كان يمثل الأدب سلاحاً فتاكاً نواجه به سلطات الاحتلال
القرن/ كيف ساهم الأدب والأدباء في تأجيج روح النضال الوطني من أجل الحرية وما هو تقييمكم لدوره وأداءه في هذه الحقبة من تاريخ وطننا؟
الأديب والفنان: كان يمثل الأدب أثناء فترة الاستعمار الفرنسي سلاحاً فتاكاً نواجه به سلطات الاحتلال لتقويضها وإنهاء حكمها، فسرعان ما كان يتحول ما ينتجه الأدباء من أشعار بعد تلحينها وغناءها على خشبة المسرح إلى أسلحة متفجرة تحدث دوياً لا يقل شأناً عما تحدثه الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وبطبيعة الحال كان الشعب الجيبوتي يساند ويدعم عملنا النضالي على قالبه الأدبي من خلال حضوره الفعال لمشاهدة هذه الأعمال الفنية النضالية، ولذلك كان يوفر لنا الدعم المادي المطلوب، وكان يوظف الإنتاج الأدبي في هذه الفترة لصالح التحرر من قبضة الاستعمار وإن كان هذا الإنتاج لا يمت بصلة إليه ويتضمن الغزل، وكنا نلجأ دائماً لإخفاء رسالتنا المطالبة بالحرية إلى استخدام التورية وأساليب تحمل مدلولات أخرى، وإلى جانب ذلك كانت هناك أعمال أدبية حماسية وصريحة تواجه هذا الاستعمار.
القرن/ ما هي المرحلة التي شهدت تطور وتفاقم دور الفن والأدب لمواجهة الاستعمار وهل ارتبطت بتأسيس الإذاعة؟
-تمتد جذور الفن إلى أعماق تاريخنا وتسبق مرحلة التمدن وكانت النساء يرددن أثناء قدوم المحتل نحن أحرار يا صاحب جلدة البيضاء، وكانت صور وأشكال الفن متنوعة وتحمل رسالتها ضمن منظومة تراثنا الوطني، ولاشك أن الإذاعة عاصرت تطور الفن شكلاً ومضموناً، وبعد معرفة الأجهزة الموسيقية الحديثة تعاظم نفوذ الفن وأصبحنا نعتمد عليه في قضيتنا الوطنية، ويتذكر الناس بهذا الصدد الأدباء والفنانين الذين دافعوا عن حق الشعب في الحرية والاستقلال، ولكن هناك جنود مجهولين يقبعون خلف الستار وهم الملحنين الكبار ومنهم قرشيله ويونس صالح وعبدي إبراهيم وعلي شره وعمر علي ومحمد علي فرشيد وبرز فنانون كثيرون في أداء الأغاني الوطنية وكان منهم أيضا سعيد حمد قود وعبد الله بلاله وإسماعيل عينان وغيرهم .
القرن / ما هي أبرز المسرحيات التي تناولت تعزيز الحس الوطني المتنامي لنيل الاستقلال وكيف استقبلت بها سلطات الاحتلال؟
قد قام كثير من المؤلفين الكبار بتأليف مسرحيات كثيرة تتناول القمع الذي كان يتعرض له شعبنا إبان الاستعمار وضرورة تحقيق الاستقلال وتقديم تضحيات جسام من أجله ، وكان للأدباء مثل حسن علمي وإبراهيم جدله ودعر وجكجكاوي مسرحيات من هذا النوع وتعتبر مسرحية القافلة الأولى طليعة المسرحيات التي تعالج هذه القضية واشتهرت هذه المسرحية بالمسرحية التي وجدت حرية القول حيث كفلت لنا سلطات الاحتلال التعبير عنها في هذه المسرحية ولم تجر ملاحقات ومضايقات من أي نوع بعد عرض تلك المسرحية على خلاف ما كان سائداً أثناء فترة الاستعمار .
القرن / كيف كان يتم التعرض للأدباء الذين ينتجون أعمالاً فنية تندد بالمستعمر وأعماله ؟
- كان مصير أي فنان أو أديب يقوم بإنتاج مسرحيات وأعمال أدبية تتعرض لسلطات الاحتلال ،الاعتقال وإنزال عقوبات قاسية عليه ، ولم يكن هناك أي هامش للحرية وكنا نتجنب الأساليب المباشرة للإنتقاذ على الأوضاع السائدة ، وللأسف الشديد كان يستخدم أناساً من بني جلدتنا للتجسس علينا وعلى أعمالنا وكانوا يبوحون بكنه هذه الأعمال والأفكار التحررية التي تعبر عنها مستخدمة أساليب أخرى ، وكان هؤلاء يطلق عليهم ب " شادرله وكتلا ودجمال " وكان يعتقل كثير منا إثر وشاية من قبل هؤلاء للمستعمر ، وتعرضت أكثر من مرة للاعتقال ,والسجن حيث حكم على ذات مرة بالسجن لمدة أربعة عشر عاماً منها خمسة أعوام منع مني مزاولة أي نشاط سياسي أو تعبئة و خمسة أعوام تمنع مني دخول العاصمة وبعد أن قضيت أربعة أعوام في السجن ألغى مني الأحكام الباقية وهي عدم دخول العاصمة ومزاولة الأعمال السياسية الرئيس الفرنسي بومبيدو الذي زار البلاد آنذاك .
القرن / كيف تصف نضال الشعب الجيبوتي بكافة شرائحه ضد القوى الاستعمارية ، وهل كانت المرأة الجيبوتية تقف في طليعة هذا النضال ؟
-هبت جميع شرائح الشعب الجيبوتي للنضال والتصدي لهذه القوى الاستعمارية البغيضة وإلى جانب الرجل الذي وهب نفسه للعمل البطولي ضد سلطات الاستعمار كانت المرأة الجيبوتية تقف معه في الجبهة الأمامية لهذا النضال ، وعند تنظيم احتجاجات أو مظاهرات أو مسيرات تطالب بالحرية كان يغطي على هذا المشد حضور نسائي كثيف ، وكانت هناك نساء كثيرات تملكهن حماس قوى أثر في صحتهن العقلية ومنهن المناضلة شريفة وخيرو التي كان يتجاوز عمرها 130 عاماً وما كان لها حديث غير حديث النضال والتحرر في الساحات والطرقات ولم تمنع ظروف السجن والاعتقال من بعض مناضلينا الذين كانوا معتقلين في السجون بسبب مواقفهم النضالية من أن يواصلوا كفاحهم ضد المستعمر داخل سجونه ، حيث قاموا بعملية التمرد واختطفوا خلالها الحاكم العسكري في تجوراء .وذهبوا به إلى الصومال التي أفرجت عنه فيما بعد ومن ضمن هؤلاء المناضلين جناله وهاتف .
القرن / بماذا تعبر عن شعورك كمناضل كافح من أجل الاستقلال ومواطن يعاصر الذكرى الرابعة والثلاثين للاستقلال وما تنعم به بلادنا من أمن واستقرار ونماء وتطور ؟
-أعتبر نفسي أولاً شخصاً محظوظا سمحت له الظروف بأن يتمكن من إدلاء شهادته على العصر إبان فترة الاستعمار وما شهدته من مقاومة شعبية ونضال بطولي ويعاصر عهد الحرية إلى وقتنا الحاضر ولا يتلمس معاني الحرية إلا الشخص الذي عاني من الاستعمار وأحمد الله على أن أرى وطني وهو ينعم بالحرية ويتفيأ بظلالها ، ويسعى إلى تحقيق تنمية مستدامة ولا يتوقف النضال عند تحقيق الاستقلال ن إذ يجب مواصلة الكفاح من التحرر من جميع تبعات الاستعمار ومنها الفقر والتخلف الاقتصادي والاجتماعي ، وافتخر بأن تصبح جمهورية جيبوتي منارة يهتدي إليها كل من يطلب رغد العيش كما تنبأت لها في إحدى أعنياني الشهيرة عن جيبوتي .
عبد السلام علي أدم