رغم محدودية الإمكانات وصغر حجم البلد فإنه راسخ في دينه غني وقوى بعلمائه وشعبه
القرن / ماهو الانطباع الذي تكون لديكم عن واقع العلماء والفتوي في جيبوتي؟
الدكتور / هذه الدورة التي جمعتنا مع عدد غير قليل من علماء جيبوتي أعادت إلينا الشعور بوحدة الأمة الإسلامية والثقة الكبيرة برسوخ الإسلام وتعاليمه في هذا البلد الشقيق الذي يزخر بعلماء يفتون ويوجهون بكل اقتدار وجدارة .
فرغم محدودية الإمكانات وصغر حجم البلد فإنه راسخ في دينه غني وقوى بعلمائه وشعبه.
وقد أبانت هذه الدورة عن ما يتمتع به العلماء أعضاء هيئة الفتوى من متابعة وقراءات واستيعاب لما يجري في عالم الفقه والإفتاء.
القرن/ ما الأهمية التي تكتسيها هذه الدورة وما الذي يمكن أن تضيفه؟
الدكتور / هذه الدورة ومثيلاتها تكمن أهميتها فيما تقوم به من رفع لأهلية المفتي في جيبوتي وتجعله لا يقل في قدرته وأهليته وقوة فتاويه عن أخوانه ونظرائه في العالم الإسلامي .
ومعنى هذا هو أنهم ما إن تكن هناك من فتوى ربما لا تكون ملائمة للبلد يكونون على قدرة لإصدار فتوى تلائم بلادهم وتراعى خصوصياتهم وفي نفس الوقت تصدر . من علماء متفاعلين مع ما يصدر من فتاوى هنا وهناك ومؤهلين بمستوياتهم ومحيطين بفقه الواقع . بالإضافة إلى ما تقوم به مثل هذه الدورات من إطلاعهم على تجارب الأخرين وفتاوى صدرت وعلى تأصيلات ودراسات وبحوث . كما أنها تصب في خانة التأهيل المستمر للمفتي الذي هو أمر ضروري .
لان المفتي لا يقف عند حد وإذا توقف في تكوينه عند حد معين فعليه أن يعتزل الإفتاء .
القرن :في ظل موجة الفتاوي الفضائية العابرة للقارات والمشتتة والمتضاربة أحيانا كيف السبيل إلي تجاوز هذا الواقع الذي لا يبدو صحيا؟
الدكتور / هناك اليوم اتجاه في العالم الإسلامي نحو إحداث هيئات للفتوى لأن الهيئة الجماعية دائما تحقق توازنا وتكاملاً وخاصة بان هذه الهيئات أصبحت قبل إصدار فتاولها تعتمد أكثر فأكثر على خبراء ومستشارين ولو لم يكونو فقهاء وإنما يجمعون بين اختصاصات مختلفة تستدعيهم وتستمع إليهم فالعمل الجماعي بطبيعته يحقق هذه المزايا ويتقي هذه الأفات, إلا أن العمل الجماعي من مشاكله وآفاته أنه بطيئ فلذلك هذا لا يغني عن مبادرة بعض العلماء ولكن يشترط أهليتهم وكفاءتهم .
فإذا كان لهم متابعة وأهلية فلا مانع من أن يصدرو فتاوى فردية ويعد ذلك تأتي فتاى المؤسسات لكي تؤيدها أو تعدلها وتكون هي المقدمة فالافتاء الجماعي دائما مقدم على الإفتاء الفردي .
وبذلك تقل هذه الآفات وإن كانت لا تزول كلية ولا يمكن محوها بالكامل لانها نتاج تعجل يتسبب في التضارب وقلة خبرة وقلة الإطلاع والفهم للواقع وكل هذا بالإمكان معالجته بالعمل المؤسسي ويعالج أيضا بتأهيل المعينين حتى بصفتهم الفردية بمثل هذه الدورات مما يجعلهم يتداركون النقائص والثغرات التي عندهم .
القرن /ماهي أهم رسالة تحبون توجيهها لاخوانكم العلماء في جيبوتي ؟
الدكتور/ لعل أهم ما أرى التأكيد عليه في هذا الصدد هو ضرورة تطلع الإخوة المفتين والعلماء في جيبوتي إلى ربط علاقات وصلات تعاون أكثر فأكثر مع مؤسسات الفتوى والعلماء ولمؤسسات الجامعية الشرعية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي وبشكل خاص في الدول المجاورة . وأنا في الحقيقة سررت بعلمي أن الأمين التنفيذي للمجلس هو خريج الأزهر وأن رئيس هيئة الفتوى هو خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة لأن هؤلاء تلقائياً قادرون بحكم دراساتهم السابقة على أن يربطوا المجلس بعلاقات متميزة مع الأزهر ومع الجامعة الإسلامية والعلماء في البلدين الشقيقين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية وهذا أعتقد أنه أمر ضروري وبإمكان هذا التعاون أن يساعد على إمكانية تنظيم مثل هذه الدورات في تلك البلدان .
فبدلا من أن يأتي عالم واحد يذهب عدد من العلماء من جيبوتي للمشاركة في تلك الدورات فيجرون لقاءات متعددة ويتواصلون مع عدد أكبر من المؤسسات ذات العلاقة فتكون الفائدة أكبر .وأعم وأشمل وآفاقها أرحب ولذلك يهمني أن أنصح بعدم الإقتصار على دعوة عالم أو عالمين من حين لآخر إنما السعي والحرص على تهيئة الظروف لمشاركة عدد أكبر من علماء جيبوتيين في دورات مماثلة في مختلف دول العالم الإسلامي بدعم وتعاون من مؤسسات علمية ومن وزارات الأوقاف في دول أخرى إلى جانب السعي على تحصيل منح دراسية في هذا المجال .
وأنه من حسن الطالع أن تتزامن هذه الدورة مع استقبال الذكرى الرابعة والثلاثين لاستقلال جيبوتي فأنتهز هذه السانحة لأتقدم بأحر التهاني وأسمى آيات التبريكات للأشقاء الجيبوتيين قيادة وشعباً بهذه المناسبة العزيزة.
جمال أحمد ديني