يشكو السكان المحليون قرب محمية «أبيردار» الطبيعية، وسط كينيا، من مهاجمة قرود «البابون» لمزارعهم، وخطف محاصيلهم، غير أن أكثر المتضررين هن النساء اللاتي يشكين من تحرش القرود بهن.
إحدى الضحايا، «ماري إيريمو»، وهي مزارعة من قرية «إنداراشا» في «نيري كاونتي» وسط كينيا، حولت القرود حياتها إلى كابوس.
وبينما تشير إلى مزرعتها، التي تمتد على مسافة غير بعيدة، استهلت «إيريمو» حديثها بالقول «كما ترون، لقد زرعنا للتو محاصيل جديدة».وأضافت غاضبة: «عادة ما تأتي قرود البابون، من الغابات وتدمر جميع المحاصيل. إنهم يقتلعون ويأكلون جميع النباتات، وحتى أعشاب نيبيا التي نزرعها لتكون علفا لأبقارنا، لا تنجو منهم».
وأشارت إلى أن سياجا كهربائيا، نصبته هيئة الحياة البرية في كينيا قرب أراضيهم المجاورة، كان أيضا لا جدوى في وقف هجمات القرود.
ولفتت «إيريمو» إلى أنه «طالما أن الشخص يرتدي ملابس امرأة، تستهتر به القرود، فإنهم (البابون) لا يخشون النساء»، مضيفة: «في الواقع، نحن نتعرض للتحرش الجنسي من قبل الحيوانات».
وتابعت: «سمعت أن امرأة تعرضت للاعتداء من قبل قطيع من القرود والبابون، وأنها أصيبت بجروح بالغة».
و»إيريمو»، ليست هي الضحية الوحيدة لمضايقات وتحرش مختلف أنواع القرود التي تعيش في وحول «متنزه أبيردار» الوطني القريب، وهو محمية طبيعية تمتد لمساحة 766 كلم مربع من الغابات والوديان والشلالات والأراضي البرية والقمم.
وتوفر المحمية موطنا طبيعيا للآلاف من الحيوانات البرية، بما في ذلك القرود، وأكثر من 250 نوعا من الطيور، و779 نوعًا من النباتات.
لكن العديد من الحيوانات البرية، لا تلتزم بالبقاء داخل حدود المحمية، وتشرد أحيانا بعيدا عن المنتزه، وخاصة خلال فترات الجفاف بحثا عن الطعام والماء، ما يؤدي إلى صراع مباشر مع المجتمعات البشرية المجاورة.
وبالنسبة لأولئك الذين يزرعون محاصيلهم في الأراضي القريبة من المحمية، يمثل البابون وغيرها من أنواع القردة تهديدا.
وقال جونستون كينيانجوي، وهو شيخ قرية «إنداراشا» ويعمل معلما: «قردة البابون التي نسميها نوغو ذكية ومزعجة للغاية».
وأضاف غاضبا إنهم يستيقظون في الصباح الباكر ويغيرون مباشرة على مزارعنا، مشيرا إلى أنه تعرض ذات مرة لهجوم زوج من قردة البابون.
وتابع «كينيانجوي»: «حاولت إبعادهما عن المزرعة، ولكن طاردني زوج من ذكور البابون، ولولا أنني كنت مسلحا بسكين كبير، لكانت الحيوانات هاجمتني».
وأشار شيخ القرية، إلى أن النساء على وجه الخصوص هن الأكثر عرضة للمضايقات من قبل الحيوانات.
ومضى قائلا: «لقد تمادت الحيوانات إلى حد لمس أجزاء جسدها الحساسة وإظهارها للنساء»، لافتا إلى أن الرجال نادرا ما يتعرضون لمضايقات.
وأردف: «هذا الحيوان (البابون) ذكي للغاية، ويمكنه التفريق بسهولة بين الرجال والفتيان والنساء والفتيات».
ولفت إلى أنه عرف أن إحدى النساء نجت بأعجوبة من الاغتصاب من قبل مجموعة من البابون، وكانت محظوظة لتواجد بعض المارة الرجال، فلولا وجودهم لكانت تعرضت للاغتصاب».
من جانبها، أقرت كاثرين وامباني، المدير الإقليمي لهيئة الحياة البرية في كينيا، بأن الحيوانات البرية تهاجم المستوطنات البشرية خارج «منتزه أبيردار» الوطني.
وقال : «كانت هناك مناطق اعتادت الحيوانات البرية المجيء إليها عندما كانوا يتحركون بشكل موسمي».
وأضافت: «وجدوا (الحيوانات) أن هناك مستوطنات بشرية عليهم المرور خلالها، ما أدى إلى زيادة في الصراع».
ولكن المسؤولة انتقدت القرويين الذين يقومون بزراعة نبات الكرنب على طول ضفاف النهر خلال فترات الجفاف، مضيفة: «أنا لا أعرف ماذا نتوقع من حيواناتنا القيام به، وهذا بالتأكيد أحد أسباب الصراع»، على حد تعبيرها.
وألقت باللائمة على المجتمعات التي تعيش بالقرب من منطقة المحمية لتصعيد الصراع مع الحيوانات البرية.
وأشارت إلى أن البعض يقطع أو يعبث بأسلاك السياج الكهربائي المحيط بالمحمية، وبهذه الطريقة يمكنهم الوصول بطرق غير قانونية إلى الحديقة.
وأوضحت أنه عندما يتم قطع السياج الذي من المفترض أن يحمي أفراد المجتمعات المجاورة، يؤدي هذا لتصعيد مستوى الصراع، لافتة إلى أن بعض حالات هجوم البابون على المزارع وترويع السكان بالقرب من حديقة كان نتيجة العبث في السياج الكهربائي.
ومضت قائلة: «لدينا حيوانات تتميز مهارات التعلم. والرئيسيات سريعة التعلم. وبمجرد إدراكهم أن السور قد تم العبث بها، يخرجون من الحديقة، ومن الصعب بالنسبة لنا أن نثنيهم عن تلك السلوكيات».
وحثت المسؤولة السكان المحليين على ألا يتولوا زمام الأمور بأيديهم عن طريق إيذاء أو قتل الحيوانات.
وبحسب دراسات علمية، يعرف عن قرد البابون ذكاؤه وفضوله الشديدين.
وهناك خمسة أنواع مختلفة من قردة البابون، تعيش جميعها في أفريقيا والمنطقة العربية. وتشترك تلك الأنواع من القرود في مجموعة صفات لعل أبرزها أنها لا تملك ذيولا قادرة على الإمساك بشيء، ومع ذلك يمكنها تسلق الأشجار للنوم، وتناول الطعام من ثمار تلك الأشجار، لكن أكثر ما يميزها المشاكسة.