تظل الزكاة وهي الركن الثالث من أركان الإسلام، الوسيلة المثلى والأكثر نجاعة للحد من تنامي ظاهرة الفقر في العالم الإسلامي، وتعزيز الأمن الاجتماعي، والروابط الأخوية بين مكونات وطبقات المجتمع الواحد.  

والتاريخ الإسلامي حافل بالإنجازات، ويطالعنا صفحات مشرقة تستدعي منا التوقف والتأمل لاسيما كيف نجحت الزكاة كنظام إسلامي عندما طبقت تطبيقا شاملا في التخفيف من مشكلة الفقر وقضت عليه نهائيا في عصر خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز. 

 وفي عصرنا الحالي تفيد الدراسات الحديثة بأن نظام الزكاة نظام اقتصادي اجتماعي يوصف بأنه ديناميكي في التطبيق فعال في مردوده، ومن ثم يمكن أن يكون له دور فعال في بناء اقتصاد الرفاهية الخالي من الفقر. 

وانطلاقا من ذلك جرى تأسيس ديوان الزكاة، التابع لوزارة الشئون الإسلامية والثقافة والأوقاف في جيبوتي بمرسوم رئاسي عام 2004، في إطار جهود رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله لإعادة إحياء هذا الركن الإسلامي، وتكثيف برامج وأنشطة تقليص معدلات الفقر في البلاد. 

وبعد مضي نحو 17 عاما على إنشائها، يمكن تقييم أداء هذه المنشأة الحيوية التي تتولى إلى جانب تحصيل الزكاة وإعادة توزيعها تنفيذ برنامج كفالة الأيتام، والمشاريع الموسمية كإفطار الصائم، وتوزيع الأضاحي وغيرهما. 

في هذا الصدد شهدت حصيلة الزكاة على مدار السنوات الماضية تحسنا كبيرا، مما انعكس إيجابا على أعداد الأسر المستفيدة منها، كما سجل برنامج كفالة الأيتام هو الآخر تطورا نسبيا منذ إطلاقه عام 2007. 

فعلى سبيل المثال لا الحصر، ارتفعت حصيلة الزكاة من 12 مليون فرنك جيبوتي، في العام 2005، إلى أكثر من 240 مليون فرنك جيبوتي في العام 2019. وعلى الرغم من التداعيات السلبية أي التبعات الاقتصادية التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد، إلا أن ديوان الزكاة نجح في اجتياز التحديات والعقبات، بفضل جهود القائمين عليه، ومن ثم بلغت حصيلة الزكاة للعام 2020 أكثر من 190 مليون فرنك جيبوتي. 

وقد ثمن وزير الشئون الإسلامية والثقافة والأوقاف السيد/ مومن حسن بري، الذي رعى مطلع شهر مارس الماضي حفل توزيع الحصيلة الخامسة عشرة للزكاة، عاليا مسيرة مؤسسة ديوان الزكاة الحافلة بالعطاء، مؤكدا أن الدولة لم تأل جهدًا في وضع الإطار القانوني والمؤسسي والرقابي لتنظيم هذه المؤسسة في إطار السياسة الاجتماعية التي يدعو إليها رئيس الجمهورية وجَعَلها أولوية من أولوياته. 

لقد رسم ديوان الزكاة بما لا يدع مجالاُ للشك منذ العام 2005، البسمة وأدخل السرور على نفوس عشرات الآلاف من الأسر المعدمة وذوي الدخل المحدود المستفيدين من أموال الزكاة، مما يجعله بحق في صدارة المؤسسات المعينة بمكافحة الفقر وتحسين الأوضاع الحياتية للفئات الاجتماعية الأكثر ضعفا. 

وعلى الرغم من هذا التطور اللافت للمؤسسة، إلا أنها تتطلع لأن يزداد عدد المزكين إلى المستوى المأمول، ليستمر في مسيرة العطاء والنماء.