افتتحت الجمعية الوطنية يوم امس اول الثلاثاء دورتها الاعتيادية الأولي في دورتها التشريعية التاسعة لعام ٢٠٢٣ ، والتي كرست لمناقشة السياسة العامة للحكومة وذلك برئاسة رئيسها السيد/ دليتا محمد دليتا ، وبحضور رئيس الوزراء السيد/ عبد القادر كامل محمد، وأعضاء الحكومة، وأعضاء الجمعية الوطنية، وسفراء الدول الشقيقة والصديقة، وممثلي المنظمات الدولية العاملة في البلاد. وبهذه المناسبة ألقى رئيس الوزراء كلمة تناول فيها الخطوط العريضة للسياسة العامة للحكومة الرامية إلى النهوض بالبلاد وتحقيق تنمية شاملة،تطال المجالات المختلفة. واستهل رئيس الوزراء كلمته بالقول» في البداية اقدم التهاني لرئيس الجمعية الوطنية الجديد صاحب الخبرة السيد/دليتا محمد دليتا ونواب الجدد علي انتخابهم والتزامهم بواجباتهم خلال الحملة الانتخابية السابقة ، كما وارفع التهاني الحارة لجميع المواطنين الجيبوتين علي النضج المثالي الذي اظهروه في الانتخابات التشريعية الاخيرة. يسعدني كثيرا أن ألتقي بكم في افتتاح الدورة الأولى للهيئة التشريعية الجديدة هذه لأستعرض أمامكم برامج سياسة الحكومة. واسمحوا لي في البداية أن أثني على المهمة الرائعة التي أنجزتموها خلال الحملة الانتخابية الأخيرة والتي ساعدت على تعزيز الديمقراطية في وطننا. وأود أن أشيد أيضا بالجيبوتيين الذين أظهروا نضجاً كبيراً في عملية الاقتراع في الانتخابات الأخيرة، وأنا أعلم أن هذا الفضل  في هذا يعود إلى جهودكم المبذولة للرقي بسياستنا وبرامجنا الحكومية. 

كما أود أن أهنئ رئيس الجمعية الوطنية الجديد معالي السيد ديليتا محمد ديليتا رجل الحكمة والكفاءة، على انتخابه، وأهنئ أيضا نوابه وكافة أعضاء مكتبه الموقرون. 

وإذ أبعث بتهاني أولا لنواب ونائبات حزب الأغلبية الرئاسية على انتخابهم في هذه الهيئة التشريعية الجديدة،فإني لا أنسى أن أتقدم أيضا بالتهاني لنواب ونائبات حزب المعارضة الذين يعلمون كيف يكونوا بنائين لما فيه خير المجتمع. وتابع السيد/عبدالقادر كامل محمد بالقول اسمحوا لي قبل تقديم الجوانب العملية للبرامج الطموحة بأن أخبركم أن نجاح سياسة الحكومة المنصب على تنمية أعمالنا الاقتصادية والاجتماعية،حقيقة معترف بها من قبل الجميع، وهذا لا ينعكس فقط على أرقام الهيئات الوطنية المتخصصة، بل أيضا تشيد بها تقارير وكالات التنمية الدولية. بالفعل، فقد كان المعدل الفعلي للزيادة السنوية في الناتج المحلي الإجمالي في حدود 7 إلى   8 ٪ لسنوات عديدة وحتى عام 2020. و كما هو معلوم، فقد تحقق هذا النمو الاستثنائي بفضل عمل الحكومة،وفق رؤية فخامة رئيس الجمهورية رئيس الحكومة السيد إسماعيل عمر جيله،الذي يعتبر أن طفرة بلادنا تكمن في مدى قدرتنا على الاستفادة القصوى من مقدراتنا، وتحسين تسييرأعمالنا وثروتنا بما توفر لبلادنا قاعدة قوية وقدرات وأسواق واعدة، وهذا فعلا ما مكننا من مواجهة الصدمات الخارجية بين عامي 2020 و 2022 بنجاح. 

وواستطرد «في هذا الصدد، فقد أظهرت التدابير التي اتخذتها الدولة للتصدي لهذه الأزمات الكبيرة وعواقبها الضارة؛فاعليتها على عدة جبهات. وقد تطرقتُ مليئا، في خطابي الأخير في جلسة الموازنة السابقة، إلى أعمال الحكومة وتسييرها الأمثل لكبح الآثار السلبية والمتمثلة في ارتفاع أسعار السلع الأساسية،الناتجة عن الأزمة في أوروبا الشرقية وتطبيق الخطة الصحية لكوفيد 19،وإعادة انتعاش التجارة والاقتصادي إلى مساره الأسبق،وحتى بشأن العجز الغذائي الناتج عن الجفاف في القرن الأفريقي والأزمة الإقليمية لدول الجوار وانعكاساتها على بلادنا، مما أدى إلى نمو أضعف بكثير ولكنه لا يزال إيجابيًا بنسبة 2.5٪ سنويًا. 

وللتصدي للأزمات هذه، كان رد فعل الحكومة هو نفسه دائما، وكان يتمثل في تنفيذ السبل والوسائل المتاحة للتخفيف من آثار الضغوط التضخمية، أو النقص أوالانخفاض في نشاط الفئات العاملة،ولاسيما الفئة الأكثر هشاشة، لأنهم هم أول من يعاني من الأزمات وأكثرمن يشعر بأثر الصدمات. وهكذا، وخلال هذه السنين العجاف، كانت سياسة الحكومة نشطة ويقظة، وتمثلت جهودها في خلق عدد من التدابير الوقائية هدفها، من ناحية التخفيف من الآثار السلبية على دخل الأشخاص الأكثر حرمانًا، ومن ناحية أخرى دعم النشاط الاقتصادي. 

وفي هذا السياق وفيما يخص آليات التخفيف عن أثار الأزمات على الفئة الأكثر حاجة أود أن انوه، أولا، إلى أن جميع الإدارات الوزارية عملت بشكل مباشرأوغير مباشر في مجال التعاون الاجتماعي، وقد تم تعبئتها لمساعدة هذه الفئة من السكان،. 

فوزارتي التضامن والميزانية كانتا في الخطوط الأمامية، وشاركتهما عدة وزارات أخرى كالمرأة،والأسرة والتربية الوطنية،والصحة،والرياضة والقطاعات الأساسية الاخري المعنية بمراقبة الأسعار وواعتماد اللامركزية. وتابع رئيس الوزراء «هكذا قدمت الحكومة المساعدات والحماية لأشد الناس فقرا،وأولئك القاطنين بعيدا عن المراكز الاقتصادية الرئيسية،وبفضل سياسة التضامن الوطني النشطة هذه، بقيت الأمة متحدة وصارت أقوى على الرغم من الصعوبات التي واجهتها. 

واضاف السيد عبدالقادر محمد من أجل توطيد اللحمة الوطنية التي تجلت خلال هذه الأزمات ذات المنشأ الخارجي، تعتزم الحكومة، من خلال سياستها التضامنية، التوجه حاليا وبقوة نحو دمج السكان الأكثر حرمانًا في منظومة الاقتصاد، لأن تقاسم ثمار النمو هو هدف أولوي حدده فخامة رئيس الجمهورية،وفي هذا الصدد، وضعت الحكومة خطط عمل وطنية واسعة لتعزيز حماية السكان الأشد فقراً إن هؤلاء الفئة من السكان منهم من يعانون من بُعد المسافات عن المراكز التسوقية،وبالتالي فإن أسعار المواد الغذائية مرتفعة بالنسبة لهم، كما أن منهم من يعانون من التصحر والجفاف،ومنهم من يعيشون في عزلة شديدة في أطراف الدولة. وهذه الفئة الأخيرة لم تتمكن بعد من الاندماج في العالم الإنتاجي،. 

ومازالت جميع الإدارات الوزارية تعمل بقدم وساق لتثبيت هذه الأهداف. وبالتزامن مع هذه الإجراءات الداعمة للمالية والبنية التحتية للأسر والشركات الصغيرة جدًا في المناطق النائية من البلاد، تريد الحكومة خلق فرص استثمارية في المناطق الداخلية تتمثل في تطوير أقطاب اقتصادية حديثة. الهدف منها تعزيز تنمية الموارد المحلية في جميع أنحاء المحافظات. 

وفي مجال التنمية المحلية، قال رئيس الوزراء  ستدعم الحكومة بقوة الابتكار وتطوير القطاعات ذات القدرة  علي استيعاب عمالة كبيرة، بتشجيعها لقطاعات عدة كالسياحة والمعالجة المائية واستخراج واستغلال الموارد المعدينية،وتطوير قطاعات إنتاج محلية تقليدية صغيرة. 

في الوقت نفسه، ستستمر جميع الأنشطة الإدارية التي تساهم في دعم اللامركزية و ذلك من أجل خلق فرص عمل أكبر في هذه الاقاليم والمناطق الداخلية . 

والهدف من هذه التدابير تحقيق لامركزية الميزانية، مما سيجعل المناطق أكثر استفادة. وبالتوازي لذلك، ستستمر عملية اللامركزية الإدارية الحالية وسيتم تسريعها. 

وتابع بالقول «هكذا وبعد الانتصارات التي تحققت في مكافحة العطش، وانتشارالتعليم وتوفير الصحة في جميع الاقاليم، وحتى في المناطق النائية من الوطن، سينصب عمل سياسة الحكومة اليوم على تنشيط التنمية الاقتصادية في المناطق  الداخلية،وذلك بتقييم الموارد المعدنية والرفع من مستوى الاستفادة منها. وسيكون عدد الجيبوتيين الذين سيكونون قادرين على المشاركة في التنمية الوطنية أكبر. وأغتنم هذه الفرصة لإبلاغكم أنه قد تم بالفعل إجراء استكشافات أولية لإمكانات الموارد الطبيعية. 

وتشمل هذه الدراسات الميدانية، على سبيل المثال، الموارد في منطقة «علي صبيح» أو تلك الموجودة في منطقة «بحيرة عسل» بالإضافة إلى بروميد الصوديوم ،لذي يتم استخراجه بالفعل. في اقليم «دخل» سيكون الأمر نفسه بالنسبة لاستخراج البيرلايت الذي سيتطور وسيضاف إليه استغلال المياه الحرارية الجوفية لفتح مشاريع سياحية. وشمالا فإن شبكات النقل، التي تم إنشاؤها من ميناء تاجورة إلى إثيوبيا، سيتم الاستفادة منها بشكل أكبر. وفي منطقة عرتا، سيتم تعزيز هياكل التدريب والمهارات السياحية للبلد بأكمله، إن هذا القطاع سوف يتطور بشكل كبير في السنوات المقبلة بالنظر إلى الإمكانات الحالية، مما سيوفر العديد من الوظائف،أما إقليم  «أبخ» التي تضم العديد من الهضاب والصحاري ، فهي موعودة بتنمية اقتصادية واجتماعية قوية،مع مشروع إقامة قاعدة فضائية بالشراكة مع شركة هونج كونج لتكنولوجيا الفضاء الصينية وإدارة فنادق رأس سيان، وسوف تتقلب موازين العمل والنشاطات للأفضل في العديد من القطاعات ،وبذلك سيصبح من الممكن تعزيز الإمكانات الوطنية في مختلف المجالات كانت ثقافية أو جغرافية أوحيوانية في جميع أنحاء المحافظات، مما سيؤدي إلى التركيز على خاصيتين اقتصاديتين واجتماعيتين أساسيتين للتنمية : الأولى تتمثل في دعم الثروة الوطنية والثانية خلق فرص عمل أكثر وأفضل انتشارا في جميع أنحاء البلاد، مما سيساعد الحكومة على إعادة التوازن التنموي بين جيبوتي العاصمة،وجميع

 الاقاليم الداخلية، وسيكون تخطيط استخدام الأراضي أكثر تناسقًا وسيزيد من تعزيز الوحدة الوطنية. 

وتابع رئيس في معرض خطابه «لقد أصبح محور التركيز الرئيسي لسياسة الحكومة يتمثل في تقليص التفاوتات، والذي بكونه سيؤدي إلى تحقيق هدف التنمية المستدامة والتخطيط الأمثل لاستخدام الأراضي

 وسيساهم في تثبيت إدارة أكثر إنصافًا للمدن والمراكز الحضرية الكبرى،كما سيتم تحسين المناطق السكنية في الأحياء الشعبية.  وفي هذا السياق، ستبذل الحكومية جهودها في تحديث شبكات عديدة كالصرف الصحي والكهرباء وإمدادات المياه والطرق في جميع الأحياء،التي تعيش فيها الفئة الفقيرة من السكان،وستصل الإضاءة العامة والخدمات الحضرية أيضًا إلى المناطق النائية. اما فيما يتعلق بقطاع الإسكان،فقال رئيس الوزراء  «لا يزال بناء المساكن الاجتماعية لشرائح السكان ذات الدخل المنخفض أولوية بالنسبة للمشاريع التي تمولها الدولة،فالعديد من برامج الإسكان هي فعلا قيد الإنشاء والبعض الآخر قيد الدراسة. وستعمل الحكومة تدريجياً على تحسين حياة السكان، سواء في العاصمة أو في المراكز الحضرية الصغيرة في المناطق الداخلية من البلاد.  

وتابع السيد عبدالقادر كامل «لتسهيل تخصيص أراضي للبناء، سيتم تحديث سجلات إدارة الأراضي الحضرية، لاسيما على مستوى سجل معلومات الأراضي الممسوحة، مما سيسهل وضع إجراءات بيع لقطع أراضي جديد، وبالتالي، فإن سياسة الحكومة الهادفة إلى الحد من التفاوتات د،ومشاركة الجميع في ثمار التنمية الوطنية ستكون بمثابة ضمان لنمو متناغم ومستدام لكل المواطنين الجيبوتيين. 

وستظهر آثار هذه السياسة تدريجياً في مجال التنمية الحضرية. ولن تقتصر التحسينات بعد الآن على مناطق وسط المدينة، ولكن ستشمل أيضًا المناطق النائية، ومن خلالها ستتحسن الخدمات الحضرية في كل من أحياء الطبقة العاملة والأحياء المركزية. من الواضح أن هذا الدعم للأشخاص الأكثر حرمانًا يشمل أيضا الدعم اللازم للمرضى الذين يحتاجون إلى رعاية صحية متخصصة، وذوي الاحتياجات الخاصة،لقد كان هدف الحكومة هو توفير الخدمات اللازمة بجودة عالية لحياة أفضل للجميع. لذا سيتم مساعدة الجمعيات المتخصصة في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، لجعلها أكثر فعالية وأكثر شمولية، وسيتمكن المرضى المصابون بأمراض خطيرة والذين لا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج في الخارج من المعالجة في المستشفى الكبير التابع للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،والذي سيفتتح قريبًا. ومن المؤكد بأن مستوى الصحة في جيبوتي سيرتفع بهذا الصرح الصحي وسيكون مرجعا للمنطقة بأسرها.

وفيما يتعلق بمجال التشغيل،قال رئيس الوزراء في معرض هذا الخطاب  «ستنصب الجهود على إدماج الشباب في الحياة المهنية إما على مستوى خلق فرص العمل، أوتيسير تدابير فتح المشاريع الاستثمارية، سواء لصالح خريجي الجامعات أو الحاصلين على التكوين المهني. ومن اجل تحقيق هذه الأهداف، تعمل الحكومة على دراسة كافة السبل المتاحة إزاء توفير المشاريع وتقييمها ثم الشروع في تنفيذها.  

وتابع السيد/ عبدالقادر كامل محمد قائلا قررت الحكومة لسنوات عديدة تطبيق سياسة اقتصادية ومالية ليبرالية، وذلك من أجل تشجيع الاستثمار، والذي يساهم بطبيعة الحال في خلق فرص عمل ويدعم التنمية ويخلق ثروة وطنية،واليوم يثق المستثمرون الأجانب بشكل كامل في سياسة الحكومة، فهم يواصلون الاستثمار جنبًا إلى جنب مع المستثمرين الوطنين على نحو يعزز التشغيل ويحد من الفقر. 

في الواقع، فإن لسياسة الاقتصاد الليبرالية هذه ميزات عديدة، بيد أن لها بعض السلبيات فعلى سبيل المثال، هي لا تسمح لجميع السكان بالاستفادة بسرعة من التقدم الاقتصادي والنمو،. 

لهذا السبب، ستتدخل الحكومة بشكل متكرر، ليس فقط لمساعدة جميع المحتاجين، ولكن أيضًا لإتاحة الفرصة لجميع من لم يكن لديه فرصة الاندماج في هذا التطور السريع، بسبب عدم مواكبته لقوانين الاقتصاد الليبرالي، من التأقلم والاستفادة المثلى من ثمار النمو هذا. 

وبهذه الوسيلة، ستعمل الحكومة على تعزيز السلم الاجتماعي، وبالتالي استدامة التنمية. مستطردا «من المرجح اليوم أن نعتقد أن نموبلادنا سيستأنف بقوة أفضل، وكل التوقعات الاقتصادية للجهات المتخصصة تشير الي ذلك، ويبدو أن الأزمات الدولية في طريقها إلى الحلحلة، سواء كان ذلك مع جائحة الكوفيد 19،أو الأزمة الإقليمية،أو حتى الأزمة الناجمة عن الصراع في أوروبا الشرقية والتي تتمنى الحكومة والدبلوماسية الجيبوتية في عودتها حول طاولة الحوار والسلام. 

وهذا البحث الدائم عن السلام هو منهج السياسة الخارجية للحكومة الذي يقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. 

وحول التوقعات الاقتصادية للأعوام 2024-2026  قال رئيس الوزراء في معرض خطابه حول السياسة العامة  «تظهر المعدلات أن النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي سيرتفع ليصبح متساويا على ما كان عليه قبل عام 2020، أي بحوالي 7٪. 

نحن نعلم أن هذا قد تحقق في الماضي بفضل إنشاء قطاع نقل نوعي مكون من العديد من الموانئ الحديثة والفعالة، ومناطق حرة كبيرة وسلسلة نقل متعددة الوسائط، لكن الأزمات من 2020 إلى 2022، كان لها تأثيرا قويا على هذا القطاع الدافع للاقتصاد، فبسببه انخفض النشاط في قطاعي النقل والتجارة مع إثيوبيا بشكل حاد، مما أدى على وجه الخصوص إلى عجز في الميزانية،لكن ما فتئت أن شرعت الحكومة في وضع آلية لإدارتها وبالفعل ظهرت اليوم أولى علامات الانتعاش. 

وفي انتظار عودة النشاط بأكمله، لوحظ أن قطاع البناء والتشييد قد قاوم الأزمات بشكل أفضل، وقد تولى هذا القطاع زمام النمو ودفع بعجلة الاقتصاد،وأصبح بالتالي المحرك الرئيسي له، وسيكون من الممكن تحقيق معدل نمو سنوي صاف للتضخم بأكثر من 3.6٪ في نهاية عام 2023، والذي هو أعلى من النمو السكاني الذي يشكل بحد ذاته معيار أخر مهم تحرص الحكومة على مراعاته. 

ومن المرجح أن يعود قطاع النقل والتجارة في العمل بأقصى سرعة خلال العام القادم، مما سيسمح بإعادة النمو الذي كان عليه قبل فترة الأزمات الدولية الأخيرة. 

وفي مجال التقنيات الحديثة،عملت الحكومة في السنوات الأخيرة علي  بناء مركز لوجستي بمعايير عالية يكون العامل الحافز لخلق قاعدة صلبة لتنمية البلد. واليوم يتم تعزيز قدرة الرقمنة لجيبوتي مما يعكس الإرادة الطموحة للحكومة من أجل تنويع مجالات الاستثمار والتنمية. 

وتتمثل إمكانات تطورهذا القطاع في موقعه الجغرافي والتوصيلات الحالية بجميع كابلات الألياف الضوئية البحرية بين أوروبا وإفريقيا وآسيا. 

ولذلك، فإن تكنولوجيا المعلومات  مهمة للغاية. ومن ميزات هذا القطاع أنها وسيلة لتعزيز جودة الخدمات وتسهيلها ودعم التجارة الإقليمية التي ستساعد على تحقيق تنمية مستدامة.   

وفي هذا الصدد، تعمل الحكومة على تطوير إمكانات قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الوطنية لتمكين جيبوتي من وضع نفسها كمحور رئيسي وأن تصبح مركزًا رقميًا إقليميا. لذا، فقد باشرت بتأسيس وزارة جديدة تعرف بالوزارة المكلفة بالاقتصاد الرقمي والابتكار،والتي تقوم على وضع إستراتجية وطنية للتحول الرقمي. وتشارك هذه الوزارة إدارات متخصصة. كما أجرت الحكومة أيضًا سلسلة إصلاحات مؤسساتية تهدف إلى تيسيرالانتقال نحو اقتصاد رقمي ديناميكي شامل مع الأخذ بالاعتبار وضع ضمانات أمنية تمكنها من التحول بشكل صحيح. إضافة إلى ذلك، أنشأت الحكومة مؤسسة رئيسية هي «هيئة التنظيم متعددة القطاعات» والمسؤولة عن تنظيم قطاعات الاتصالات والبريد والطاقة. 

إن الحكومة تنتهج بنفس الإرادة التي بذلتها في تطوير قطاع النقل إلى تحديث وتحسين القدرة التنافسية لقطاع الرقمنة.  

فتأسيس وزارة جديدة وهيئة تنظيم متعددة القطاعات تعملان بطريقة منسقة بالإضافة إلى مهام الوكالة الوطنية لنظم معلوماتية الدولة تظهر جميعها تبني الحكومة،تعزيز بيئة مواتية للتكنولوجيا الرقمية في ظل انفتاح وتحول سريع ومنافس لهذا المجال على الصعيد العالمي.   

وفي هذا الإطار، أعلنت الحكومة أنها تعتزم فتح رأس مال شركة اتصالات جيبوتي لشريك استراتيجي بنسبة تصل إلى 40٪. وتم إطلاق دعوة دولية لتقديم العطاءات التنافسية من أجل تحديد أفضل عرض ممكن، وعينت لجنة وزارية مسؤولة عن مراقبة إجراءات الاختيار. 

ومن اجل تعزيز قدرات الموارد البشرية لتصبح مواتية لبيئة اقتصادية رقمية منافسة، شرعت الحكومة في إشراك جميع الجيبوتيين في هذه المنظومة العصرية. 

لذا سيتم أولا، إدماج المهارات الرقمية الأساسية الضرورية في المدارس الأساسية والثانوية وحتى الجامعية،وذلك بإنشاء مناهج رقمية عالية المستوى. بالإضافة إلى ذلك، سوف تسهل الحكومة رقمنة الأعمال الإدارية والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. 

وبالتالي، فإن تطوير القطاع الرقمي الذي يتم تنفيذه سيوفر الفرص لجذب مستثمرين جدد،وتحفيز الابتكارات نظرا لما يوفره من تسهيلات تختصر الوقت والجهد والمال. 

وفي هذا المنحى، قررت الحكومة الاعتماد على مشاريع بنية تحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية لتعزيز تنمية أنشطة الاستشارات عن بعد تعرف بأنشطة الأوفشور، والتي لها تأثيرقوي على التوظيف لاسيما على تشغيل طلبة الدراسات العليا في اللغات الأجنبية. وفي ضوء ما سبق، نجد أن الحكومة تخطط لجعل جيبوتي مركزًا إقليميًا مهمًا على أكثر من الصعيد. وقد تحقق هذا بالفعل في مجال النقل، وسيكون الأمر نفسه في القريب العاجل في مجال التحول الرقمي مع تطوير البنية التحتية في هذا القطاع وفتح الأسواق واستخدام الموقع الجغرافي المتميز لوطننا. ولأجل انجاز عملية التحول الرقمي هذه في أفضل الحالات وجعل بلادنا مركزا إقليميا متخصصا، تعتزم الحكومة استخدام كل الإمكانات الموجودة في البلاد لتطوير قطاع الطاقة والكهرباء. لذا تشرع الحكومة على تحقيق هدفين فرعيين نوعيين بمجال إنتاجية الطاقة،أولهما توسيع تنمية موارد الطاقة للوصول إلى استقلاليتها وثانيهما خفض تكاليف الكيلو وات في الساعة. 

والرؤية الرئيسية هي في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة الخضراء فقط بحلول العام 2035. ويتم إجراء الأبحاث والاختبارات في جميع مجالات الإنتاج الممكنة كتوربينات الطاقة الحرارية الجوفية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وقوة المد والجزر. 

وفي هذا الصدد، اكتمل إنشاء مزرعة بطاقة الريح في منطقة بحيرة «لاك عسل» وستدخل حيز الإنتاج. 

كما أن مشروع مزرعة منطقة «البارا» بطاقة الشمس يجري التفاوض بشأنه. 

وسيتم إجراء اختبارات إنتاج الطاقة الكهرومائية في ممر المائي القريب من «القبة الخراب». ويتم مد الخط الثاني من الطاقة من إثيوبيا. 

ولحماية النمو الاقتصادي المستقبلي، سيتم بناء محطة طاقة حرارية جديدة في انتظار إنشاء محطة لتوليد الطاقة الجوفية،إنه من الطبيعي استخدام مصادر كهربائية عادية لتلبية الاحتياجات بالتوازي مع تطوير مصادر الطاقة الخضراء،ومن المرجح أن تكون الطاقة الجوفية مصدر الإنتاج ألرئيسي للكهرباء، مما يخوله ليحل محل الطاقة العادية في السنوات القادمة. 

وكلمة أخيرة حول مستقبل هذا القطاع، أود أن أذكركم بأن محطة الغاز في ميناء داميرجوج ستلعب دورا مهما للغاية في إنتاج الكهرباء في البلاد في المستقبل القريب.   مستكردا «إن نجاح سياسة الطاقة هي بالضرورة أولوية حكومية رئيسية، كونها ستجعل من الممكن تنفيذ محور أخر لسياسة الحكومة، والتي ستتمثل في إنشاء مركز تجاري كبير.  

وستستغل الحكومة تنمية قطاع الطاقة في دفع قطاعات أخرى كصيد الأسماك والسياحة والقطاع المالي والصناعات الاستخراجية وأيضًا في مجال تصنيع المنتجات الحرفية. في الواقع، ستصبح التنمية الصناعية حقيقة واقعا قريبًا مع بناء المنطقة الصناعية والنفطية في «داميرجوج» واستخدام المنطقة الحرة الكبيرة في بيكا فين، التي باشرت بالفعل أعمالها. 

لقد تمثل هدف الحكومة في بذل كل ما في وسعها لتعزيز خلق فرص العمل للجيبوتيين في جميع القطاعات. 

وأنا أعلم بأن آمال الشباب بالحصول على وظيفة لائقة عالية ، وأريد أن أؤكد لأولئك الذين ما زالوا يبحثون عن عمل أن الحكومة ستسرع في خلق وظائف جديدة، لإن الاحتمالات التي ستتاح لهم في السنوات القادمة ستكون أكبر بكثير مما هي عليه الآن، وستكون الحكومة إلى جانبهم لمساعدتهم على الاندماج في النسيج الاقتصادي الجديد الذي يتم إنشاؤه. وفي هذا السياق، يتم تكييف برامج التكوين المهني بانتظام وبالتناسق بين وزارات التربية الوطنية والتدريب المهني والتعليم العالي والعمل، حيث تتداخل جميعها لوضع إستراتجية تقوم على تلبية متطلبات سوق العمل الحالية. كما ستعمل منتديات التوظيف التي تقام ودورات التدريب في الشركات والمؤسسات العامة ونشاطات التدريب الإضافية ودورات كيفية إنشاء الأعمال التجارية على تعزيز اندماج الشباب من الجنسين للتوظيف أو لريادة الأعمال. يشكل خلق الثروة وتوفير فرص عمل لجميع الجيبوتيين والجيبوتيات وتقاسم ثمار النمو مع أفقر الفئات والمستبعدين من التنمية، أساس سياسة الحكومة. ولتعزيزها، ستواصل الحكومة الإجراءات الهادفة إلى تحسين معايير الحوكمة الرشيدة. 

لقد بدأت الحكومة بالفعل في إصلاح أعمال الإدارات الحكومية لتقريبها من المواطنين. واليوم، أصبح تحديث القطاع العام والرغبة في مزيد من الشفافية في الإدارة هدفاً حكومياً معلناً. 

لذا قررت الحكومة أن تعمل كل الوزارات والمؤسسات العامة علس وضع خطط إستراتيجية وتقارير أداء مستمرة. 

وسيتعين على القطاع العام، منذ الآن، الإبلاغ عن إدارته من خلال تحديد المؤشرات والمقاييس المختارة وتبرير تطورها. بالإضافة إلى ذلك، ستطالَب كل إدارة وزارية وكل مؤسسة عامة إنشاء

 خدمة تدقيق داخلي وإدارة المخاطر، وأخيرًا، ستتكفل لجنة مشتركة بين الإدارات على تنسيق وتوحيد عمليات التدقيق الداخلي وفيما بينها، وبالتوازي مع ذلك سيتم تحديث إدارة برامج الاشتراء العمومي. 

وبخصوص هذا المنحى، تم إنشاء بوابة إلكترونية آمنة للمشتريات العامة والتي تمثل رغبة الحكومة في تعزيز القدرة التنافسية وخفض التكاليف وتسهيل نشر نصوص المشتريات العامة وتحسين جمع

 البيانات. 

وسيكون هناك المزيد من الشفافية من حيث إتاحة نشر دعوات المناقصات من قبل الإدارات الوزارية على منصات الكترونية والتي ستدار بشكل مشترك من قبل لجنة الأسواق والـوكالة الوطنية لنظم

 معلوماتية للدولة. 

أخيرًا، ومع اختيار تبسيط الإجراءات وتخفيض التكاليف الإدارية، أنشأت الحكومة «شهادة عامة» تشمل كافة الواجبات في مجال الضرائب وقوانين التشغيل الاجتماعية التي يجب على مقدمي العطاءات الوفاء بها في دعوات المناقصات.  

لقد قامت الحكومة سابقا في تيسير اقامة الاستثمارات من خلال وضع آلية «النافذة الواحدة»، واليوم هي تتابع ما تم إنجازه من خلال التدابير التي سردتها عليكم.

ولإجراءات تحسين الحوكمة الرشيدة هدفان مهمان. الأول أنه يعزز ثقة المستثمرين في إدارة الشؤون العامة، وبالتالي يساعد على زيادة الاستثمارات، والثاني يتمثل في توحيد أفراد المجتمع بشكل أكبر حول مكتسبات الدولة وقطاعه الحكومي، وسيتمكن الجميع في المستقبل من تقييم إدارة الشؤون العامة. وما هو مسلم به أن الإصلاحات التي تم إجراؤها سوف تغير من عاداتنا ، لكنها ضرورية لتحديث اقتصادنا. 

 واختتم رئيس الوزراء خطابه بالقول إن السياسة الحكومية قائمة على توفير فرص عمل أكبر للشباب والحفاظ على الثروة الوطنية في بيئة داعمة للسلم الاجتماعي، وسيتم تخصيص جزء أكبر منها لتحسين الظروف المعيشية للشريحة المتعففة من السكان. وأود أن أنهي مداخلتي بالتوجه بشكل خاص إلى نواب الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية. أنتم تعلمون بأنه بالإضافة إلى دوركم كمشرعين لديكم واجب رئيسي تقومون به ويتمثل في كونكم المحاورين الرئيسيين مع الشعب. لذلك فإنني أحثكم، ليس فقط على جمع تظلمات الجيبوتيين والجيبوتيات،

 على الرغم من أهميتها، ولكن أيضًا أن تشرحوا لجميع السكان قرارات الحكومة وجميع الأسباب الكامنة وراءها. 

إن هذه المهمة لا ينبغي أن تقتصر على فترات الحملات الانتخابية فحسب بل يجب أن تكون دائمة، لأن الأمة كلها تستحق معرفتها. كما أؤكد لكم رسميا أن الحكومة بأكملها، باتحادها وتضامنها، هي دائما تحت تصرفكم ومستعدة للحوار وتبادل النقاش حول جميع الموضوعات، كون الحوار الهادئ بين السلطتين التنفيذية والتشريعية هو أحد الركائز الأساسية لديمقراطيتنا والتي تحظى باحترام دائم من جانب الحكومة. 

من جانبه تمني رئيس الجمعية الوطنية   لجميع ممثلي الشعب المنتخبين عودة ممتازة إلى البرلمان ، معربًا عن أمله في أن يكون استئناف العمل مثمرًا ومفيدًا لبلدنا وأن مؤسستنا ، في مهامها السيادية ، ستستمر في تنفيذ الأدوات بكفاءة ضبط عمل السلطة التنفيذية وتقييم السياسات العامة.