عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:إن رسول الله صلى الله عليه وآله خطبنا ذات يوم فقال: أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول ودعاؤكم فيه مستجاب.
هكذا قال :صلى الله عليه وسلم في فقرة من خطبته , إذاما الحكمة من الصيام ؟ وكيف يضمن الصائم قبول صومه؟ وما هي سلوكيات الصائم ؟ و ماذا عن الذي لا يرعي حرمة رمضان؟ وما دور المجتمع في التأثير على سلوكيات الفرد ؟ وغيرها من الأسئلة طرحت جريدة القرن على مسؤول قسم الدعوة و الإرشاد الشيخ / عبد الرحمن شمس الدين و رد عليها كالتالي:
القرن / ما الحكمة التي تتجلى في صيام رمضان ؟
الشيخ / هناك حكم كثيرة في صيام رمضان ، ومن هذه الحكم التعبد وتقوى الله حيث قال تعالى في كتابه العزيز " يأيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " لأن الصيام سر بين العبد وربه ، ولعظمة الصيام قال الله في حديث قدسي الصوم لي وأنا أجزي به، وسرية هذه العبادة تؤكد على حقيقة تقوى الفرد وإيمانه وإخلاصه لله ، وفي حكم الأخرى للصوم شمول هذا الدين ، وكما هو معروف إن الصيام كان مفروضا على الأمم السابقة وفيه انقياد لأمر الله سبحانه وتعالى للصائم تتضاعف الحسنات ، والشهر المبارك موسم الخيرات ، فيه تستجاب الدعوات ، قال صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لا ترد دعوتهم منها دعوة الصائم حتى يفطر ، وهذه حقيقة يشهدها من يدعوا الله بكل إخلاص ونية صادقة ، والله سبحانه وتعالى أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة .
ومن اصدق من الله قيلا ومن أصدق من الله حديثاً ، ومن حكم الصوم ترويض النفس وأخذها علي التكافل والتعاطف وتذوق طعم الجوع والحرمان الذي يعيشه الفقراء والمساكين ليعرف الفرد ويقدر نعم الله عليه فيرحم المحتاج وتدارس القرآن وقراءته بقدر الإمكان ، إذا كان الفرد يجد ثلاثين أجر إذا قرأ ثلاثة أحرف فقط من كتاب الله فما بالنا إذا قرأنا ه كله وهذا يوضح فضل الله علينا ورحمته بعباده .
ومن حكم الصوم إراحة المعدة والحفاظ على صحتها وذلك اقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال : من يفطر فليفطر على تمر فإن به بركة ومن لم يجد فبالماء فإنه طهور ومن الأفضل أن نتسحر بطبق خفيف سهلة الهضم كالخبز والعسل والفواكه وما شابه ، كما أوصانا بتعجيل الفطور وتأجيل السحور ، ومن المهم عدم الإفراط في الطعام والشراب ، وقال صلى الله عليه وسلم حسب ابن آدم لتقييمات يقيم بها صلبه فإن كان لابد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه . هناك حكم جليلة للصيام نعلم بعض منها ولا نعرف أخرى.
القرن / ماذا تقول عن سلوكيات الصائم ؟
الشيخ / قال الرسول صلى الله عليه وسلم الصيام جنة ، فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق وإن سابه أحد فيقل إني صائم ، ويترتب على ذلك اجتناب المعاصي وإيذاء الناس بالقول أو الفعل والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، بل عليه معاملة الناس بالخلق الحسن والإيثار والمعاملة الطيبة ، وحقيقة الصوم بحد ذاته تعديل وتقويم سلوك المسلم وهذا تجده واضحاً ،على تصرفات كل من يصوم حيث تجده هادئا قليل الكلام يتفكر في خلق الله ، متسامحاً رحيماً معرضاً عن اللغو يبتعد عن كل ما يجرح صومه وهكذا يجب أن يكون الفرد ، وهذا يؤكد أن الصوم يقوي السلوك الحسن .
القرن / هناك من لا يحترم حرمة رمضان، ما هي إرشاداتكم حيال هذا الموضوع ؟
الشيخ / إن عدم احترام حرمة رمضان أمر مؤسف جداً ، والصحيح أن المسلم ينقاد لأمر الله سبحانه وتعالى ، وقد يتبع الإنسان هواه فلا يطبق أوامر الله ،ومع ذلك على العاقل احترام نفسه وإخوانه الصائمين وشعورهم على الأقل فلا يجهر بالمعصية ، كما ورد في الأثر : إذا ابتليتم فاستتروا إن الإفطار في نهار رمضان مسموح لأصحاب الأعذار المعروفين برغم ذلك فمن الحسن الستر ، إذا كان الفرد ضعيف النفس والعزيمة ولم يستطع السيطرة على نفسه يجبرها على الطاعة والخير ، فإن عليه الستر ، قد يستخف الفاطر برمضان ونحن نقول يا من لا يصوم رمضان أفق واغتنم الفرصة قد يكون آخر رمضان لك فتب إلى الله قبل فوات الأوان .
ومن جهة أخرى فإن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بالتعاون مع وزارة الداخلية أمرت بإيقاف وإغلاق المطاعم ، وسيتعرض للمسائلة من يعتدي على حرمة رمضان إلى جانب ذلك تقوم الوزارة بتوعية الناس بفضل هذا الشهر الكريم قبل دخوله وأثناءه ، وأعدت لذلك برنامجاَ متكاملاً .
القرن/ من المعروف المحيط والبيئة التي يعيش فيها الفرد تؤثر عليه سلباً أو إيجاباً ، كيف ترى تأثير المجتمع على الفرد في رمضان ؟
الشيخ/ من المؤكد أن المجتمع يؤثر على الفرد وله دور كبير في توجيهه ولذلك ينبغي أن يحافظ المجتمع الجيبوتي على أصالته ، وأن يكون مجتمعاً يتقى الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإذا تكاتف الجميع للقضاء على السلوكيات السيئة وإزالة ما يسيئ إلى ديننا ومجتمعنا ووطننا فمن المؤكد أننا سننجح في ذلك ، أما إذا تساهلنا مع الأخطاء وما يسيئ إلى ثقافتنا وديننا ووطنا فلن نغير شيئاً ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وهذا الحديث يوضح المسؤولية التي تقع على الجميع لصلاح المجتمع ، ومن هنا نشكر رئيس الجمهورية السيد / إسماعيل عمر جيله الذي يكرم العلماء ويقدر جهودهم ودورهم في إرشاد المجتمع نحو الخير .
القرن / كيف يضمن الصائم قبول صومه ؟

الشيخ / بأن يتوفر في صيامه الشروط المطلوبة وبأن يكون محصوراً بطاعة الله وإشغال النفس بفعل الخيرات وبالاجتناب عن المعاصي والسيئات، وقال صلى الله عليه وسلم ( رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ) وهذا لأنه أخل بشروطه ولم يعتني بإتقان عبادته، ولذلك على المسلم أن يجتنب كل ما من شأنه أن ينقص أجر صومه ، ونرجو للجميع صياماً مقبولا وذنباً مغفوراً وإفطاراً شهياً .
أجرت الحوار /
نبيهة عبدو فارح