تندرج التجارة والصناعة ضمن المجالات الحيوية التي تعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين ورفع معدلات النمو الاقتصادي ولذلك بذلت الحكومة جهوداً حثيثة لتعزيز دور التجارة والصناعة في مكافحة الفقر وبما أن نجاح هذه الجهود كان مرهوناً بمدى قدرة الوزارة على تنظيم عملها وحشد طاقاتها واستناد برامجها ومشاريعها على خلفية تشخيص ودراسة وافية للواقع ومقتضياته والإمكانات المتوفرة والشروط اللازمة لتهيئة بيئة ملائمة فإن كسب هذا الرهان تمثل في المنتدى الوطني الأول حول التجارة والذي أسفر عن مقررات مهمة تشكل إستراتيجية وطنية للنهوض بهذا القطاع ومنتدى مماثل مكرس لتطوير الحرف اليدوية ولم يكن متبقياً لاكتمال العناصر اللازمة لاضطلاع وزارة التجارة والصناعة بدورها المحوري وبصورة فعالة في تحقيق النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي سوى ضخ الدماء في شريان قطاع الصناعة لخلق قاعدة صناعية تلبي الحاجة المحلية من المنتجات والسلع وفي هذا السياق كان المنتدى الوطني حول الصناعة الذي انعقد في الفترة بين 20 و22 من شهر ديسمبر الماضي والذي يتم الان مراجعة توصياته وبرامج عمله وأهدافه من أجل تنسيق أكثر ، وللوقوف على أهمية وأهداف الاستراتيجية الوطنية لتطوير قطاع الصناعة ومراجعتها وتفاصيل أخرى ذات العلاقة ، التقت القرن وزير التجارة والصناعة السيد/ رفقي عبد القادر بامخرمة وأجرت معه هذا الحوار:-
القرن/الإضافة التي تسعون إلى تحقيقها من خلال المراجعة التي تقومون بها للإستراتيجية الوطنية لتطوير الصناعة؟

الوزير/ الهدف الرئيسي من هذه المراجعة هو العمل على التنسيق بين التوصيات التي تمخضت من المنتدى الوطني حول الصناعة وبين أهداف المنتدى وبرامج العمل التنفيذية من خلال جهود الخبرات المحلية والإقليمية وفيما يتعلق بأهداف المنتدى فهو إنشاء شبكة تصنيع تكون رافد للعمل الحثيث في الميدان من قبل وزارة الزراعة ولتصبح الزراعة قطاعاً اقتصادياً يساهم في تنمية الحركة الاقتصادية من خلال توفيرها المواد الخام والموارد الطبيعية التي تعتمد عليها الصناعة الوطنية وتوسيع نطاق الإنتاج المحلي الذي يؤسس لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي بالإضافة إلى تشجيع ودفع القطاع الخاص للانخراط في عملية الاستثمار في هذا المجال وتوفير كل مقومات النجاح لهذا التوجه وتهيئة الظروف والبيئة الملائمة لبناء قاعدة صناعية يسهم القطاع الخاص بفاعلية في صياغة مفرداتها.

القرن/ ما هي برامج العمل التنفيذية التي تم وضعها وقدرتها على تحقيق التطلعات؟

الوزير/ كما أشرنا آنفاً كان المنتدى الوطني قد وضع برامج عمل تنفيذية تحول توصياته إلى أفعال على أرض الواقع وخطة عمل يصل مداها القصير إلى ستة أشهر ومتوسط مداها إلى 3 سنوات وتتركز هذه البرامج على تطوير القوانين المعمول بها في هذا المجال لكي تكون قادرة على الإسهام في التنمية الوطنية والتشاور والتباحث بين الوزارة بمختلف مؤسساتها والقطاع الخاص.
وتجير مخرجات هذا التشاور لدعم إستراتيجية التنمية إلى جانب إعادة النظر في الهياكل والقوانين التي تقف اليوم عائقا أمام تنمية هذا القطاع من بينها على سبيل المثال القانون الخاص بالموارد الوطنية والذي عفي عليه الزمن ولم يعد ملائماً اليوم مع التطور الذي تشهده البلاد و تحقيق حضور فاعل في الفضاء الإقليمي والدولي الذي نتواجد فيه والذي لا يتأتى إلا من خلال الانخراط بقوة في عملية التصنيع والتواجد بصادراتنا في مختلف الأسواق الإقليمية وهذا بدوره يحتم علينا العمل على تطوير قطاع النقل من ناحية وإعادة النظر في أسعار الخدمات التي تدخل في عملية التصنيع مثل الكهرباء والماء والاتصالات وهناك جهود كبيرة تبذلها الحكومة في الحصول على الكهرباء وإلى جانب هذه الجهود نحن بحاجة للعمل من أجل الحصول على الطاقة المتجددة باستخدام الموارد الطبيعية المتوفرة لدينا من أجل تخفيض هذه الأسعار.

القرن/ ماذا عن واقع الصناعة الوطنية وآفاقها المستقبلية ؟

الوزير/ في الحقيقة لا يمكن الحديث عن قاعدة كبيرة للصناعة في بلادنا ولا توجد لدينا شبكة صناعية على الرغم من وجود بعض المشاريع الصناعية التي تعتبر مهمة وحيوية انطلقت مؤخراً من بينها مشروع مصنع الملح وهناك أيضاً بعض الوحدات الصناعية الصغيرة التي قامت الحكومة بتنفيذها من بينها مصنع إيل جنو للمياه المعدنية ومصنع الإسمنت إلى جانب الصناعات التي يقوم بها المستثمر الإماراتي السيد/ إبراهيم لوتا وهنالك أيضاً مشاريع استثمارية من بينها مشاريع شركة الشورى التي ستفتتح البنك في الــ 21 يونيو القادم، كما تقوم بإنشاء مصنع للإسمنت تصل طاقته الإنتاجية إلى 250 ألف طن. وهناك أيضاً أعمال حثيثة للتنقيب عن موارد طبيعية أخرى وسوف يقوم مركز الدراسات بإجراء البحوث والدراسات حول الموارد الطبيعية التي تزخر بها بلادنا، كما ونوعا للبناء عليها في التخطيط لمشاريع صناعية والعمل على إرساء قواعد للتصنيع تلبي حاجة البلد والاقتصاد الوطني والتوسع في هذه المسألة لتغطي مختلف المديريات والأقاليم من أجل الاستقرار السكاني والحيلولة دون النزوح الداخلي الذي يؤثر سلباً على مختلف مفاصل الحياة وهذا الأمر يحتاج إلى خبرات أجنبية إلى حين تكوين قدرات وكفاءات محلية التي نحن نعمل عليها الآن بشكل فعلي للمضي قدماً والنهوض بهذا القطاع الحيوي وهناك مشكلة تتعلق بعدم وجود توجه حقيقي وعملي وفاعل من قبل القطاع الخاص نحو الاستثمار في مجال التصنيع رغم ما توفره الحكومة من تسهيلات كبيرة ودعم وحماية لرجال الأعمال لتمكينهم من تنفيذ مشاريعهم الاستثمارية في هذا الصدد.

القرن/أين نحن من الفضاء الاقتصادي الإقليمي والعالمي واستحقاقاته ؟

الوزير/ رغم حداثة استقلال بلادنا فإننا استطعنا أن نحقق نجاحات مهمة في الانضمام إلى منظمات دولية وإقليمية وتسجيل حضورنا في هذا الفضاء الاقتصادي الإقليمي والعالمي، وسبقنا العديد من الدول الإقليمية في انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية في عام 1994 وقمنا بتبني كل القوانين والنظم التي تعمل بها هذه المنظمة منذ ذلك الوقت وانطلقنا من النقطة التي وصل إليها من سبقنا ولم نعد إلى الوراء وهذا الأمر ساعدنا كثيراً وحصلنا على مكانة كبيرة لم تحصل عليها العديد من الدول المحورية لدى منظمة التجارة العالمية وكذلك الأمر بالنسبة للكوميسا ونحن بحاجة إلى تنويع اقتصادياتنا وتطوير مواردنا من أجل الاندماج الاقتصادي الإقليمي والدولي وتوسيع نطاق التبادل التجاري والتواجد في مختلف الأسواق والمنافسة ونعمل الآن بشكل حثيث من أجل لعب دور محوري وكجسر حيوي بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الكوميسا باعتبار جيبوتي هي البوابة الرئيسية لدول مجلس التعاون نحو أسواق الكوميسا ويتطلب نجاح هذا الأمر القيام ببحوث حول ما يمكن أن تقدمه المجموعتين لبعضها في مختلف أوجه التبادل والتعاون وكذلك كيف يمكن أن تعمل دول مجلس التعاون بدعم قطاع النقل في دول الكوميسا يساهم بشكل فاعل في عملية التبادل بين المجموعتين وهناك اليوم العديد من المشاريع الاستثمارية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في كل من إثيوبيا وكينيا وأوغندا وهذا الأمر يصب في مصلحة التبادل التجاري ويسهم مردوده في تنمية الإقليم وينعش النشاط التجاري وكذلك الزراعي والصناعي أيضاً والمطلوب هو توسيع وتعزيز وتطوير مقومات هذا التعاون .


القرن/ في سياق أكثر شمولية لمختلف قطاعات وزارة التجارة ما لذي تم تحقيقه وما هي الآفاق المستقبلية؟

الوزير/ كثيرة هي الإنجازات والأعمال التي تم تحقيقها ولا يتسع المجال للتفصيل فيها و يمكنني القول بأن أهم ما تم إنجازه هو وضع القوانين التجارية القادرة على مواكبة التطور ومراجعة الكثير من القوانين غير الصالحة بل والمتناقضة مع بعضها في بعض الأحيان ولم يكن تبني هذه القوانين والتغييرات التي تم إجراؤها ارتجاليا وإنما قد تم تنظيم منتدى وطني للتجارة والذي أسفر عن توصيات وقرارات تساعد على تحقيق نقلة نوعية للحركة التجارية الوطنية وتم إقرارها وتبنيها في مجلس الوزراء والمصادقة عليها من قبل البرلمان وهناك القوانين المتعلقة بإنشاء الشركات أو إعلانها للإفلاس سوف يتم المصادقة عليها قريباً وكذلك الأمر بالنسبة لقطاع الحرف اليدوية تم إقامة منتدى مكرس لدراسة سبل جعل هذا القطاع لاعباً محورياً في النشاط الاقتصادي والتنمية الاجتماعية وكذلك الدعامة الرئيسية والقاعدة للصناعة الوطنية تمخضت عنه جملة من التوصيات تساعد على اندماج هذا القطاع في الحركة الاقتصادية وضمان الحياة الكريمة للعاملين في هذا الحقل وتبنى قوانيني تنظم نشاطهم وتسهم في الارتقاء بهذا القطاع ثم جاء بعد ذلك المنتدى الوطني لتطوير الصناعة الهادف إلى الخروج بإستراتيجية وطنية لتطوير هذا المجال الذي يعد نقطة ارتكاز النهضة والتنمية الوطنية ويجري الآن عمل مكثف ومتواصل لمزيد من التنسيق وكذلك هناك جهود في تفعيل غرفة التجارة وجعلها قادرة على تلبية احتياجات مجتمع الأعمال الذي يعد قطاعه خارج منظومتها وهدفها هي دعم القطاع الخاص الذي ينبغي أن يؤسس لنفسه مؤسسة أو منظمة تتصدى لإحتياجاته وطموحاته لأن الغرفة التجارية هي إحدى المؤسسات الحكومية التي تدعمها الدولة مالياً وهي بدورها تساعد القطاع الخاص سواء في مجال التكوين أو تقديم المعلومات أو رعاية اتفاقات القطاع الخاص مع أي قطاع خاص خارج البلد وهذا ما نعمل على ترجمته على أرض الواقع لتؤدي الغرفة التجارية دورها بالشكل المطلوب والفعال.

جمال أحمد ديني