انطلقت مسيرته الفنية في السبعينات ومنذ ذلك الحين وهو يواصل عطائاته وإبداعاته التي تجسد الأصالة والجزالة وهو رائد الغناء المسرحي وأحد أكبر الشعراء وأهل الفصاحة والبيان عرف بغنائه الاستعراضي ونكتته الحاضرة اهتم الفنان أكثر بالتراث الفني والشعبي والتي أثرى بها الساحة الفنية لما يزيد على ثلاثة عقود ويواصل مشواره بجدارة وتقديرا لاسهاماته كفنان وشاعر في إثراء اللغة العفرية دعي للمشاركة في ندوة إقليمية تناقش دور الفن في النهوض باللغة العفرية التقت القرن الفنان علو برولي وأجرت معه هذا الحوار:-
القرن/ كيف تقيمون نتائج الندوة التي نظمها نادي الكتاب العفريين حول دور الفن والفنان في تنمية اللغة؟

الفنان/ إنه من المعلوم بل والمسلم به إن الفن وأعماله الشعرية أحد أهم المصادر لإثراء اللغة وتطويرها والحفاظ على المكتسبات الثقافية لأي أمة وشعب، ولقد لعب الفنان دوراً محورياً في جهود الحفاظ على اللغة وإثراء الحركة الثقافية، وأن هذه التظاهرة التي نظمتها (عفر بين) برعاية رئيس الوزراء السيد/ دليتا محمد دليتا وحظيت بمشاركة محلية وإقليمية واسعة هي اعتراف بهذا الدورمن ناحية وخطوة مهمة تجاه دفع الفنان من جديد لقيادة مسيرة النهوض الثقافي ومساهمته الفاعلة في الارتقاء بلغة الأم من خلال ارتقائه بالكلمة والتي من شأنها أيضاً أن تسمو بالذائقة الفنية.

القرن/ بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على مسيرتك الفنية وما تابعته من التحولات التي شهدتها الساحة الفنية ما هي قراءتك لواقع هذا المسرح؟

الفنان/ صحيح أنني كنت أقدم أعمال فنية مختلفة طوال هذه المسيرة من مونولوح وأغاني مسرحية والمسرح الكوميدي وقبل ذلك أؤلف الأشعار إلا أن الغالب الآن على إنتاجي الفني الأعمال الشعرية التي أصبحت الآن المصدر لكثير من الأغاني العفرية في إثيوبيا وأما فيما يتعلق بواقع الفن في الوقت الراهن يمكنني القول بأنه رغم حالة الجمود وربما الاحتضار التي مرت بها الساحة الفنية في السنوات الماضية سواءً هنا أو في إثيوبيا وعلى وجه الخصوص الأغنية العفرية لكن الحركة الفنية حالياً بدأت تشهد حالة من النهوض والانطلاق وتستعيد الالتفاف الجماهيري الذي أصبحت تلامس أكثر قضاياه وهمومه وتطلعاته وتحيي تراثه الثقافي، كما أنها تحاط باهتمام رسمي وشعبي أكبر وفر لها كثيراً من شروط النجاح الذي دفع بدوره إلى ظهور مواهب صاعدة تسعى نحو الاحتراف والانتشار والتحديث والتطوير والمواكبة بخطى حثيثة وثابتة والتي فرضت نفسها من خلال العديد من أعمال (فيديو كليب) هنا وهناك إلا أن هناك حالة غير صحية ترافق هذه الانطلاقة اللافتة والمتمثلة في التشتت وبعثرة الجهود والانحدار المعنوي بالعمل الفني من خلال تكريسه والاختزال الأكبر له في حفلات الأعراس لدرجة تجعل الشخص يعتقد أو يتخيل أن الفن لم يوجد إلا للاحتفاء بالعروسين ومدح أجداهم وإن علو، لا ينبغي أن يفهم هنا بأني في موقف التعيير بالمواهب الصاعدة على العكس من ذلك فأنا سعيد بما حققوه وأشد على أياديهم ولكن أدعوهم إلى تكثيف الجهود وتضافرها وتحقيق التكامل والجودة في الشكل والمضمون والارتقاء بالكلمة والشمولية في الأغراض والتوسع في الساحات والاستحضار دائماً أن الفن رسالة عالمية للإنسانية والحب والجمال.

القرن/ على ذكرك أغاني الأعراس كيف تنظرون إلى ما بدأ يطغي على أعمالها من التفاخر بالأنساب والتحديث الذي جرى على بعض الفلكلور بعد اقتحام الرجال مجالها بعد أن كانت حكراً على البنات؟

الفنان/ التفاخر بالأنساب وهذا الانتشار الواسع بل والتطرف فيها ليست حالة فنية بل إنما هي سمة من سمات الضعف والانحطاط الفني هذا على المستوى الفني أما من حيث التراث فهذا اللون من الغناء في تراثنا مجال تنشط فيه مجموعة نسائية من العائلة ولا يتعداها يطلق عليه (GEXENTA أو QAYYNTU) أما على المستوى الاجتماعي فمناسبة الفرح ليست مكاناً للتفاخر بالأنساب والذي يعد بشكل أو بآخر بذرة غير مباركة لزرع الحساسية القبلية أو العشائرية أما هذا الاقتحام من قبل الرجال لهذا اللون الخاص بالنساء من الفلكلور الشعبي أنا لا أراه مبرراً حتى بدعوى التحديث أو التطوير فللتراث خصوصيات لدى كل الشعوب والتدخل فيه بشكل يصيب جوهره ومضمونه أو حتى شكلاً يميزه يعد في تقديري عبثاً بالتراث لا أعتقد أنه مستساغ لدى جمهوره.

القرن/ وأنتم كجيل الرواد ألم يكن لكم دور تجاه هذه التحولات؟

الفنان/ لاشك في ذلك نحن لم ندخر جهداً في توضيح الأمر ولكن الساق المحموم والسرعة التي يتميز بها هذا العصر وسيادة الغث. والثمين من الأعمال في آن معاً واختلاط المعايير وعدم وجود مظلة حاضنة وانتشار الأعمال الفردية غير المنظمة حالت دون قدرتنا على التأثير في المشهد فهناك أعني في الساحة الفنية للإقليم العفري في إثيوبيا من الصعب أن تجد من يسمع لك رأياً في بعض الأعمال الرائجة والتي تعتبر جيبوتي منشئاً لها وسائدة في هذه الساحة فالقادم من جيبوتي التي تعد بالنسبة لنا العاصمة الفنية والتي يعود لها الفضل في أي نهوض فني يحدث لدينا - هو بمثابة المتفق عليها من الأحاديث والرأي الراجح من أقوال الأئمة بصرف النظر عن كل ما عدا ذلك.

القرن/ الفن في جيبوتي بين الأمس واليوم كيف تنظرون إلى المسيرة الفنية في جيبوتي ؟

الفنان/ لا أبالغ إن قلت أن الفن في جيبوتي حقق تحولاً مهيلاً وصنع الفنان في جيبوتي تقدماً كبيراً وإبداعاً متميزاً أثرى الحركة الفنية الوطنية وأصبح بذلك البون شاسعاً بين تلك الفترة وهذه الفترة، وقد امتلك كل مقومات التطور والانتشار من مقارعة بالرغبة والموهبة المعزولة إلى التكوين الأكاديمي وأدوات العمل والإبداع واقتحام عالم الاحتراف.

القرن/ شهدت ساحة الفن العفري في إثيوبيا تطور كبيراً في زمن قياسي ساحة شبه خالية يظهر فيها في سنة واحدة 8 فنان كلهم شباب في مقتبل العمر بفيديو كليب متطور الى حدما فما هو السر ؟

الفنان / استطيع أن أرجع الأمر الى توفر إرادة سياسية وإن كنت لا أنفي وجود عوامل ذاتية اخرى ساهمت في حدوث هذه النقلة النوعية في ساحة الفن العفري في إثيوبيا ولا وضح اكثر أقول النظام السابق في إثيوبيا كان شموليا ويكرس كل إمكاناته لقو لبة الثقافات المختلفة لبلد متعدد الأعراق في بوتقة ثقافة واحدة وجعله أحادي الثقافة والمنطقة العفرية كانت أحد أكبر المتضررين من هذه السياسة التي مارست ضدها التجهيل والعزلة والتي أشرقت شمسها مثلها مثل بقية الشعوب مع تغير النظام بنظام يؤمن بحقوق الشعوب ويقوم على اللامركزية التي مكنت كل قومية من حكم إقليمها بنفسها وعمل الجميع على بناء كل أسباب تقدم إقليمه بنفسه وتنمية ثقافته والإرتقاء بكل مقومات الحياة وأصبح المجال مفتوحا أمام الشباب الذين سنحت لهم فرصة الانتقال الى العاصمة أديس أبابا لمواصلة التعليم والتعرف على التطور الذي تشهده الساحة الفنية والإستفادة من هذه التجارب كان وراء ما يلاحظ من هذا التطور السريع الذي أدركت الفن العفري في الفترة الأخيرة.

جمال أحمد ديني