في البداية لابد من التنويه بأن أداء الدبلوماسية الجيبوتية قد أثبتت خلال المرحلة الماضية قدرتها على السير بثبات ورؤية واضحة وحافظت على مصالح الوطن التي لها الأسبقية دائماً في المتحركات وفي ذات الوقت لم تقعد القرفصاء لترصد حركة الآخرين من حولها دون أن يكون لها مساهمة فيما يتعلق بمصالح جيبوتي وحماية أمنها والتعاطي مع السياسات الدولية المتعلقة بترتيب شؤون المنطقة ومستقبلها سيما وأنها تدرك الموقع الاستراتيجي الذي تتواجد فيه والذي يكسيها مكانة ودوراً أكبر اً هي من مدركات السياسة الجيبوتية وبعبارة أخرى فإن مصالح جيبوتي الاقتصادية وأمنها القومي ستظل دائماً تمثل البعد الإستراتيجي في أداء الدبلوماسية الجيبوتية كما أن إعادة قراءة ما هو متغير في جوانب تلك المصالح من حين لآخر في ظل المعطيات الدولية والمستجدات الإقليمية يصبح أمرا ضروريا لتجديد أداء الدبلوماسية الجيبوتية وزاداً لابد منه لمواصلة العمل بصيانة تلك المصالح والتعبير عنها ويأتي هذا التوسع في التمثيل الدبلوماسي لبلادنا تجسيدا لهذه الرؤية ما يسمح لبلادنا بالحضور والبروز في الساحة الإقليمية والدولية كبلد له مكانته ودوره المهم،وللوقوف علي تجليات هذه الحركة الدبلوماسية الفاعلة التي تشق طريقها في كل الاتجاهات واستشراف آفاقها نواصل استضافتنا لمجموعة من السفراء الجدد علي مائدة حوار يلامس الكثير من القضايا، المرتبطة بالعلاقات الثنائية، وفيما يلي نقدم الحوار الذي اجريناه مع السيد / محمد إدريس فارح سفير جمهورية جيبوتي الجديد لدى اثيوبيا:-
القرن / كيف تقيمون العلاقات الثنائية الجيبوتية الإثيوبية ؟
السفير / إن العلاقات الثنائية بين جيبوتي وإثيوبيا قديمة وضاربة بجذورها في أعماق التاريخ كما تستند علي العديد من المميزات التي مكنت علاقات البلدين من تحقيق تقدم كبير وتطور ملموس ، وقد وصلت هذه العلاقات المتميزة بين البلدين إلى أعلى المستوىات خاصة بعد تولي رئيس الجمهورية السيد / إسماعيل عمر جيله مقاليد الحكم عام 1999م ، وأنا كسفير جديد لبلادي في إثيوبيا معني بالارتقاء بهذه العلاقة وأعتبر ثقة الرئيس بي مسؤولية كبيرة تدفعني إلى بذل جهود كبيرة لدفع علاقات البلدين إلى آفاق أرحب لأن التعاون بين البلدين كبير وواسع ويشمل مجالات عدة .تحتاج إلي اهتمام كبير وعمل دؤوب.
القرن / ما هي الآليات المطلوبة لتطوير أكثر علاقات التعاون بين البلدين في المجالات المختلفة ؟
السفير / في اعتقادي أن تعزيز وتطوير العلاقات التجارية بين البلدين ينبغي أن تحتل الصدارة وتحظي باهتمام أكبر من الجانبين وخاصة بين التجار بجذب المستثمرين الإثيوبيين ، وكذلك بتشجيع الجيبوتيين للاستثمار في إثيوبيا، والسياسة التجارية بين البلدين تسمح للشعبين الاستثمار والعمل التجاري في البلد الأخر تماما كالمواطن دون أي تعقيدات بل يتم تقديم كل التسهيلات اللازمة لهم ، وسنسعى جاهدين لتقوية المجال الاقتصادي لرفع مستوى الاستثمار الإثيوبي في جيبوتي ، وكما هو معروف فان إثيوبيا تعتمد على ميناء جيبوتي ولهذا سنحاول جلب شركات إثيوبية تعمل في المنطقة الحرة بالتعاون مع الجيبوتيين .
القرن / البعض يتساءل عن سبب الفرض على الإثيوبيين تأشيرة لدخول جيبوتي بينما الجيبوتيون معفييون عن تأشيرة لدخول إثيوبيا ، كيف تفسر ذلك ؟

السفير / هناك اتفاقية تم توقيعها مع إثيوبيا بعد استقلال جيبوتي تفرض على الإثيوبيين أخذ تأشيرة جيبوتي بينما تعفى الجيبوتيين عن ذلك وتلك الاتفاقية سارية حتى يومنا هذا و ستبقى على حالها، والسبب يعود إلى نسبة السكان ، وكما هو معروف إن الشعب الجيبوتي قليل العدد ، ولم نصل حتى الآن المليون ، أما الشعب الإثيوبي يبلغ ما يقارب 80 مليون نسمة ، ودخولهم إلى جيبوتي بدون تأشيرة سيتسبب في متاعب لا يمكن احتواؤها ولهذا فإن القرار المتعلق بالتأشيرة مهم جداً ويراعي مصلحة الشعب الجيبوتي وستبقى هذه الاتفاقية على حالها دون تغيير ، وأقول ذلك لان أفراد الشعب الجيبوتي لا يسافرون إلى إثيوبيا إلا للسياحة وخصوصا في الإجازات الصيفية فقط ، وحتى لو سافر جميع الجيبوتيين لا يغطون مساحة مدينة ديريدوا بينما ترون العدد الهائل من الأيدي العاملة الإثيوبية المجودة في جيبوتي برغم فرض التأشيرة عليهم فماذا يحدث لو قلنا بغير تأشيرة .
القرن / بالنسبة للسياحة ، عادة ما يسافر الجيبوتيون إلى إثيوبيا لهذا الغرض ، هل يمكن أن يحدث العكس ؟
السفير / إن الله خلق لكل طبيعة ولكل بلد ميزة ، وطبيعة إثيوبيا أنها بلد يتميز بجوه اللطيف وارض خضراء وهذا ما يجذب الجيبوتيين إلى إثيوبيا خلال الصيف ، بينما تتميز جيبوتي ببحرها الأحمر ، ولا شك هناك كثير من الإثيوبيين يحبون البحر فيضطرون للسفر إلى الخارج للاصطياف في ا لدول المطلة على البحر كتنزانيا ودبي ، وبما أننا دولة قريبة ومجاورة لإثيوبيا سنبذل مزيدا من الجهود لجذب الإثيوبيين الباحثين عن الاستجمام البحري لزيارة جيبوتي للاستمتاع بالرحلات البحرية والجزر الجيبوتية الخلابة ، وعلينا تقع مسؤولية تطبيق سياسة رئيس الجمهورية السيد / إسماعيل عمر جيله في مجال السياحة بإبراز مناطق الجذب السياحية المختلفة في جيبوتي بشكل عام ، ومن أجل ذلك سنعمل علي تعزيز علاقات التعاون والتنسيق بين المكاتب السياحية في البلدين لتنشيط هذا المجال .
القرن / وماذا عن التعاون الاقتصادي بين البلدين ؟
السفير/ إذا تحدثنا عن التعاون في المجال الاقتصادي دون ذكر الخضروات والقات ، نجد أنما نسبته 95% من الخدمات التي يقدمها ميناء جيبوتي هو لصالح لإثيوبيا ، ففي هذا العام بلغ عدد الحاويات التي استقبلها ميناء دورالي مليون حاوية 95% من هذه الحاويات لإثيوبيا ، وقريباً سيتم بدء تحريك مشروع القطار الذي توقف بعد أن تم الحصول على التمويل من الهند لتنفيذ هذا المشروع.
القرن / ماذا تود قوله عبر هذا اللقاء ؟
السفير / أنتهز هذه السانحة لأتقدم بأسمي آيات الشكر والتقدير لفخامة رئيس الجمهورية علي ثقته الكريمة والتعهد بترجمة توجيهات فخامته والعمل علي تطوير العلاقات والدفع بها إلى التقدم لما يخدم مصلحة البلدين والشعبين وأمنياتي للعلاقات الجيبوتية الإثيوبية باستمرار التطور والازدهار و للشعبين الصديقين المزيد من السعادة والرخاء.
السفير محمد إدريس في سطور
ولد في 10/5/1966 بمدينة جيبوتي، متزوج وأب لثلاثة أطفال،
وهو حاصل على شهادة المتريز في العلاقات الدولية من المدرسة العليا للدراسات الدولية بباريس-1992.
تولى مسؤوليات مختلفة قبل تعيينه سفيرا لجمهورية جيبوتي لدى جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الفدرالية، منها المنسق الوطني لملف محاربة القرصنة البحرية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ونائب مديرة دائرة العلاقات متعددة الأطراف بوزارة الخارجية، والمستشار الثاني بسفارة جمهورية جيبوتي في بروكسيل، عضو الوفد المشارك في مفاوضات اتفاقية لومي-3 مارس 1996، يتكلم الفرنسية والإنجليزية والعربية.

أجرت الحوار /
نبيهة عبده فارح