افتتح رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله يوم أمس الأحد في فندق كمبينسكي أعمال قمة التغير المناخي والبحوث، والتي تستمر ثلاثة أيام. 

وجرت وقائع الجلسة الافتتاحية للقمة بحضور الرئيس الصومالي السيد/ حسن شيخ محمود، وعضو مجلس السيادة السوداني السيد/ الطاهر أبو بكر حجر، ومسؤولين رفيعين يمثلون دول المنطقة ووفود إقليمية ودولية بينها خبراء وباحثون، إلى جانب رئيس الوزراء السيد/ عبد القادر كامل محمد، ورئيس البرللمان السيد/ محمد علي حمد، والعديد من أعضاء الحكومة والنواب، ورؤساء البعثات الدبلوماسية وممثلي المنظمات الدولية العاملة في البلاد. 

وشهدت القمة في الجزء الأول من يوم أمس استعراضا للعديد من المداخلات حول مبادرات العمل المناخي، فيما خصصت الفترة المسائية لمائدة مستديرة للمانحين تناولت المساعدة المالية الدولية والإقليمية وجلسة استعراضية بعنوان «المناخ والبيانات». 

وفي كلمته الافتتاحية للقمة، أكد رئيس الجمهورية أن الاحتباس الحراري هو أكبر تهديد يواجه البشرية، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة باتت حقيقة لا يمكن تجاهلها، وازداد حجمها في السنوات الأخيرة حتى تجاوزت المؤشرات الحمراء بشكل واضح ولا يوجد بلد آمن من أضرارها. 

وأوضح أنه تم التأكيد على أن استخدام الوقود الأحفوري هو المصدر الرئيسي للإحتباس الحراري، وعلى الرغم من أن دول المنطقة تعد مصدرا منخفضا لغازات الدفيئة، فإنها للأسف تعاني من عواقبه الوخيمة من تزايد موجات الجفاف والفيضانات وتدمير المساكن وانعدام الأمن الغذائي والمشاكل الصحية والهجرات وحتى النزاعات لاسيما في البلدان الأكثر فقرا. 

وتابع رئيس الجمهورية كلمته قائلا: «على الرغم من أن إفريقيا تساهم بنسبة ضئيلة في ظاهرة الاحتباس الحراري، إلا أن أكثر من 180 مليون شخص في أفريقيا جنوب الصحراء قد يموتون بسبب التغير المناخي بحلول نهاية القرن الحالي، وأن الوضع في منطقة القرن الأفريقي ينذر بالخطر في الوقت الراهن لأن حياة 10 ملايين شخص مهددة بسبب الجفاف». 

وفي سياق الآثار الضارة التي تعرضت لها جمهورية جيبوتي بسبب التغير المناخي، ذكر رئيس الجمهورية أن فترات الجفاف التي ضربت بلدنا من 2008 إلى 2011 تسببت في خسارة 177 مليون دولار أو 3.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي وأثرت على 120 ألف شخص أو 15٪ من السكان، كما تؤثر الكوارث الطبيعية من الناحية الاقتصادية، على أكثر من 35.5٪ من الاقتصاد الوطني. 

وأضاف قائلا: « نحن في جيبوتي تحملنا بالفعل مسؤولياتنا فيما يتعلق بخفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري من خلال الالتزام بإنتاج الكهرباء بالإعتماد كليا على مصادر الطاقة المتجددة في إطار رؤيتنا لعام 2035، وللتأكيد على هذا الالتزام بتقليص غازات الاحتباس الحراري ، قامت جمهورية جيبوتي، بالشراكة مع إثيوبيا، ببناء خط الربط البيني لاستغلال الطاقة الهيدروليكية النظيفة المولدة من السدود منذ عام 2011. بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال الإصلاحات الجديدة لقطاع إنتاج الطاقة، نفذت جيبوتي برامج قائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وسيتم توصيل محطة جديدة لتوليد طاقة الرياح بقدرة 60 ميغاواط في منطقة جوبيت بشبكة الكهرباء الوطنية قبل نهاية العام الجاري بفضل المحطة الفرعية الجديدة لمؤسسة كهرباء جيبوتي التي بنيت في جوبيت». 

وأشار أيضا إلى إنشاء محطة جديدة قريبًا للطاقة الشمسية بقدرة 30 ميجاوات مما سيعزز انتاج الكهرباء الذي يتم توليده من الطاقة المتجددة، مشيرا في ذات الوقت إلى أن بلادنا أطلقت العديد من برامج استكشاف طاقة الحرارة الأرضية والتي تمثل إمكانات كبيرة ينبغي أن تسهم بشكل كامل في الانتقال إلى الطاقات المتجددة. 

وأردف رئيس الجمهورية بالقول «أردنا أن نذهب إلى أبعد من ذلك من خلال وضع البحث والمعرفة العلمية في صميم قضية المناخ، بهدف سد الثغرات في البيانات المناخية، ليكون لدينا منصة علمية منفتحة على المنطقة وعلى العالم لتوجيه سياساتنا للتخفيف والتكيف بشكل أفضل. 

وفي هذا السياق، شرعنا هذا الصباح في افتتاح المرصد الإقليمي لبحوث البيئة والمناخ، وهو مرصد يعمل اليوم بمعدات عالية الجودة وطاقم تقني وعلمي على مستوى التحدي. وأود أن أهنئ وزارة التعليم العالي والبحث وكذلك مركز البحوث والدراسات بجيبوتي على العمل المنجز». 

واستطرد «يرتبط عقد قمة تغير المناخ والبحوث: الطريق إلى التكيف والصمود المستدامين ارتباطًا وثيقًا بهذا المرصد. ويسعدنا أن يكون بيننا صانعو سياسات وعلماء وخبراء وفنيون وشخصيات من القطاع الخاص والجهات المانحة وأفراد من المجتمع المدني والشباب للمشاركة بخبراتهم ومساعدتنا على تحسين عمل المرصد الإقليمي للبحوث بشأن البيئة والمناخ بشكل أفضل في خدمة المنطقة والمناخ. 

من جهته، ألقى الرئيس الصومالي كلمة في الجلسة الافتتاحية، هنأ في مستهلها حكومة وشعب جيبوتي باحتضان هذه القمة الهامة المكرسة للبحث في سبل التأقلم وإيجاد الحلول المناسبة لظاهرة التغير المناخي.  وأشار الرئيس حسن شيخ محمود إلى مخاطر تغير المناخ وتأثيرها على المنطقة بأسرها وخاصة الصومال، قائلا «إنه من الضروري بالنسبة لدول المنطقة أن تتعاون بشكل وثيق مع التحديات الناشئة عن تغير المناخ، ووضع خطط لمواجهتها». 

وشدد على أن الصومال في حالة جفاف بعد أربعة مواسم متتالية من شح الأمطار بسبب تغير المناخ، موضحا أن الدولة تركز على معالجة التدهور البيئي، الذي هو أصل المشكلة العالمية لتغير المناخ، وقال «لقد أطلقنا مبادرة (الصومال الأخضر) قبل عدة أيام حيث نعطي الأولوية للعناية بالنباتات، وإعادة تشجير عشرة ملايين شجرة موزعة على مدن البلاد، بالإضافة إلى تشجيع أفراد المجتمع على المساهمة في مشروعات التشجير ورفع الوعي بأهمية الغطاء النباتي في الحفاظ على البيئة وتحسين المناخ». 

بدوره، أشار عضو مجلس السيادة في السودان إلى أن الموضوعات التي تبحثها القمة، تمثل أولوية للمجتمع الدولي، خاصة وأن العالم يعيش آثاراً سلبية للتغيرات المناخية وانعكاساتها على الحياة البشرية، مما يستدعي تضافر الجهود الوطنية والإقليمية والدولية للتصدي لهذه التداعيات، من أجل خلق ظروف حياتية ملائمة، واستكمال المسيرة التنموية بالدول التي تعرضت للتقلبات المناخية وآثارها.  

وقال السيد/ الطاهر حجر في هذا الصد» فإن لم تهتم هذه الدول بالقدر الكافي للتعاطي مع التداعيات الناجمة عنها والتخفيف من آثارها فسوف تتخلف كثيرا في مسيرتها التنموية، هذه الظواهر التي تبدو متناقضة من موجات جفاف في جزء من كوكب الأرض والفيضانات والأعاصير في أجزاء أخرى نتاج طبيعي للتغيرات المناخية لا سيما الإحتباس الحراري». 

وأوضح أن مبادرة جيبوتي بعقد هذه القمة المهمة وإفتتاح المرصد الإقليمي للمناخ، قد أتت في وقتها المناسب، لحاجة الإقليم لمثل هذه المبادرات، وقدم السيد/ الطاهر حجر التهنئة لرئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله على إسهاماته الكبيرة في نجاح هذه المبادرة.  

وأضاف أن السودان يولي إهتماماً كبيراً لقضايا البيئة والتغير المناخي، مشيراً إلى العديد من المؤسسات الحكومية التي تضطلع بقضايا البيئة والمناخ، وعلى رأسها المجلس الأعلى للبيئة، فضلا عن عدد من المراكز والمؤسسات البحثية ومنظمات المجتمع المدني، مبيناً أن السودان يشارك في أعمال هذا المؤتمر بوفد علمي بقيادة مدير جامعة الخرطوم.  

تحدث أيضا بهذه المناسبة وزير التعليم العالي والبحث الدكتور/ نبيل محمد أحمد، الذي أشار إلى أهمية هذه القمة حول التغير المناخي، والتي تستضيفها بلادنا برعاية رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله.  

وذكر أن القمة تمثل مقدمة لمؤتمر المناخ الذي ستستضيفه مدينة شرم الشيخ المصرية بداية من 6 نوفمبر المقبل، حتى الـ18 من الشهر نفسه. 

وأكد وزير التعليم العالي والبحث أن جيبوتي ستعمل على جعل القمة نقطة تحول جذرية في جهود المناخ بالتنسيق مع جميع الأطراف لصالح المنطقة وإفريقيا والعالم بأسره. 

 وأوضح أن الدول الإفريقية وخاصة دول منطقة القرن الإفريقي هي الأكثر عرضة للآثار الضارة للتغير المناخي، كالفيضانات والجفاف، وسيكون الوفاء باحتياجات هذه الدول نقطة محورية في مفاوضات قمة هذا العام، وان هذه الدول التي لا تساهم إلا بنسبة ضئيلة في انبعاثات الغازات الدفينة، تنظر لنفسها كضحية لمساهمات الآخرين في التغير المناخي. 

وأضاف أن جمهورية جيبوتي تتعهد بالتزاماتها تجاه قضية المناخ لأنها تمس الوجود الإنساني قبل كل شي، وعليه دشنت جمهورية جيبوتي من قبل رئيس الجمهورية اليوم في زخم هذا الحدث الكبير المرصد الإقليمي لمواجهة تداعيات التغير المناخي.