نشرت الباحثة المصرية المتخصصة في الدراسات اللوجستية نشوى عبد النبي مؤخرا دراسة مطولة في موقع قراءات إفريقية بعنوان «رحلة الموانئ الإفريقية في ضوء أزمة البحر الأحمر – دراسة حالة: موانئ جيبوتي كنموذج للتكيُّف واستغلال الفرص»، وتناولت الباحثة في دراستها أهمية دور الموانئ الجيبوتية في ظل الأزمة الحالية في البحر الأحمر وكفاءتها ومكانتها المستقبلية على الصعيدين القاري والدولي، وفيما نقدم للقراء دراسة الباحثة.

أدَّت هجمات البحر الأحمر إلى ظهور نافذة جديدة من الفرص لموانئ جيبوتي، الواقعة على ساحل خليج عدن.

 فمع تزايد مخاوف شركات الشحن من عبور الممرات المائية التي يسيطر عليها الحوثيون، لجأت العديد من السفن إلى تغيير مسارها ورسو السفن في ميناء دوراله الجيبوتي.

فعلى الرغم من الخسائر التي تعرَّضت لها حركة الملاحة البحرية والتجارة العالمية خلال العام الجاري، ولا سيما بعد شنّ مليشيا الحوثي هجمات على السفن المارّة بالبحر الأحمر وخليج عدن، مما أثر على ما يُطلَق عليه «اقتصاديات الموانئ»، إلا أن موانئ جيبوتي استفادت من تلك الأزمة وحوَّلتها إلى فُرَص محتملة لها. عزَّزت التطورات الأخيرة في منطقة البحر الأحمر، وازدياد حدة الاضطرابات، من الأهمية الإستراتيجية لجيبوتي، وذلك لعدة اعتبارات، من أهمها ما يلي: موقع جيبوتي الإستراتيجي… مفتاح عبور آمِن للتجارة العالمية: تتمتع جيبوتي بموقع إستراتيجي استثنائي على خليج عدن؛ حيث تتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر من خلال مضيق باب المندب.

ويُعدّ هذا المضيق بمثابة ممر مائي حيوي يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن، الذي يُطلّ على المحيط الهندي.

وتزداد أهمية مضيق باب المندب لكونه ضيقًا نسبيًّا؛ حيث لا يتجاوز عرضه 30 كيلو مترًا، ممّا يجعله نقطة عبور حتمية للتجارة البحرية بين الشرق والغرب.

ازدادت أهمية مضيق باب المندب بشكل كبير مع افتتاح قناة السويس عام 1869م، ليصبح حلقة وصل رئيسية في الطريق البحري الذي يربط بين شرق آسيا وأوروبا.

يُمثل مضيق باب المندب شريانًا حيويًّا للتجارة والطاقة العالمية؛ حيث يتمتع بأهمية اقتصادية هائلة على مستويات متعددة، كما يُعدّ ممرًّا بحريًّا رئيسيًّا للتجارة الدولية؛ حيث تمر من خلاله ما يقارب 10% من حركة الملاحة العالمية. ويُشكِّل ذلك حلقة وصل مهمة بين الشرق والغرب، ويربط بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.

 يحتل مضيق باب المندب المرتبة الثالثة عالميًّا من حيث عبور موارد الطاقة، بعد مضيقي ملقا وهرمز.

وتمرّ من خلاله معظم صادرات النفط والغاز الطبيعي من الخليج العربي، سواء تلك التي تتّجه إلى أوروبا عبر قناة السويس أو تلك التي تُنقل عبر خط أنابيب سوميد.

 يُقدَّر عدد السفن التي تمر عبر مضيق باب المندب سنويًّا بأكثر من 21 ألف سفينة، أي ما يعادل 57 سفينة يوميًّا.