حلق بتطموحاته إلى أرض منارة العلم ... أرض الأزهر والأهرامات ... يرى أن حقوق الإنسان سلوك و يبدأ باحترام الآخر... وبذل في هذا المجال جهوداً كللت بنجاح منها إصدار أول وثيقة عربية لحقوق الإنسان ... هو صاحب أول مجلة بالعربية في جيبوتي ... يعتقد أن منظمات المجتمع المدني شريك أساسي للحكومات لتحقيق الأهداف التنموية المنشودة ... واختيار الكفاءات والخبرات عنصر أساسي لا غناً عنه ... هو مواطن جيبوتي يحمل هموم منطقته حيثما حل ورحل ... ينصح الشباب بقوة الإرادة والنظر إلى الأمام ... هوايته المفضلة القراءة في كتب التاريخ السياسي والفلسفة والأدب ... وممارسة الرياضة لا تغيب عن جدوله ... منحه البرلمان الأوروبي الإفريقي وساماً بدرجة فارس . وسيتم تكريمه في البرلمان الفرنسي يوم 23يونيو القادم بحضور ممثلين من البرلمانين تقديراً للجهود التي بذلها في المهام التي وُكلت إليه في جامعة الدول العربية ... للسبب ذاته عينه أمين عام جامعة الدول العربية السيد / عمرو موسى مديراً لدائرة حقوق الإنسان عام 2002 ومديراً لإدارة مرصد المجتمع المدني والإتحادات المهنية في عام 2009 ... هو نموذج من النماذج الناجحة في مجال عملهم ... و قدوة لمن أراد تذوق ثمرة الصبر والتحدى متسلحاً بالإيمان بالله والثقة بالنفس ... وإنفردت جريدة القرن بمعلومات عن هذا الرجل النموذجي الأستاذ / محمود راشد غالب مدير مرصد المجتمع المدني والإتحادات المهنية في جامعة الدول العربية ، وقبل عودته الى القاهرة إلتقت به القرن وأجرت معه حواراً طويلاً رد فيها على أسئلة القرن كما يلي :

القرن/ ما المسيرة العلمية والمهنية لأستاذ/ محمود راشد؟

السيد / محمود /درست الابتدائية في مدرسة النجاح الإسلامية في جيبوتي وهي المرحلة الأساسية الهامة في حياتي العلمية وإتقاني للغة العربية لجودة التعليم في هذه المدرسة، ثم أكملت المرحلة الإعدادية والثانوية والجامعية في مصر، بعدها رجعت إلى أرض الوطن وعملت في الجهاز الإعلامي وكنت مسئولاً للشئون العربية في جريدة الأمة، ومعد ومقدم برامج الحياة والعلم والإيمان في التلفزيون الجيبوتي كنت أناقش خلاله مع العلماء المسائل المتعلقة بالحياة اليومية للمجتمع، وبعد فترة من عملي في هذا المجال قررت العودة إلى القاهرة، وأصدرت مجلة الهوية التي كانت تطبع في لبنان وتوزع في جيبوتي، وكنت ممولها ورئيس تحريها ،ثم توقفت في عددها الثالث بسبب ظروف مادية ،وكانت أول مجلة عربية في جيبوتي، ثم التحقت بالعمل في جامعة الدول العربية في مكتب الشئون القانونية وعملت فيه لفترة طويلة ساهمت خلالها في إعداد كثير من المشروعات القانونية التي صدرت من الأمانة العامة بجامعة الدول العربية، وفي عام 2002 عُيّنت من قبل أمين عام جامعة الدول العربية السيد/ عمرو موسى بترأس دائرة حقوق الإنسان في الجامعة وكانت الدائرة جديدة آن ذاك، وبحمد الله وُفقت في إرساء دعائمها واستطاعت الدائرة خلال فترة قصيرة إنجاز أعمال مهمة، ويشرفني أن أذكر بهذه المناسبة أنني قمت بالدور المحوري والأساسي في إصدار أول ميثاق عربي لحقوق الإنسان والذي صادقت عليها عشر دول، ودخل حيز التنفيذ 2008م، ووضعنا أول خطة عربية للتربية على حقوق الإنسان اقترح في قمة دمشق عام 2004 وتم تنفيذها في يناير 2009، وبدأت الوفود تقدم تقارير عن مدي إلتزام الدول بتنفيذ هذه الخطة التي تزامنت مع تطور الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
إن قضية حقوق الإنسان يجب ألا تتوقف عند المواثيق، وإنما يجب تربية الأطفال عليها ، وإعداد لهؤلاء الأجيال مفاهيم صحيح وسليمة عن حقوق الإنسان لتأتي بثمارها، لأنه لا يمكن تعزيز حقوق الإنسان في المجتمع بدون ترسيخ ثقافة احترام الآخر دون تحديد نوعه أو جنسه أو دينه ، ولتصاعد الدولي والإقليمي لدور المجتمع المدني رأى الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد / عمرو موسى أن أكون مسئولاً عن إدارة مرصد المجتمع المدني والاتحادات المهنية في أكتوبر 2009م لتفعيل دورهم.
القرن/ ما أهمية المجتمع المدني؟

السيد / محمود / إن المجتمع المدني مهم جداً لكونه شريكا للحكومات لدفع عجلة التنمية والتقدم، ويجب أن نغير نظرتنا للمجتمع المدني في الدول العربية والإفريقية كبديل عن الحكومات، هو شريك للحكومات وليس بديلاً عنها ، ولا يمكن أن تتم جهود في التنمية ولا نجاحها إلا إذا تم التعاون بين الأجهزة الحكومية والمجتمع في جميع المجالات لكي نتخطى العقبات التي تواجه العالم العربي والإفريقي والتي لا تزال في مرحلة النمو والتطور، ولتحقيق الغايات والأهداف والجهود الرسمية جاءت فكرة تنشيط دور المجتمع المدني والاتحادات المهنية الذين كثر وزاد نشاطهم في السنوات الأخيرة في تحقيق التنمية وفي دول عديدة ومختلفة، إلا أن هذه الجهود لا زالت بحاجة إلى دفع وتنسيق فيما بينها وبين الحكومات.

القرن/ ما هي أهداف الإدارة التي تترأسها ؟

السيد / محمود / تهدف إلى تفعيل دور المنظمات والمجتمع المدني في تعزيز العمل العربي المشترك، وفور تولي لهذه المسئولية دعيت إلى اجتماع كل المنظمات والمؤسسات المجتمع المدني في القاهرة في 20-21 ديسمبر من العام الماضي وضحت خلالها ما المطلوب من الجامعة؟ ومالذي يريدونه من الجامعة ليُفَعِّلوا دورهم في خدمة العالم العربي بالمشاركات وبالمساهمات في جهود التنمية في العالم العربي وتمخض عنه توصيات وتصورات تم عرضها على المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جامعة الدول العربية والذي انعقد في فبراير في دولة الكويت الشقيقة.

القرن/ هل من اجتماعات ومؤتمرات في أجندة الإدارة خلال هذا العام؟

السيد / محمود / نعم سنرتب لمؤتمر هام جداً وسنعقده في 4-5 مايو القادم حول الألغام في الدول العربية، لما يسببه من خسائر بشرية واقتصادية وزراعية ،وهذه مخلفات الحروب العالمية الثانية حيث حولت أراضي دول عربية إفريقية إلى ساحة القتال ،ويتضررون من آثارها حتى هذه اللحظة شعوب هذه المنطقة، وقد وجهت الدعوة إلى كافة مندوبي الدول العربية وأرجو أن تشارك فيها جيبوتي،علما أن 32 من منظمات وهيئات المجتمع المدني حصلت على صفة مراقب في جامعة الدولي العربية.
وفي أجندة الإدارة عقد مؤتمر حول دور منظمات المجتمع المدني والإعلام في مواجهة الكوارث الطبيعية والتنسيق فيما بينهم، وذلك في 10 مايو، وفي شهر يوليو سنعقد مؤتمراً في ألمانيا لمنظمات المجتمع المدني العربي والألماني لمناقشة سبل تعزيز العلاقة بينهما ولتبادل الخبرات ووجهات النظر، لأن العلاقات الإقليمية والدولية مهمة لإثراء الخبرات لأي منظمات.

القرن/ كيف تقيم مستوى أداء منظمات المجتمع المدني في الدول العربية؟

السيد / محمود / محمود / لاشك أن مستواهم تطور في السنوات الأخيرة إلى حد كبير، ولكن لا تزال في مرحلة التطور، وأتمنى أن يكون أداؤها أفضل لتحقيق الهدف المنشود في خدمة مجتمعاتها.

القرن/ كيف تصفون حضور الشخصيات والكوادر الجيبوتية في المنظمات العربية والدولية؟وما هي إقتراحاتكم لتعزيز حضورهم؟

السيد / محمود / الشخصيات الجيبوتية موجودة في اليونسكو وفي الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات ولكن نتطلع إلى مزيد من الحضور، وأقترح الإعداد الجيد لهذه الكوادر، والاهتمام بالكفاءات، وتشجيعهم للتقدم لهذه المناصب، ومن المؤكد أن جيبوتي مليئة بالقدرات والكفاءات وبحاجة إلى أن تتاح لها الفرص وتُدعم وهذا سيفيد البلد ومكسب كبير له.

القرن/ من خلال تجربتكم في مجال حقوق الإنسان كيف تقيم أوضاعها في الدول العربية وفي جيبوتي؟
السيد / محمود / أوضاع حقوق الإنسان شهدت تطوراً ملموساً وحققت إنجازات ولكن لا تزال بحاجة إلى تعزيز وبذل مزيد من الجهود في هذا المجال والمسألة مسألة وقت، لأن المشاكل الاقتصادية التي تواجه بعض الدول تعوق طموحات كثيرة أمام حقوق الإنسان ونأمل في الفترة القادمة أن يكون أداء دور حقوق الإنسان أفضل مما هو عليه الآن، ولاشك أن حقوق الإنسان تطورت في كافة الدول العربية، وشهدت جيبوتي تطوراً هاماً في هذا الملف خاصة خلال عشرة سنوات الأخيرة التي تولى فيها رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله سدة الحكم.

القرن/ ما هي أبرز التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها جيبوتي خلال حقبة غيابكم عن أرض الوطن؟

السيد / محمود / ما شدً إنتباهي فور وصولي إلى جيبوتي هو المجال العمراني الذي شهد تطوراً كبيراً حيث شيدت مدن وأحياء جديدة وكذلك طرقاً ، وميناء دورالي ، والمنطقة الحرة ،وهذه في الحقيقة إنجازات مهمة تستحق الإشادة ،و في المجال السياسي جيبوتي مقبلة على مرحلة إنتخابات مهمة ، وهناك حراك سياسي وتفاعلات والأيام القادمة أكثر تفاعلاً مع الأحداث ، والفكر السياسي متجه أكثر من ذي قبل الى إتاحة الفرصة للشباب والمواطنين الذين بإمكانهم المساهمة في البناء ومع ذلك هناك خطوات يجب أن تخطوها جيبوتي لتكون الأولوية لذوي الكفاءات وليس لذوي الثقة ، وهذه النقطة في الحقيقة مشكلة العالم العربي والإفريقي التي تسببت في عدم نجاح التنمية بالشكل المطلوب ، ولنكون واقعيين وحباً لأوطاننا ولنجاحها في جميع المجالات ولمزيد من التقدم أن يكون الإختيار للأكفأ ، لأن أهل الكفاءة غالباً أهل الثقة وأهل الثقة ليسو غالباً أهل الكفاءة ، وهذا المعيار منتشر في الدول العربية والإفريقية ليس بسبب متخذي القرارات وإنما بسبب صناع القرار ومن هم حول متخذي القرارات وبالتالي تسببوا في حرمان المجتمعات من كفاءات هامة بإمكانها دفع عجلة التقدم الى أبعد الحدود، ولهذا أقول في هذا المضمار أن الجهود ستحقق مزيداً من الإنجازات لو قِيست الأمور بمعيار أهل الخبرة والكفاءات وليس أهل الثقة فقط .
وفي المجال الإجتماعي هناك حركة كبيرة للمرأة وتؤدي دوراً بارزاً في مجال المجتمع ، ولا زال المجتمع الجيبوتي كما هو معروف منفتحاً ومتسامحاً ،وهذه سمة مهمة خصوصاً أننا نعيش عصر التطرف والتعصب ، وهذا يعزز من الأمن والسلام الذي تتمتع به جيبوتي .

القرن / برأيكم ما هي المعوقات التي تقف أمام تطبيق حقوق الإنسان كما تنص عليه المواثيق ؟

السيد / محمود / المسألة بحاجة الى مراجعة المناهج التعليمية لأن حقوق الإنسان ليست مرتبطة بالمواثيق فقط ، وإنما بالسلوك ، والسلوك يتأثر سلباً أو إيجاباً خلال التربية والتعليم و الإعلام ، والخطوة الأولى في حقوق الإنسان هو إحترام الأخر، ومن خلاله تتعزز ثقافة حقوق الإنسان ،وعندما أحترم الآخر الذي يشمل كل من ليس أنا وأراعي حقوقهم أوفر لنفسي أيضا حقوقي ، وأحقق الأمن والإستقرار ويجب أن نعي أن تطبيقها لصالح الجميع، وهذه الثقافة تحتاج الى تعزيز، والإسلام سبق جميع مواثيق حقوق الإنسان حيث قال الرسول ( ص) :( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) والتعاليم الإسلامية مليئة بالنماذج الفريدة في هذا الموضوع ، وهذا يدل أن حقوق الإنسان غير مختصرة على المواثيق الدولية فقط ،وكثير منهم يستشهدون بمقولة عمر بن الخطاب حيث قال : متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ، ويبدو أن ارتباطنا بديننا خف وضعف الى حد ما .

القرن / شهدت علاقات جيبوتي مع كافة الدول الشقيقة والصديقة تطوراً ملحوظاً ، كيف يساهم هذا في تحقيق التضامن والتكامل العربي ؟

السيد / محمود/ بكل تأكيد نشهد هذا التطور ، ويمكن أن تشهد المزيد والمزيد بالمشاركة الدائمة في المؤتمرات والندوات العربية وبإختيار الشخص المناسب في المكان المناسب وبتعزيز الحضور الدبلوماسي لها ،لأن جيبوتي بلد صاعد و ذو موقع إستراتيجي بالاضافة الى روابط الأخوة التي تجمعه بالدول العربية، وفي الواقع العلاقات الجيبوتية العربية تشهد تطوراً غير مسبوق بدليل تزايد الاستثمارات العربية .

القرن / جيبوتي تلعب دوراً مهما في إرساء دعائم السلام في الإقليم ، كيف تنظرون الى دور جامعة الدول العربية في حل مشاكل الصومال ؟

السيد / محمود / دور جامعة الدول العربية لم يتوقف منذ مؤتمر عرتا وما قبله ، وقد شارك في كل الجهود ولا تزال تشارك في كل الجهود من أجل المصالحة الصومالية ، وحتى في القمة الأخيرة في طرابلس الليبية قررت تقديم دعم مالي للحكومة الصومالية وهكذا في جميع الاجتماعات ، و قبل أسبوعين تقريباً شاركت في اجتماع إتحاد حقوقيين العرب في ماناما ، وأصَرَّيت أن تضاف في البيان الختامي فقرة ضرورة دعم الإستقرار في الصومال وعدم التدخل في شؤونه الداخلي، حيث أثير قضايا العراق وفلسطين واليمن وعدد من الدول دون الصومال ،وبالتالي رايت بما أن الصومال دولة عضو في جامعة الدول العربية وأن أمنها جزء من أمن الوطني العربي أن تضاف فقرة تخص هذا البلد، ولأول مرة يضاف في البيان الختامي للإتحاد الحقوقيين العرب قضية الصومال، وهذا ما تضمنته مداخلتي برغم أنني لم أكن أمثل الصومال ولا جيبوتي وإنما جامعة الدول العربية ولكني أحمل هموم منطقة القرن الإفريقي ،والجهود التي أبذلها تضاف الى رصيد جيبوتي.

القرن / بم تنصح الشباب الذين يطمحون الى إعتلاء مناصبة مهمة وبارزة ؟

السيد / محمود / نصيحتي للشباب هي الإرادة القوية والإيمان بالله والثقة بالنفس ، ومهما واجهتهم عقبات هناك شرفاء سيقدرون جهودهم وحتماً مهما طال الزمن ستصلون الى أهدافكم .

القرن / هل من نشاطات أو هوايات تقوم بها ؟

السيد / محمود / هوايتي المفضلة قراءة التاريخ السياسي والفلسفة والأدب ،وأحب ممارسة الرياضة منها ركوب الخيل و السباحة والتنس ، ورياضتي المفضلة أيام الشباب كانت كرة القدم ،وانصح الشباب بالرياضة لأن عقل السليم في جسم سليم .

نبيهة عبدو فارح