في أول زيارة له، منذ تسلمه منصب المدير العام لجمعية الرحمة العالمية، وصل الدكتور عيسى الظفيري، إلى جيبوتي مطلع الأسبوع الحالي، على رأس وفد رفيع المستوى، ضم كلا من الدكتور غانم الشاهين، نائب المدير العام لشئون البرامج والمشروعات، ورئيس مكاتب غانا والنيجر واثيوبيا والسودان، الأستاذ يوسف الطويل، إضافة إلى رئيس مكاتب جيبوتي والصومال وتنزانيا بجمعية الرحمة، الدكتور محمد الراشد.

وخلال هذه الزيارة قام الوفد بجولة تفقدية للعديد من المشروعات التنموية التي نفذتها الرحمة العالمية، ممثلة بمكتبها الإقليمي في جيبوتي على مدار السنوات الماضية، كما شارك في حفل تكريم المتفوقين من طلاب الثانوية الصناعية والثانوية العامة، الذين تخرجوا من مدرسة الرسمية.

وفي إطار زيارته للبلاد التقت جريدة القرن المدير العام للرحمة العالمية، وأجرت معه هذا اللقاء، الذي يسلط فيه الضوء على مسيرة الجمعية، إحدى المؤسسات الخيرية الكويتية العاملة في المجالات الخيرية والإنسانية منذ العام 1982.

القرن: السيد المدير العام في البدء نود أن نرحب بكم في جيبوتي، أرض اللقاء والتبادل، وأن نشكركم على قبول إجراء هذا الحوار معكم، كما نود أن تطلعونا أولا على الأهداف الرئيسية لزيارتكم إلى البلاد؟

المدير العام للرحمة العالمية: بادئ ذي بدء اسمحوا لي أن أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لي، وأن أثمن عاليا الجهود التي يبذلها القائمون على هذه الصحيفة المباركة، صحيفة القرن التي تسعى دائما إلى نشر الخير وإيصال جوانب البر والمعروف إلى الناس من خلال هذه الوسيلة التي تحظى بالنشر والانتشار. بين يدي هذه الكلمة، شكر خاص لرئيس جمهورية جيبوتي الذي حبانا بالكرم ومنحنا الكثير من الفرص لتحقيق هذه المشاريع الخيرية في هذه البلاد المباركة التي كانت هي حلم كل من يقوم بالعمل الخيري، أو يسعى لإيجاد عمل تنموي خيري نافع. 

لقد أتينا إلى هذه البلاد الطيبة على رأس وفد هام من جمعية الرحمة العالمية، لنطَّلع عن قرب على المشاريع الخيرية ولنتعرف وننعم أيضا بهذه الفضائل، لأنه من نعم الله عز وجل على الإنسان أن يجد الأثر والمردود لما أنجزه أو ما قدمه أو ما كان سببا في تقديمه للآخرين.لذلك، اليوم نحن في جيبوتي، حيث نقف أمام مؤسسات خيرية مجتمعية رائدة، محل فخر لنا جميعا ليس فقط في جيبوتي، إنما صورة هذا المجمع وصورة الرئيس إسماعيل عمر جيله، عند افتتاح هذا المجمع تزدان بها جمعية الرحمة في الكويت عرفانا لفخامة الرئيس بالفضل -بعد فضل الله عز وجل-إذ أن هذا الصرح الحضاري يشكِّل من أهم المشاريع النوعية ذات الأثر النافع في مختلف الدول التي تعمل فيها جمعية الرحمة.

إننا بالفعل نجد أن لهذه المشاريع الخيرية ميزة وطابعا خاصا... نسأله جل وعلا أن تحقق الغاية من وجودها، وأن تحقق الأثر النافع لأهلنا في جيبوتي.

القرن / طيب إذا أردنا أن نعود إلى الوراء قليلا بحيث نسلط الضوء على مسيرة الرحمة العالمية من حيث الفكرة والإنشاء، وعلى امتداد هذه العقود إذا صح التعبير ماذا قدمت للمجتمعات وما هي منجزاتها الكبرى؟  باختصار حدثونا عن مسيرة الرحمة العالمية؟ 

المدير العام للرحمة العالمية: نعم، جمعية الرحمة العالمية، هذا المسمى يعود إلى 2017، إلا أن مسيرة العطاء لهذه الجمعية المباركة من خلال مراحل زمنية متفاوتة تمتد إلى أربعين سنة، لا شك أنها أنجزت أعمالا كثيرة ولله الحمد، ولا نقول ذلك افتخارا ولا تفاخرا ولا تعاظما، إنما هي حقيقة واقعة. الرحمة العالمية بفضل الله عز وجل تجدها حيث الفقير والمسكين وحيث المشاريع التنموية، وحيث المبادرة لتقديم كل نفع للناس أينما حلوا وأينما ارتحلوا، فهي مسيرة طويلة بفضل الله عز وجل وعطاءات لا تعد.ولا ننسب هذا الفضل لأنفسنا في القائمين على العمل في جمعية الرحمة العالمية، إنما الفضل بعد فضل الله عز وجل للمتبرعين وللمساهمين وللمتصدرين الذين مدوا أيادي الخير والعطاء عرفانا منهم وأيضا احتسابا للأجر والثواب فما أن يدعوا إلى عمل من الأعمال الخيرية إلا ونجد المبادرة من أهلنا في الكويت وأيضا في الخليج ومن كل الناس الذين لهم رغبة في إيصال الخير للمحتاجين.

القرن / طيب هذا فيما يتعلق بمسيرة جمعية الرحمة العالمية ومنجزاتها الكبرى بشكل عام، لكن بشأن البرامج والمشروعات المنفذة من الرحمة العالمية ممثلة بمكتبها في جيبوتي؟

المدير العام للرحمة العالمية: إن رسالتنا الأساسية في جمعية الرحمة العالمية هي بناء الإنسان، الذي يمثل محور العمل في جمعية الرحمة، بمعنى آخر رؤيتنا ورسالتنا في جمعية الرحمة هي الإنسان والحرص على هذا الكائن البشري سواء في جيبوتي وفي غيرها من الدول، إلا أن جيبوتي لها خاصية ولها تقدير ـ لأنه كما قال الله عز وجل هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ هذا الود وهذا التفاعل الذي رأيناه من أهل جيبوتي على المستوى الرسمي وعلى المستوى الشعبي دافع حافز كبير للقيام بالكثير من المشاريع.

 ونحن اليوم كنا في جولة للمشاريع التي نُفذت، وأيضا هذه الجولة أكسبتنا بل دفعتنا إلى أن نبادر إلى المزيد من المشاريع وأن نتحمل حاجة الفقير والمسكين وأن نحمل هذه الرسالة التي لم توصل لنا مباشرة بلا أفواه أو بالخطابات، إنما من خلال الواقع، سنحمل هذه الرسالة للتخفيف من معاناة الفقراء في جيبوتي، وأيضا المساهمة في التنمية بإذن الله عز وجل.

من جهة أخرى يمثل التعليم محورا أساسيا من المحاور التي نحرص عليها، وهو من المشاريع ذات الأولوية في عملنا في الرحمة، ولا ننسى كذلك الجانب الصحي وأيضا الشعائر التعبدية من خلال بناء المساجد والمدارس، وأيضا مساعدة الفقراء بمشاريع نوعية منها مشروع ثابر الذي يسعى لدعم الفقير والمحتاج وتوفير مستلزمات الحياة له، وأن يتحول من متلقي إلى معطي، وأن تكون هذه التنمية الذاتية وتحمل المسؤولية في قيامه بشؤون نفسه بعد وقوفنا بعد الله عز وجل معه لينهض ويكون عنصرا فاعلا في المجتمع بإذن الله عز وجل.

القرن / لا ننسى أيضا قطاع الإسكان الاجتماعي؟. 

المدير العام للرحمة العالمية: قمنا اليوم بزيارة تفقدية لهذا القطاع الحيوي المهم الذي نعتبره مفخرة، بحيث يمكن الناس من الانتقال من أماكن غير صالحة للسكن إلى أماكن تصلح وتتناسب مع كرامة الإنسان وقيمته، لأن السكن هو أمن وأمان وانطلاق إلى متطلبات الحياة الأخرى. لذلك أنشئت القرى النموذجية من قبل الرحمة العالمية وتتوفر في هذه القرى مستلزمات الحياة، من المساكن والمساجد والمدارس والمستوصفات وغيرها، ما من شأنه القضاء على الجهل وأيضا تحقيق كل متطلبات الحياة، ونسعى للمزيد بإذن الله عز وجل من هذه المشاريع.

القرن / ما أوجه التعاون والشراكة بين الرحمة العالمية والحكومة الجيبوتية؟

المدير العام للرحمة العالمية: الكلمات لا تكفي للتعبير عن شكرنا على هذا التعاون وعلى ما قُدم لنا من مساعدات وتسهيلات، ومبادرات، وهذا يدفعنا بعد توفيق الله عز وجل إلى أن نبذل المزيد من المشاريع، لأن جمهورية جيبوتي بيئة خصبة إداريا ومجتمعيا لأن ننفذ بها المشاريع الخيرية النافعة بإذن الله جل وعلا. 

القرن / تقييم عام للتقدم المحرز في مجمل الأنشطة والمشروعات. بمعنى آخر كيف تنظرون إلى ما تم انجازه على مدار العقود الثلاثة تقريبا في جيبوتي؟ 

المدير العام للرحمة العالمية: أنا سأختصر كل الكلمات لأقول، اليوم شهدنا حفلا تكريميا للطلاب الثانوية العامة والصناعية بمجمَّع الرحمة في جيبوتي، ورأينا هذه النماذج الفذة في كل المستويات، مستوى التفوق العلمي والتفوق التقني والمهني وأيضا الأداء الإعلامي الرائع، وإن هذا النجاح يجسد معنى التعاون بين هذه المؤسسة والمرافق الأخرى ذات العلاقة. 

كذلك يحظى مستشفى الرحمة بإشادة الجميع. طفنا بكل الأقسام. التقينا بكل القائمين على العمل. رأينا شيئا يسر الخاطر بعيدا عن المجاملات حقق نفعا ماديا ومعنويا، ورأينا بأعيننا نتائج مبهرة لما قامت به هذه القامات العلمية في المستشفى من عمليات جراحية انتقل بها المريض من صورة إلى صورة ومن معاناة إلى أمل بإذن الله جل وعلا.

القرن / طيب ...دعونا هذه المرة نستشرف المستقبل فيما يتعلق بمشروعات الرحمة العالمية، بمعنى أخر... ما الجديد الذي تحملونه إلى جيبوتي في قابل الأيام؟

المدير العام للرحمة العالمية: من الأمور التي سنحرص عليها تعزيز حضور المكتب الإقليمي للرحمة العالمية في مختلف مجالات العمل الإنساني، سنعمل على متابعة أوضاع الطلاب المتخرجين من المجمع لحين استكمالهم الدراسة الجامعية، فوقوفنا إلى جانبهم لن ينتهي بتخرجهم من الثانوية العامة أو الصناعية، بل سنقدم لهم الدعم والرعاية ما يجعلهم عناصر مؤثرة، على مستوى المجتمع في جيبوتي من خلال الابتعاث ومن خلال المنح الدراسية التي ستقدم لهم بإذن الله عز وجل.

كذلك سنسعى إلى توسيع وتعزيز المشروعات التنموية الأخرى التي نقوم بها بالتعاون والتنسيق مع السلطات الجيبوتية ذات الاختصاص، لتلبية احتياجات الفئات المستفيدة من تدخلات الجمعية، ممثلة بمكتبها في جيبوتي، وكذلك ترسيخ الشراكة الناجحة القائمة مع الحكومة، بقيادة رئيس الجمهورية، السيد/ إسماعيل عمر جيله، الذي يولي اهتماما بالغا ببرامج العمل الخيري.

القرن/ بعد هذه الجولة القصيرة على أنشطة الرحمة العالمية في جيبوتي، نصل وإياكم إلى مرافئ الختام، فهل من كلمة أخيرة تودون قولها؟

أقول.. إن الشعب الجيبوتي شعب عريق، وهو شعب يحمل الأخلاق والصفات الجميلة والحسنة، فضلا عن كونه يعي ويدرك جيدا معنى الوفاء، إنه قبل هذا وذاك شعب يحرص على إكرام الضيف، وهناك معاني قيمة كثيرة لمسناها من هذا الشعب المعطاء خلال هذه الزيارة، نسأل الله جل وعلا أن يمكننا من أن نقدم لهم المزيد، وهذه رسالة ليس فيها امتنان ولا تفضل، إنما توفيق من الله جل وعلا أن نساهم في شيء يرتقي بالمستوى المعيشي والاجتماعي والمستوى العلمي والطبي بإذن الله عز وجل.

 

أجرى الحوار 

محمد عبد الله