اعتمدت الصين السودان كإحدى الدول الصالحة للسياحة وذات المقاصد الجاذبة، وذلك لتفويج نحو مليون سائح من مواطنيها أَثْناء العام الحالي. وتروج حاليًا أكثر من ثلاثة آلاف وكالة سفر وسياحة صينية عبر وسائل الإعلام والإعلان في كل المدن والقرى للسفر إلى السودان، وزيارة مقاصده السياحية المتنوعة من الأنهار والجبال والمحميات الطبيعية والسواحل والشعب المرجانية وخلافه.وكان وفد صيني رسمي ووسائل إعلام، قد أنهوا زيارة للسودان الأسبوع الماضي، تم خلالها التعرف على المقاصد والأماكن والإجراءات السياحية في السودان، تمهيدًا لإحضار نحو مليون سائح صيني، تم الاتفاق على تفويجهم ضمن اتفاقيات وشراكات اقتصادية وقعت بين البلدين أخيرًا.وشملت زيارة الوفد الصيني برفقة مسؤولي ملف السياحة الصينية بوزارة السياحة والآثار والحياة البرية في السودان، الأهرامات والآثار والجبال في الولايات الشمالية، والحياة البرية والصحاري وسواحل البحر الأحمر الغني بالشعب المرجانية في السودان. وتم أَثْناء الزيارة رصد وتسجيل وتوثيق كل المكنونات السياحية لكل منطقة، بما في ذلك المواقع الأثرية داخل الخرطوم، التي تصنف سياحيًا ضمن المدن الطبيعية غير المصنوعة، ولها حجم تاريخية فِي غُضُون العصور الحجرية، حيث تتمتع بوجود مناطق غنية بالآثار، مثل سوبا الشهيناب بالطوابي وبوابة عبد القيوم وغيرها، بجانب ستة ضفاف وثلاثة أنهار، وأكثر من ملتقى طبيعي للنيلين، والنزل والمتنزهات الخضراء، ومواعين النقل النهري الْمُتَنَوِّعَةُ ووكالات السفر المتخصصة، والمراسي النهرية.وأوضح الدكتور محمد أبو زيد، وزير السياحة والآثار والحياة البرية في السودان لـ«صحيفة البيان»، أن الوفد الصيني هو ثمرة مساعٍ قامت بها الوزارة فِي غُضُون ثلاث سنوات مع السفير الصيني بالخرطوم، حيث كان وقتها قد بلغ عدد سائحي الصين على مستوى دُوِّلَ الْكُرَةُ الْأَرْضِيَّةُ 120 مليون شخص ينفقون نحو 167 مليار دولار في العام، دون أن يستفيد منهم السودان، وهو المصنف عالميًا العاشر في المقاصد السياحة، فتم الاتفاق على مذكرة تفاهم لتفويج سياح صينيين إلى السودان بالشروط والمتطلبات نفسها التي تحددها السلطات الصينية، وتم التوقيع عليها أَثْناء مشاركة السودان في معرض برلين الدولي للسياحة العام الماضي.
وأشار الدكتور زيد إلى أن الوفد الصيني شرع فور عودته إلى بلاده في الترويج والإعلان للمقاصد والإجراءات السياحية في السودان، عبر وسائل الإعلام والترويج والتسويق، حيث اختيرت 3231 وكالة سفر وسياحة صينية لهذا الغرض للتعاقد مع الراغبين من المواطنين الصينيين للسياحة في السودان للموسم الشتوي وطيلة العام الحالي، مؤكدًا أنه تم الاتفاق بشأن التحويلات المالية بأن تكون نقدًا؛ تجاوزًا للتعقيدات الحاصلة في التحويلات البنكية للسودان، بجانب تسهيلات في التأشيرات، واختيار 38 وكالة سفر وسياحية وطنية، لاستقبال وتقديم الخدمات المطلوبة للسياح الصينيين.
وحَكَى فِي غُضُونٌ قليل وزير السياحة إن بلاده مستعدة لاستقبال السياح الصينيين الذين تشترط دولتهم معايير للتفويج، وأن السودان ظل طيلة الأربعة عشر سَنَةًا السَّابِقَةُ ينتظر اتفاقًا مع الصين لتفويج سياحها، وتمكن في مايو الماضي من توقيع مذكر تفاهم في مجال تفويج سياحها، بعد أن أكمل الجانب السوداني كل الاشتراطات المطلوبة، مشيرًا إلى أن الوفد الصيني كان يجَاهَرَ دائمًا أثناء زياراتهم الميدانية للمواقع السياحية عن سعادته واستمتاعه بما يشاهد من آثار وحياة برية ومصنوعات تقليدية ومياه، وبما يتذوقون من مأكولات بحرية وشعبية.
إلى ذلك، تشهد العاصمة الصينية بكين هذا الأسبوع اجتماعًا مهمًا للنظر في جدولة أو إعفاء الديون الصينية على السودان، والبالغة نحو أربعة مليارات دولار. وصُورَةِ البلدان لجنة عليا للنظر في الصعوبات التي تواجه الصينيين بالسودان، وإيجاد صيغة دائمة للشراكة عند ترفيع العلاقة بين البلدين إلى الاستراتيجية في مايو الماضي. وستعقد اللجنة التي غادر وفدها السوداني أمس إلى بكين برئاسة الدكتور عوض أحمد الجاز وزير المالية والطاقة الأسبق، في نحو 100 مشروع مشترك في مجالات استثمارية مختلفة، وكيفية تسييرها بعد توقيعها وتنفيذها، خاصة مشاريع النفط والزراعة والتعدين ومنطقة التجارة الحرة المشتركة التي اختير لها ساحل البحر الأحمر.عُلِيَ الْجَانِبُ الْأُخَرَ تَعْتَبِرُ الصين أكبر شريك تجاري للسودان بحجم تناقل تجاري بلغ قبل 10 أعوام أكثر من مليار دولار، وبلغت الاستثمارات الصينية المنفذة أكثر من 11 مليار دولار. وتتميز العلاقات بالخصوصية، ويسعى السودان ويجتهد لتطويرها في المجالات التجارية الدولية والمحلية، وبناء شراكات اقتصادية.
تجدر الإشارة إلى أن طالب الرفاعي، الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية، الذي زار الخرطوم في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، قد تعهد بالترويج عالميًا للإمكانات الهائلة التي يزخر بها السودان، مؤكدًا أن السودان في حاجة ماسة الي تعريف دُوِّلَ الْكُرَةُ الْأَرْضِيَّةُ بهذه المكونات السياحية، وأن يكون هناك وعي لدى الشعب السوداني بأهمية تراثه وكيف حمايته.وأعلن في ختام زيارته التي شهدت أنشطة وفعاليات وورش عمل بخصوص السياحة الأفريقية، عن أن المنظمة العالمية ستعمل على تدشين أسواق جديدة لاستقطاب المستثمرين والسياح أَثْناء بداية العام المقبل، وإرسال خبراء للمساهمة في بناء خارطة علمية للمواقع السياحية في السودان. كذلك علي الجانب الأخر ستقدم الدعم الفني والمشورة لمعالجة ضعف التعريف والترويج والتسويق للسودان كبلد سياحي متنوع ومتعدد المقاصد، التي يفضلها سياح دُوِّلَ الْكُرَةُ الْأَرْضِيَّةُ.
ويستهدف السودان في خططه خمسة ملايين سائح من أنحاء المعمورة أَثْناء السنوات الخمس المقبلة، وسجل العام الماضي محميتين في البحر الأحمر ضمن منظومة التراث العالمي التابعة لـ«اليونيسكو»، ليرتفع عدد المحميات المسجلة في اليونيسكو إلى خمس محميات، منها جبل البركل الشهير في شمال البلاد والبجراوية، ومحميتا سنجيب وودنقنياب على ساحل البحر الأحمر، إضافة إلى وضعه خطة شاملة للارتقاء بالسياحة في البلاد ومعالجة تحدياتها.