في البداية لابد من التنويه بأن أداء الدبلوماسية الجيبوتية قد أثبتت خلال المرحلة الماضية قدرتها على السير بثبات ورؤية واضحة وحافظت على مصالح الوطن التي لها الأسبقية دائماً في المتحركات وفي ذات الوقت لم تقعد القرفصاء لترصد حركة الآخرين من حولها دون أن يكون لها مساهمة فيما يتعلق بمصالح جيبوتي وحماية أمنها والتعاطي مع السياسات الدولية المتعلقة بترتيب شؤون المنطقة ومستقبلها سيما وأنها تدرك الموقع الاستراتيجي الذي تتواجد فيه والذي يكسيها مكانة ودوراً أكبر اً هي من مدركات السياسة الجيبوتية وبعبارة أخرى فإن مصالح جيبوتي الاقتصادية وأمنها القومي ستظل دائماً تمثل البعد الإستراتيجي في أداء الدبلوماسية الجيبوتية كما أن إعادة قراءة ما هو متغير في جوانب تلك المصالح من حين لآخر في ظل المعطيات الدولية والمستجدات الإقليمية يصبح أمرا ضروريا لتجديد أداء الدبلوماسية الجيبوتية وزاداً لابد منه لمواصلة العمل بصيانة تلك المصالح والتعبير عنها ويأتي هذا التوسع في التمثيل الدبلوماسي لبلادنا تجسيدا لهذه الرؤية ما يسمح لبلادنا بالحضور والبروز في الساحة الإقليمية والدولية كبلد له مكانته ودوره المهم،وللوقوف علي تجليات هذه الحركة الدبلوماسية الفاعلة التي تشق طريقها في كل الاتجاهات واستشراف آفاقها نواصل استضافتنا لمجموعة من السفراء الجدد علي مائدة حوار يلامس الكثير من القضايا، المرتبطة بالعلاقات الثنائية، وفيما يلي نقدم الحوار الذي اجريناه مع السيدة / مريم أحمد قمنه سفيرة جمهورية جيبوتي الجديد لدى كينيا:-
القرن / باعتبارك أول سيدة تشغل منصب سفير ، كيف استقبلت خبر تعيينك ؟ وكيف تنظرين إلى هذه المسؤولية؟
السفيرة / لقد استقبلت خبر تعيني كأول سفيرة لبلادي بفرحة غامرة وبكل فخر وامتنان وإنه لشرف لي أن أكون أول سيدة جيبوتية تشغل هذا المنصب، وإنني شديدة الاعتزاز بهذه الثقة ونثمنها كثيراً ونعتبرها مسئولية كبيرة نحرص على أدائها على أكمل وجه متلمسين طريقنا من توجيهات فخامة رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيليه متعهدين بترجمة توجيهات فخامته بالتحرك الفاعل والجهود الحثيثة في سبيل الارتقاء بعلاقات البلدين الصديقين.
أما بالنسبة لما يتعلق بمسيرتي المهنية فقد كنت أشغل خلال العشرين سنة الماضية مواقع هامة ومناصب متعددة في وزارة الخارجية ، الى أن عينت كسفيرة لبلادي وأدرك حجم المسؤولية التي أسندت إلي ، حيث أنني سأكون معنية بتمثيل بلدي علي أحسن وجه وتحقيق مصالح بلادي والدفاع عنها علي كافة الأصعدة بتعزيز علاقات التعاون الثنائي وتحقيق الشراكة والتكامل وإبراز أهمية بلادنا ودورها في الإقليم علي مختلف الأصعدة وكذلك تسويق الفرص الاستثمارية المتاحة .
القرن / كيف تقيمين دور المرأة الجيبوتية في المجالات السياسية والاجتماعية ؟
السفيرة / إن المرأة الجيبوتية شاركت في مجالات تنموية مختلفة في بلادها سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية تستحق عليها الإشادة والتقدير والتكريم خاصة في مجال التجارة ، ومنذ وقت مبكر من تاريخ جيبوتي نشطت المرأة الجيبوتية في المجال التجاري وذلك عن طريق السكة الحديدية الرابطة بين جيبوتي وإثيوبيا ، ومع تطور الحياة والتجارة نقلت نشاطها التجاري إلى بلدان بعيدة منها الصين وسنغافورة وتايلاند، بالإضافة إلي إسهاماتها وحضورها الملحوظ في كافة مناحي الحياة إذ لا توجد وزارة لم تشارك المرأة في إدارتها في وقتنا الحالي ، بل اعتلت فيها مناصب قيادية .
واستطاعت المرأة الجيبوتية خلال عدة سنوات أن تشارك في قيادة النهوض ببلادها جنبا إلى جنب مع الرجل ، سياسيا و اقتصادياً ، حيث اعتلت المرأة رئاسة المحكمة العليا وبقرار رئاسي وهي أيضا تشغل اليوم منصب وزيرة ، نائبة في البرلمان ،ورئيسة حزب ، وأثبتت جدارتها في الحياة العامة برغم وجودها بين مجتمعات قبلية لها ردود فعل مختلفة تجاه ما أنجزته وتنجزه المرأة.
القرن /من منطلق ثقافة المجتمع الجيبوتي ،يتساءل البعض عن قدرة قيام المرأة بمهام سفير، كيف تردين على ذلك؟
السفيرة / صحيح أنه لأول مرة يتم تعيين سيدة كسفير، ولكن المرأة تحتل مناصب مهمة في وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي حيث تمثل المرأة 40% من الموظفين الدبلوماسيين ، حيث تترأس المرأة ثلاثة إدارات من بين ثمانية إدارة في وزارة الخارجية ، وهناك مستشارتين في سفاراتنا وبكل تأكيد نستطيع القول اليوم أن المرأة أثبتت جدارتها في المجال الدبلوماسي ، وذلك بالصبر والجدية والنزاهة وروح التكامل التي تكسبها دعم زملائها من الرجال. كما هو الحال في بقية القطاعات، وهذا يوضح مدي كفاءتها وسرعة اكتسابها للمهارات والخبرات ، ولم تصل المرأة إلى هذه المناصب إلا بدعم من الرجل حيث هناك تعاون جيد بين زملاء العمل بالإضافة إلى ذلك حسن المعاملة ،واليوم كما يؤكد لنا الواقع لقد انتهى أو تلاشى التميز ضد المرأة ، وقد زادت نسبة ثقة الرجال في المرأة،حيث أنه سار بإمكانها القيام بمهام كانت توكل إلى الرجال ، باعتبارها تتميز بالجدية تجاه واجباتها و مسؤولياتها.
القرن / برأيك ما الذي أخر إسناد هذا المنصب إلي المرأة ؟
السفيرة / صحيح أن تعيين المرأة كسفيرة جاء متأخراً مقارنة بالمناصب الأخرى التي تشغلها المرأة، ولكن لا يمكن ان ننسى أن هذه المسؤولية تحتاج إلى كثير من الخبرة وأن الرجال الذين تم تعينهم كسفراء بعد الاستقلال كانوا في الغلاب ناشطين في مجال السياسة والإدارة ، ثم أن إدماج المرأة في الحياة العملية وانخراطها بشكل واسع في النشاط الاقتصادي والعمل الحكومي وتقلد المناصب الإدارية ما بدأ بشكل أوضح إلا في التسعينيات،ومن ثم تمكن فيما بعد من اكتساب خبرات واسعة في مجالات مختلفة ،ما أدي إلي تجاوز المخاوف العائلية من عمل المرأة ، والتي تدور حول كيفية التوفيق بين مسؤولياتها تجاه الأسرة والعمل ؟ حيث كان الرجل يعتقد بأن عمل المرأة يؤثر سلباً على إحدى مسؤوليتيها الأسرية أو العملية بينما المرأة بإمكانها التضحية من أجل إنجاح حياتها المهنية والأسرية.

أجرت الحوار /
نبيهة عبده فارح