على هامش اختتام الندوة العلمية مجابهة الشائعات التي نظمت من قبل جامعة جيبوتي بالتعاون مع جامعة نايف للعلوم الأمنية والتي تعد الأولى من نوعها على مستوى الإقليم وتكتسي أهمية بالغة لكونها تتناول ظاهرة كونية ذات إفرازات وانعكاسات خطيرة ومد مرة على كافة المستويات وخاصة في ظل وجود فراغ تشريعي وقانوني للتعامل مع مصادرها المتعددة التي يصعب الوصول إليها .والتباين الكبيرة بين حجم التهديد الذي تشكله وحجم الاهتمام الذي تحظي به والجهود المكرسة لمجابهتها ولذلك كانت هذه الندوة ( مجابهة الشائعات ) محاولة متقدمة وجادة لفهم طبيعة الشائعات في عصر المعلوماتية وتشخيص وظيفة المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني في مجابهتها ورصد سبل ضبط تداعياتها
ولتسليط الأضواء على الندوة وما تمخض عنها ومن أجل فهم أعمق للمشكلة وأبعادها التقينا ممثلين للجامعتين المنظمتين لأعمال الندوة
من جانب جامعة نايف للعلوم الأمينة عميد مركز الدراسات والبحوث أ.د. عبد العاطي أحمد الصياد من جامعة جيبوتي الأستاذ الباحث الدكتور ، محمد على دبد وأجرينا معهما هذا الحوار

الأستاذ الباحث في جامعة جيبوتي الدكتور محمد على دبد
القرن/ تعتبر هذه الندوة الأولى من نوعها فما الذي يعنيه إقامتها بالشراكة مع جامعتكم؟

الأستاذ الباحث/ فعلاً فإن هذه الندوة تعتبر أول ندوة من نوعها لجامعة الدول العربية تقام في جيبوتي وقد عملتا على إقامة هذه الندوة منذ يناير مع المسئولين في جامعة الأمير نايف، وقد تبنت جامعة جيبوتي إقامة هذه الندوة وتنظيمها وقد بذلنا جهوداً كبيرة لإنجاحها وأنجزنا كل الترتيبات اللوجستية المتعلقة في هذه المدة القصيرة نسبياً وأقيمت الندوة في وقتها المحدد مسبقاً.
وقد كان هذا الأمر برمته بمبادرة من جامعتنا "جامعة جيبوتي" الفتية ولقد حرصنا منذ العامين الماضيين على تنظيم لقاءات علمية مع جامعات عريقة لكي يكون هناك تبادل للمعرفة والخبرات التي من شأنها مساعدتنا في إنجاح هذه الندوة، وسيكون هناك الكثير من اللقاءات والبحوث مع الجامعات الإقليمية والعربية والدولية في المستقبل القريب إنشاء الله.

القرن/ من خلال هذه الندوة التي تتناول موضوعاً معقداً ومتشعباً كهذا، فهل استطعتم أن تتطرقوا وتسلطوا الضوء على مختلف جوانب هذه القضية؟

الباحث/ في بداية إجابتي على هذا السؤال أود الإشارة إلى أن هذه أول مرة يتم فيها تناول هذا الموضوع وبحثه بطريقة علمية هنا في جيبوتي، حاولت فيها استعراض الدور المفترض للمؤسسات التربوية والاجتماعية في مواجهة آثار هذه الظاهرة السلبية كما قام زميلي الأستاذ علي محمد علي بتسليط الضوء على الفرق بين الشائعات والحرب النفسية في حالة السلم والحرب وقد حاولنا في هذه الندوة مناقشة هذا والموضوع إنطلاقاً من الأسس والقواعد التي بقوم عليها هذا العلم الذي أصبح علماً مستقلاً وقائماً بحد ذاته ، وتوصلنا بعد كل هذه النقاشات والبحوث الى نتيجة مفادها أن ظاهرة الشائعات ان لم تناقش وتدرس بطريقة علمية منهجية تحاول وضع الحلول ومعالجة الأثار المترتبة عليها فسيكون لها أثر سلبي هدام على الفرد والمجتمع بشكل عام ، وأعتقد أننا نجحنا في هذا الندوة في وضع النقاط على الحروف ووضع معايير وآليات للتعامل مع هذه القضية والتركيز على أهمية التوعية حول انعكاساتها الخطيرة ,

القرن / من خلال هذه الندوة العلمية التي شاركت فيها تسع دول عربية على مستوى الجامعات والوزارات ، فما الذي خرجتم به ؟

الباحث / الأصل في أي ندوة هو التوصيات المتمخضة عنها وبالنسبة لندوتنا فلقد وضعنا 30 توصية أولية ولا يتسع لنا المجال والوقت هنا الآن لسردها لكننا سنعرض عليكم قريباً التوصيات النهائية التي ستصدر من الجامعتين في القريب المنظور ، ولكن من أهم التوصيات هو وضع آليات لمواجهة هذه والآفة والقضاء عليها . وأيضاً إيجاد قنوات اتصال بين أعضاء المجموعة العربية يتم من خلالها التنسيق والتعاون في هذا الصدد .

القرن / بصفتكم باحثاً من هذه المنطقة والتي تنشر فيها الشائعة ويتداولها الناس أكثر من الخبر المؤكد نسبياً ، فكيف هي نظرتكم لأبعاد انتشارها في منطقتنا ؟

الباحث / فعلاً نحن في جيبوتي وفي المنطقة بشكل عام نعاني من الأضرار والأثار السلبية لهذه الظاهرة ونرى الأثر المدمر لهذه الظاهرة والسيئة حلياً في الصومال المجاور وربما نسمع فعلاً عن حدوث هجوم مسلح لجهة ما بسبب إشاعة بسيطة جداً ، ولا ننسى أن مجتمعاتنا هي مجتمعات رعوية تجد فيها الشائعة مرتعاً خصباً وخصوصاً فوق مجالس القات التي يجلس فيها الناس ساعات طويلة يتبادلون فيها الأحاديث في مختلف الشؤون ويكثر فيها القيل والقال لدرجة نستطيع فيها القول بأن الشائعات أصبحت ممارسة يومية يقوم بها معظم الناس والتي تترك بدورها أثاراً ونتائج هدامة على مستوى الأفراد والمجتمع وقد لايعي غالبية الناس خطورة تلك الآثار .

القرن / كلمة أخيرة تودون قولها عبر هذا اللقاء ؟

الباحث / في نهاية هذا اللقاء أود أن أشير الى أن هذه الندوة هي ليست سوى بداية يلبها الكثير من الندوات والمؤتمرات والتي تناقش مختلف القضايا والمواضيع وتبحث في أسبابها ونتائجها والسبل الممكن إتباعها للسيطرة على تلك المشاكل ومن ثم حاجاتهم ، وسيكون لنا في الجامعة إصدارات دورية مستمرة بالإضافة الى البحوث والدراسات ، ولدينا الآن مجلة دورية تصدر كل ثلاثة أشهر ونسعى الآن لجعل هذه الندوات والإصدارات تصدر شهريا.


عميد مركز الدراسات والبحوث في جامعة نايف للعلوم الأمينة أ.د. عبد العاطي أحمد الصياد
القرن / كيف وقع الإختيار على جيبوتي لعقد هذه الندوة ؟

العميد/ في البداية من المهم أن أوضع أن جامعة نايف للعلوم الأمنية هي جامعة كل العرب ولذلك تغطى نشاطاتها كل الساحات العربية و الندوة العلمية التي نظمتها جامعة نايف بالتعاون مع جامعة جيبوتي والتي حظيت بمشاركة عربية واسعة وتعرضت لقضية بالغة الأهمية وخطيرة الأثر على جميع المناحي الحياتية ألا وهي مجابهة الشائعات تكمن أهمية هذه الندوة في أن موضوعها رغم خطورته لم يكن قد نال على قدر يستحقه من الإهتمام والبحث ويذلك يمكن اعتبار ندوة جيبوتي حول مجابهة الشائعات إضافة حيوية في إطار التصدي لانعكاساتها المدمرة .

القرن / ما الذي قدمته الندوة لمواجهة التهديد الذي تشكله هذه الظاهرة ؟
العميد / بالمناسبة فإن الشائعت لا تفيدها حدود جغرافية معينة فهي ظاهرة منتشرة في كل المجتمعات ، وتكمن الخطورة في هذه الآفة في عدم امكانية تحديد منبعها ومصدرها وبالتالي فإن حل هذه المشكلة لا يكمن في العقاب بل في التنوير و التوعية المستمرة بحيث تنشأ المواطن الذي يستطيع التمييز بين الخبر و الشائعة ويتطلب منا الوصول الى هذه المرحلة تكاتف جهود كل مؤسسات المجتمع بدءاً من الأسرة والمسجد والمدرسة حتى يتكون لدى المجتمع والفرد خاصة قدر من الوعي والإدراك بخطورة هذه المسألة .

القرن / ما الذي أضافته هذه الندوة كآليات ووسائل للتصدي لهذه الظاهرة وانعكاساتها؟

العميد / لدى إجابتي على هذا السؤال فإني أود الأشارة إلى أن البحوث والندوات العلمية دائماً تصيغ وتخرج بالقرارات والتوصيات لكنها لا تمتلك سلطة اتخاذ القرار ونحن خرجنا من هذه الندوة بعدة توصيات وضعناها في مسودة وستعرض هذه المسودة على مجالس جامعة نايف لتتم غربلتها . ومن أهم ما جاء في هذه المسودة ضرورة إنشاء جهاز مهمته التنبؤ بالشائعات ورصدها في مراحلها الأولى قبل أن تتطور وتأخذ طريقها في الإنتشار وتشكيل فريق عمل متكامل داخل هذا الجهاز من خبراء أمنيين وخبراء في الإقتصاد وفي علم النفس والإجتماع تكون مهمتهم وضع خطة عمل لمجابهة الشائعة والسيطرة عليها ومن ثم كشفها عبر الوسائل الإعلام و لمسناه خلال هذه الندوة وجود فراغ تشريعي وقانوني في كيفية التعامل مع أطراف هذه الجريمة .

جمال أحمد ديني