ترأس رئيس الجمهورية، السيد/ إسماعيل عمر جيله، يوم الأربعاء الماضي، في القصر الجمهوري، فعاليات إطلاق النسخة الأولى من «اليوم الوطني للحوكمة الرشيدة للشركات والمؤسسات العامة»، وذلك بحضور رئيس الوزراء، السيد/ عبد القادر كامل محمد، ورئيس الجمعية الوطنية، السيد/ دليتا محمد دليتا، وأعضاء الحكومة، إلى جانب كبار مسؤولي المؤسسات العامة الوطنية.
وفي كلمته خلال المناسبة، أكد رئيس الجمهورية على الأهمية البالغة التي يوليها لموضوع الحوكمة الرشيدة، قائلاً: «في هذا اليوم الوطني المُكرّس لحوكمة الشركات والمؤسسات العامة، حرصت على استقبالكم في القصر الجمهوري لأعبر عن مدى الأهمية التي أُوليها لهذا الملف المحوري، والذي يعكس مدى التزامنا بالشفافية والكفاءة في إدارة المرافق العامة التي أُوكلت إليكم مسؤوليتها».
وأضاف أن هذه المسؤولية ليست باليسيرة، فهي تتطلب استثمارًا دائمًا، كما تُحتِّم تحقيق نتائج ملموسة تنعكس إيجابًا على الحياة اليومية للمواطنين، رغم التحديات المتمثلة أحيانًا في التباين بين الأهداف والموارد، أو في الصدام بين البيروقراطية والاحتياجات الملحّة للمواطنين.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن الحكومة قامت بتشخيص شامل ودقيق لأوضاع الشركات والمؤسسات العامة، مشددًا على أن هذا التشخيص تم بطريقة نقدية ومن دون مجاملات، ما أتاح تحديد العقبات الحقيقية التي تعيق الحوكمة الرشيدة.
وأكد أن هذا العمل تم ضمن إطار حوار بنّاء ضم جميع الأطراف المعنية، ما أكسبه شرعية مستمدة من إرادة سياسية واضحة ومعلنة.
وأوضح الرئيس جيله أن الإصلاحات المطروحة تهدف إلى تهيئة الشركات والمؤسسات العامة لمواجهة التحديات الجديدة، خاصة في ظل عالم يشهد أزمات غير متوقعة ومتسارعة.
وقال «إن المؤسسات العامة لعبت دورًا محوريًا في الصمود أمام هذه التحديات، وأسهمت بفاعلية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يحتم تعزيز دورها في المرحلة المقبلة».
وفي هذا السياق، دعا رئيس الجمهورية إلى مواءمة هذه المؤسسات مع بيئة جديدة قائمة على التنافسية والابتكار والتكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي.
وشدد على ضرورة ألا يقتصر الأمر على دمج هذه التقنيات، بل استثمارها كمحركات حقيقية لتحقيق الأهداف الوطنية.
وأكد الرئيس أن الإصلاح المنشود ليس مجرد تغيير شكلي، بل هو تحديث جذري يستند إلى ثلاث ركائز أساسية: 1.الكفاءة والأداء: عبر تعزيز الموارد البشرية الماهرة ذات الخبرة والتدريب العالي. 2. الشفافية والمساءلة: حيث يجب أن يكون كل فرنك عام يُستثمر قابلاً للتتبع والمراجعة. 3. تعزيز ثقة المواطنين: عبر ترسيخ المؤسسات العامة كتراث مشترك يخدم الحاضر ويصون مستقبل الأجيال القادمة.
وتابع رئيس الجمهورية قائلاً: «هذا الإصلاح لا ينبع من خيار سياسي مؤقت، بل من ضرورة تاريخية تمسّ مستقبلنا.
وندرك أنه سيثير بعض المقاومة، لكن هذا طبيعي لأي تحوّل جذري يعيد تشكيل العقليات ويكسر الجمود الإداري».
وأكد أن الدولة، بصفتها المساهم والمدير، ستضمن حماية الأصول العامة وتحقيق الانسجام الاستراتيجي في التزاماتها، مع الحفاظ على قدرة الشركات والمؤسسات العامة على المنافسة، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية.
وفي ختام كلمته، أشار الرئيس إلى أن هذا المسار الجديد سيتضمن توقيع «عقود أهداف وأداء» بين الدولة وهذه المؤسسات، تجسيدًا لالتزامها الوطني، وضمانًا للمساءلة والنتائج، مؤكدًا أنه سيشرف شخصيًا على تنفيذ هذا الإصلاح الحيوي، قائلا في هذا الصدد: «لقد آن الأوان للانتقال من النوايا إلى الأفعال».