احتفلت جمهورية جيبوتي يوم الخميس الماضي باليوم العالمي للرؤية كباقي دول العالم ، ولم يخصص هذا اليوم للإشفاق على المكفوفين أو ضعاف البصر وإنما لإظهار قدراتهم ومواهبهم وإمكانية مشاركتهم في دفع عجلة التقدم والتنمية كما يقول الواقع وتثبته الأمثلة والنماذج ، صدق من قال: ليس هناك ما هو مستحيل، وما أغرب من قصة فتاة ولدت صماء بكماء عمياء في العالم الغربي في بدايات القرن العشرين... وبإصرار أسرتها ومدرستها على تعليمها للتواصل مع الآخرين وقدرة الصغيرة على الفهم بات من ممكنا اختراع لغة معرفة الأشياء باللمس والتحسس...والأغرب من ذلك هو أن تنجح تلك الفتاة في تعلم أكثر من لغة وتؤلف كتبا وبلغات مختلفة ... وإذا كان هذا حال فتاة فقدت النطق والبصر والسمع فبإمكان فاقد أحدهم تحقيق الكثير . ولمزيد من المناقشة حول هذه الحقيقة التقت القرن برئيس جمعية المكفوفين الجيبوتيين السيد / إدريس مؤمن الذي ساقه طموحه إلى إكمال دراسته ليثبت أنه بالتعليم والصبر يمكن تحقيق المقاصد مهما كانت الإعاقة . ويؤمن بإمكانية تحويل الفرد المعاق إلى منتج ومساهم في التنمية وليس مجرد رقم يضاف إلى التعداد السكاني ، و أجرت معه هذا الحوار ، وفيما يلي نقدم فحوى حديثه:
القرن / متي و كيف تأسست جمعية المكفوفين الجيبوتيين ؟

رئيس الجمعية/ تأسست الجمعية عام 2003 و انتخبت لرئاستها في 4 مارس من عام 2008 ، ولقد تم تأسيس هذه الجمعية بمبادرة من قبل ذوي الاحتياجات الخاصة ولاسيما فئة فاقدي البصر وكان هدفهم الأساسي هو إيجاد مظلة تجمع شملهم كخطوة أولى نحو الانطلاق وإيصال أصواتهم إلى المجتمع والحكومة، ولكن عدم وجود كوادر متعلمة عاقت تحقيق هذا الهدف ،وشاء القدر أن أعود إلى أرض الوطن عام 2007 بعد إكمال دراستي في الخارج دون أن أعرف شيئا عن وجود هذه الجمعية، وبعد حديثي عبر وسائل الإعلام عن إمكانية تعلم المكفوف خدمة الوطن والمجتمع باعتباري نموذجا لهذه التجربة، قابلوني و أبلغوني بانتخابهم لي على رأس هذه الجمعية، و كانت خطوتي الأولي وضع لوائح للجمعية بالتعاون مع بعض أفراد المجتمع المدني، كما أنشأنا لجانا تخدم المكفوفين، ولأهمية التعاون بين الجميع حاولنا استقطاب متطوعين وأفرادا لسوا من ذوي الاحتياجات الخاصة من المجتمع ليكونوا أعضاء في جمعيتنا، ثم بدأنا في تعريف الجهات المختلفة بالجمعية وأهدافها عبر وسائل الإعلام سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة ، كما عملنا بطاقات لأعضائها.

القرن / وماذا عن أنشطتها ؟

رئيس الجمعية/ الجمعية لديها أنشطة عديدة أهمها إحياء اليوم العالمي للرؤية، وإحياؤه ليس لمجرد الاحتفال به وإنما لتذكير الناس بأهمية مكافحة الإصابة بالعمى وضرورة الحد منه بالإضافة إلى ذلك يهدف اليوم إلى رفع وعي الناس تجاه هذه القضية ، كما قدمنا تدريبات لكوادر الجمعية على استخدام ساعات ناطقة صممت للمكفوفين، ونحاول رصد عدد المكفوفين في جيبوتي ولكن بطريقة غير رسمية، حيث أطلقنا نداءا عبر وسائل الإعلام نطلب فيه تسجيل أصحاب الشأن أسماءهم في الجمعية، ولدينا نشاطات اجتماعية، ونحاول أن نعرف المكفوفين بعضهم ببعض ، كما نقوم بتوزيع المساعدات عليهم كالتي تلقيناها من السفارة الليبية وهيئة الإغاثة في 2009، كما نعقد دورات لأولياء أمور المكفوفين وضعاف البصر لتوعيتهم حول كيفية التعامل مع صاحب هذه الإعاقة داخل البيت وخارجه .

القرن / لقد ذكرتم أن هناك بطاقات للأعضاء الجمعية ، بم تفيد حامليها ؟
رئيس الجمعية / إن هذه البطاقة ليست مجرد بطاقة تعريف بالمكفوف أو ضعيف البصر بأنه عضو بالجمعية إنما ستفيده مدى حياته في المجال الصحي، وذلك أننا أبرمنا اتفاقية مع مستشفي أرحبا لمعالجة حاملي هذه البطاقة بالمجان، وكذلك مع مستشفي مجمع الرحمة الذي توصلنا معه إلى اتفاق يقضي بتقديم الرعاية الصحية لحاملي هذه البطاقة بأسعار مخفضة لا تزيد 25% ليس في مجال أمراض العيون فقط إنما في كل الأمراض.

القرن / وهل من خطوات مماثلة في أجندتكم في المرحلة القادمة ؟

رئيس الجمعية / نعم ،لدينا مشاريع أخرى مماثلة قادمة مع المحلات التجارية ، وشركات الطيران ليخصصوا للمكفوفين تخفيضات، وحتى مع وزارة الصحة ليحصلوا على العلاج المناسب، في جندتنا أيضا برامج توعوية لتعريف الناس بالمكفوفين وحقوقهم ، وننفذ بعضا منها خلال احتفالنا باليوم العالمي للرؤية عن طريق توزيع فانلات تحمل شعارات تعرف المجتمع بالجمعية وخدماتها لهؤلاء الأفراد ، نحن نحاول دائما أن نكون حاضرين وفاعلين ونشطين باعتبارنا جزءا من المجتمع الجيبوتي، ولا نغيب عن أية فعاليات أو مؤتمرات أو ندوات عامة تعقد لصالح المجتمع، لقد شاركنا في حفلة تنصيب الأوجاس وقبلها الملتقى الوطني لتقييم الأداء الحكومي الذي عقد في 2009 ، والذي أدلينا فيه بدلونا واستطعنا إيصال صوتنا إلى المسئولين في الحكومة وعلى رأسهم رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله الذي قام بهذه الخطوة التي كانت لنا فرصة أفادتنا كثيرا، وقد قدمنا بدورنا توصيات في هذا المجال، كما نعتزم تفعيل الاتفاقية الدولية التي وُقِعت من قبل رئيس الجمهورية في أبريل من 2009 والتي تضمنت حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة لكي لا تبقى هذه الاتفاقية حبرا على ورق.

القرن/ ما أهداف الجمعية ؟ وماذا تحقق ؟

رئيس الجمعية /إن إيجاد شيء من العدم يعتبر إنجازا في حد ذاته، كل ما هو جديد في المجتمع لا يهتمون به في البداية وهذه طبيعة المجتمعات، وأهدافنا كثيرة وكذلك المعوقات، ومن أهم ما نسعى إليه هو تحقيق تعريف المجتمع بحقوق المكفوفين وضعاف البصر في التعليم و الرعاية الصحية، والتعبير عن الرأي، والمساواة بالآخرين، وتنمية القدرات، وأن نجعل من هؤلاء أفرادا منتجين يشاركون في تنمية البلد بطريقتهم وبقدراتهم باعتبارهم مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات تجاه بلدهم و مجتمعاتهم، ولا نريد أن نكون مجرد أرقام تضاف إلى التعداد السكاني و إنما أن نكون جزءا حقيقيا يمكن الاعتماد عليهم في جميع المجالات ، أما بنسبة ما تحقق أستطيع القول بأننا خطونا بعض الخطوات في هذا المجال ولكن لا زلنا في بداية السلم ، ونتمنى أن يأتي ذلك اليوم الذي يخرج فيه ذووا الاحتياجات الخاصة من هذه القائمة ويكون لهم الدور الفعال في المجتمع، ويحصلوا على جميع الخدمات ، بل أن يكونوا مستقلين و يصلوا إلى الاكتفاء الذاتي و يعتمدوا على أنفسهم في كل احتياجاتهم .

القرن / هل لديكم برامج تساهم في الحد من ازدياد أعداد المكفوفين أو ضعاف البصر؟

رئيس الجمعية / لقد خصصت منظمة الصحة العالمية مناسبة اليوم العالمي للرؤية مناسبة لتوعية المجتمع الدولي بالقضاء على الأسباب المؤدية إلى هذه المشكلة، ونحن بدورنا نقوم بتوعية مجتمعنا بأهمية متابعة المشاكل الصحية البصرية بشكل دوري للوقاية من الأمراض الخطيرة المسببة للعمي أو ضعف البصر، وننظم كشفا مجانيا في مثل هذه المناسبة بالتعاون مع مستشفى بيلتييه العام ومستشفى أرحبا،ومستشفى مجمع الرحمة، كما ننصح بالغداء الجيد، حيث يعتبر نقص فيتامين (أ) من العوامل المؤدية إلى فقد البصر، كما ننصح باستخدام النظارات الشمسية لحماية العين من حرارة الشمس التي تسبب هي الأخرى في ضعف البصر وكذلك استخدام النظارات الطبية التي تمكن المرأة من الحفاظ على مستوى رؤيته االطبيعية.

نبيهة عبدو فارح