضافة إلى الشركات و الإستثمارات المغربية التي أصبحت تصل في السنوات الأخيرة إلى جيبوتي. كل هذه العوامل تجعل من التعاون بين البلدين تعاونا نموذجيا يحتذى به، إذ كسر حاجز البعد الجغرافي. وهو ما يؤهل البلدين من أجل العمل على بذل المزيد من الجهود لرفع هذه العلاقات إلى أعلى مستوى ممكن. و لم لا إلى شراكة استراتيجية بين الطرفين. لكن يجب أن نعترف هنا بأن الطريق لازال طويلا و شاقا، لكنه ليس مستحيلا. كما أنه لا يجب أن نحرق المراحل، حتى تكون هذه الشراكة مينية على أسس متينة. و من أجل ذلك، ينبغي لنا أن نعمل على تنظيم اجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين. كما ينبغي تنظيم مشاورات سياسية دورية و منتظمة. إضافة إلى ضرورة التفكير بشكل مشترك في تبادل زيارات على أعلى مستوى في هرم الدولتين، مما سيعطي دون شك دفعة قوية للعلاقات الثنائية بين الجانبين. و هذه هي الأهداف التي تشتغل عليها و من أجلها سفارة المملكة المغربية بجيبوتي، منذ افتتاحها في فبراير 2019.  

 

و ماذا عن واقع الإستثمارات بين البلدين و آفاقها المستقبلية؟

بالنسبة للإستثمارت و المشاريع المغربية بجمهورية جيبوتي، سأقتصر هنا على ذكر أحد أكبر البنوك الموجودة بجيبوتي وهو البنك المغربي للتجارة الخارجية، الذي يحمل هنا اسم بنك إفريقيا (BOA). كما تجدر الإشارة إلى شركة FEPCO و هي شركة مغربية تسهر على تهيئة مطار جيبوتي الدولي كما تقوم يتهيئة أكثر من 165 الف متر مربع بمنطقة بلبلة. هذا إضافة إلى شركة SOMAGEC التي تقوم ببناء جزء هام من ميناء Damerjog. كما أن شركة مغربية أخر و هي Palmerais Deveppement  وقعت مؤخرا مع وزارة السكن اتفاقية لبناء 10.000 سكن اجتماعي. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنه في إطار الأنشطة و المنجزات الاجتماعية و الإنسانية التي تقوم بها هذه الشركات المغربية فقد شيدت شركة FEPCO  مدرسة و مركزا للتكوين المهني و ستسلمهما قريبا للدولة على شكل هبة منها لفائدة الشعب الجيبوتي الشقيق. و هذا إنجاز مهم يستحق الإشادة و التشجيع.

و من المؤكد أن هذه الشركات المغربية، نظرا لجديتها و خبرتها و جودة أعمالها وقدرتها التنافسية، ستفوز لا محالة بصفقات أخرى في المستقبل، لتنمية البنيات التحتية بجيبوتي و توفير فرص الشغل للشباب. كما أن شركات و استثمارات مغربية أخرى ستصل في السنوات القادمة إن شاء الله إلى السوق الجيبوتية نظرا لجاذبية هذه السوق، و نظرا بالخصوص لكون جيبوتي تشكل بحق ورشا كبيرا و منفتحا يمكن للعديد من الشركات و الإستثمارات المغربية أن تستفيد منه.و أظن أن المغرب والإستثمارات المغربية يمكنها أن تلعب دورا مهما في تنمية جمهورية جيبوتي الشقيقة في العديد من المجالات، خاصة الفندقة و السياحة و البنى التحتية و الصناعة التقليدية، إضافة إلى القطاع الفلاحي و الطاقات المتجددة و البنيات الرياضية. هذه كلها مجالات راكم فيها المغرب تجربة و خبرة كبيرتين، سيكوم من الأجدر أن تستفيد منها دولة شقيقة و حليفة مثل جيبوتي. و هو ما تعمل السفارة المغربية على تحقيقه.  

 

يحتل المغرب موقعا هاما على خريطة تعزيز التعاون جنوب-جنوب. فكيف ينعكس ذلك على تعزيز الإندماج الإقليمي للقارة الإفريقية؟

المغرب من الدول الأوائل التي آمنت و دافعت عن مبدأ التعاون جنوب-جنوب، حيث كان عضوا نشطا و فعالا في منظمة عدم الإنحياز. كما أن العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني هو أول من نادى بمخطط مارشال لفائدة إفريقيا. كما أن الملك محمد السادس نصره الله جعل من التعاون جنوب-جنوب أحد الأسس و المحاور الرئيسية للسياسة الخارجية المغربية، حيث قام بالعديد من الزيارات لمختلف الدول الإفريقية، دشن خلالها العديد من المشاريع المثمرة. و قام خلال هذه الزيارات بالإشراف على التوقيع على العديد من الإتفاقيات التي تنص على استثمارات هائلة بهذه الدول، تعود بالنفع على المواطن الإفريقي من حيث مناصب الشغل و تحسين الدخل الفردي.

كما أن المغرب عاد سنة 2017 لأسرته الإفريقية على مستوى الإتحاد الإفريقي. و مافتئ ينادي بضرورة تقوية و تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية، في إطار التعاون جنوب-جنوب، و ذلك بنهج سياسة براغماتية و عملية، تخدم المعيشة اليومية للمواطن الإفريقي، بعيدا عن الدوغمائية و البهرجة و سياسة فرق تسد و تشجيع النعرات الإنفصالية التي تجاوزها الزمن، إذ أن العولمة تفرض علينا كأفارقة التكثل في مجموعات اقتصادية و سياسية قوية، بدل التمزق و التشرذم بسبب اللهث وراء تحقيق بعض النزعات الإنفصالية المتجاوزة و الفاشلة، و التي كانت تغذيها سابقا سياسة القطبين التي عاشها العالم بعد الحرب العالمية الثانية و التي لم يصبح لها أي مكان في زمن العولمة و التكتلات. 

هل هناك ما تحبون إضافته: 

أريد التأكيد على بعض القواسم المشتركة التي تميز البلدين الشقيقين. فأول ما يلاحظه المرء هو أن كلا البلدين يحتلان موقعين جغرافيين يكتسيان أهمية بالغة على المستوى الجيوستراتيجي. جيبوتي في بوابة البحر الأحمر و المحيط الهندي و المغرب بين البحر الأبيض المتوسط و المحيط الأطلسي. كما أن البلدين يتواجدان في ممرين عالميين بالنسبة للتجارة الدولية. باب  المندب بالنسبة لجيبوتي و مضيق جبل طارق بالنسبة للمغرب. كما أن كلا البلدين يوجدان في ملتقى طرق العديد من القارات. إفريقيا و الخليج العربي و آسيا بالنسبة لجيبوتي و أوروبا و ألعالم العربي و إفريقيا بل و أمريكا أيضا بالنسبة للمغرب. كما أن كلا البلدين يعتبران فسيفساء على المستوى الثقافي و اللغوي و حتى الإثني و العرقي. هذا إضافة إلى أن البلدين نهجا مباشرة بعد استقلالهما سياسة ليبرالية و منفتحة، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، بخلاف العديد من الدول التي سقطت في فخ الشيوعية و الإشتراكية و الاقتصاد المسير.

كما تجدر الإشارة إلى أن البلدين يشكلان استثناء في منطقتيهما، من حيث الاستقرار و السلم والأمن الذي يتمتعان به في منطقتيهما اللتان تعرفان توترات و نزاعات. فجيبوتي هي البلد الوحيد الذي يعرف استقرارا لافتا في منطقة القرن الإفريقي. تماما كما هو الشأن بالنسبة للمغرب الذي يعد واحة للسلم و الأمن في منطقة شمال إفريقيا التي توجد على صفيح ساخن.

كما أني لاحظت منذ وصولي إلى الديار الجيبوتية أن هناك عددا لا يستهان به من الزواج المختلط بين مواطني البلدين، مما يدل على وجود تقارب فكري و ثقافي يسهل العيش المشترك بين الطرفين.

 و هذا في حد ذاته، عامل إيجابي يجب استغلاله من أجل تقارب أكبر بين البلدين. كما أنه دليل آخر على أن البعد الجغرافي بين البلدين لا يمكن أن يكون عائقا بين بلدين تحذوهما رغبة مشتركة في بناء مستقبل زاهر و آمن لمواطنيهما.

عامل مشترك آخر تجدر الإشارة إليه هو أن كلا البلدين يعتبران أرض حوار، إذ أن جيبوتي الشقيقية احتضنت العديد من المفاوضات و قامت بالعديد من المساعي الحميدة ، تماما كما كان المغرب و لا يزال أرض سلام و حوار للعديد من الأشقاء و الفرقاء الذين اختاروا  أرضه من أجل الحوار و المشاروات. كل هذه القواسم المشتركة، بالإضافة إلى عوامل  أخرى كثيرة و متعددة، تجعل البلدين الشقيقين يسيران في اتجاه واحد، مما يسهل عليهما الإنخراط في مسيرة تعاون مثمر و بناء بينهما، هدفه الأسمى هو ضمان حياة كريمة لمواطنيهما و تحقيق تنمية مستدامة يستفيد منها المواطن المغربي و الجيبوتي.

و قبل أن نختم هذا الحوار أريد أن أوضح نقطتين اثنتين من أجل رفع اللبس عن وضع هذه السفارة: الأولى مفادها أن المملكة المغربية فتحت هذه السفارة أولا استجابة لطلب من جمهورية جيبوتي الشقيقة و ثانيا عملا بمبدإ المعاملة بالمثل ما دام أن السلطات الجيبوتية كانت قد فتحت سفارتها بالرباط من قبل. مما يجعل من هذه السفارة  المخاطب الرسمي للمغرب لدى هذه السلطات و هي الراعية لمصالحه بالديار الجيبوتية.

و هنا أذكر بأن القائم بأعمال هذه السفارة كان قد قدم أوراق اعتماده لمعالي وزير الشؤون الخارجية و التعاون الدولي يوم 2 سبتمبر 2020. و إذا كنت قد أكدت على هذه النقطة فذلك نظرا لأهميتها و كذا بهدف رفع اللبس و الخلط الذي قد يسقط فيه البعض، حيث لاحظت أن الكثير يظن أن المغرب فتح مكتب اتصال أو ملحقة إدارية أو قنصلية، و ليس سفارة قائمة بذاتها. و هذا خطأ. فالمغرب فتح سفارة كاملة المقومات و جعل على رأسها، لاعتبارات ظرفية ستزول مع الوقت لا محالة، قائما بالأعمال، طبقا للمادة 14 من اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية لسنة 1961. 

أما النقطة الثانية فهي نداء لكافة المرتفقين من الساكنة الجيبوتية و كذا من الجالية المغربية المقيمة بالديار الجيبوتية لأخبرها بأن المصالح القنصلية لهذه السفارة قد أصبحت عملية و فعالة سواء في مجال منح التأشيرة أو المصادقة على الشواهد الجامعية أو باقي الخدمات القنصلية. لذا فالرجاء التوجه لمصالح هذه السفارة لأنها هي المخولة قانونا لذلك.   

و في الأخير أنتهز هذه الفرصة لأوجه عبارات الشكر و الإمتنان لكافة المسؤولين بجمهورية جيبوتي الشقيقة على الدعم و المساندة الذين تحظى بهما سفارة المملكة المغربية منذ افتتاحها، و على رأسهم مسؤولي وزارة الشؤون الخارجية و التعاون الدولي، التي ما فتئت تفتح لهذه السفارة جميع الأبواب و تقدم لها كافة أشكال العون و الدعم الضروريين، حتى تقوم بمهامها على الوجه الأكمل و في أحسن الظروف. و عاشت الصداقة و الأخوة المغربية-الجيبوتية. 

 

اجري الحوار /

جمال احمد ديني