افتتحت الجمعية الوطنية يوم امس الأحد دورتها الاعتيادية الأولي في دورتها التشريعية التاسعة لعام 2025، والتي خصصت لمناقشة السياسة العامة للحكومة وذلك برئاسة رئيسها السيد/ دليتا محمد دليتا ، وبحضور رئيس الوزراء السيد/ عبد القادر كامل محمد، وأعضاء الحكومة ، وأعضاء الجمعية الوطنية ، وسفراء الدول الشقيقة والصديقة، وممثلي المنظمات الدولية العاملة في البلاد.
وبهذه المناسبة ألقى رئيس الوزراء كلمة تناول فيها الخطوط العريضة للسياسة العامة للحكومة قال فيها، «قبل أن أستعرض على كرم عنايتكم السياسة العامة للحكومة لعام 2025، أود أن أوجه تهنئةباسمي وباسم أعضاء الحكومة الموقرة إلى الحضور الكرام، ومن خلالكم أنتم ممثلو الشعب، إلى جميع أبناء وبنات جيبوتي، بمناسبة شهر رمضان المبارك،أعاده المولى عز وجل عليكم جميعا بالصحة والسلامة.
نحن الآن في منتصف هذه الولاية التشريعية، التي شهدت، بفضل جهود معالي رئيس الجمعية الوطنية بالتوازي مع التزامات الحكومة، توطيد دعائم الدولة وتعزيز العمل المشترك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مما شكل البنية التي تأسس عليه المجتمع الجيبوتي الحديث، وبفضله أصبح التقدم أمرا أكيدا على كافة الأصعدة وفي العديد من المجالات.
وتابع السيد/عبدالقادر كامل بالقول «تمثل هذه السنة مرحلة هامة في مسيرتنا السياسية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، لذا يتعين علينا جميعا التحلي بروح واثقة،وحيويةمتجددة تساعد في تعزيز وتحديث استراتجيات التنمية الوطنية المتبعة،وهذا بالضبط يعتبر الهدف الذي تسعى الحكومة لتحقيقه، والذي سأتناول فحواه في سياق خطابنا هذا. لكن، كما تعلمون، كان من الضروري أن نجري تقييما مسبقا وشاملا لأداء الحكومة.
وللتذكير فإن هذه المرحلة تُعتبر هامة وتقع على عاتق جميع الوزارات للاضطلاع بمهامها وإخضاع عملها للمتابعة والتقييم الدوري، حيث تتيح لكل فرد منا فرصة لمراجعة التقدم الذي تم إحرازه،وتحديد النواقص وتحديد الأولويات الجديدة التي ينبغي العمل عليها. لذلك، سأناقش هذا الموضوع مع التركيز بإيجاز على النتائج التي أتاحت لي الفرصة تفصيلها في مناسبات متعددة.
مستطردا «إن الشوط الذي قطعناه من ذلك الحين وحتى الآن جدير بالإشادة، حيث أن التحول الهائل للبنية التحتية والعمارة المتواصلة للعاصمة والمدن الكبرى يعد دليلاً لا يدع مجالا للشك.
ولتوضيح ذلك، فإن النجاحات التي نشهدها اليوم تعكس التزام فخامة رئيس الجمهورية الكامل بسياسة تستند إلى هدفين رئيسيين: تعزيز ازدهار البلاد من جهة، وترسيخ التضامن الوطني من جهة أخرى.
وبطبيعة الحال، فإن هذين المحورين سيساهمان في تقوية صمود الأمة الجيبوتية وتمكينها من تجاوز التحديات وتجنب الظروف الصعبة كالتي شهِـدناها على الساحتين الإقليمية والدولية في السنوات الماضية.
ومن هذا المنطلق، ستسعى الحكومة إلى المضي قُدما في تكثيف الإنجازات المحققة.ففيما يخص المحور الأول من سياستها، تؤكد الحكومة عزمها على مواصلة زيادة الثروة الوطنية.
وللتذكير فإن من أبرز إنجازات الحكومة، دون أدنى شك، هو جعل الوطن قطبا إقليميا بمواصفات عالمية يركز على الاقتصاد والرقمنة المالية.
وقد تحقق هذا الإنجاز نتيجة للسياسات الاستثمارية الضخمة التي بذلت الحكومة جهودا في تمويلها وانصب اهتمامها في تطوير البنية التحتية كنظام النقل الدولي متعدد الوسائط، وإنشاء المناطق الاقتصادية المتعلقة بتطوير التجارة، وتحديث قطاع الاتصالات.
لقد كانت هذه القطاعات الاقتصادية محركات رئيسية للاقتصاد الوطني، كما أدت إلى تطوير قطاع اقتصادي حيوي آخر، وهو قطاع البناء وما يرتبط به من مجالات كالطاقة والمياه والصرف الصحي.
وبتشجيع من الحكومة وبتسهيل الإجراءات، أصبحت الاستثمارات الخاصة الكبيرة هي السائدة في هذا المجال بدلاً من الاستثمارات العامة، مما أدى إلى تحقيق تكامل إيجابي يساهم في تعزيز النمو الوطني القوي. وتابع «إن من أهم المؤشرات التي تعتمدها الحكومة لقياس تقدم اقتصادنا هي تلك التي تعكس مدى صمود الاقتصاد في مواجهة الأزمات، مما يعبر عن درجة استقلاليتنا.
وقد تم رصد هذا الصمود بشكل واضح في عامي 2023 و2024، حيث يتم تكييف نشاط الموانئ مع التغيرات المفاجئة التي طرأت على حركة الملاحة الدولية في المحيط الهندي والبحر الأحمر.
وعلى غير ما كان متوقعا بسبب الوضع الراهن، فإن حركة البضائع في موانئ جيبوتي في عام 2023 حققت زيادة ملحوظة بلغت 35.2٪ مقارنة بالعام السابق، كما سجلت حركة النقل العابرة بين الأرصفة زيادة سنوية هائلة تقدر بحوالي 940٪، مما يعكس تحسنًا ملحوظًا مقارنة بالنتائج التي سُجلت قبل جائحة كورونا.
وعلى الرغم من ارتفاع أسعار السلع المستوردة نتيجة الصراعات، إلا أن قطاع البناء أظهر تأثرا محدودا بذلك، فقد تم إنشاء مراكز تجارية جديدة وبناء مدن سكنية في المناطق القديمة، مما أدى في زيادة استهلاك الأسر. ونتيجة لهذه العوامل، فقد تراوح نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، بالرغم من الأزمات الصحية والإقليمية والدولية المتتالية خلال السنوات الخمس الماضية، بين 6 و6.5٪. ويعتبر الناتج المحلي الإجمالي مؤشراً موضوعيا يعكس بالضبط أهمية التحول المرئي للمدن الجيبوتية ومدى توسعها الفضائي.
السيدات والسادة النواب، من المتوقع أن يصل معدل نمو اقتصادنا تدريجيًا لعامي 2025 و2026 إلى مستوياته السابقة قبل الجائحة، والتي كانت تتراوح بين 7.5 و8٪. والحكومة ملتزمة بمواصلة هذا المسعى، معتمدةً في ذلك على نظامنا المالي الفريد في إفريقيا، وقد تم التأكيد على هذا الأمر خلال الاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لإطلاق الفرنك الجيبوتي، الذي يظل أداة رئيسية في بناء قطب اقتصادي ومالي إقليمي مميز يتم دعمه من مجموعة العمل المالية الدولية الـ(GAFI).
لذا، تؤكد الحكومة عزمها على تطوير هذا القطب،وستواصل جهودها لتحقيق تكامل أفضل له في شرق إفريقيا. إن التعاون الاقتصادي الإقليمي الذي أطلقته «الهيئة الحكومية الدولية للتنمية» الـ (IGAD) يعد عاملًا أساسيًا للسلام والتنمية الاجتماعية لجميع شعوب المنطقة.
كما أن جيبوتي، التي تتولى رئاسة الهيئة، تواصل جهودها لضمان تنمية منطقة شرق إفريقيا في أجواء من السلام.
ومع ذلك، كما تم الإشارة إليه سابقًا، فإن الحكومة لا تعتزم التوقف عند هذه النقطة فحسب، فالنمو الاقتصادي المتزايد الذي يتم تحقيقه حاليًا سيشكل قاعدة صلبة لتوفير المزيد من فرص العمل وفتح آفاق جديدة للشباب.
علاوة على ذلك، أيها الكرام، تسعى الحكومة،بدأ من اليوم وعلى مدى السنوات المقبلة، نحو تحقيق مستوى أعلى من التنمية يتجسد في استكمال المحور التجاري والرقمي والمالي لجيبوتي.
إن طموحاتنا كبيرة وأيضا التحديات التي نواجهها والتي سنواجهها في المستقبل، لكن الحكومة عازمة على مواكبة تقدمها بحكمة وتأني.
إنها رؤية فخامة رئيس الجمهورية التي تتطلع لجعل جيبوتي مركزا إقليميا للتحول الصناعي، مستندة بذلك على الإنجازات التي حققتها كمحورإقليمي، بهدف تمكين جميع أبناء جيبوتي وبناته من الحصول على فرص عمل رغم الزيادة السكانية. ولتحقيق هذا الهدف، يجب التغلب على تحديين رئيسيين: الأول يتجلى في تأهيل الشباب وتدريبهم في جميع المجالات، والثاني يتعلق في توفير الطاقة الكهربائية بكميات كبيرة وبأسعار في المتناول.
واختتم رئيس الوزراء كلمته بالقول «دعونا نستكشف هذا الموضوع بشكل أعمق، تعتبر تنمية قدرات النساء والرجال من أهم التحديات التي تواجه أي حكومة، ولا تُستثنى حكومتنا من ذلك.
وعلى مر السنين، كان التعليم الوطني والتدريب المهني في صميم السياسات الحكومية المتتالية، والهدف منها مزدوج : - استثمارقدرات المواطنين الجيبوتيين وجعلهم المحرك الفعال لضمان تنمية مستدامة - تعزيز فرص اكتشاف كفاءات جديدة في مختلف أنحاء البلاد.
فبالتوازي مع أعمال الحكومة والتزامها في مجال التعليم الأساسي والتأهيل الفني للجميع، تنصب جهودها حاليا على الرفع من مستوى التعليم العالي والتدريب المتخصص.
وقد تم البدء في هذا الاتجاه في السنوات الماضية، وستستأنف الحكومة بذل المزيد من الجهد في الأعوام القادمة.
وهذا بالضبط ما يحتاجه البلد، يحتاج إلى العديد من المهندسين والأطباء والتقنيين المتخصصين ذوي كفاءات ومهارات عالية.
وقد بدأنا نستشعر تقدمًا ملحوظا في مجال تأهيل موظفي وأطر القطاع الطبي، والدور الآن على قطاعات التكنولوجيا كالرقمنة والقطاعات الواعدة التي ستساهم في تنمية البلد في القرن الواحد وعشرين.