يراودني أمل في تحويل جيبوتي إلى دبي القرن الإفريقي هكذا قال رئيس الجمهورية السيد / إسماعيل عمر جيله في أحد خطاباته، من هذا المنطلق، ومن منطلق أن الإدارة الجيدة والقيادة السليمة والابتكار في مجال العمل من الأساسيات الدافعة لعجلة التنمية نظمت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف دورة تدريبية في مجال الإدارة والقيادة لصالح عشرات من الموظفين في وزارات مختلفة ومؤسسات المجتمع المدني، وقد نشطها الخبير الدولي المشهور الدكتور/ علي الحمادي وهو مؤسس ورئيس مركز التفكير الإبداعي بدبي ، وعلى هامش الدورة التقت القرن بالدكتور وخطفت دقائق من وقته و أجرت معه هذا الحوار:
القرن/ في أي إطار تأتي زيارتكم لجيبوتي؟

الدكتور/ جاءت زيارتنا على خلفية دعوة تلقيناها من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف لإلقاء دورة تدريبية حول الإدارة و القيادة والتفكير الإبداعي، ووجودنا في جيبوتي استجابة لهذه الدعوة
القرن/ نود تسليط الضوء على التجربة الإماراتية في مجال الإدارة والقيادة ؟
الدكتور/ إن دولة الإمارات قفزت قفزات نوعية خلال السنوات الخمسة عشر الأخيرة، حيث صار هناك اهتمام كبير بالعمل الإداري وبالمهارات، وبدأت هذه التجربة بوضع خطة إستراتيجية لإمارة دبي، ثم لإمارة أبو ظبي، وكذلك لإتحاد دولة الإمارات، وبناء على هذه الخطة الإستراتيجية حددت المجالات التي سوف يتم التركيز عليها، ثم صار هناك اهتمام خاص من قيادة الدولة لتنمية مهارات الموظفين، وتم توفير المستلزمات التي غيرت مسائل كثيرة وأدير العمل الحكومي في كثير من قطاعاته بعقلية العمل الخاص، فصارت هناك نهضة في الجوانب الإدارية، ونهضة في طريقة التعامل مع العملاء والزبائن، نهضة في الأفكار والإبداع، وخُصصت لذلك جوائز ورُكَِّز على التحفيز، كل هذه العوامل والإجراءات أدت إلى تغيرات كبيرة جدا، وصارت الإمارات من الدول التي يُشار إليها بالبنان في العمل الإداري.
القرن/ ما هي أفضل الطرق التي من خلالها يمكن تطوير الإدارة ؟
الدكتور/ حتى يتم تطوير الإدارة هناك مسائل كثيرة لابد من التأكيد عليها، أولا البداية الحقيقية وذلك بوضع خطة إستراتيجية تكون فيها رؤية ورسالة وقيم ومجموعة من أهداف رئيسية، وتقوم الدولة والمؤسسات بتنفيذ هذه الإستراتيجية حتى يكون السير على هدى، والمسألة الثانية المهمة جدا هي تطوير الإنسان، ولا يمكن الاعتقاد أن التطوير يبدأ من الجانب التقني والهياكل، أو من الأنظمة واللوائح وإنما بداية أي تغيير جذري ونوعي يبدأ من تغيير الإنسان وتطوير قدراته ومهاراته وإنفاق جيد على تكوين هذا الإنسان، والمسألة الثالثة هي التحفيز لأنها مسألة مهمة جدا، لأن طبيعة النفس البشرية تقدم وتنتج إنتاجات كبيرة عندما يكون هنالك تحفيز، ومحاولة تحفيز هذا الإنسان للإتيان بالأعمال النوعية والأفكار الإبداعية وعمل جوائز تتسابق عليها المؤسسات والموظفون فيما بينهم مسألة رئيسة، والمسألة الرابعة القضاء على الفساد، كالبطالة المقنعة, الرشاوى، والمحسوبية ووضع معايير للترقية، وبعدها تأتي اللوائح والهياكل التنظيمية والأنظمة وتوفير بيئة مناسبة للإنجاز، وبهذه المنظومة تكون هناك قفزات نوعية في التطوير الإداري، ولا يمكن الاهتمام بجانب دون آخر.
القرن / كيف تقيمون العمل الإداري في الدول العربية ومنها جمهورية جيبوتي ؟
الدكتور/ بالنسبة للدول العربية أستطيع القول أنه يوجد هناك تحسن كبير في أداء كثير من الدول العربية إذا قارنا هذا الأمر بما كان عليه الوضع قبل عشرين عاما أو خمسة عشر عاما، ومن الواضح أن هناك تحسن نوعي في الإدارة، ومع ذلك لا زال الوضع دون المستوي ولازال الغرب متقدما، ولازلنا بحاجة إلى مزيد من الجهد والعمل وصناعة الكوادر التي تستطيع أن تقود المؤسسات إلى إنجازات كبيرة، لذلك أقول لازال أمامنا مشوار طويل، ولا شك أننا أفضل بكثير مما كنا عليه سابقا ولكن الطموح يجعلنا نظن أننا بحاجة إلى جهد أكبر حتى نستطيع أن ننهض بدولنا ومؤسساتنا، وجيبوتي من هذه الدول العربية التي ذكرتها آنفا، وفي الحقيقة فإن وجودي في جيبوتي قصير جدا ولكن من خلال الدورة التي أقمتها وجدت أن هنالك رغبة في الحصول على المهارات وتطوير الذات، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك في هذه الجهود وأن يوفق جيبوتي على تحقيق إنجازات نوعية متميزة بإذنه تعالى.
القرن/ برأيكم ما هي العقبات التي تقف أمام التطور الإداري بشكل عام ؟
الدكتور/ لو لم يتم تطوير الإنسان سيكون هو العقبة أمام أي تقدم، ولا يمكن تطوير أي إدارة باللوائح، وإذا كُون هذا الإنسان ونميت مهاراته وقدراته أصبح دافعا للتغيير والنجاح، والأمر الآخر متعلق بقيادات المؤسسة ولابد من صناعة القيادات، لأن القائد ينبغي أن يكون رائدا، فإذا كان القائد لمجرد تسيير الأعمال فلن يستطيع أن ينجز إنجازات كبيرة وينجح في أعماله، وصناعة القيادات تحتاج إلى فن وجهد وسلسلة من البرامج والدورات المتعلقة بتغيير القناعات والمنظور الذهني والعقلية التي تفكر والنفسية التي تقود، وكذلك محاربة الفساد.
القرن / ما هي انطباعاتكم عن جيبوتي ؟
الدكتور/ حقيقة أنا استمتعت بوجودي في جيبوتي خلال الأيام الثلاثة ، وأجدها دولة واعدة، ولم أكن أتصور بأن تكون بهذه الصورة، وانطباعاتي جيدة سواء تعلق الأمر بطبيعة تعاملات الناس أو طبيعة البيئة والموقع الجغرافي، واستعدادها للتغيير يبشر بالخير، ونسأل الله أن يبارك هذا البلد.
القرن / ما تقييمكم للدورة ؟
الدكتور/ وجدت الناس متفاعلين وواعيين وحريصين على اكتساب المهارات الإدارية والقيادية، وهذا يدعو إلى التفاؤل و يبشر بالخير.

نبيهة عبدو فارح