تعتبر المشاريع الاستثمارية إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، محلية كانت أو أجنبية، كونها محرك رئيسي للاقتصاد كلما ازدادت المشاريع الاستثمارية في البلد انتعش الاقتصاد الوطني ، وازدادت فرص العمل، وتغير معها الوجه العمراني للمدن والمناطق، ولالقاء الضوء أكثر علي احد المشاريع الاستثمارية الوطنيةمن هذا القبيل،التقينا بأحد كبار المستثمرين المحليين رجل الاعمال السيد/ برهان علي جادلي صاحب (قرية النخيل) و(فندق جادلي) من فئة 4 نجوم في إقليم تجورة وأجرينا معه هذا الحوار:-

 

 

القرن / كيف جاءت فكرة تنفيذ مشروع (قرية النخيل)؟

 

رجل الأعمال / بداية أشكر جريدة القرن الموقرة على حرصها الدائم على إلقاء الضوء على المشاريع التنموية الكبيرة من خلال التغطية الصحفية المتكاملة كما عودتنا.. أجدد شكري لكم ولادارة الجريدة على إتاحتها الفرصة للحديث عبر منصة الجريدة عن مشروع (قرية النخيل) بشقيه العقاري والفندقي، فكرة المشروع بالنسبة لي ليست فكرة جديدة، كانت الفكرة مختمرة في ذهني منذ زمن طويل، كمستثمر علمت أن منطقة خليج تجورة منطقة سياحية بامتياز لم تستغل مواردها إلى الآن، طبيعتها الجغرافية ملهمة لتنفيذ مشاريع استثمارية واعدة وهي منطقة بكرة غنية بمواقعها السياحية الخلابة الجميلة،و بسواحلها الرملية البيضاء،التي تضفي علي الخليج جمالا يستقطب السياح من كل مكان، أضف إلى ذلك بحيرة عسال التي لا تضاهيها أي منطقة في البلد بجمالها ومواقعها السياحية الخلابة. عند تدشين مشروعين عملاقين من قبل فخامة رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله،في المدينة البيضاء لتعزيز سياسة اللامركزية،والمتمثلين في مشروع ميناء تاجورة،ومشروع الخط السريع الذي يربط جيبوتي عبر مدينة تجورة بإثيوبيا، وقتها أدركت أن توقيت المشروع قد أتى فعلا وفكرت كيف أستغل الوضع لصالحي، وأنا أدرك جيدا أن مدينة تجورة مدينة صغيرة ليست فيها مساحة عمرانية تستوعب عدد كبير من عمال الترانزيت والمستثمرين من كلا البلدين، وليست فيها فنادق كثيرة سوى فندقين صغيرين لا يسع لهذا الكم المتوقع من العمال في الميناء والمستثمرين في حال بدء الميناء العمل فعليا، من هنا بدأت فكرة تنفيذ (قرية النخيل) قرية النخيل عبارة عن فيلل متكاملة الحمد لله اكتملت المرحلة الأولى من المشروع بنجاح وعددها 65 فيلا حسب المواصفات العصرية، دشنها فخامة رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله،قبل سنتين، وبعدها بدأت بتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع المتمثل في الفندق ( فندق جادلي) من فئة أربعة نجوم الذي تم بنائه بالمواصفات العالمية وهو فندق ضخم وكبير متعدد المهام والحمد لله تكللت جهودنا بالنجاح بافتتاح رسمي من قبل فخامة رئيس الجمهورية السيد / إسماعيل عمر جيله،قبل أسبوع.

 

القرن / ما هي الصعوبات التي واجهتكم أثناء تنفيذ المشروع في المرحلتين؟

 

رجل الأعمال  / فعلا واجهتنا الكثير من الصعوبات والمشاكل أنتم تعلمون أن أي مشروع تجاري أو استثماري لابد أن يسحب معه العديد من المشاكل والظروف غير المتوقعة، ومن المشاكل التي واجهتنا أثناء تنفيذ المشروع أولآ: مشكلة الأرض أي المساحة التي يمكن أن ينفذ فيها المشروع، الجميع يعرف أن منطقة تاجورة منطقة قبلية، بمعنى كل منطقة أو مساحة معينة تخضع لسلطة أوملكيتها لقبيلة معينة من القبائل حسب التقاليد الموروثة في المنطقة، ولذا كان علينا استرضاء الأعيان والسلطات المحلية في المنطقة، ثانيا : مشكلة القوانين الاستثمارية لاسيما قانون متعلق بالاستثمار بمعنى أن قانون الاستثمار في جيبوتي يقتصر في العاصمة وليس هناك بند يشير أو يتعلق بالأقاليم الداخلية للبلاد، فيما يتعلق بالتسهيلات المتعلقة في الضرائب للمستثمرين المحليين، مثلا المستثمر حينما ينفذ المشروع في العاصمة، يجد بعد التسهيلات والأمر يختلف في الأقاليم الداخلية، ومثال ذالك أنا مثلا: أقوم بتنفيذ مشروع فيلا في منطقة (هراموز) بنفس الشروط و المواصفات لمثيلتها في تجورة، في هذه الحالة أجد بعض التسهيلات من الضرائب في العاصمة، وأيضا كل أدوات البناء موجودة وقريبة، وفي النهاية أستطيع بيعها بسعرأغلى عن مثيلتها في تاجورة وذلك باختلاف المنطقة والحالة الاجتماعية التي تعيشها كلا المدينتين، وفي حال مشروعنا في تجورة لا نجد تسهيلات من الضرائب، وكل أدوات البناء نطلبها من العاصمة، ويتوجب منا تحميلها بسيارات الأجرة، إلى حاضرة الإقليم عبر مساحة قدرها 200كم تقريبا ولهذا يتطلب منا تنفيذ المشروع الكثير من الجهد والوقت والمال، أضف إلى ذلك مستوى العمالة متدني للغاية في تجورة، وهذا لا يعني قلة الأيادي العاملة بل قلة الخبرة المتوفرة لدى أغلب العمال، حيث لم يسبق لهؤلاء العمال سوى العمل بالمباني العادية في المنطقة، ولم يعملوا في مثل هذا المشروع، ولذا اضطررنا أن نأتي بعمالة من العاصمة،وإخضاع العاملين المحليين للتدريب لمدة أشهر، وهذه بعض العقبات التي واجهتنا أثناء تنفيذ المشروعين.

 

القرن / برأيكم هل أسهمت مشاريعكم في تقليل البطالة لدى الشباب في اقليم تجورة؟

 

رجل الأعمال / نعم أستطيع القول أن هذا المشروع أسهم بالفعل بعض الشيء في تقليل البطالة،وزيادة فرص عمل في تجورة وخاصة لدي الشباب منهم، في بداية المشروع كنا بحاجة إلى الكثير من العمال حسب المشروع، سجلنا من الشباب ما يعادل ألف عامل،وهذا عدد كبير من الأيادي العاملة، مثلا بناء 64 فيلا في آن واحد تتطلب كثرة الأيادي العاملة، في مجالات متعددة منهم الحراس ومنهم الحمالين ومنهم قواد السيارات والبنائين والكهربائيين الخ... وبعد انتهاء المرحلة الأولى من المشروع ظهرت أيضا وظائف كثيرة، أما في ما يتعلق بالمرحلة الثانية للمشروع المتمثل (بفندق جادلي) في هذه الفترة احتجنا أيضا الكثير من العمال أستطيع القول المئات منهم واستمر في ممارسة أعمالهم لمدة سنة تقريبا إلى الانتهاء بشكل كامل من المشروع،هذا العدد الكبير من العمال،لاشك بصورة أو بأخرى أسهم في تقليل البطالة لدى الشباب في مدينة تجورة، والآن بعد افتتاح الفندق رسميا نحتاج إلى عمال لأكثر من مائة وظيفة رئيسية شاغرة وهناك وظائف أخرى ثانوية كثيرة والمجال مفتوح أمام شباب تجورة للعمل .

 

القرن / علمنا بوجود مرحلة ثالثة لمشروعكم العقاري فهل لديكم توجه للشروع قريبا في تنفيذ المرحلة الثالثة؟

 

 رجل الأعمال / نعم بالفعل هناك ما نعتبره المرحلة الثالثة للمشروع ونريد تنفيذ أكثر من 65 فيلا في حي الشرطة أما فيما يتعلق بالمشاكل ليست هناك مشاكل، رئيس الجمهورية أصدر مرسوم رئاسي بهذا الشأن، ونحن الآن بصدد الانتهاء من بناء المساكن البديلة لهؤلاء السكان في منطقة أخرى وهي منطقة (لايساعدوا) خلال الشهور القادمة سيتم نقلهم إلى المساكن الجديدة التي بنيت خصيصا لهم، وذلك بعد الانتهاء من خدمات المياه والكهرباء، أما نحن قبل أن نستأنف المرحلة الثالثة من المشروع تنتظرنا في هذه المرحلة أعمال كثيرة وجهود جبارة، تتعلق بتنظيف حي الشرطة بالكامل من المنازل،وهذا الحي حي كبير فيه المئات من المنازل، لذا يتوجب علينا إزاحة كل هذه المنازل المتراصة في مساحة واسعة بشكل كامل، وكل هذا يتطلب الوقت والجهد والمال، والكثير من الأيدي العاملة، بعد الانتهاء من كل هذه المشاكل سنبدأ من جديد بالشروع في تنفيذ المرحلة الثالثة للمشروع،الذي يتكون من أكثر من 65 فيلا متكاملة،بنفس مواصفات المرحلة الأولى من المشروع بحيث ازدادت الطلبات علي الفيلل من داخل العاصمة جيبوتي وذلك بسبب موقعها الخلاب المتميز على البحر.

القرن / الآن نرجع للمرحلة الثانية للمشروع وهو مشروع (فندق جادلي) ما هي التحديات التي واجهتكم ؟

 

رجل الاعمال / فعلا هناك تحديات وهي نفس التحديات التي ذكرتها آنفا المتمثلة في الضرائب واستيراد أدوات البناء من العاصمة، وأيضا هناك عقبات أخرى فرضت نفسها، وتوجب علينا أن نتعامل معها بحنكة، أنتم تعلمون تنفيذ مشروع الفندق يختلف عن مشروع الفيلا، لاسيما إذا كان الفندق من فئة أربعة نجوم وفق المواصفات الدولية، وتنفيذ المواصفات والمعايير الدولية للفندق نحتاج إلى مهندسين أكفاء،ذات مهارة عالية في مجال بناء الفنادق بمواصفات عالمية،ولذا وجب علينا استقطاب هؤلاء المهندسين، أضف الي ذلك أن منطقة تجورة منطقة حارة جدا في الصيف، تصل درجة حرارتها في فترة الصيف أحيانا 50 درجة ، بسبب هذه المعضلة توجب علينا استيراد أدوات العزل الحراري من الخارج بكميات كبيرة لاسيما بفندق كبير بحجم أربعة نجوم تسع مساحته (ألف متر) يحتوي على 65 غرفة وفق المراتب والمواصفات، بالإضافة إلى المطابخ والصالة كبيرة الحجم للمطعم تسع لـ50 طاولة، أضف إلى ذاك صالات رياضية، وصالات المؤتمرات والاجتماعات، وصالات الأفراح والأعراس، بالإضافة إلى المخازن الكبيرة للمؤن والأدوات الأخرى مثل المفروشات وأدوات التنظيف وغرف العمال وغيرها،

 

القرن/ هل لديكم مشاريع أخرى في المستقبل في المنطقة لاسيما ذكرتم آنفا المميزات السياحية التي تزخر بها المنطقة؟

 

رجل الأعمال / بالطبع لدينا مشاريع استثمارية في مجال السياحة، كما أسلفت منطقة خليج تجورة،منطقة سياحية بامتياز تزخر بموارد سياحية واعدة، والمتمثلة في الشواطئ الرملية الجميلة، والبيئة البحرية البكرة للغوص لاستكشاف روائع الدرر البحرية والأعشاب المرجانية الجميلة وأنواع من الأسماك الجميلة النادرة في الأماكن الأخرى، وننوي في المستقبل تنفيذ عدد من المنتجعات السياحية على طول الساحل في خليج تجورة بمواصفات عالمية ا، لاستقطاب أكبر عدد ممكن من السياح ليس من المنطقة فحسب بل في العديد من دول العالم ، كما ننوي تنفيذ مشاريع أخرى من قبيل انشاء القرى السياحية في عدد من المناطق الجبلية الجميلة ذات الأجواء الباردة والمعتدلة، وهذه المناطق تزخر ببيئة سياحية جميلة،وبأنواع مختلفة من الحيوانات النادرة في تلك المرتفعات و البراري، خصوصا منطقتي (مبلا) و(جودا)، كلها مناطق سياحية بكرة لم تستغل إلى الآن، وكل هذه المشاريع التي ذكرتها لك تحتاج إلى التمويل والمبالغ الهائلة من المال والأيادي العاملة، مثلا المناطق الجبلية تحتاج قبل تنفيذ المشاريع السياحية عليها إلى تعبيد الطرق الموصلة اليها،وهي مناطق جبلية شديدة الوعورة تحتاج إلى الكثير من المال والوقت والجهد، ولا يمكن تنفيذ هذه المشاريع إلا بالتعاون مع الحكومة،

 

القرن/ ونحن نصل معكم الي مافي ختام هذا الحوار هل ثمة نصيحة تحبون توجيهها للشباب المستثمرين الجدد عبر هذا اللقاء؟

 

رجل الاعمال / أولا أود أن أشير إلى أن كل عمل استثماري يتطلب إلى الكثير من الجهد والكثير من الصبر، حتى تنجح لابد أن تكون قادرا علي تجاوز الصعوبات والخيبات التي تعترض طريقك وحتي الفشل في البداية، لكل مشروع أيا كان تجاري أو استثماري يحتاج إلى الصبر وقوة التحمل، يجب أن نعلم أن النجاح لا يأتي بسهولة، أضرب لك مثال على ذالك، نحن حينما أسسنا شركة (شاب) متعددة المهام قبل عشرة أعوام بالشراكة لم نقبض رواتبنا لمدة عام تقريبا،واجهتنا الكثير من الصعوبات ، مع ذلك لم نتراجع واجهنا كل هذه المصاعب بعزيمة وإصرار حتى نجحنا، ولذا أنصح شبابنا المستثمرين أن يتسموا بالصبر والعزيمة في تنفيذ مشاريعهم، وعليهم في البداية أن يدرسوا كل الجوانب والاحتمالات الممكنة لمشاريعهم الاستثمارية، وأيضا عليهم أن يتحلوا بالمرونة في كل شيء لاسيما في ما يتعلق بالأعمال.

 

أجرى الحوار/ 

محمد عتبان