من فتاة صغيرة دخل حب الفن الى قلبها الندي وداعبت اضواء الشهرة والوقوف على خشبة المسرح مخيلتها وسيطرت على جل احلامها فكانت تهرع الى مقر الفنانين كلما واتتها فرصة لترى بام عينها رواد الغناء الهادف الأصيل، هكذا تحولت ضيفتنا من حب وولع بالفن الى اتقان وارتقاء به، اهدت الفن حوالي اربعين عاما من عمرها واهدت المكتبة الفنية ما يقرب من سبعين اغنية وطنية ووجدانية وعدداً كبيراً من المسرحيات، كانت حاضرة حين كان الفنانون يتعرضون للمساءلة بسبب فنهم واغانيهم وحين اشهر الفن افتك الاسلحة في وجه المستعمر، واستثار همم الشعب فدافعوا عن الوطن وساهموا في الاستعمار،انها فنانة مميزة بصوتها القوي الدافئ وحضورها الطاغي، انها الفنانة القديرة فطون دعاله واليكم اعزائي القراء هذا الحوار الذي تفردت به جريدة القرن :-
القرن/ متى وكيف كانت بدايتك الفنية؟
الفنانة/ دخلت إلى عالم الفن هذا العالم الغريب العجيب المشرق المشمس دوماً في عام 1972م، وقبل دخولي إلى الفن كنت منبهرة معجبة بأداء الفنانين الكبار الذين سبقوني إلى الفن مثل "نعمة جامع" عبدو حمرقود - فاطمة أحمد وكنت كلما بعثني أهلي إلى الدكان أهرب إلى المسرح لأرى الفنانين وكيفية أدائهم للمسرحيات والأغاني وبعد فترة قصيرة التحقت بفرقة "كعن معان" لشدة ولعي بها وكان أول عمل فني لي مسرحية ألفها الأديب الجيبوتي القدير حسن علي وكانت بعنوان "beeni wa gaba" وعندما وقفت لأول مرة على خشبة المسرح أيقنت أنني أنتمي إلى هذا العالم عالم الفن، وكان شعوري حينها لا يوصف مزيج من الفرحة والرهبة والانبهار والإعجاب وعدم التصديق، فالفن كان حلمي الأول والأخير وحين تحقق هذا الحلم أحسست أنني امتلكت أجنحة وأنني على وشك الطيران.
القرن/ كيف كانت نظرة المجتمع للفن والفنانين؟
الفنانة/ الفن في أيامنا كان راقياً جداً من حيث جمالياته الأدبية وكان لكل الأعمال الأدبية أهداف سامية من أجلها عملت حيث كان يعالج القضايا الاجتماعية والسياسية وكانت كل الأعمال من مسرحيات وأغاني تحمل في طياتها الكثير والكثير من المعاني النبيلة فالفن رسالة وإذا لم يؤد رسالته فهو ليس فناً.
القرن/ كيف كان دور الفن في إجلاء الاستعمار؟
الفنانة/ مما لاشك فيه أنه كان للفن دور أساسي ومهم في مناهضة وإجلاء الاستعمار فهو كان السلاح الفتاك الخفي والأخطر للمستعمر فبأغانيه ومسرحياته كان يستثير همم الشعب ويوقظ فيهم الحماسة وحب الوطن ويوصف بطرق شجية حزينة تصور أهوال الوطن وما جرى له على يد المستعمر وكيف أن ترابنا الغالي يئن ويبكي وكله أمل في أن يثأر له أبناؤه من هذا المغتصب الغاشم، وبفضل الفن الذي كان يوصل إلى الشعب رسائل الأرض الحزينة والمقاومين البواسل وقف الكل جنباً إلى جنب وأخذوا السلاح على أكتافهم وصرخوا بصوت واحد لا للاستعمار ونحن فداء لهذا الوطن.
وكان الفنانون يدفعون ثمن مسرحياتهم وأغانيهم المناهضة للاستعمار، فكنا في الليل نقوم بعرض المسرحيات وفي الصبح نفتح أعيننا في دوائر الشرطة وكنا نتعرض للمساءلة والسجن وأحياناً كنا ننفى الى خارج الوطن.
القرن/ ما هي أحب أغانيك إلى نفسك ومن يعجبك من الفنانين والمؤلفين ؟
الفنانة/ أحب الأغاني التي قمت بغنائها هي أغنية "عقلي درن caqli daran" " وأحب الفنانين الذين غنيت معهم وانسجمت معهم كل الانسجام هو الفنان الرائع المبدع المرحوم/ عبدو اسماعيل حمرقود، الذي كان مثلي الأعلى في الفن وإلى وقتنا هذا لم أستطع أن أغني مع غيره بنفس الالمام والانسجام. وأفضل المؤلفين عندي: المرحوم/ إبراهيم كدلي وحسن علمي وغيرهم كثيرون.
القرن/ ما هي نصيحتك للفنانين الصاعدين؟
الفنانة/ أقول لهؤلاء الفنانين الشباب أن يتحلوا بالصبر وأن يحافظوا على هذه الرسالة التي حملوها على عاتقهم، وليعلموا أن الفن ليس أن تقف على المسرح والتغني بأغاني غيرك لكن للفن خصوصياته ويجب على الفنان أن يقتدي بالفن الراقي وفنانيه لا أن يقلد ويأخذ أغانيهم وأعمالهم وعليهم أن يجتهدوا ، وإذا احتاجوا منا إلى نصائح فعلى الرحب والسعة.
القرن/ كلمة أخيرة تودين قولها عبر القرن؟
الفنانة/ يسعدني أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى فخامة رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله وإلى حرمه المصون سيدة جيبوتي الأولى السيدة/ خضرة محمود حيد، وإلى كافة أعضاء الحكومة والبرلمان والجيش، هؤلاء الشجعان البواسل الذين سهروا الليالي لحماية الوطن وحفظ الأمن، وإلى كافة الشعب الجيبوتي بمناسبة العيد الثالث والثلاثين لاستقلال بلادنا.
كما لا يفوتني أن اشكر جريدة القرن التي سنحت لي هذه الفرصة وشكراً.
صفية عبد الله أحمد