صدر مؤخرا للكاتب أحمد قورح عبسييه كتاب بعوان» الموروث الثقافي « أو ( KAYD DHAQAN) ، وأجرت معه القرن الحوار التالي حول دوافع كتابته عن التراث وأهمية الحفاظ عليه، والرسالة التي أراد أن يوجهها للقارئ من خلال هذا الكتاب، وفيما نقدم لكم فحوى حديث الكاتب خلال المقابلة.

‎القرن: بداية، ما الذي دفعك للكتابة عن التراث وأهمية الحفاظ عليه؟ وهل ترى أن هناك تحديات جديدة يواجهها التراث اليوم؟ ج/ بعد تقييمي لحضور تراثنا العريق لدى أجيالنا الحالية، وجدت أنهم لا يعرفون عنه شيئا، بل ويعتبرون الحديث عن تراث الأمة من القصص المسلية، إن هذا الأمر جعلني أقلق عن التحدي الكبير الذي يهدد بانقراض تراثنا في المستقبل القريب، وأفكر في ذات الوقت عن بادرة أستطيع من خلالها المساهمة في الحفاظ عليه، وقد جسدت هذه البادرة بإصدار كتابي» الموروث الثقافي». ‎القرن: ما هي الفكرة المحورية التي أردت أن توصلها للقارئ من خلال هذا الكتاب؟ ‎الكاتب: الفكرة الأساسية بسيطة وعميقة في آن واحد: التراث ليس مجموعة من الآثار أو القصص القديمة، بل هو منظومة متكاملة لحياة مجتمعاتنا. أردت أن أبين للقارئ كيف أن الحرف التقليدية، والقصص الشفوية، تشكل قاموسا لكل ما يتعلق بمفردات الحياة لأجيالنا المتعاقبة في الماضي. وتجد ذلك مجسدا بشكل مفصل في جميع فصول هذا الكتاب بأسماء الأدوات ذات المنشأ الحجري أوالنباتي، والتي انتفع بها الناس من قبيل أعمدة البيت التقليدي والتي تختلف أسماؤها باختلاف أهميتها وموقعها في هيكل البيت (udub dhexaad ) ،( dhig dhaxo) ، او أغطية البيت التي تحمل هي الأخرى أسماء مختلفة بناءا على موقعها في المنزل التقليدي (kebed) ،(alol) وغيرها من الكثير من هذه الأدوات. ‎القرن: في كتابك، ما هو أبرز قصة ثقافية أو تراثية كتبت عنها للقارئ في كتابك؟ ‎ج: هناك قصة أثّرت فيّ كثيراً عن سجال شعري بدأته شابة من خلال وضعها قصيدة بعنوان ( gayaan) على شبكة التواصل الاجتماعي ، وهي قصيدة تحمل تلويحا بالقول» أين شريك الحياة المناسب». كنت واحدا من خمسين شاعرا شاركوا في هذا السجال، حيث فزت في المركز الثاني بعد تقييم قصائد المشاركين. ‎القرن: بصفتك كاتباً مهتماً بالتراث، ما هو الدور الذي تراه مطلوباً من الأفراد (وليس فقط المؤسسات) للحفاظ على هذا الإرث ونقله؟ ‎ج: الدور الفردي هو الأهم على الإطلاق. أنا أراه في ثلاثة مستويات: الاستهلاك، والتوثيق، والتعليم، الاستهلاك هو : أن يهتم الفرد بشراء الكتب لضمان استمرارية انتاج المزيد منها. ويعني التوثيق: اهتمام الأدباء بالكتابة عن التراث قبل أن يندثر. أما التعليم فهو: تكريس جهود المختصين لتشجيع الأجيال الشابة على تعلم تراث أمتهم ، ليصبحوا بذلك حلقة وصل حية. ‎القرن: أخيراً، لو كان بإمكانك أن تترك رسالة واحدة أخيرة لجمهور القراء بخصوص العلاقة بين «التراث والمستقبل»، فماذا ستقول؟ ‎ج: أقول لمجتمعنا أن كيانك أو قيمتك تعتمد على مدى معرفتك لتراث وتاريخ أمتك، لا تنظروا إلى التراث بأنه قصص عفا عليها الزمن ، بل كبوصلة توجهنا. إن استيعابنا العميق لقيمنا الثقافية والتراثية وتاريخنا يمنحنا الثقة لمواجهة تحديات الغد، ويساعدنا على بناء مستقبل فريد ومستدام، بدلاً من استنساخ مستقبل الآخرين. التراث ليس ثقلاً، بل هو جناح لهويتنا يُمكننا من التحليق عالياً.