تبدو مشاهد الصباح عادية للغاية بالنسبة إلى أهالي كينيا لكن مع بدء ساعات النهار انقطعت الكهرباء... وفي مكان قريب شوهد غطاء محطم لمحول كهربي يرقد على جانبه أسفل برج للكهرباء حيث كان مثبتا فوق الأرض بارتفاع 20 قدما. والجاني شخص غير عادي : إنه لص يبيع الزيت السام المستخرج من قلب المحول للطهاة الذين يستخدمونه بدورهم في قلى الأطعمة في أكشاك على جانب الطريق.وتباع خمسة لترات معبأة من هذا السائل اللزج -وهو عبارة عن مادة كيميائية عضوية تسمى ثنائي الفينول العديد الكلور- بستين دولارا للعبوة. ويقول من يستعملون هذا السائل إنه يشبه زيت الطهي لكنه يعيش مدة أطول. وقد ألغت الولايات المتحدة استخدام هذه المادة السامة عام 1979 .ويقول الخبراء إن شهية الكينيين للأطعمة المقلية وزيوت التحمير الرخيصة تتسبب في إفساد الجهود العاجلة للبلاد لبناء شبكة كهرباء حديثة.وفيما تنشر شركات المرافق أنباء مماثلة عن هذه السرقات عبر مناطق شرق أفريقيا وحتى جنوب أفريقيا ونيجيريا بات التمادي في هذه الجريمة شوكة جديدة في حلق خطط طموح لإنشاء شبكات كهربية جديدة في القارة الأفريقية.ويؤدي الانقطاع المفاجئ للكهرباء إلى إظلام المنشآت التجارية والتجمعات السكانية في أرجاء أفريقيا. وفي قارة يوجد بها 70 في المائة من الأفارقة غير متصلين بعد بالشبكة الكهربية الأم يقول البنك الدولي إنه حتى تلك المؤسسات الصناعية المتصلة بالشبكة تفقد 56 يوما سنويا في المتوسط بسبب انقطاع التيار الكهربي. ويقول البنك الدولي إن مثل هذه الخسائر الناجمة عن انقطاع الطاقة الكهربية تمثل 20 في المائة من العائدات بالنسبة لأنشطة قطاع الأعمال التي لا يمكنها أن تستخدم بسهولة المولدات الاحتياطية أو أن تطيق أعباءها.ومن المشاكل الرئيسية ان الزيت المستخدم في تبريد المحولات الكهربية يصلح بدرجة كبيرة لقلي الجذور النشوية لنبات الكاسافا والبطاطا (البطاطس) والأسماك.
وقال توم موهوموزا وهو مدير كبير للمشروعات لدى شركة (فردسولت انجنيرنج سيرفيسيز) وهي شركة اوغندية متخصصة في مشروعات الطاقة إن اللصوص يسوقون هذا الزيت كوقود و»كعلاج» للجروح وحتى في صناعة مواد التجميل.وقال إن كابلات النحاس المأخوذة من المحولات تباع لإصلاح المحركات وكمعدن خردة يدخل في السوق العالمية وقد يصل إلى مناطق بعيدة مثل الهند والصين.
وحققت كينيا قدرا من النجاح في محاربة سرقة المحولات وقالت شركة كينيا لإنتاج الكهرباء إنه في عام 2013 سرق 535 محولا في أنحاء البلاد بانخفاض عن أرقام 2011 التي بلغت 898 محولا وربما يرجع ذلك إلى تفعيل قانون فرض عام 2013 يقضي بعقوبة السجن عشر سنوات لكل من يسرق المحولات.
وبدأت شركات الطاقة الكينية أيضا في تركيب المحولات في أماكن لا يسهل الوصول إليها مثل تركيبها داخل البيوت أو على أماكن مرتفعة.