أسعدنا كثيرا ما لمسناه من إقبال كبير وتعلق شديد من البراعم بحفظ كتاب الله
أشبال و زهراوات …هكذا سمتهم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف …هي أسماء لها وقع، وتترك أثرا في النفوس… هي أسماء تبعث بالأمل…تداعب الآذان وتوحي بأن الأطفال هم المستقبل…كونوا حلقات حول محفظيهم في مسجد المُلك في أيرون …يتراوحون ما بين السادسة والخامسة عشر من العمر،ويرتلون القرآن بأصوات عذبة شذية تخطفك إلى عالم البراءة …إلى أجواء روحانية نقية تسمو بك سمو السماء ، وتحلق بك في فضاء الكون قائلة هذا كلام ربي … هذا هو منهجي .ولا شك أن الأولاد نعمة بالتربية الصالحة والهداية ويصبحون نقمة إذا ساءت تربيتهم ، ولأهمية القرآن وحفظه ودوره المحوري والأساسي في تربية النشء تربية صالحة ، ولاستثمار أوقات فراغهم فيما يعود عليهم وعلى أسرهم ووطنهم بالنفع أعدت الهيئة العليا للقرآن في المجلس الإسلامي الأعلى بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف برنامج صيفيا لتحفيظ القرآن وتجويده للتلاميذ الصغار.ولمعرفة المزيد عن هذا البرنامج التقت القرن برئيس الهيئة العليا للقرآن السيد/ محمود أحمد وأجرت معه هذا الحوار:
القرن/ هل يمكنكم أن تحدثونا عن هذه الدورة وأهداف هذا البرنامج؟
ج/ إن دورة تحفيظ القرآن الصيفية التي ننظمها اليوم بدأتها الوزارة في الصيف الماضي كتجربة بـ150 شبلا وزهرة وبعد نجاح التجربة ارتفع العدد إلى 520 شبلا وزهرة هذا العام شاملا أقاليم عرتا وتجوره وعلي صبيح، حيث خصصنا150مقعدا لتلك الأقاليم لتعميم الفائدة من هذا البرنامج.
وإدراكا لأهمية القرآن ودوره في تربية النشء تربية أخلاقية سليمة قامت الوزارة بإعداد هذا البرنامج الصيفي، وكما هو معروف فان هؤلاء الأطفال هم قادة المستقبل، فمنهم من سيصبح طبيبا، أو مهندسا، أو قائدا، أو عالما، وتربيتهم على تعاليم القرآن الكريم وأحكامه تجعلهم أفرادا قادرين على أداء مهامهم وواجباتهم تجاه أمتهم ووطنهم بكل إخلاص وعلى أكمل وجه دون كلل أو ملل، وقد وفرنا لهم مدرسين حفاظا ومتخصصين في مجال تحفيظ القرآن وتجويده والتربية الإسلامية، وقد جهزنا لهؤلاء الأشبال والزهراوات وسائل نقل تقلهم من بيوتهم إلى مركز تحفيظ القرآن ومن المركز إلى بيوتهم، ولأهمية هذا البرنامج فإنه تصرف فيه ميزانية معتبرة وسيكون مثمرا في نتائجه بإذن الله.
القرن/ هل هناك برنامج أو خطة مستقبلية لتطوير وتوسيع مثل هذه الدورات ؟
ج/ إن هدفنا أكبر من دورة تنظم خلال الصيف فقط وإنما نريد توسيع هذا البرنامج، ومتابعة هؤلاء الأشبال والزهراوات بعد انتهاء الدورة الصيفية وعودتهم إلى المدارس وذلك من خلال اللقاء بأولياء أمورهم، وتنظيم دورات تدريبية لمعلمي التربية الإسلامية في المدارس الحكومية ليتابعوا بدورهم مستوى هؤلاء الأطفال، وكما تعلمون فإن الطلاب في المدارس الحكومية لديهم نظام دوام صباحي ومسائي وعلى هذا الأساس سنعد لهم في المستقبل القريب مراكز لتحفيظ القرآن تتناسب مع حصصهم الدراسية وذلك لمساعدتهم على تنظيم أوقاتهم ليخصصوا ساعات لحفظ كتاب الله على مدار السنة وليس في الإجازة الصيفية فقط، والأمر الآخر هو أن هذا البرنامج سنوسعه ليشمل جميع الأقاليم الأخرى إلى جانب الأقاليم الثلاثة التي يشملها برنامج دورة التحفيظ الحالية.
القرن/ هل هذا البرنامج لحفظ القرآن فقط أم هناك منهج موسع مُعد لهؤلاء الأشبال والزهراوات ؟
ج/ نعم ،هذا البرنامج لا يقتصر على حفظ القرآن الكريم فحسب وإنما هناك منهج تربوي مصاحب له مثل التجويد، والحديث، والفقه ليعرف هؤلاء التلاميذ شيئا من أمور دينهم، وتم تقسيمهم إلى مجموعات حسب مستواهم.
القرن/ لقد بدأتم في العام الماضي بـ150 زهرة وشبلا ووصل العدد هذا العام إلى 520 من الزهراوات والأشبال، بم تفسر هذه القفزة الكبيرة ؟
ج/ في العام الماضي بدأنا هذا البرنامج بعدد بلغ150 من الأشبال والزهراوات كتجربة أولية، والنتيجة المثمرة والمبهرة التي رأيناها من تلك المحاولة أدت إلى ارتفاع العدد إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، وقد اتضح في التجربة السابقة أن الأسر كانت بحاجة ماسة إلى مراكز تحفيظ القرآن ومن يهتم بهذا المجال ويحفزهم عليه وكما ترون اليوم لقد ارتفع العدد إلى 520 من الأشبال والزهراوات، وفي المستقبل سيشمل البرنامج أكبر عدد ممكن من التلاميذ بالعاصمة والأقاليم الداخلية كافة إن لم يكن جميعهم.
القرن/ كيف تقيم حماس التلاميذ واستيعابهم واجتهادهم في حفظ كتاب الله الكريم؟
ج/ حقيقة لقد فاجأني ما شاهدته وسمعته في أول مقابلة أجريناه مع هؤلاء الأطفال في العام الماضي، فرغم كون دراستهم بالفرنسية إلا أننا وجدنا فيهم من يجيد تلاوة القرآن وتجويده بل فيهم من يقلد في الصوت علماءنا القراء الأجلاء أمثال الشيخ السديس، وهذه كانت نتيجة غير متوقعة، وقد شجعنا ذلك كثيرا على تنمية تلك المواهب والعقول الصغيرة ووضع برنامج تطويري لهم.
القرن/ يعتقد البعض أن عقول الأطفال لا تستوعب حفظ القرآن أو مذاكرة منهجين مختلفين أو لغتين مختلفتين، ماذا تقول لهؤلاء ؟
ج/ إن تعليم الأطفال القرآن الكريم أمر لا يمكن الاستغناء عنه، لأنه منهج المسلمين وهو أفضل مرب للبشر بقصصه وعبره وأحكامه، وإن القرآن يقوي الذاكرة ويوسع مركز الإدراك والفهم، وبإمكانكم المقارنة بين أطفال حفظوا القرآن وبين من لم يحفظوا ستجدون الفرق من حيث الأدب والفهم، والدرجات في الدراسة، والاجتهاد، وطاعة الوالدين.
نبيهة عبدو فارح