على مدار الأربعين عاما الماضية شهد العمل الخيري والإنساني في جيبوتي تطورا لافتا، حيث واكبت المنظمات الخيرية جهود الحكومة بقيادة رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله للنهوض بواقع الأسر الفقيرة وذوي الدخل المحدود، وتحسين أوضاع شريحة الأيتام، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.وفي إطار سلسلة تقارير نخصصها للذكرى الأربعين للاستقلال الوطني نقدم لكم تقريرا مختصرا يلقي الضوء على مسيرة مجمع الرحمة التنموي الذي يعد عروس المشاريع الخيرية لمنظمة الرحمة العالمية في جيبوتي.
مبادرة الإنشاء:-
وضع رئيس الجمهورية حجر الأساس لمشروع بناء مجمع الرحمة التنموي لرعاية الأيتام في جيبوتي في العام 2004، أي بعد خمس سنوات فقط من تسلمه مقاليد الحكم في البلاد في مسعى لإيجاد مرافق تعليمية وصحية واجتماعية تُعنى بتوفير الخدمات الأساسية للشرائح الاجتماعية الأكثر احتياجا في جيبوتي.
وجاءت مبادرة إنشاء هذا الصرح الهام من المكتب الإقليمي للجنة إفريقيا للإغاثة، ممثل الرحمة العالمية بدولة الكويت في جيبوتي والذي تم تأسيسه بموجب اتفاقية تم إبرامها بين اللجنة ووزارة الشئون الخارجية والتعاون الدولي عام 1999 تقضي بممارسة اللجنة أنشطتها في مجالات العمل الخيري المختلفة كبناء المؤسسات التعليمية والمرافق الصحية والمساجد، وحفر الآبار وتقديم المساعدات الإنسانية للأسر البسيطة في عموم التراب الوطني.
في الـ26 من يونيو عام 2007 دشن رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله هذا المشروع الفريد من نوعه ضمن المهرجانات المكرسة للاحتفال بالذكرى الـ30 للاستقلال الوطني. وذلك بعد عمليات بناء وتجهيز امتدت إلى قرابة 4 سنوات، وكلفت نحو 15 مليون دولار.
وشكل بناء مجمع الرحمة التنموي في جيبوتي نقلة لافتة في أداء الرحمة العالمية بعد افتتاح مكتبها بخمس سنوات فقط حيث قررت الانتقال إلى تنفيذ مشروعات نوعية تختلف تماما عن المشروعات التقليدية التي دأبت عليها غالبية المنظمات والهيئات الخيرية والإنسانية.
المجمع الذي يعمل فيه 400 موظف وعامل يحظى باهتمام ورعاية الحكومة، تتمثل في تقديم التسهيلات اللازمة لتمكينه من القيام بمهامه والإسهام في دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفقا للمدير الإقليمي للجنة إفريقيا للإغاثة ممثل الرحمة العالمية السيد/ عبد الغني القرشي.
إنجازات ملموسة في الشِقين التعليمي والصحي:-
على مدارس السنوات العشر الماضية حقق مجمع الرحمة إنجازات كبيرة طالت المجالات التعليمية والصحية والتنموية أو الاجتماعية لفائدة السكان المعوزين، وذوي الدخل المحدود، وذلك تحت إشراف الوزارات المعنية.وفي هذا الصدد نحج المجمع في إرساء علاقات متميزة مع المؤسسات الحكومية ذات الصلة وفي مقدمتها وزارة الشئون الخارجية والتعاون الدولي، ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، ووزارة الصحة ، ووزارة الشئون الإسلامية والثقافة والأوقاف، إلى جانب وزارة الدولة للشئون الاجتماعية التي تتولى الإشراف على البرامج والمشروعات الخيرية في البلد.
المدرسة العامة
ويتألف الشق التعليمي من المدرسة العامة التي تتكون من المرحلة الابتدائية والمرحلتين المتوسطة والثانوية، إضافة إلى الثانوية الصناعية، وفقا للمدير الإقليمي للجنة إفريقيا للإغاثة السيد/ عبد الغني القرشي الذي أوضح أن نحو 700 طالب يتلقون التعليم في المدرسة العامة والثانوية الصناعية من بينهم 400 يتيم يحصلون على رعاية متكاملة تشمل المعيشة والدراسة والسكن والرعاية الصحية والتنموية.
وأشار إلى أن للرحمة العالمية مدارس أخرى في المناطق الداخلية خصوصا في علي صبيح ودخل وأبخ، يقدر عدد الطلاب فيها بنحو 1300 طالب وطالبة ما يرفع إجمالي طلاب مدارس الرحمة في جيبوتي إلى 2000..وانتهز القرشي هذه السانحة لتقديم التهاني والتبريكات لرئيس الجمهورية، رائد النهضة الوطنية السيد/ إسماعيل عمر جيله، والسيدة الأولى، رئيسة الاتحاد الوطني لنساء جيبوتي السيدة/ خضره محمود حيد، وأعضاء الحكومة ومجلس النواب وكافة أبناء الشعب الجيبوتي بمناسبة الذكرى الأربعين للاستقلال الوطني المجيد.
وأكد على الاهتمام الذي يلقاه مكتب الرحمة العالمية والتسهيلات المقدمة له مقارنة بالدول الأخرى التي تعمل فيها المنظمة على مستوى العالم، وعددها إجمالا 27 دولة مضيفا «نشيد برئيس الجمهورية الذي أشرف شخصيا على مشروع بناء مجمع الرحمة التنموي منذ انطلاقته الأولى، ومراحل البناء، والتدشين ونؤكد على أن نجاح المنظمة في مشاريعها تحقق بفضل هذا الدعم المتواصل من السلطات الجيبوتية».
وأشاد السيد/ عبد الغني القرشي المدير الإقليمي للجنة إفريقيا للإغاثة بالتبرعات والهبات التي يتلقاها المجمع سواء من دولة الكويت أو غيرها من الدول الخليجية الأخرى التي تقوم بتمويل المشاريع الخيرية للرحمة في جيبوتي.
المدرسة الصناعية :-
واكبت الرحمة العالمية عبر المدرسة الصناعية في مجمع الرحمة التنموي مساعي الحكومة لتعزيز التعليم الفني والمهني وتحسين نوعية مخرجاته لمواجهة التحديات التي تتصدرها البطالة في صفوف الشباب.
وتجدر الإشارة إلى أن ذلك النوع من التعليم يهدف إلى إكساب الفرد قدرا من الثقافة والمعلومات الفنية والمهارات العملية التي تمكنه من إتقان عمله، وتنفيذه على الوجه الأكمل.
ووفقا لنائب المدير الإقليمي للجنة السيد/ علمي يوسف طاهر تتضمن خطته الدراسية مواد نظرية عامة ومواد فنية ومهنية نظرية وتطبيقات وتدريب عملي ومدة التعليم 3 سنوات بعد انتهاء فترة التعليم الأساسي.
ويحصل الطالب على شهادة دبلوم الثانوية الفنية أو دبلوم الثانوية المهنية أو دبلوم الثانوية التقنية وهذه الشهادة تتيح للخريج الالتحاق بسوق العمل أو مواصلة التعليم العالي بعد اجتياز اختبارات معينة.
وتضم الثانوية الصناعية بمجمع الرحمة التنموي في حي هدن ببلدية بلبلا أقسام الحاسب الآلي، الحدادة وتشكيل المعادن، النجارة « نجارة الأثاث والأبواب والشبابيك»، إضافة إلى قسم الكهرباء، التبريد والتكييف وقسم الألمونيوم ( تدريب لمدة عام ) هذا إلى جانب قسم الخياطة والتطريز للبنات، ويحتوي على قسمين الأول تدريبي لمدة عام والثاني إنتاجي حيث يتم اختيار الأوائل من الخريجين للعمل في الإنتاج وتحصيل أجر عن هذه الأعمال ويقوم القسم بالخياطة بجميع أنواعها وينتج للسوق مكتوب عليها (صنع في مجمع الرحمة) وقد تخرج من هذا القسم أكثر من 150 متدربة وتم تسليمهن ماكينات خياطة لكي يبدأن في العمل والإنتاج.
مستشفى الرحمة
وفيما يختص بالشق الصحي يساهم مستشفى الرحمة الذي يخضع لإشراف وتوجيه وزارة الصحة في المساعي الرامية إلى مكافحة الأمراض وتوفير الرعاية الطبية للسكان، خصوصا من يقطنون في بلدية بلبلا.
يحتوي هذا الهيكل الصحي على العديد من العيادات الخارجية وهي عيادات الأنف والأذن والحنجرة والعيون والباطنية والعظام وجراحة المسالك والجراحة العامة والأطفال والنساء والأسنان، إضافة إلى قسم العمليات الجراحية الذي يحتوي على 4 غرف عمليات، بالإضافة إلى غرفة الإفاقة وغرفة العمليات (الليزر للعيون) ثم غرفة العناية المركزة وغرفة الحضانات للأطفال حديثي الولادة. والقسم الداخلي (التنويم) بنوعيه العادي والفندقي والوحدات المرفقة بالمستشفى كالصيدلية وقسم الطوارئ الذي يعمل على مدار 24 ساعة وقسمي المختبرات والأشعة.
تبلغ سعة المستشفي 80 سريرا، ويقدم خدمته الصحية في مختلف التخصصات الطبية للمواطن الجيبوتي ومواطني دول القرن الإفريقي بهدف الحد من سفر المواطنين لتلقي العلاج في الخارج، ولا تزال الجهود مستمرة لتلبية الاحتياجات في مختلف التخصصات الطبية.
وبشر المدير الإقليمي للرحمة العالمية الشعب الجيبوتي على الانتهاء من عمليات بناء مركز علاج القلب والمخ والأعصاب بالمستشفى، وأوضح أن بناءه جاء بتوجيه من رئيس الجمهورية وأن الافتتاح الرسمي سيتم في غضون شهرين.