تربط جيبوتي ومصر علاقات متميزة، على أكثر من صعيد، ترتكز على التضامن الفاعل والتعاون البناء، وسط مساع متزايدة من البلدين لتعزيز التعاون والشراكة ولمواكبة هذا الزخم المتنامي فيما يتصل بتعزيز علاقاتهما المتينة،واستشراف افافها المستقبلية اجرت القرن أول لقاء صحفي مع سعادة سفير جمهورية مصر العربية السيد خالد فادي الشاذلي وفيما يلي نص الحوار :-
القرن/ بداية كيف تقيمون سعادة السفير العلاقات الثنائية المصرية- الجيبوتية في المرحلة الراهنة وهل بالإمكان تقديم نبذة مختصرة عن المراحل التي مرت هذه العلاقات؟ السفير/ بداية أتقدم بجزيل الشكر والعرفان لصحيفة « القرن « إدارة وموظفين لإتاحتهم لي هذه الفرصة وإنني بالفعل أعتز بأنى أجرى معها أول مقابلة صحفية في جيبوتى، وأتمنى لها مزيداً من التقدم والازدهار في مسيرتها المباركة لنقل الحقيقة بالكلمة، أما فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين جيبوتي ومصر فلا يمكنني غير القول بأنها علاقات متميزة تضرب جذورها في عمق التاريخ منذ عهد الفراعنة، وهناك قواسم مشتركة عديدة بين الشعبين، وتمتاز العلاقات بعمقها ومتانتها وتناسق المواقف السياسية بين قيادتيها، وبالدعم المتبادل في القضايا السياسية والتضامن فيما بينهما في مواجهة التحديات المشتركة، فكما كانت ولازالت تدعم القاهرة مواقف جيبوتي منذ الاستقلال، كذلك فعلت جيبوتي الشقيقة التي كانت باستمرار الي جانب مصر داعمة لمواقفها السياسية علي المستوي الاقليمي والدولي، وعليه أعود لسؤالكم الأول عن المراحل التي مرت بها العلاقات بين البلدين الشقيقين، لأرد بأنه لا يمكن تقسيم العلاقات بينهما إلى مراحل، لأنها وحدة واحدة من التضامن والتآخى والمصير المشترك منذ القدم وإلى الآن وحتى نهاية الزمان. وعندما عينت سفيرا لمصر لدى جيبوتي، جئت محملاً بمهمة واضحة، وفقاً لتوجيهات القيادة العليا في البلدين، وهى أن أبنى على جهود زملائى الأفاضل من السفراء السابقين بالتنسيق مع سفارة جيبوتى في القاهرة، من أجل تفعيل وتعزيز التعاون المشترك بين البلدين في جميع المجالات دون استثناء ودون أى حدود. القرن / ما هى أبرز الجوانب والمجالات التى تعتقدون انها تستحق تركيز اكثر في التعاون بين البلدين وهل هناك ثمة مشاريع يتم الإعداد لها تمثل إضافة نوعية لهذا التطور؟ السفير / إن مصر ترتبط مع جيبوتي بعلاقات اقتصادية وتجارية قوية، حيث هناك العشرات من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم للتعاون بين القاهرة وجيبوتي في مختلف المجالات موقعة منذ الثمانينات بما يوفر الإطار القانوني والتنظيم المؤسسى للعلاقات، والعديد من هذه الاتفاقيات مفعل والبعض الآخر يحتاج إلى التنشيط، وهو ما نسعى لتحقيقه. ان حجم التبادل التجارى بين مصر وجيبوتى تضاعف بشكل لافت في السنوات الأخيرة ليتجاوز 150 مليون دولار خلال العام الماضى وهناك الكثير من الخطوات التي ستتبلور في الفترة القصيرة القديمة والتي ستساعد على مضاعفة هذه الأرقام. فعلى سبيل المثال سيتم خلال أشهر قليلة افتتاح بنك مصر/جيبوتى في العاصمة جيبوتى، وهو من أكبر المصارف والمؤسسات المالية في مصر وفى المنطقة، وسيكون له دور كبير في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية بين البلدين، كما سيتم إطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة وجيبوتي على شركة مصر للطيران بالتعاون مع الطيران الجيبوتى، بما سيفتح آفاقاً أرحب للتبادل السياحى والتجارى وحركة المسافرين بين وعبر البلدين الشقيقين، سيتم كذلك العمل على إنشاء مجلس الأعمال المشترك المصرى الجيبوتى. هناك كذلك العديد من المبادرات المطروحة كمشاريع مشتركة بين جيبوتي ومصر، منها على سبيل المثال التعاون في مجال الاتصالات والتقنيات الجديدة وإنشاء مراكز المعلومات وتبادل الخبرات بين البلدين في هذا المجال العصرى الهام، حيث يعد البلدين معبرين رئيسيين في الإقليم للكابلات البحرية. تم إطلاق حوار بين وزارات الزراعة والموارد المائية في مصر وجيبوتى حول تعزيز علاقات التعاون بين البلدين في المجال الزراعى وإدارة الموارد المائية لنقل الخبرات المصرية العريقة في هذا المجال إلى جيبوتى، كما سيكون هناك تعاوناً في مجال الأسماك، هذا بخلاف التجارة الضخمة الحالية في مجال المواشى الحية. اتصالاً كذلك بالعلاقات الاقتصادية والتجارية فهناك حرص متبادل من الجانبين على المشاركة في المعارض والأسواق الدولية، بالإضافة إلى تطوير التعاون بين هيئة قناة السويس في مصر وسلطة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتى، حيث أن البلدين يمثلان البوابتين الشمالية والجنوبية للبحر الأحمر الذى يمثل أحد الشرايين الرئيسية للتجارة العالمية، ولا يفوتنا في هذا الإطار الإشارة الي وجود تفاهم بين البلدين علي إقامة منطقة لوجستية مصرية في جيبوتي وهو المشروع الهام الذى يقع محل الدراسة والتدقيق. بشكل عام لدي طموح كبير ان تصل ثمار العلاقات بين البلدين الي كل بيت في جيبوتي، وهذا يقتضي ان ينخرط البلدان في استثمارات مباشرة وغير مباشرة، واقامة مشاريع توفر فرص عمل للأيدي العاملة الجيبوتية، ولدينا في مصر امكانات كبيرة في مجال الصناعات الغذائية والملابس والأدوية، وكذلك في مجال الإنشاءات والتي تتميز في ذات الوقت بالجودة وبأسعارها التنافسية، ونعمل على نقل هذه الصناعات والمنتجات إلى الشقيقة جيبوتى. أما في مجال التعاون الفني، فإن مصر تحرص على تقديم فرص التدريب وبناء القدرات للكوادر الجيبوتية في مختلف المجالات سواء كانت عسكرية أو مدنية، كما أنها تحرص على تقديم الدعم الفني والتقنى وفقاً لاحتياجات الجانب الجيبوتى، حيث قدمت مصر بالتعاون مع منظمة الاسكوا 1400 جهاز تابلت إلى المعهد الاحصائي الجيبوتي لاستخدامها في اجراء التعداد السكاني الثالث في جيبوتى، وهو التعداد الهام الذى وجه فخامة رئيس جيبوتى بإطلاقه من أجل تدعيم مخططات التنمية والتطوير الطموحة ببيانات ديمغرافية وعلمية سليمة. وفيما يتعلق بالتعاون في القطاعات الحيوية، فهناك تباحث بين وزارتى الصحة في مصر وجيبوتى من أجل إنشاء مركز طبى مصري/جيبوتى في مجال رعاية الأمومة والطفولة في جيبوتى دعماً لقطاع الصحة في جيبوتى بصفة عامة وهذا المجال الهام بصفة خاصة، كما تم فتح قناة تواصل وتعاون بين هيئتى الشراء الموحد في البلدين من أجل التعاون في مجال الدواء. وفى مجال الطاقة، هناك تباحث بين وزارة الكهرباء المصرية ووزارة الطاقة الجيبوتية حول إمكانية إنشاء محطة طاقة شمسية في جيبوتى وتوفير طلمبات مياه تعمل بالطاقة الشمسية. وفى مجال التعليم فإن الجامعات والمعاهد المصرية والأزهرية تقدم العديد من المنح الدراسية سنوياً لطلاب العلم وشباب المستقبل في جيبوتى، وارتباطاً بالتعليم وفى نفس الوقت التعاون الذى يحظى بالأولوية في مجال مكافحة الفكر المتطرف، وفقاً للتوجيهات العليا في البلدين، فقد أوفدت جامعة الأزهر خيرة أساتذتها إلى جيبوتى ليعملوا كهيئة تدريس بمعهد الوسطية الجيبوتى ابتداءً من العام الدراسى 2023/2024 لتدريس مناهج علمية متكاملة مقدمة من جامعة الأزهر لطلاب المعهد لتخريج الأئمة والوعاظ في جيبوتي على أعلى مستوى علمي وتأهيلهم لإمكانية استكمال دراساتهم العليا في جامعة الأزهر في مصر. وفى المجال العسكرى والأمنى فإن التنسيق يجرى بين البلدين على أعلى مستوى، وقد تم مؤخراً عقد اللجنة العسكرية المشتركة بين مصر وجيبوتى لمراجعة مجالات التعاون والاتفاق على خطط التعاون العسكرى في الفترة المقبلة. القرن /في ظل تطابق وجهات النظر لدى القيادتين ممثلة بفخامة الرئيس اسماعيل عمر جيله وأخيه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي،حول مختلف القضايا العربية والإسلامية والإقليمية كيف تصفون مستوي التنسيق بين البلدين بشأن مختلف التحديات التي يواجهها إقليمنا ؟ السفير / ان العلاقات المصرية-الجيبوتية، ومواقف البلدين، تقدم نماذج مشرفة في التعامل بالحكمة والحوار مع القضايا الوطنية والإقليمية، وإن توافق قيادتي البلدين على التشاور والتنسيق المشترك في كل ما من شأنه تحقيق مصالح الشعبين الشقيقين وخدمة القضايا الإقليمية والدولية، وإننا نثمن مواقف جيبوتي الداعمة لمصر في المحافل الإقليمية والدولية، وليس من المبالغة في القول اننا دائما نركن الي الدعم الجيبوتي للمواقف المصرية كما تركن جيبوتى دائماً للدعم المصرى، كما أنى لا أبالغ مطلقاً عندما أقول أن هناك تطابق شبه كلى في المواقف من كل الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك. إن هذا التناغم الكامل في العلاقات بين البلدين ينعكس بوضوح على المستوي الفردي، فجاليات البلدين في بلديهما مصر وجيبوتى لاتشعر بأى غربة فيهما، ولا تمييز، يعضد من ذلك التقارب الكبير بين الشعبين في اللغة والدين والعادات والتقاليد. اجري الحوار/ زياد احمد يوسف