احتفلت جمهورية جيبوتي يوم الأحد الماضي الموافق 14 كسائر دول العالم باليوم العالمي للسكري، ويوافق هذا اليوم الذي حدده الإتحاد الدولي للسكري ومنظمة الصحة العالمية يوم ميلاد "فريدريك بانتج" الذي شارك تشارلز بيست في اكتشاف مادة الأنسولين عام 1922، وهي المادة الضرورية لبقاء الكثيرين من مرضى السكري على قيد الحياة. وقد تم أحياء هذه المناسبة في جيبوتي بفعاليات توعوية نظمتها وزارة الصحة للجمعيات الأهلية حول هذا المرض المزمن الذي تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 220 مليون شخص مصابين به في جميع أنحاء العالم،وتتوقع المنظمة ارتفاع هذا العدد إلى الضعف بحلول عام 2030 إذا لم تتخذ الإجراءات المناسبة للحيلولة دون ذلك ، ويعتبر السكري من الأمراض المزمنة التي يستطيع الإنسان أن يعيش معها إذا راعى توازن غذائه ، والتزم الرياضة الخفيفة ،وتابع علاجه ونصائح الأطباء بشكل سليم ،هذا بالنسبة للبالغين، ولكن ماذا عن الأطفال، الذين لا يستطيعون مقاومة الحلويات أو ما يضرهم لبراءة عقولهم ؟ وهل يصابون بالسكري ؟ و في أي عمر ؟ وهل هناك فرق بين سكري الأطفال والبالغين ؟ وهل يمكن حماية الأطفال من هذا المرض ؟ وما هي مسؤولية الوالدين تجاه الطفل المصاب ؟ ولمعرفة الأجوبة عن هذه التساؤلات وغيرها إلتقت القرن بالدكتور/ مهدي علي محمد أخصائي أمراض الأطفال وأجرت معه هذا الحوار :
القرن/ ما هو مرض السكري؟

الدكتور/ إن مرض السكري مرض غير معدي كمرض القلب والروماتيزم والسمنة ، ويأتي من ارتفاع نسبة السكر بالدم، وهي حالة مزمنة تنتج عن نقص جزئي أو كلي في هرمون الأنسولين الذي هو عبارة عن هرمون تفرزه غدة البنكرياس ليقوم بمساعدة السكر في الدم للدخول إلى خلايا الجسم حيث يتحول إلى طاقة تساعد الجسم على الحركة.
عندما يقل الأنسولين في الجسم فان السكر يزيد في الدم، ولا يستطيع الجسم الاستفادة منه، ولذلك نراه يظهر في البول.
كما أنه من الأمراض التي بدأت تزداد يوماً بعد يوم مع تطورات الحياة، و من أسبابه كثرة الراحة، وعدم التحرك ، عدم التوازن في العناصر الغذائية التي يتناولها الفرد، و إصابة البنكرياس بالتهابات ، هذه هي أهم مسببات السكري ، كما أنه من الأمراض التي بدأت تهتم به الدول في الآونة الأخيرة.

القرن/ هل للسكري أنواع ؟ وكيف يصيب الأطفال ؟

الدكتور/ إن مرض السكري من الممكن أن يصاب به الأطفال كالكبار، ولكن نوع سكري الأطفال يختلف عن السكري الذي يصيب الكبار ، لأن هناك نوعين من مرض السكري:
النوع الأول: سكري الأطفال أو الشباب وهو النوع المعتمد في علاجه على الأنسولين.
النوع الثاني: سكري البالغين، وهو النوع غير المعتمد في علاجه على الأنسولين إلا في بعض الحالات. ويصيب الأطفال إما عن طريق الوراثة، إذا كان أحد والديه مصاباً به، أو بسبب التهابات البنكرياس.

القرن/ كيف يمكن معرفة ما إذا كان الطفل مصابا بالسكري؟

الدكتور/ المرض لا يخفي نفسه ، ومن المؤكد أن الطفل المصاب به لن يكون طبيعيا كغيره من الأطفال ،وإن من علامات مرض السكري بشكل عام أن المصاب به يشعر بجوع زائد وعطش دائم، كما يتسم بكثرة التبول ، ومن الخطأ أن الناس لا يقومون بالكشوفات الطبية اللازمة على أنفسهم إلا بعد الإصابة بالمرض، ومن المهم جداً متابعة الشخص لصحته كل ستة أشهر من خلال إجراء كشف عام حتى لو لم يشعر بشيء من التعب ، وهذا يسمح له تفادي مخاطر مرضية كثيرة.
ومن الممكن إصابة الأطفال بالسكري في أي عمر كانوا، وحتى بعد شهور من ولادتهم، ويعتبر السكري من أصعب الأمراض خصوصاً مع الأطفال لصعوبة مراعاتهم و متابعتهم للعلاج ، ويحدث في بعض الأحيان أن نكتشف السكري لدى الأطفال بالصدفة، حيث يشتكي الطفل من وعكة والتهابات سببه الأساسي هو داء السكري دون معرفة الوالدين.

القرن/ مالفرق بين سكري الكبار والأطفال؟

الدكتور/ إن سكري الأطفال يحتاج إلى أخذ حقنتين في اليوم على مدى الحياة، وهذا يوضح للفرد مدى ثقل المسئولية التي تقع على كاهل والديه، حيث يحتاج الطفل إلى مراعاة وجباته وعناصرها الغذائية، وحمايته من الحلويات والسكريات وأي شيء يؤثر على توازن السكر في جسمه، ومن المهم جداً معرفة مقاييس وجرعات الأدوية والحقن التي يأخذها الطفل، لأن هذا المرض يحتاج إلى توازن الأنسولين مع نسبة السكر في الجسم، كما يحتاج إلى رعاية شديدة، لأنه قد يضر العين أو الكبد أو أحد الأجهزة الأخرى للجسم ، أما سكري الكبار فيعالج بالعقاقير إلا في بعض الحالات ، وإذا التزم المريض بتوجيهات الطبيب لن يؤثر عليه السكري ، إما في حال إهمال الناس لنصائح الطبيب وعدم متابعة الحمية الغذائية المناسبة وعدم القيام بنشاطات وتمارين معينة ، فان هذا سيؤدي الى ارتفاع السكر بالدم تارة وانخفاضه تارة أخري ويتسبب بالتالي في إلحاق أضرار بأجهزة الجسم مثل العين أو الكبد أو الكليتين .

القرن/ هل تمكن حماية الأطفال من الإصابة بهذا المرض؟

الدكتور/ لا يمكن حمايتهم، لأن المرض غالباً ما يكون وراثياً ولكن من المهم متابعتهم عن طريق الرعاية الخاصة.

القرن/ ماذا بالنسبة للبالغين؟

الدكتور/ يستطيع الراشد حماية نفسه من السكري من خلال مراعاة وزنه، وغذائه، وبالكشف المستمر على صحته، وغالباً أصحاب السمنة معرضون للإصابة بداء السكري.

القرن/ ما دور ممارسة الرياضة في الحد من السكري؟

الدكتور/ ممارسة الرياضة مهمة جداً ليس للمصاب بالسكري فقط، وإنما للأصحاء أيضا بشكل عام ، وهي مفيدة للقلب، وللعضلات ومختلف أجهزة الجسم ، وليس من الضروري رفع الأثقال وإنما المشي اليومي أنسب.

القرن/ مالمطلوب ممن أصيب طفله بالسكري؟

الدكتور/ الحفاظ على التوازن بين غذائه وجرعات أدويته، وحركته، إذا كان الطفل طالباً في المدرسة فلابد من معرفة اليوم الذي لديه حصة الرياضة ليتم تقليل من جرعة الدواء ، وأن يعرفوا إذا ما تناول الحلويات ولم يبذل أي مجهود ليزيدوا له الجرعة وهكذا، وأؤكد انه من الضروري جداً أن تعرف الأسرة كلها كيف تتعامل مع هذا الطفل وما يحتاج إليه.

القرن/ بماذا تنصح الوالدين؟

الدكتور/ إن السكري مرض يكبر معه الطفل، ومن المهم فهم الوالدين كيفية التعامل مع هذا المرض كي لا تزيد نسبة السكر في جسمه أو تنقص منه ، وفي كلا الحالتين سيصاب الطفل بالغيبوبة، وعدم الاهتمام به قد يؤدي إلى تأثير السكري على الكليتين أو البصر او إلى أضرار أخرى خطيرة ، ولهذا أنصح الوالدين وخصوصاً الأب بمتابعة طفله، لأن الأمهات في اغلب أوقاتهن يلازمن أطفالهن سواء كن متعلمات أو أميات، بالإضافة إلى ذلك فأن تقديم الأدوية للأطفال تحتاج إلى دقة ومعرفة ووعي ، لأن الزيادة في جرعة الحقنة أو نقصانها قد تؤدي إلى ضرر كبير للطفل ، ولهذا أقول أن دور الآباء هام جدا ،ولأن الطفل بحاجة إلى رعاية والديه و ليس رعاية الأم فقط .

القرن / ما دور وسائل الإعلام ؟

الدكتور/ في الحقيقة فإن دور وسائل الإعلام مهم جدا في مجال توعية المجتمع من خلال إعداد برامج ثقافية، حوارية ، ومقالات صحفية تناقش الأمراض المختلفة بما في ذلك السكري، وأحييكم أنتم في جريدة القرن على اهتمامكم في هذا المجال ، و أنصحكم بمضاعفة الجهود لتوعية المجتمع بأهمية وضرورة تقديم الدعم للمصابين بالسكري من جميع الجهات، بما في ذلك توعية المصاب نفسه ، بالإضافة إلى تفعيل دور الجمعيات الأهلية في هذا المجال .

نبيهة عبدوا فارح