اختتم في فندق شيراتون جيبوتي يوم أمس الأول الثلاثاء مؤتمر المثقفين الصوماليين الذي كرس لبحث الأزمة الصومالية وتشخيص الحلول اللازمة لها . وكان هذا المؤتمر نظم بمبادرة من قبل معهد الدراسات السياسية والإستراتيجية التابع لمركز الدراسات والبحوث الجيبوتي ، وافتتحت أعماله يوم السبت الماضي برعاية رئيس الجمهورية السيد/إسماعيل عمر جيله ، وجمع على مدى أربعة أيام حوالي80 مثقفا ومفكرا صوماليا قدموا من الصومال ودول المهجر، بالإضافة إلى شخصيات فكرية وثقافية من منطقة القرن الإفريقي . حيث جرى خلال جلساته مناقشة مقترحات حول حلول الأزمة الصومالية من منظور هؤلاء المفكرين والمثقفين والباحثين . ولمعرفة المزيد عن هذا المؤتمر وما تمخض عنه من محلول مقترحة للازمة الصومالية التقت القرن /بمدير معهد الدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور عمر عثمان رابي و أجرت معه الحوار التالي:-
القرن/ لقد اختتم أمس الأول الثلاثاء في فندق الشيراتون مؤتمر المثقفين الصوماليين ، كيف جاءت فكرة عقد هذا المؤتمر؟

الدكتور رابي : قبل ثلاثة شهور تقريبا قام بزيارتنا وفد من المثقفين الصوماليين ليحاولوا من جانبهم ، وبطريقتهم إيجاد علاج ناجع ، وحل مختلف عن الحلول السابقة للازمة الصومالية التي وصفوها بالكارثة ، وطلبوا من الحكومة الجيبوتية استضافتهم لعقد هذا المؤتمر ، وقد رحبت القيادة الجيبوتية التي عرفت بالاهتمام الكبير الذي توليه القضية الصومالية رحبت بالفكرة و قامت بالواجب الأخوي وما تملي عليها الإنسانية والجوارية تجاه الأشقاء الصوماليين، في البداية جاءت لجنة فنية من المثقفين ووضعوا معنا النقاط الأساسية لطرحها للنقاش ، وقد بدأ الاجتماع للمجموعة الأولي في ال 13 من الشهر الجاري و استمر أربعة أيام عرض فيها أراء وأفكار عدة لحل المشكلة الصومالية ، وقد تم النقاش حولها بالتفصيل ، وتمخضت عنه توصيات ، واتفقوا على نقاط مهمة وعديدة طرح أمام عدد كبير من المثقفين في المؤتمر والذي استمر أربعة أيام أخري لتقييم ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع التمهيدي ، وحقيقة نستطيع القول بان المؤتمر أسفر عن ثمار ونتائج قيمة .

القرن / ما هي العقبة التي تعوق حلحلة الأزمة الصومالية ؟

الدكتور رابي: إن المشكلة الصومالية كبيرة وعميقة ، والدليل على ذلك هو استمرارها عشرون عاما اختفى خلالها الأمن ، الاستقرار ، ومقومات الحياة ، ودمر البنية التحتية ، والاقتصاد وكل ما يحتاج إليه المجتمع ، والمحاولات لإنقاذ الشعب الصومالي مستمرة ، وتدعمها دائما جمهورية جيبوتي .
ومناقشة ماهية العقبة التي تعوق حلحلة المشكلة الصومالية ، ووضع اليد على الجرح هو ما كان يهدف إليه المؤتمر.
القرن/ بما يختلف هذا المؤتمر عن سلسلة المؤتمرات التي ظلت تنعقد واحدا تلو الأخر منذ بداية الأزمة الصومالية ؟

الدكتور رابي : يختلف المؤتمر الأخير عن مؤتمرات المثقفين الصوماليين التي عقدت سابقا كونه يناقش القضية بشكل معمق وبأسلوب جديد يستند الى الفكري والأكاديمي ، ويلمس الحقيقة دون أي خوف أو تردد.

القرن / برأيكم هل بإمكان المثقفين حل قضية عجز عنها السياسيون؟

الدكتور رابي : إن المثقف الصومالي جزء من المجتمع وتمسه القضية بشكل مباشر، وإن الصومال هو بلده، ومن يموت هو أهله، وبإمكان المثقفين ان يلعبوا دوراً مهماً ومحورياً، وهم يستطيعون قيادة الرأي العام، وبيدهم الحلول ونتذكر أن كل الثورات التي حدثت في العالم كان وراءها المثقفون، وأن كل المشكلات التي حدثت وتحدث في العالم يوجد حلولها بأيدي المثقفين، ونعلم أن عصر التنوير الذي يتحدث عنه التاريخ كان تبلور على يد المثقفين والمتعلمين والباحثين والعلماء، ولهذا أقول إن المثقف الصومالي باستطاعته بذل الجهود لإيجاد حلول للمشكلة التي خيمت على بلده .

القرن/ هل هناك ما يعوق الحلول التي يقدمها المثقف ؟

الدكتور رابي : ان المشكلة التي تواجه العلماء والمثقفين تتمثل في قلة من يستمعون إليهم ويهتمون بأفكارهم في البداية لاختلاف رؤيتهم عن الناس الآخرين العاديين ، ولكن في نهاية المطاف ستحظى أفكارهم ومقترحاتهم باهتمام الجميع ، وهذا ما يثبته التاريخ، كم من مثقف وعالم رفضت آراءه وأفكاره ، ثم أصبحت فيما بعد مصدر حلول لمشكلات عديدة، لأن الحقيقة لا تتغير وليس لها إلا وجهً واحد ، والى جانب ذلك فأن المثقفين يواجهون ضغوطاً من قبل من لا يريد استتباب السلام في الصومال، ولهذا أكرر وأؤكد على ان المثقفين هم الوحيدون الذين يملكون مفتاح الحل إذا أخذ كلامهم واستمع الجميع إلى رأيهم، لأنه لا يعالج المرض إلا الطبيب.

القرن / ماذا تمخض عن المؤتمر الأخير من حلول بشأن الأزمة الصومالية ؟
الدكتور رابي : لقد قدم المثقفون حلولاً، ولا نستطيع القول بكل الحلول، وإنما قدموا ما عليهم ، وينقصها الحلول التي يقدمها العلماء الدينيون، والقيادات التقليدية لتكتمل الصورة.
القرن/ ماذا كان أهم تلك الحلول التي توصل إليها المثقفون ؟
الدكتور رابي : لا تنحل المشكلة بغمضة عين، أو بخطوة واحدة، ولهذا ركز المثقفون في هذا المؤتمر على الخطوات والمراحل التي تؤدي إلى الحل النهائي، ولا أحد يستطيع الوصول إلى القمة دون الصعود من الأسفل بخطوات متتالية ، ومنها الخطوات الضرورية لبناء نظام الدولة وهيكلها ، والقوة الأمنية والبنية التحتية، والتشريعات التي تسيّر النظام والمجتمع الصومالي، وخلق روح الحب للوطن والانتماء إليه ، وكل ما تحتاج إليه السياسة والاقتصاد، وضرورة إيجاد سياسة جديدة، وإغاثة المتضررين من الحروب.

نبيهة عبدو فارح