تربط جيبوتي واثيوبيا علاقات متميزة ضاربة جذورها في اعماق التاريخ، يجمع بينهما روابط القربي والدم والتاريخ والثقافة والجغرافيا ، وترتكز على التضامن الفاعل والتعاون البناء، والشراكة الاستراتيجية والتكامل النموذجي ، والتطلع للإسهام الفعال في تعزيز الاندماج الإقليمي من أجل النهوض بالتنمية المتضامنة، وفي اطار متابعة مستجدات مسيرة التعاون والشراكة الجيبوتية الاثيوبية وافاقها،ومواكبة مبادرات التكامل الاقليمي،وكذا للوقوف  علي مآلات الصراع والسلام في اثيوبيا،ومواضيع أخري ذات صلة،التقت القرن بسفير الجمهورية الفيدرالية الديمقراطية الاثيوبية السيد/برهانو سقايي ابيرا،واجرت مع سعادته هذا الحوار:-

 القرن/ كيف تقيمون علاقات التعاون والشراكة القائمة بين جيبوتي واثيوبيا ؟

السفير/ أولاً احب التأكيد في مستهل هذا الحديث الصحفي علي اننا في كل من جيبوتي واثيوبيا  بمثابة شعب واحد في بلدين يجمع بينهما روابط القربي والدم والتاريخ والثقافة والجغرافيا وتقوم علاقتهما علي الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والمستندة علي الارادة السياسية القوية للقيادة في البلدين الشقيقين علي تعزيز التعاون والشراكة وتحقيق التكامل في شتي المجالات .

كما يسرني  في هذا الصدد الاشارة وبتقدير كبير  الي المواقف الداعمة التي اكدت فيه جيبوتي وقوفها الي جانب اثيوبيا  والذي ترجمته فعليا علي ارض الواقع في كل الازمات الصعبة التي مرت بها بلادي سواءا جراء الكوارث الطبيعية من جفاف او فيضانات ، او غير الطبيعية من حروب  كما حدث ذلك في الحرب االاخيرة التي وقفت فيها جيبوتي الي جانب الدولة الاثيوبية.

كما لا يفوتني التنوويه في مطلع الاجابة علي سؤالك حول العلاقة الجيبوتية الاثيوبية الي  تثمين اثيوبيا  التي - تعتبر جيبوتي شريكها الاساسي علي كافة المستويات -  الموقف الجيبوتي النبيل  باحتضانها الكثير من الاثيوبيين علي ارضها رغم الصعوبات التي لديها وجعلهم يتقاسمون العيش مع شعبها في حياة آمنة .

وبعد هذه الاستهلالة وردا علي سؤالكم اقول  نحن سعداء جدا بما تحقق من تطور وتقدم كبيرين في علاقات البلدين،  التاريخية المتميزة، التي تعد مثالاً لعلاقات تعاون وتكامل بلا حدود بين بلدين يربط بينهما تاريخ مشترك ومصير واحد وشراكة إستراتيجية وتصميم على النهوض والتقدم والارتقاء معاً.

وشراكة نموذجية في البنية التحتية التي تمثل اهم عناصر التكامل بين البلدين والتي تطال مختلف القطاعات من كهرباء ومياه وطرق وسكة حديدية وموانئ  الي جانب التبادل التجاري النشط ، اضافة الي الشراكة الجديدة في التنمية الخضراء المتضمنة تعزيز سياسة التشجير في جيبوتي  بمدها بمئات الالاف من الشتائل  .

 

القرن/ ماهي أولويات سعادتكم فيما يتعلق  بالنهوض أكثر بعلاقات التعاون والتكامل القائمة بين البلدين؟

من الأوليات التي نحرص  علي  تحقيقها  تمكين الشعبين من تبادل المنافع والمصالح والاستفادة القصوى من حركة النمو التي يشهدها البلدين والشراكة القائمة بينهما بكل السبل وعلى كافة المستويات وفي مختلف المجالات. وقد حققنا معاً الكثير من المنجزات وبذلنا جهوداً كبيرة في تحقيق التعاون المتميز وبناء أرضية صلبة لشراكة استراتيجية .. و أننا بحاجة ايضا  إلى بذل مزيد من الجهود لجعل هذه العلاقات القوية والمتينة فعلاً قادرة على ملامسة تطلعات شعبينا في التغلب على التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الانتصار في معركة التنمية ومكافحة الفقر واستشراف آفاق مستقبل يجب أن نعمل دون كلل أو ملل من أجل أن يكون مشرقاً.

وبتعبير آخر فإنه ينبغي أن نواصل العمل وبشكل  حثيث من أجل رؤية الانعكاسات الإيجابية لهذه العلاقات المتينة بين البلدين وآثارها الواضحة على حياة مواطني البلدين. ونتطلع إلى رؤية الجيبوتيين وهم يستفيدون من كل الفرص المتاحة في إثيوبيا، ونفس الشيء بالنسبة للإثيوبيين في جيبوتي، أي الاستفادة من فرص التعليم والاستثمار والتجارة والعمل وغير ذلك من المجالات التي ينبغي أن نعمل على تحقيق شروطها وتوفير بيئة ملائمة لها والتحفيز عليها ودعمها وحمايتها.

ونحن في اثيوبيا عملنا بالفعل علي تبني قوانين وتشريعات تدعم تنفيذ وترجمة هذه التطلعات المشتركة عمليا علي ارض الواقع بما في ذلك استثمار الجيبوتيين وتملكهم في اثيوبيا وتنقلهم اليها بسياراتهم هذا طبعا الي جانب دخول الجيبوتيين بلدهم الثاني اثيوبيا بدون تأشيرات .

لبلدينا امكانات وموارد وفرص لو احسنا تبادل استغلالها والشراكة في الاستثمار فيها لا شك انها ستحدث نقلة كبيرة في النهوض الاقتصادي الذي يعكس تطلعات البلدين ويعزز التكامل بينهما وهذا ما نعمل عليه.

 

القرن/ في اطار مبادرة القرن الافريقي كيف تنظرون الي التعاون والشراكة الثلاثية بين جيبوتي واثيوبيا وجنوب السودان؟

السفير / في الحقيقة هناك حقيقة ينبغي التسليم بها بأن العمل علي  تحقيق التطور والنهوض دائما بحاجة الي اقامة شراكات بين طرفين او اكثر لتسجيل نتائج تحدث فرقا في العملية التنموية .

ومن هذا المنطلق فان التفاهمات والاتفاقات وبرامج التعاون بين البلدان الثلاثة واستفادة جنوب السودان من الموانئ الجيبوتية عبر الممر الاثيوبي خطوات جيدة في بناء الشراكات وصناعة التكامل الاقليمي ينبغي تشجيعها ودعمها وتعزيزها والعمل علي توسيعها كما انها تنسجم مع التوجه والمبادرة التي اطلقها دولة رئيس الوزراء الدكتور ابي احمد علي منذ وصوله للسلطة فيما يتعلق بالشراكة والتكامل الاقتصادي بين بلدان شرق افريقيا .

 

القرن/في منتصف شهر سبتمبر الجاري منح دولة  رئيس الـوزراء د/ابي احمد علي  جائــزة التمويــل الاسلامي  العالمية (جيفا)في اي سياق يمكن ان نقرأ هذه الخطوة ؟

السفير / طبعا تأتي هذه الجائزة وهذا التكريم لرئيس الوزراء دكتور  ابي احمد تقديرا للاصلاحات الاقتصادية التي تحققت في اثيوبيا .

حيث تبنت الحكومة الاثيوبية منذ وصول ابي احمد للسلطة العديد من القوانين والتشريعات كما اتخذت جملة من الاجراءات بهدف الاصلاحات الاقتصادية من اجل التحول الاقتصادي والاي شملت مؤخرا قرار  فتح القطاع المصرفي في البلاد أمام المستثمرين الأجانب،وتقديرا لهذه الجهود التي كان لها  الانعكاس الايجابي علي الاقتصاد الاثيوبي تم منح رئيس الوزراء هذه الجائزة العالمية .

 

القرن / اين وصلت مساعي احلال السلام في اثيوبيا ؟

السفير / السلام بالنسبة لاثيوبيا دائما هو خيار اساسي واسترتايجي فكما يعلم الجميع فان السلام دائما اولوية لنا نحن كاثيوبين ليس في بلادنا فحسب بل علي مستوي المنطقة وحتي العالم حيث يذكر التاريخ التضحيات التي قدمتها اثيوبيا لاحلال السلام  في كوريا وفي المنطقة في كل من السودان وجنوب السودان والصومال وكل ذلك من اجل السلام وقد جسدت الحكومة الاصلاحية بقيادة الدكتور ابي احمد هذا الرغبة الاثيوبية في السلام بإنهاء صراع دام عقدين مع ارتريا وانهي ازمة كان لها انعكسات علي المنطقة برمتها تلك الخطوة التي لقيت ترحيبا واسعا محليا واقليميا اكسبت بلادنا تقديرا عالميا واستحق عليها الدكتور ابي احمد جائزة نوبل للسلام ولكن جبهة تحريرتجراي قائدة العهد البائد  رأيا آخر بدءا من نظرة التوجس للسلام بين اثيوبيا ارتريا ومساعي افشاله مرورا باثارة الاضطرابات لعرقلة الجهود الإصلاحية لرئيس الوزراء في كل مكان وتطور الأمر الي تجاوز الممارسات الإرهابية للجبهة الشعبية لتحرير تجراي كل الحدود عندما قامت باعتداء بشع علي القوات المسلحة الإثيوبية التي كانت تحمي شعب تجراي وفي خدمتهم وتمثل رمز السيادة الاثيوبية علي حين غرة ولم يترك هذا الاعتداء الإرهابي الذي قوبل باستنكار محلي واقليمي ودولي أمام الحكومة الإثيوبية اي مجال لمواصلة المساعي لحل الخلافات السياسية مع جبهة تجراي التي كانت تضرب عرض الحائط كل المساعي وهو ما أجبر الحكومة علي قرار انفاذ القانون في تجراي ولم علي الرغم من احداث الحرب القاسية لم تغلق الحكومة الإثيوبية الباب ام خيار السلام بدءا من اتخاذ قرار إعلان وقف إطلاق النار من طرف واحد من أجل شعب تجراي الذي قابلته جبهة تجراي بفتح حرب شاملة مرورا بإطلاق هدنة من أجل فتح المجال ام أعمال الغوث الإنساني والقبول بالوساطة الأفريقية للمفاوضات من أجل التوصل لحل سلمي للصراع وللمرة الثانية خرقت جبهة تحرير تجراي هذه الهدنة وأدخلت البلاد مجددا في اتون حرب متخذة من شباب واطفال تجراي حطبا لنار حربها وتعطيل كل مساعي السلام .

ونحن هنا نؤكد أن السلام كان ولا يزال الخيار الرئيسي بالنسبة للحكومة الإثيوبية وبواسطة الاتحاد الأفريقي لان الحرب ليست حلا ولكن المشكلة ان الحرب فيها طرفين وأن تعنت الطرف الثاني المتمثل في جبهة تحرير تجراي هو السبب في اخفاق عملية السلام ونأمل أن لا يسمح شعب تجراي للجبهة للتماضي في أخذهم رهائن لمشاريعها التخريبة والضغط عليها وحملها علي الجنوح للسلم.

كما أن الحكومة الإثيوبية مستعدة للتعاطي الايجابي مع أي جهود من اي أطراف  تهدف لدفع عملية السلام في إثيوبيا بصورة تحترم سيادة البلاد ودستورها والقوانين والاعراف الدولية ولكنها لا تقبل اي تدخل في شؤونها الداخلية وترفض اي ضغوط لا تأخذ في الاعتبار الحقائق الانفة الذكر .

 

القرن/ هكذا نصل معكم سعادة السفير الي مرافي ختام هذا الحوار فما الذي تحبون اضافته؟

السفير/   يسعدني في ختام هذا الحوار الذي يتزامن مع احتفالات بلادنا بعيد بعيد الصليب “مسقل” أن انتهز هذه السانحة  لاتقدم بأخلص التهاني والتبريكات للشعب الاثيوبي بحلول هذه المناسبة الدينية والوطنية  كما اهني أبناء الجالية الاثيوبية في جيبوتي ومن يحتفل بهذه المناسبة من المسيحيين في العالم.

وانها لفرصة أيضا ونحن نتابع إنشاء مدرسة للجالية الاثيوبية في جيبوتي أن اجدد الشكر للحكومة الجيبوتية علي منحنا أرضا لبناء مدرسة توفر التعليم لابناء الجالية بشكل كما اشكر من ساهم معنا في الشروع في تنفيذ هذا المشروع الهام واجدد الدعوة للأخوة من أبناء الجالية الاثيوبية والاشقاء الجيبوتيين الي المساهمة في إنجاز هذه المدرسة .

كما لا يفوتني بهذه المناسبة أن اشكر جريدة القرن علي اتاحتها هذه الفرصة معربا عن سعادتي لاستمرار هذا التواصل المثمر .

 

 

  اجري الحوا /

جمال أحمد ديني